زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

من ذريعة المؤامرة إلى فزّاعة الإرهاب: السرُّ المعروف!

من ذريعة المؤامرة إلى فزّاعة الإرهاب:  السرُّ المعروف!

دخول الجيش السوري إلى مسرح الأحداث بقوة من بوابة درعا يؤكد نية النظام السوري المبيتة قمع الثورة ومواجهتها بالدبابات، واستعداده المسبق لمحاورة الشعب السوري الغاضب بالرصاص الحي والقذائف والصواريخ.. نظام الدكتور بشار لم يبدع شيئا، ولم يأت بجديد عندما وصف ثورة الشعب السوري المطالبة بالحرية والديمقراطية بالمؤامرة في أول الأمر، ثم بالإرهاب السلفي فيما بعد.. ذلك لأن ثمة تجارب سبقته في هذا المجال بإطلاق أوصاف واتهامات واختلاق سيناريوهات لتبرير سياسات معدة سلفا لمواجهة المطالب المشروعة بالحديد والنار ومعالجة الأزمة السياسية معالجة أمنية صرفة لضمان بقاء النظام وسطوته على حياة العباد و مقدرات البلاد.. مثله في ذلك مثل الطبيب الذي يقدم تشخيصا مغايرا لحقيقة ما يعانيه مريضه لا لشيء سوى ليبرر وصفة الدواء التي أعدها له...

 

وهذا ما يحدث في ليبيا وحدث من قبلها قريبا في مصر، ومن قبلها في تونس ومن قبلها بفترة في الجزائر.. فالنظام السوري القمعي المستبد المتسلط كان يعرف جيدا أن كل أسباب انفجار الغضب الشعبي متوفرة في سوريا، إذ تكفي مجرد شرارة بسيطة لينفجر الوضع، لكنه كان مطمئنا لجبروته وبطشه بكل محاولة من هذا القبيل، وكان مرتاحا لرعب السوريين وخوفهم من آلته الجهنمية، واعتقد خاطئا أن خضوعهم واستكانتهم لا حدود لهما، لذا ظل يحاول إبعاد شبح الثورة الزاحف بالإدعاء بأن سوريا تختلف عن تونس ومصر وليبيا.. 

وكذلك قال الذين من قبله مثل قوله هذا، فجاءته الانتفاضة من حيث لم يحتسب، وانطلقت مباشرة مصالح المخابرات – قلب النظام النابض ويده الضاربة – في تنفيذ أولى مراحل مخطط شيطنة التحرك الشعبي السلمي المشروع بافتعال سيناريوهات ستوظف فيما بعد لتأكيد “توصيف” المؤامرة الخارجية أي إدعاء النظام بأنه مستهدف من طرف قوى خارجية بحجة أن سوريا دولة ممانعة وتقف في وجه إسرائيل فقدمت سوريين يعترفون بأنهم مأجورون وينفذون مخططات أجنبية.. 

ولأن المرحلة الأولى من المخطط لم تؤت أكلها وكان مفعولها عكسيا، إذ توسعت رقعة الاحتجاجات وعمت مختلف ربوع البلاد وبدأت المطالب تنتقل من الهتافات بالإصلاح والحرية إلى سقوط النظام، قرر هذا الأخير أن يشرع مباشرة في الانتقال إلى المرحلة الثانية أي المعالجة الأمنية للأزمة السياسية بقمع الحركة الشعبية بقوة السلاح، لكن ولأن المظاهرات كانت ولا تزال سلمية فقد بادر النظام بمجرد أن خرجت الأحداث من درعا إلى توفير مبررات هذه المعالجة الأمنية بمقدمات كانت مفضوحة فأطلق العنان لجماعة القتل المنظم لتطلق النار على المتظاهرين ورجال الأمن من الشرطة والجيش حتى يصدقه الناس عندما يقول إن هناك جماعات مسلحة أطلقت إشارة العمل المسلح مما يتطلب ضرورة مواجهتها والقضاء عليها وبالتالي منع الناس من التظاهر وإجهاض الانتفاضة الشعبية على اعتبار أن كل من يتظاهر فهو متآمر ومساند ومدعم لهذه الجماعات ويتعرض لما ستتعرض له هذه الجماعات، أي تجريم الحركة الشعبية السلمية بقوة سياسة الأمر الواقع..

