زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

4 أسرار وراء الهزيمة الكاملة لفرنسا في النيجر

الإخبارية القراءة من المصدر
4 أسرار وراء الهزيمة الكاملة لفرنسا في النيجر (أ ف ب)

الدور الجزائري أهم أسباب هزيمة فرنسا في النيجر إلى جانب كراهية الشعوب الإفريقية لها

كما توقعنا تماما في “الإخبارية”، عندما كتبنا في السادس من الشهر الجاري، مقالا تحت عنوان “نحو هزيمة تاريخية مذلة لفرنسا في النيجر”، أعلنت باريس أخيرا، الأحد 24 سبتمبر الحالي، بشكل رسمي، استسلامها في ملف النيجر، وإقرارها بالهزيمة الكاملة هناك، بعد أن سدت في وجهها جميع الحلول، وسقط من يدها خيار التدخل العسكري، مباشرة أو تحت يافطة الإكواس، وبروز الجزائر كعامل حاسم في هذه المعادلة، لصالح المشروع الاستقلالي الإفريقي، وضد استمرار الأطماع الفرنسية في القارة السمراء.

وجاء الاعتراف الفرنسي بالهزيمة الكاملة في النيجر، على لسان الرئيس ماكرون نفسه، الذي أكد في مقابلة تلفزية مع قناتي “تي إف 1″، و”فرانس 2″، نقلت فحواها وكالة بلومبرغ للأنباء، الأحد، أن فرنسا قد قررت رسميا سحب قواتها العسكرية وإنهاء تعاونها العسكري مع النيجر، إلى جانب إنهاء أزمة السفير الفرنسي بنيامي، بقرار باريس سحبه وعدد من الدبلوماسيين الفرنسيين معه.

رحبت السلطات العسكرية في النيجر بهذا التطور الكبير في الموقف الفرنسي، واعتبرتها بأنها “لحظة تاريخية”، تستدعي الاحتفال باعتبارها “خطوة جديدة نحو سيادة النيجر”، بالتوازي مع قرارها منع الطائرات الفرنسية من المرور على أجواء النيجر..

@ طالع أيضا: هكذا انتصرت الإرادة الشعبية في النيجر ضد فرنسا

ورغم أن ماكرون حاول التقليل من حجم الهزيمة، وقوة الصدمة لدى الرأي العام الفرنسي، بالحديث عن سحب تدريجي للقوات الفرنسية في حدود نهاية العام الجاري، وهو يعطي هامشا ضئيلا في حدود الأربعة أشهر على الأكثر لسحب جميع القوات الفرنسية المتواجدة بالنيجر، المقدر عددها في حدود 1500 جندي، إلا أن كل المؤشرات تشير إلى أن القوات الفرنسية لن تمكث في النيجر، سوى أيام أخرى أو على الأكثر أسابيع قليلة جدا، لاعتبارات كثيرة..

منها أن المفاوضات التي أجرتها باريس مع المجلس العسكري في النيجر، أفضت إلى “سحب سريع” لتلك القوات، وليس إلى “سحب تدريجي”، كما أن بقاء القوات الفرنسية أكثر بعد الآن، يعرضها لمخاطر كبيرة، في ظل تصاعد العداء لها سواء شعبيا أو من جانب القوات في النيجر، وحلفائها في بوركينا فاسو ومالي.

وأدى الإعلان الرسمي الفرنسي الانسحاب كلية من النيجر، إلى موجة فرح شعبية ورسمية عارمة، اجتاحت البلاد من شرقها إلى غربها، بعد أن كان المجتمع النيجري يتخوف منذ وقوع الانقلاب، من هجوم عسكري قد تقوده فرنسا مباشرة ضدها، أو عبر قوات “الإكواس” الإفريقية، وهو ما كان سيسبب كارثة حقيقية للبلد، في ظل حصار اقتصادي ظالم أقرته دول غرب إفريقيا.

وبينما رحبت السلطات العسكرية في النيجر بهذا التطور الكبير في الموقف الفرنسي، واعتبرتها بأنها “لحظة تاريخية”، تستدعي الاحتفال باعتبارها “خطوة جديدة نحو سيادة النيجر”، بالتوازي مع قرارها منع الطائرات الفرنسية من المرور على أجواء النيجر، خرجت مظاهرات شعبية عارمة في نيامي وبعض المناطق الأخرى، احتفالا بهذا النصر الكبير على فرنسا، الذي اعتبرته الأوساط الشعبية في النيجر، بأنه ثمرة النضال الشعبي الذي تواصل منذ اللحظات الأولى للانقلاب على بازوم وعلى المصالح الفرنسية برمتها في البلد.

