بعيداً عن السياسة والصراعات الدولية التي تهلوسنا سألت ذات يوم طلبتي في الجامعة ما هي القيمة التي تتمنى أن تزرعها في أطفالك؟...
كانت أجوبة متعددة ومتوقعة لحد كبير إلى أن سمعت طالبة تقول لي: سأزرع في أطفالي الحب سأعلمهم أن يحبوا أنفسهم وبعضهم…
تذكرت هذه الإجابة حين رأيت مشهدأ عنيفاُ جداً في قاعة انتظار بعيادة طبية “لأم” توبخ ابنها بعد أن بلل ملابسه بقطرات ماء معدني وقالت له بالحرف الواحد: “أنا كرهتك… يا البهلول شوف سيدك وليد الجارة كيفاش هو نظيف وخير منك في كل شيء”…
لم يبك الطفل بل بقي يحدق فيها بكل حقد وغل… ولو كانت النظرات تقتل.. وهي لا تزال تكرر ذات الكلام بصوت مرتفع يسمعه الجميع…
وفجأة انفجر الطفل الصغير بكاءً وردد جملة واحدة: أكره ابن جارنا وحين أكبر سأقتله… أقسم أنني سأقتله…
لم تعر السيدة اهتماما لما يقوله ابنها فهي تعتبر ذلك كلام أطفال وهي لا تعرف أنها غرست بذور الحق بينه وبين طفل آخر… والظاهر أنها تردد دائما ذات الجملة عند أي خطأ يرتكبه طفلها…
المقارنة مع شخص آخر وأمام الغرباء تخلق كرهاً وحقدا ليس فقط لذلك الجار، وإنما حتى لأمه التي سيعتبر أنها غير راضية به مهما فعل، ولترضى يجب أن يكون صورة طبق الأصل لابن الجار… هل يعقل هذا؟؟؟
جميعنا نسمع هذه المقارنات في كل حياتنا منزل فلان أكبر من منزلي، ابن فلان أذكى من ابني، زوجة فلان أجمل من زوجتي، زوج فلانة أغنى من زوجي… مقارنات لا تنتهي… وستنتهي فقط بزوال تلك النعم التي لا نحصيها أبداً…
وبالعودة لأم الطفل كانت ستكون أذكى لو قارنت طفلها بنفسه فقط، كانت ستحافظ على ابنها ببساطة…
هل نحتاج فعلا لصناعة كل هذا الحقد والكره والغل في حياتنا؟؟؟
أعتقد أننا لا نزال بعدين كل البعد عن صناعة الحب…
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.