علي دالي أستاذ الشريعة بثانوية بمعسكر يدعو تلميذة للتستر والحشمة يفصل من منصبه، قضية عرفت تفاعلا كبيرا على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وتم استضافة الأستاذ لتوضيح وجهة نظره في برنامج تلفزيوني على قناة الشروق، وفي حوار هادئ تمكن الأستاذ من تقديم نموذج مثالي للأستاذ المربي الخلوق والمتمكن، إنه عصر التكنولوجيات الحديثة حيث تتساوى الفرص ولم يعد الإعلام حكرا على جهة معينة أو الاستفراد بالواجهة، كما كان يحدث قبلا.
قرار طرد الأستاذ تعسفي بل يوجب معاقبة المدير وفصله لأنه لم يراع الأمانة ولم يؤد واجبه كرئيس لطقم تربوي مهمته الأولى التوجيه والتنشئة السليمةوفرض الانضباط لا ترك الحبل على الغارب وفتح مجال للانحلال الخلقي باللباس الفاضح، بل تمادى في منح نفسه صلاحيات الفصل والطرد دون فتح تحقيق أو تشكيل لجنة..
الطالبة درست بجد وتخرجت والتزمت أكثر بدينها وآثرت مبادئها على كل الإغراءات والامتيازات التي كانت ستحظى بها لو قدمت تنازلات وركبت الموجة ورضخت للتضييق والحصار المفروض على كل محجبة بلباس شرعي مستوف لكل الضوابط وسط اختلاط فاضح وتجاوز للقيم، لكنها لم تيأس أبدا ولم تتراجع عن نصرة هذا الدين ولو بالكلمة.
أمثال هذا المدير كثر ومنهم من يتمتع بمناصب عالية وفي مراكز حساسة، مثل المسؤول بوزارة التربية الذي منع طالبة من المشاركة في برنامج بين الثانويات بسبب حجابها ولا أحد اهتم أو تضامن مع الطالبة، فأيامها لا بواكي للمظلوم ولا نصرة للضعيف.
في سنة 1998م أقيمت حصة من برنامج بين الثانويات في ثانوية عائشة أم المؤمنين بحسين داي في الجزائر العاصمة، وهو برنـامج مسابقات خاص بطلبة القسم النهائي، كان يبث بعد ظهر كل يوم اثنين باعتبار أن هذا التوقيت عطلة في المدارس.
المسابقة كانت تجرى بين ثانويتين من ولايتين مختلفتين وفي كل أسبوع تشارك ولايات مختلفة، وتمكنت ثانوية عائشة أم المؤمنين من تحصيل أعلى معدل من بين كل الثانويات المشاركة ذاك العام، وعليه تم تكريم المؤسسة في نهاية الموسم الدراسي وخصها باحتضان الحفل الاختتامي للحصة، وعلى العادة يتم دعوة جمهور كبير من أساتذة، تلاميذ ومسؤولين لحضور الحفل الذي يبث على المباشر، وطبعا لأهمية الحدث حضر وزير التربية والتعليم أبو بكر بن بوزيد مع إطارات من وزارة التربية.
تم التحضير للحفل مسبقا واستعد كل من في الثانوية لإنجاحه، فذلك يعد تميزا وتفوقا للطاقم التربوي والطلبة أيضا، خاصة أن النتيجة كانت ممتازة وعلى المستوى الوطني.
وقبيل بدء البث بحوالي عشر دقائق كان الجميع على أهبة الاستعداد، بما في ذلك مقدم البرنامج أحمد بن صبان عبر الشاشة، وتم نصب الكاميرات في قاعة المؤسسة، وكانت هناك طالبة على المنصة تنتظر الإشارة للبدء بالكلمة الافتتاحية والترحيب بالحضور وتقديم الثانوية كما فعلت في المرة الأولى من المشاركة في المنافسة، وإذ بمديرة الثانوية تنادي على الطالبة وتطلب منها النزول والقدوم إليها، توجهت الطالبة نحو المديرة التي كانت تتكلم مع أحد إطارات الوزارة، وما إن وصلت الطالبة حتى استدار إليها ونظر إليها بازدراء ثم انصرف، لم تفهم الطالبة معنى تلك النظرة واستغربت لها ولكنها لم تهتم وتقدمت للتحدث مع المديرة التي طلبت منها أن تتبعها، ومشيتا معا إلى آخر القاعة الفسيحة، حتى صارت المسافة التي تفصلهما عن الجمع كبيرة.
