كان آخر خروج علني له في الثمانينيات في معهد الأدب العربي. تحدث بتلقائيته المعهودة وعفويته المدهشة ونكته الهادفة. أفرغ ما في جعبته من ذكريات... أغلبها مؤلم. سعد دحلب يتحدث بعد أن أنجز مهمته ودوّنها في كتابه Mission accomplie، الجيل الجديد لا يعرفه، ولا يكاد يذكره...
إنه سعد دحلب أصيل قصر الشلالة، ولد والحرب العالمية مشتعلة وانخرط وهو مقتبل عمره في النضال في صفوف نجم شمال إفريقيا. في البليدة حيث درس في الكوليج الكولونيالي (ثانوية ابن رشد حاليا) تعرف على الرجال الصحاح (لامين دباغين، عبان رمضان، بن خدة، علي بومنجل، عمارة رشيد، أمحمد يزيد). قال لي عنه امحمد يزيد “عروبي درقاز”. شارك في حوادث 8 ماي 1945، فاعتقل ونفي إلى محتشد بوسيي، ثم سجن في بارباروس.
عرف كبار العالم ماو، الحسن الثاني، بورقيبة، جمال عبد الناصر، تيتو، وحاورهم بلباقة وعناد مدافعا عن استقلال الجزائر. وبعد الاستقلال عزله بن بلة وبومدين لأنه كان مزعجا بعفويته وتلقائيته…
كان من المركزيين، ثم انضم إلى الجبهة مع انطلاق الثورة. اعتقل مرة أخرى وأطلق سراحه في أوت 1955 مع إطلاق سراح عبان. ليعيّن بعد عام عضوا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، ثم في لجنة التنسيق والتنفيذ، ثم في الحكومات المتتالية للحكومة المؤقتة مكلفا بالإعلام والخارجية.
شارك بصفته وزيرا للخارجية مفاوضا في اتفاقيات إيفيان التي لعب فيها مصير الجزائر ومستقبلها والتي توّجت بإعلان السيادة الوطنية رسميا وسلامة الجزائر الترابية يوم 18 مارس 1962.
وكان له دور حاسم وحازم في الدفاع عن الصحراء وجزائريتها. ويشهد له موقفه من جوكس الذي كان يناور من أجل فصل الصحراء عن الجزائر عندما نهض وقال لجوكس “أنا إذن فرنسي ما دمت تريد عزل الصحراء عن الجزائر، فأنا من صحراوي فرنسي…” فبهت جوكس الذي كفر…
عرف كبار العالم ماو، الحسن الثاني، بورقيبة، جمال عبد الناصر، تيتو، وحاورهم بلباقة وعناد مدافعا عن استقلال الجزائر. وبعد الاستقلال عزله بن بلة وبومدين لأنه كان مزعجا بعفويته وتلقائيته…
رحل في 16 ديسمبر 2000 وحمل معه إلى قبره أسراره، لكن كان راسخ الاعتقاد أنه نفذ مهمته Mission accomplie.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.