اليساريون الذين انتهى بهم النضال ''الأسود'' إلى الإفلاس والإضمحلال، العلمانيون المتطرفون بمختلف اتجاهاتهم، الذين توارى وقبر صوتهم، إلا من خلال صحّفيات الاستعمار الفكري، أتباع الجبهة الإسلامية من هواة الصخب، عشاق التموقع حول طاقية بلحاج وشاشية عباسي وفقط كلا... الحزيبات التي فرختها مصالح حركة ''الأعداء'' المسلمون في الجزائر، التي انتشت زعاماتها المتشظية بطرا وكبرا في صوامع النظام، الذي ادخلها جحر مخابره شبرا شبرا... أجل هؤلاء هـم أبطال السياسة العاطفية في الجزائر اليوم، بالتعبير الأنيق والدقيق لمفكر الحضارة المرحوم مالك بن نبي...
مخابر النظام تصنع فكر ”الحركة الإسلامية”!
يكفي السائل عن حال شتات وفتات ”الإخوان المسلمون” في الجزائر، مع النظام ”المستبد” الذي يحاكي في إدارته البلاد أساليب الاستعمار، باتفاق كبار المتابعين للشأن الجزائري بالداخل، أن يعيد قراءة ”الصراع الفكري في البلاد المستعمرة” ليرصد الوسائل والطرق التي استخدمها ”الإدارة الاستعمارية” للنفاذ إلى عقـل، وعاطفة خصومه من تنظيمات وزعامات الحركة الوطنية، والعمل على بلورة أفكارها، ومن تم قيادتها في الإتجاه المناسب خدمة لمشاريعه وخططه، بالشكل الذي يجعل نضالها ضربا من طواحين الهواء، يسمح في مرحلة موالية لأجهزة النظام المختصة، في التحليل والاستنباط، الترويج لسقطاتها ومثالبها في أسواق السياسة العاطفية، تحقيقا لأهـدافه وفي كل الحالات يجري هذا للتلاعب بها وقادتها وإبعادها عن ميدان الصراع، وجرها إلى ”معارك خيالية” تهدر فيها جهدها ومالها وستنفد طاقتها، بعيدا عن المجابهة الحقيقية على مستوى الأفكار والعلم والثقافة، التي تصنع الأجيال الواعية بمسؤوليتها الحضارية.
عبر إعادة قراءة إنتاج مالك ابن نبي مع تشابه الظروف نسبيا حيث القـمع، الفقر، عسر الحال، واختلاف النماذج والأشكال) يعثر على القاعدة التي الذي يتعامل بها النظام نظريا وعمليا، ويحاكي به أساليب الاستعمار في الجزائر، مع بقايا الهشيم والشظايا (التي يراد تركيبه) لما يدعى قادة جماعة الإخوان في الجزائر، وأين هؤلاء من تضحيات (حسن البنا وسيد قطب، الهضيبي، عمر التلمساني..) والقادة الخلف في سجون الطغاة الجدد بمصر…
من بوسعه أن ينفي أن حركة ”حمس” صنيعة المخابر بعد تصاعد ”غول” الفـيس وتهديده عرش السلطة؟ ألم يقل أحمد مراح احد قادة جماعة بويعلي في مذكراته وحواره الشهير مع ”الخبر الأسبوعي” بداية الألفية الثالثة بالحرف الواحد، أنه ونحناح تعاملا مع المخابرات؟ مع أن حركة حماس، فحمس، فتعـس… تتظاهر أنها أطهر وأذكى حركة سياسية إسلامية (أخلاقا، تنظيميا،، تضامن) أليست مدرسة نحناح، مدرسة المخابر، وكما عمد النظام لصناعة أفكار نضال الفقيد محفوظ نحناح، الذي هو بالنهاية إحقاقا للحق يتضح من (خطبه وخطاباته لمن يراجعها ويحللها) أنه أستاذ في اللغة العربية، ضليع في الأدب السياسي الساخر، وفقيه لغوي حين يتعلق الأمر بتوليد واشتقاق المصطلحات السياسية الموجة للاستهلاك، والتي فيها من التنطع والتفيقه الكثير الذي لا يحمل أي معنى (الشوراقراطية، الجدار الوطني، الإسلام الديمقراطي) وليس داعية بالمفهوم الحقيقي، والآن نسمع ”الصولد الانتخابي” من تلاميذته!!.. يمكن القول أنه مع إعلان التعددية أن النظام دفع ببقايا أنصار بويعلي (الشبوطي، شراطي..) إلى أحضان الفيس وبدهاء أجهزة ”الرصد والمخابر” تمكنت من تسجيل ذبذبات فكر واتجاهات بعض قادة الإنقاذ (لا التنظيم الذي يحوز على برنامج عمل مثالي) ومن تم تمكن النظام من تهيئة وخلق البيئة الخصبة لنشاط وحركة ”الفيس”، فسهولة سحقها وتدميرها، وإغراقها في العنف والدماء، في أول فرصة تبرز فيها عضلات (المطالبة والمغالبة) ومن تم تشويهها وإظهارها كحاملة لواء الإرهاب تبعا لشعارها وخطابات قادتها (نعلنها، الدعوة للجهاد، وأكل الدبابات).