وتشكل أسرار هذه الهزيمة الفرنسية المذلة في النيجر، بعد تلك التي حصلت في بوركينا فاسو ومالي، هاجس المتابعين والمحللين في فرنسا وخارجها، وهي الأسرار التي يمكن إجمالها في ما يلي:

السر الأول: الدور الجزائري

يشكل الموقف الجزائري الصارم برفض التدخل العسكري في النيجر، حجر الزاوية في كل التحاليل المعمقة، حول هزيمة فرنسا في النيجر، حيث كانت أول دولة في المنطقة تعلن صراحة وعلانية معارضتها للتدخل العسكري الفرنسي أو غيره في ما يجري في النيجر، غير أنها لم تكتف بالموقف السياسي الواضح هذا، بل ترجمته إلى أفعال في الميدان أجبرت فرنسا على إعادة حساباتها كلية.

وكان رفض الجزائر طلب السلطات الفرنسية فتح المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات العسكرية الفرنسية المتجهة إلى النيجر، القشة التي قصمت ظهر البعير الفرنسي، فقد جاء القرار ليس فقط معرقلا رئيسا لأي تحرك عسكري حقيقي فرنسي لضرب النيجر، عبر المرور بالأجواء الجزائرية، وإنما ليغلق قوس التحرك الفرنسي كلية، عبر منع حركة الطيران الفرنسي المعادي بواسطة أنظمة التشويش المتطورة لدى الجزائر.

كما ترجم هذا الموقف عمليا، من خلال التحركات الدبلوماسية المراطونية للجزائر، بعد الزيارات السريعة والمؤثرة التي قادت الوزير عطاف إلى الدول الأساسية المرشحة للتحرك العسكري ضمن قوة “الإكواس”، وهي كل من نيجيريا وبينين وغانا، أين تمكنت من قلب المعادلة رأسا على عقب، ونزعت دائرة التأثير الفرنسي على المجموعة، التي خرجت في النهاية بتصور جماعي للحل السلمي كما تطرحه الجزائر.

كان رفض الجزائر طلب السلطات الفرنسية فتح المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات العسكرية الفرنسية المتجهة إلى النيجر، القشة التي قصمت ظهر البعير الفرنسي، فقد جاء القرار ليس فقط معرقلا رئيسا لأي تحرك عسكري حقيقي فرنسي لضرب النيجر، عبر المرور بالأجواء الجزائرية، وإنما ليغلق قوس التحرك الفرنسي كلية، عبر منع حركة الطيران الفرنسي المعادي بواسطة أنظمة التشويش المتطورة لدى الجزائر.

@ طالع أيضا: الوجه الآخر لعلاقتنا بأزمة جيراننا في النيجر

أكثر من ذلك، لعبت الجزائر دورا أساسيا في منع الانجرار الأمريكي للطرح الفرنسي المتصلب، وكشفت زيارة عطاف للولايات المتحدة ولقاءه أنطوني بلينكن، حجم التفاهمات الجزائرية الأمريكية في هذا الإطار..

، قبل أن تخرج الجزائر بمبادرتها السياسية واقتراح فترة انتقالية من ستة أشهر، حشرت باريس في الزاوية، ونزعت عنها شرعية أي حركة عسكرية، بعد أن نزعت عنها بعد رفضها مرور الطائرات الفرنسية عبر أجوائها، أي قدرة عملياتية حقيقية، وهو الأمر الذي أدركته باريس عمليا، وكانت زيارة المبعوث الفرنسي الخاص المكلف بالساحل كريستوف بيجو، إلى الجزائر، في آخر المطاف ترجمة لكل ذلك.

السر الثاني: الموقف الأمريكي

ويعد الموقف الأمريكي الذي بدا من الوهلة الأولى غير منسجم تماما مع الموقف الفرنسي، أحد الأسرار البارزة لهزيمة فرنسا في النيجر، حيث عبرت الخارجية الأمريكية ثم البنتاغون، عن تفضيل الخيار السياسي عن الخيار العسكري.

والواضح أن واشنطن، تكون قد تلقت ضمانات من نيامي بأن المصالح الأمريكية في النيجر، لن تتضرر، كما أن القوات الأمريكية المتواجدة في هذا البلد، لن تكون معنية بالطرد كما هي حال القوات الفرنسية، وهو ما شجع أمريكا على التخلي عن باريس وحيدة في مواجهة مصيرها.

وجدير بالذكر هنا أيضا، أن موقف الجزائر الرافض لأي تدخل عسكري في النيجر، لعب دورا كبيرا في وصول واشنطن إلى قناعة استحالة ذاك التدخل في ظل رفض قوة إقليمية كبرى بحجم الجزائر، وهو ما دفع الخارجية الأمريكية للاستعانة بالجزائر في إيجاد تصورات الحل، ودعوة عطاف للقاء بلينكن في أمريكا.