نظرت المديرة إلى الطالبة وأظهرت بعض الاستعطاف وربتت على كتفها، فقالت الطالبة: سيدتي.. سيبدأ البث بعد لحظات علي العودة، ثم استدارت صوب المنصة لترى طالبة أخرى من الجوقة (الكورال) المصطفة في الخلف لتقديم أناشيد مدرسية، تأخذ ورقة من الإطار الوزاري الذي كان يتحدث مع المديرة، وبالفعل بدأ البث وبدأت الطالبة تقرأ من الورقة المسلمة لها وهي في كامل حلتها شعر مصفف ووجه مزين، إنها الصورة التي يتشرف بها المسؤول.
لم تفهم الطالبة ما يجري حولها، فقالت للمديرة: ماذا يحدث؟ لماذا استدعيتني؟ أو بالأحرى لماذا منعتني من إلقاء الكلمة الافتتاحية وقد حضرتها بعناية، واجتهدت في ذلك، لم أفعل ما يستحق طردي هكذا؟.
ردت المديرة: أعلم يا ابنتي، أنت الأفضل في الإلقاء، صوتك الجهوري، فصاحتك، وحضورك القوي لا مثيل له، رأيت كيف شرفتنا في الحصة السابقة ولكن.. ما أريد قوله..، ثم تلعثمت في الكلام ولم تستطع الإفصاح عن الأمر، فإذا بأستاذ مادة الاجتماعيات يسارع للطالبة وينظر للمديرة وهو متفاجئ من هذا التغيير غير المبرر، فانزوت به المديرة جانبا وحدثته بصوت خافت، لكن الطالبة سرعان ما فهمت الموضوع، سبب تغييرها هو حجابها، فقالت للمديرة: فهمت القضية المشكل في حجابي، أليس كذلك؟، ردت المديرة: لا.. لا ابنتي، لكن الأستاذ تدخل وأظهر امتعاضه قائلا: لا داعي للتكتم، إنها الحقيقة لم يتقبل هذا المسؤول (مع التحفظ عن ذكر الاسم) رؤية طالبة محجبة تقدم مؤسسة ناجحة، لن يرضي أصحاب المشروع التغريبي ظهور الحجاب.
ردت المديرة: لا.. لا ابنتي، لكن الأستاذ تدخل وأظهر امتعاضه قائلا: لا داعي للتكتم، إنها الحقيقة لم يتقبل هذا المسؤول (مع التحفظ عن ذكر الاسم) رؤية طالبة محجبة تقدم مؤسسة ناجحة، لن يرضي أصحاب المشروع التغريبي ظهور الحجاب..!
أخذت المديرة بيد الطالبة وترجتها أن تتجاوز الأمر وأن لا تقوم بأي تصرف أو الذهاب لمواجهة المسؤول فالبث مباشر، كما خشيت حدوث مشاكل خاصة أن الطالبة كانت قوية الشخصية واثقة من نفسها وبإمكانها المناظرة بمستوى عال وطالبت بالتكلم مع المسؤول.
لحظتها تأكدت الطالبة أنها حرب مستمرة من عهد الاحتلال الفرنسي وعليها خوضها لآخر رمق، ولن تتوقف عن متابعة كل مخطط تغريبي يسعى لطمس الهوية، آنذاك لم يكن هناك وسائل تواصل اجتماعي ولا هواتف نقالة مزودة بكاميرات لتسجيل الحادثة وتصوير المسؤول الذي طرد طالبة من برنامج تعليمي بسبب حجابها، لكن الذاكرة كفيله بحفظ الحادثة بأمانة.
الطالبة درست بجد وتخرجت والتزمت أكثر بدينها وآثرت مبادئها على كل الإغراءات والامتيازات التي كانت ستحظى بها لو قدمت تنازلات وركبت الموجة ورضخت للتضييق والحصار المفروض على كل محجبة بلباس شرعي مستوف لكل الضوابط وسط اختلاط فاضح وتجاوز للقيم، لكنها لم تيأس أبدا ولم تتراجع عن نصرة هذا الدين ولو بالكلمة.
هي ترفض قطعا علمنة مجتمعها المسلم، تعمل ما في وسعها رغم صعوبة الظروف وكل العقبات لمواجهة أي غزو فكري وثقافي، لا تتوانى في مواجهة الأفكار التغريبية، عارضت إصلاحات بن بوزيد والمسؤول بن زاغو، وبن غبريط، لم تتوقف عن إعداد دراسات وتقارير عن الانسلاخات في مشرحة الإصلاحات، تعمل بجد في مشاريع تربوية تعليمية…
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.