وبين فتح المجال لحزب عاش من لحظة تأسيسه إلى حله أقل من ثلاث سنوات، على أمل حلم دولة إسلامية في شتاء 1991 قبالة المتوسط، وضم جبهة لا خيار لمناضليها إلا التعبئة والإقدام والمواجهة، وبين اعتماد حزب إسلامي يعارض التوجه الأخير، أكثر مما يعارض تطرف النظام الذي هيئة أرضية العنف والمواجهة نفسه!! استطاع النظام من تدمير رصيد الحركة الإسلامية الحقيقي، بضرب المتناقضات وخلق العداوات، حركة كانت تقودها نخبة متنورة تعي ما تقول، وتستشرف قبل أن تنفذ، لا تصطدم ولا تذوب، لا تفرقها الحزبية المقيتة، ولا يشتتها الفكر غير مثمر، ولا يستهويها الاستظلال تحت العناوين الصحفية، ولا العمل السياسي الأعمى، الذي يدمر الأخضر واليابس وكل وشائج التعاون والأخوة القرآنية غير أن ”مراصد” النظام كانت سبّاقة للعمل والتحليل والتسديد، فإذا بها رهينة ”زعامات” إعلامية يستهويها الظهور، والإطار التنظيمي الشكلي، والمساومة في المبادئ، والتبعية لنماذج إقليمية، والرياء في إبداء الموقف (حركتنا… لقد نادينا… نحن من، نحن في حركة.. مدرسة فلان وعلان).
التحالف مع”الشيخ”… لتجزئة المجزأ
مع مجيء بوتفليقة إلى السلطة 99، وتخلي النظام عن منطق التهديد والوعيد ظاهريا، في عمليات التدجين وتشتيت صفوف المعارضة لجا إلى اعتماد سياسية جديدة، وهي ”تعديل الجهاز وتحسينه من الناحية الفنية، ومن ناحية الوسائل بان تكون الخطة معززة، هذه المرة بالوسائل والكفاءات اللازمة” كما يقول مالك بن نبي، حيث أدرك أن وسائل القوة لا تجدي نفعا، في مقاومة ”الأفكار المجردة” هنا أبدى اجتهاده في امتصاص، ما تبقى من قوى يحسبها واعية، متعلقة بفكرة مجردة بأي طريقة، وتعبئتها لحساب فكرة ”مجسدة” عن طريق الاستخبار والإغراء بعد أن نجحت مراصده من دراسة نفسية، قادة التنظيم المستهدف بالشكل الوافي، الذي يجعل رقصة الغضب تتملكه… للسعة ذبابة تنازعه ملك جبهته…هنا توجه لدفع ما يعتبرهم جاب الله (تلاميذ مدرسته) للعب بطاقية الشيخ ذو الشخصية الزعماتية، لضرب رأس حركة النهضة، حيث تم استحداث منصب الأمين العام للحركة عبر مؤتمر، وهو المنصب الذي يجمع الصلاحيات ويجعل من الرئيس شخصية شرفية، منصب كان من نصيب خصوم الزعيم في النهضة وهم ذو كفاءات (دربال، آدمي، الذين يمنحون وظائف سيادية سامية في الدولة، ومن غير المستبعد أن للمراصد والمخابر، اليد الطولى في استحداث ”فكرة” هيكل بقيادة ثلاثية لقيادة التنظيم، الذي سيكون نتاج تحالف (العدالة، النهضة، البناء) لتفكيك التجمع من جديد، لأن العمل الجماعي تنافى أصلا مع طبيعة وطموح ”الشيخ” الذي ردد في لقاء توقيع الاتفاق الإطار على المسامع (أنه مكث 40 عاما في مدرسة الإخوان يربي ويكّون ويقـود!!)، وهو في الحقيقة حلب في إناء النظام كالمغفل دون أن يدري وإلا ما وجد اليوم ”تلميذه” يرأس لجنة مشكوك في مصداقيتها، وما إن تحدث الدان عن نية جاب الله في اعتزال السياسة بعد التوحد، رد بسرعة الحماسي بن خلاف (الصفة المعتمد لدى مراكز الرصد) أن الأمر عديم الصحة!