السر الثالث: تراجع دول “الإكواس“

ولعب تراجع دول الإكواس عن تهديداتها بالتدخل العسكري، وتراجعها الواضح عن الإنذارات واقتراب ساعة الحسم والتدخل، دوره أيضا في الانكشاف الفرنسي، وإقرار باريس بالهزيمة..

حيث فشلت كل ضغوطها على المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا في جر هذه الدول للحرب بالنيابة عنها، خاصة ما تعلق بتغير موقف نيجيريا أقوى دول المجموعة، نتيجة الضغوط الداخلية الرافضة للحرب وموقف البرلمان كذلك.

وقد تضافرت العديد من الأسباب التي فرضت على “الإكواس” تغيير موقفها من الانقلاب في النيجر، وإلغاء ورقة التدخل العسكري التي كانت ورقة فرنسية بامتياز..

أولها الموقف الجزائري الرافض، وعدم انخراط واشنطن في دعم أي حركة عسكرية للمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا، وهو ما فسر على أنه رفض أمريكي صريح، مع وقوف الدولتين الجارتين مالي وبوركينا فاسو علانية إلى جانب نيامي، وإعلانهما تحالفا عسكريا في مواجهة أي قوة غازية، ما شكل تهديدا بتوسعة دائرة الحرب بشكل خطير لتصبح حربا إقليمية مدمرة.

سلطات النيجر أدركت اللعبة، وعملت بنصيحة الرئيس تبون، الذي نصح بعدم المساس بأي رعية أجنبي، وعدم استخدام القوة وإراقة الدماء، فكانت النتيجة انكشاف عورة فرنسا، واعترافها أخيرا بهزيمتها الجديدة الكبيرة في النيجر، في انتظار هزائم أخرى حيثما كان التواجد الفرنسي في القارة..

السر الرابع : الرفض الشعبي وفشل المناورات الفرنسية

ويعد الرفض الشعبي الواسع في النيجر، كما بقية دول غرب القارة، للتواجد الفرنسي فيها، بسبب الاستغلال الفاحش للثورات التي تنتهجه القوة الاستعمارية القديمة، عاملا هاما أيضا في طرد نفوذ فرنسا، وإفشال مخططاتها الخبيثة.

حيث ازداد الوعي الشعبي في النيجر كثيرا بخطورة الاعتماد على فرنسا في مواجهة الإرهاب، لأنها هي من تصنع الإرهاب لتخوف به سكان المنطقة، بدليل أنها سارعت لإطلاق سراح عدد كبير من الإرهابيين السجناء لديها، وشروعهم في عمليات إرهابية في النيجر ومالي.

ولقد أدركت شعوب المنطقة، أن القوات الفرنسية هي مقدمة لنهب الثروات من يورانيوم وذهب وبترول وغيرها من الثروات، وأن الاستمرار في التبعية الاقتصادية والأمنية لفرنسا يعني استمرار معاناتهم الأبدية، وهو ما أدى بالضرورة إلى حالة من الالتفاف الشعبي حول “الانقلابيين” باعتبارهم منقذين مخلصين، الأمر الذي شجع المجلس العسكري على مقارعة فرنسا، وعدم الرضوخ لتهديداتها، وشعوره بأن الشعب معه.

وأدى كل ذلك، إلى فشل كل المناورات الفرنسية المفضوحة، بداية بمحاولة استخدام ورقة الإرهابيين لضرب استقرار البلاد، مرورا بالتهديدات المباشرة، واستخدام ورقة الشرعية التي يمثلها الرئيس بازوم، وإلى غاية محاولة استغلال السفير الفرنسي في نيامي، من خلال رفض سحبه بعد أن طالبته سلطات نيامي بمغادرة النيجر.

حيث اتضح أن فرنسا كانت تريد استغلاله كذريعة، على طريقة “حادثة المروحة” التي وقعت بين الداي حسين حاكم الجزائر والقنصل الفرنسي، لتبرير الحملة العسكرية المقررة سلفا..

لكن سلطات النيجر أدركت اللعبة، وعملت بنصيحة الرئيس تبون، الذي نصح بعدم المساس بأي رعية أجنبي، وعدم استخدام القوة وإراقة الدماء، فكانت النتيجة انكشاف عورة فرنسا، واعترافها أخيرا بهزيمتها الجديدة الكبيرة في النيجر، في انتظار هزائم أخرى حيثما كان التواجد الفرنسي في القارة، باعتبار ذلك حتمية تاريخية.

@ المصدر: الإخبارية

ads-300-250

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.