فعلها قانون المالية وحرك الشارع في مناطق عدة من الوطن، في صورة مكررة عن أحداث جانفي 2011 على وقع أزمة السكر والزيت حينها، والتي دفعت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى إعلان إصلاحات قيل عنها أنها عميقة استطاعت تهدئة الوضع حينها، لكن السؤال الذي تفرضه المرحلة: هل قانون المالية هو الذي حرك الشارع أم أشياء أخرى؟
لعله من المهم أن نشير إلى أننا أمام معضلة حقيقية تفرض علينا تفكيك كنهها لمحاولة تحليليها وفهمها من الناحية الساسية والاجتماعية.
جيل لم يشهد العشرية السوداء
لعل اللافت في الأحداث الأخيرة والتي سبقتها (أحداث جانفي 2011) أن الذين يتصدرونها شباب في مقتبل العمر، لا تجدي معه لغة الخشب (الشعارات الجوفاء)، كما أنه لم يعش مآسي العشرية السوداء وآلامها، ولا يوجد
في مخياله صورها ودماؤها، لذلك لا يمكن التنبؤ بخرجاته وردة فعله، خاصة وأن حالة التذمر من الواقع والمستقبل تسيطر عليه، والدليل على ذلك هو خروجه للشارع دون أن يكون له مسؤوليات اجتماعية (ليس رب عائلة مثلا)، ومن هنا فإن محاولة تخوفيه وتذكيره بما عاشته الجزائر في العشرية السوداء لن تجدي نفعا خاصة وأن ثقافة الخروج للشارع أصبحت متجذرة فيه، يؤكدها خروج التلاميذ في محطات كثيرة كان آخرها قبل أسابيع للمطالبة (بحقهم في العطلة)، ما يجعلنا نقف عند ملاحظة مهمة مفادها أن هذا الجيل يبحث عن ما هو ملموس دون لف أو دوران.
حكومة فشلت اقتصاديا ونجحت كلاميا
لقد أثبتت الحكومات المتعاقبة فشلها الذريع في معالجة الواقع الاقتصادي ونقل الجزائر من التبعية للمحروقات (اقتصاد ريعي) إلى تنويع الاقتصاد (اقتصاد منتج)، مما جعلها تتجه لجيوب المواطنين وخفض قيمة الدينار وغيرها من الإجراءات التقشفية في إنتظار فتح مسجد الجزائر الأعظم لتتضرع إلى الله لكي ترتفع أسعار البترول الذي سيمكنها من العودة لعادتها القديمة (شراء السلم الاجتماعي).
نحن الوطن
إن سفينة الوطن سفينتنا وعلى الجميع حمايتها من الخرق لكي لا يغرق الجميع، وعلى الشرفاء من أبناء هذا الوطن أن يناضلوا سلميا من أجله وأجل شعبه، لعل حكومتنا تفيق من غفلتها ورئيسنا يعلن إصلاحات حقيقية تبعدنا عن ديمقراطية الواجهة التي تحكم البلاد، إصلاحات تمكن البلاد من إطاراتها وكفاءاتها التي تزخر بها، إصلاحات تجنبنا الفوضى و”التخلاط” الموجود وتقينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.