حين انقسمت النهضة بسبب دعم ”رجل الإجماع” من جناح، ولدواعي عبادة ”الشيخ” عند جناح آخر، أصيب الحزب بعدوى الانشقاق والتصدع العدمي الإصلاح (وما يعتريها دائما من عراك وخلاف)، الجزائر الجديدة، الذي لا يفـتأ قائدها الذي تربى في جناح ”الحركة الإسلامية المخابراتية” من الدعاء لبشار الأسد بالنصر، ووعد أخيرا بوتفليقة في حمل السلاح معه… العدالة والتنمية، وفي وقت اعتمدت كسرعة البرق هذه الحزيبات، لان قادتها وزعامتها من ”أنصار السياسة العاطفية” المبنية على حب التموقع، والمهم المشاركة، وحملة التأشيرات، رفضت السلطة اعتماد حزب كريم طابو المنشق عن الأفافاس، لان هذا الأخير تميع وتعسكر مع ”المخابرات”، ومن المحال أن يسمح لنواته الصلبة، تكوين حزب قوي على أنقاض حزب كان حلقة في عنق النظام 50 عاما، ورفض اعتماد حزب أحمد غزالي لان هذا الأخير أصبح خصما للنظام الذي تربى تحت ظل عرشه، أما أحمد طالب الإبراهيمي الرجل النخبوي فقد امتنعت السلطة عن اعتماد حركته الوفاء والعدل، لأنها اشتمت من ”الوفاء” لنضال جبهة الإنقاذ، أو كما عبر عنها وزير الداخلية يزيد زرهوني بحركة ”النازية” دون تردد أو خجل.
هكذا عثر النظام في قناعات وفكر جاب الله، الرجل المثالي لتفتيت المفتت من أحزاب الحركة الإسلامية، والتي تأسس صباحا وتمنح لها الاعتماد مساء، لرئاسة معارضة مصطنعة، يؤتى بقادتها إلى قناة النهار، لتحكي كلام المقاهي والشارع، وفي جعبة النظام كثير من المفاجآت والأوراق حين ينتفي دور هذه الحزيبات، أليس مدني مزراق ”الشخصية الوطنية” من المتربصين عند عتبة السلطة، وحين يأتي الدور الذي ستحدده المخابر له، سيأذن له دخول اللعبة السياسوية لأحداث صاعقة في صفوف ما تبقى من أنصار الإنقاذ.
خطوات المعارضة… بمقاسات النظام
استخدم النظام نفس الإستراتيجية وأرقي الأساليب، مع حركة حمس التي انشطرت هي الأخرى، إلى نحو خمس تنظيمات كلها تدعي معارضة النظام في آن واحد، ويخطئ اليوم من يعتقد بعد الذي حصل من انشقاقات، فتحالفات في بيت حمس والتغيير، أن النظام ليس له يد ولو غير مباشرة، في كل خطوة تخطوها المعارضة في الجزائر، سواء بالسلب أو بالإيجاب، فكلما تحركت أحزاب المعارضة بالشكل التي يراه الرأي العام، والصحافة تباعدا في خطابها من ممارسات النظام، جعل هذا الأخير نشاطها لصالح استمراريته، في الداخل والخارج، لقد صدعت الأحزاب الإسلاماوية، رؤوسنا بمؤتمر مزفران 1،2 واحتل عناوين وصور (مقري، جاب الله) خلال نحو سنتين واجهات الصحف الخاصة (بالنظام) من نقذ للرئيس بوتفليقة، وجهاز المخابرات، والفساد المستشري، وللقانون العضوي للانتخابات، الذي كان محل تحليل ونقذ للزعيم الذي يقدم نفسه كخبير قانوني حرمته المخابر من التدريس في الجامعة!!
بعد كل هذه الجهود المضنية، ومن الخرجات الإعلامية، والخطابات التهريجية، يعلن أخير ”أبطال السياسة العاطفية” تحالفات وترميم ”الإنشقاقات” وبإيعاز من النظام بل ونصيحته تصريح عبد المجيد مناصرة ”مسؤولين في السلطة نصحونا بالتحالف” (الشروق 15/01)، وهذا ما أضفى مصداقية على التحاليل، التي ذهبت رأسا إلى أن النظام عقد صفقة مع الإسلاميين، بتعيين دربال أولا لبناء الثقة، ثم دفعهم إلى التحالفات الثنائية، يصفق لها البسطاء ممن مازالوا ذو نوايا صادقة في وحدة الصف، والعمل الإسلامي، ويأخذهم الحنين إلى دولة الإسلاميين العادلة… بينما هي من تدبير أجهزة الرصد التي أرعبها شبح وصداع العزوف التام للطبقة الشعبية والسياسية، عن المشاركة في الانتخابات، والتصعيد في الخطاب لدى مختلف تشكيلات التيار الإسلامي، بعد هذا الضجيج يعلن الأبطال الخشبيين، دعم استمرار نظام ”الإستبداد والفساد” على لسانهم بالمشاركة في مهزلة أخرى من مهازل الانتخابات.
وفي هذا السياق يقول سعد بوعقبة وهو العارف بخبايا وكواليس السياسة ”إن قوائم الأحزاب الإسلامية تحددها السلطة أمنيا وبالكوطة” (الخبر 14/01)، أجل… هاهي مراكز الرصد وعن طريق عملها الدؤوب، وتحت شعارها المقدس ”فرق تسد”، ثم ”ازرع تحصد” تنجح في فرض حسن عريبي صديق رئيس المخابرات السابق توفيق، وصاحب القطعة الشعرية في حق الجنرال الهامل مدير الأمن الوطني، على رأس قائمة اتحاد البناء والعدالة والنهضة بالعاصمة، بعد صراع بين الإخوة الفرقاء أدى إلى المزيد من زعزعة أركان النهضة الآية للزوال الذي ابعد مرشحها عن الرهان، كما يرى المحلل السياسي حسني عبيدي ”من مصلحة السلطة في الوقت الراهن أن يكون للإسلاميين حظوظ في التشريعيات لأنه سيسوق من خلالهم صورة عن وجود حياة ديموقراطية بالجزائر، كما يضمن من جهة أخرى عدم نزوع خطابهم الراديكالية لكن كل ذالك بالنسبة للنظام، يكون تحت مراقبته فلا يتصور أن يسمح لهم بالحصول على أغلبية في المجالس المنتخبة”، وهذا يتطابق مع تصريح قيادي النهضة فاتح ربيعي في نفس العدد من جريدة الخبر 09/01 أن ”تحالف الإسلاميين لا يهدف إلى الاستيلاء على الحكم، وإنما رغبة منا في المساهمة في استقرار البلد وإبعاده عن الشتاء العربي”، ويوافـقه رئيس حركة حمس بالقول “فوز الإسلاميين في الجزائر لم يحن بعد” (الخبر 10/01)، بل أن جاب الله الأكثر راديكالية انخرط في خدمة أفكار ”المراصد” دون شعور إذ انه الآن بمثابة ”مسكن” صداع العزوف الذي لازم السلطة أشهر، ففي برج منايل 10/02، نجده يدعو ”الشباب إلى المشاركة بقوة في المهزلة لمجابهة خطاب التيئيس المثبط للعزائم الذي تحاول بعض الأطراف زرعه”، وأخيرا يحاول النائب حمادوش وهو الإمام الفقيه أن يراوغ الشعب البسيط للمكوث في البرلمان عهدة أخرى جنبا إلى جنب أركان الفساد والاستبداد، بعيدا عن منابر الهدى، حين يقول ”أن العقاب الشعبي بالمشاركة يبعد الفاسدين عن مؤسسات الدولة”، وهو يعلم أن طموح الفاسدين اليوم هو من أجل مشاركة قوية تضفي مزيدا من الشرعية على استمرارية مؤسساتهم الفاسدة، فوجهة نظر الأحزاب الإسلامية، وجميع التحاليل هي بالضرورة رؤية النظام.
كبيرهم أبو جرة الذي علمهم سحر مشاركة السلطان فساده واستبداده، ينّظر في أبحاثه عن ”المراجعات الكبرى في فقه الدعوة والدولة”، وكنا نصدق ما كتبه الرجل لو أنه أثبت أنه فعلا ”رجل دعوة” يربي ويعلم ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، واعترفنا له ”كرجل دولة” بامتياز لو حارب الفساد، وأقام العدل في الوزارات التي تقلب فيها، ولكنه أغرته المناصب فترك الدعوة، وهو كأستاذ لغة وأدب عربي لا يفقه شيئا في شؤون ”الدولة” وكواليس السياسة وألعايبها، وقبل أن يكون قراقوز في مملكة ”الاستئصالين والمستبدين” بشهادة ثلاث رؤساء حكومات سابقين أبناء حقيقيين للنظام، بن بيتور، وغزالي، وبن فليس الذين يقولون بعظمة لسانهم ”أن النظام الجزائري نظام ديكتاتوري وفاسد، ومستبد لا يصلح معه إلا ”التغيير الجدري” لإنقاذ الدولة، رجل الدولة كما يتخيله المنظر الجهبذ ”يأمر فلا يطاع ويندد بالفساد فينهر ويهدد” من أجل أن يعيش الجميع في أمان!!.
هكذا تبتلع هذه الحزيبات الطعم المسموم، خاصة وأن رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة العملية الإنتخابية، عبد الوهاب دربال قيادي مميز سابقا في حركة النهضة، الأمين العام للنهضة ذويبي يصرح للشروق في 12/11 “دربال لن يكون خضرة فوق عشاء”، ودربال تكتب الصحف المتعاطفة مع إسلاميي السلطة بالبنط العريض ”دربال يتوعد أحزاب السلطة”، وتكشف ليس عن غبائها بل عن نفاقها في طلبها للمناصب، أحمد الدان يقول في فوروم الشروق 18/01 ”سيكون القوة الإسلامية الأولى في الساحة السياسية”، فكيف يـفسر تنديدها بالفساد والمنظومة القانونية، والسياسة للنظام ثم تعلن انخراطها في مساراته ومشاريعه، ومن هنا ندرك أن النظام ظل ولا يزال متفوقا بعمله ”الفكري” ولو بالاتجاه السلبي الذي يستبد به العباد حقوقهم، لان عمله هذا ورثه أصلا عن منظومة الاستعمار، وطوره حسب مقتضيات وسياقات مختلفة، فهو أول مرة وضع قاعدة التعددية ورتبها على نسق لا يحيد عنها أحد… وهو في النهاية يمتلك ملفات خاصة جدا عن كل رؤوس التنظيمات (فكرها السياسي، علاقاتها الاجتماعية، شخصيتها) وفقا لما أ سماه مالك بني في كتابه المشار إليه بالدوائر الثلاث… ومن هنا نجح النظام وبعد نحو ربع قرن من فتح التعددية السياسية أن:
– يضرب بنجاح كل قوة يعتقد أنها تناهضه السلطة بالمرة.
– أظهر الفاعلية اللازمة في الحيلولة دون أن تتجمع قوى قاطعه وتعزله، في واقع دولي وإقليمي ينظر للنظام الجزائري بعين السخط، وذالك بدعم تحالفها الظرفي الإيديولوجي بعيدا عن دائرة أوسع وأشمل (جماعة العقد الوطني، تنسيقية الإنتقال الديمقراطي).
– تشجيع معارضة إسلامية مصطنعة قبلت مبكرا خدمة النظام بدعوى ”حماية الدولة من الانهيار” فالتصدي لـ ”المؤامرة الخارجية”.
– خلق حركة إعلامية تهريجية، في قضايا شتى تقوم على الفعل ورد الفعل نقرأ هذا في خطابات جمال عبد السلام، أبو جرة سلطاني، مقري، بن خلاف، ووفقا لسنفونية، قال ربيعي، صرح عريبي، رافع غويني…
– إثارة نقاش بشأن قضايا هامشية لا تخدم الاتجاه الحضاري للأمة يهدف مغالطة وتشتيت اتجاهات الرأي العام.
– اختراق فتعرية المعارضة أمام الرأي العام الداخلي بالأساس بإظهار خطابها المفلس وإنتاجها الصفري.
– تمكين النظام من تجديد نفسه، وتمرير إستراتيجيته بنجاح.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.