 ومن بلادة النظام السوري أنه حرص على أن يقدم هذا الدليل المعد سلفا بالصوت والصورة فقد استطاعت كاميرات التلفزيون السوري أن تصور نشاط هذه الجماعات عن قرب وبصورة واضحة، في حين لم تتمكن قوات الأمن من وقفهم أو التصدي لهم.. والأغرب من ذلك أن قوات الأمن وعوض أن تركز نشاطها على متابعة ومطاردة ما أسمتهم بالجماعات السلفية  المسلحة عمدت إلى إطلاق  النار على المتظاهرين وقتلت منهم المئات، لكن إذا عُرف السبب بطل العجب فالهدف الأول والأخير هو إسكات صوت الشعب وما الجماعات التي يتحدث عنها النظام إلا فزاعة لكسب تضامن الخارج والغرب خصوصا وذريعة لمواجهة المطالب الشعبية السلمية بالسلاح والقتل والقمع والاعتقالات…

وإذا إفترضنا جدلا أن سوريا مستهدفة، وأنها ضحية مؤامرة كما تدعي السلطات ألم يكن من الأولى أن يسعى النظام إلى إبطال مفعولها بالانحياز إلى الشعب والتكفل بمطالبه التي كانت تطالب صراحة بالحرية والإصلاح ولم تكن أبدا تدعوا إلى التنازل عن الجولان أو توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل… ألا يدعي النظام في سوريا أنه يجسد تطلعات وإرادة الشعب، فها هو الشعب يطالب بالإصلاح، وهذا لا يعني البتة أنه يستهدف مواقف سوريا من إسرائيل أو امريكا.. وحتى هذه المواقف مهما كانت قومية وتقدمية ومشرفة فإنها لا تمنح النظام السوري حق تغييب شعبه وانتهاك حقوقه واغتصاب حقه في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم ومصادرة حقه في اختيار من يمثله ومن يحكمه.. 

ثم لنفترض جدلا بأن هناك حقا جماعات سلفية مسلحة تريد إقامة إمارات إسلامية، اليس من المفروض أن يكون هذا دافعا إلى الإسراع في التكفل بمطالب الشعب السلمية وتفويت الفرصة على هذه الجماعات وحرمانها من الأجواء التي تمكنها من النشاط والانتعاش والظروف التي تمنحها القوة والشرعية وتكسبها القوة والتعاطف..وحتى وجود هذه الجماعات التي ليس ثمة على الأرض ما يؤكد وجودها لا تمنح الحق لطائفة تعد على الأصابع أن تظل جاثمة على صدر الأغلبية تتحكم في ماضيها وتوجه حاضرها وتحدد مصيرها وتعبث بها كما تشاء بالقمع والاستبداد..

فاللجوء في كلتا الحالتين إلى المعالجة الأمنية ينسف إدعاءات السلطة نسفا ويفضح كذبها البواح على العالم، ويؤكد للقاصي والداني أن النظام إنما يستهدف هذه الحركة الشعبية السلمية، لأنه يعرف جيدا بأنه أصبح مرفوضا شعبيا وممقوتا، وأن قبوله بالمطالب الشعبية تعني نهايته ولكن بأقل التكاليف، فاختار أسوأ الحلول ليخير السوريين بين الاستسلام للخوف مرة والأخرى والاستكانة للطغمة الحاكمة، أو مواجهة بطشه وآلته العسكرية الجهنمية، وجبروته فيبيدهم أو يهلك دون ذلك.. 

السلطات في سورية تعي جيدا أن مطالب الشعب عادلة والإنصات لصوت الشعب يعني نهاية سلطانها فقد أضحى نظام آل الأسد نظاما باليا، غير قابل للإصلاح أصلا بعد ممارسات أكثر من أربعين سنة من الديكتاتورية والاستبداد، لقد أضحى نقيض الحرية والديمقراطية.. يتغذى من القمع ويستند في شرعيته من اغتصاب إرادة الشعب السوري، ويستمد أسباب بقائه وضمان استمراره من إقصاء كفاءاته وخنق حرياته ومصادرة حقوقه، وهذا ما يفسر ردة فعله العنيفة واجتهاده في تغيير طبيعة الأحداث من أزمة سياسية تتطلب حلولا سياسية إلى أزمة أمنية تتطلب حلولا أمنية تمكنه من ممارسة اللعبة التي يتقنها ويحبها وهي الحل بالحرب لقمع حركة الشعب..

 

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

9 تعليقات

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

  • تعليق 2003

    بارك الله فيك

    بارك الله فيك

    • 0
  • تعليق 2004

    سالم

    ما يسمى قوات التحالف تستعمل الورقة الشعبية تمهيدا لحسم خلافاتها مع نظام الأسد حسما أمنيا..
    مخطئ ألف مرة من يقول أن الحرية فقط هي من تحرك هذه الثورات الشعبية.. فاليد الإسرائيلية الأمريكية تلعب بكل خبث في المنطقة العربية ملوحة بفزاعة الإستبداد وفزاعة الحرية فأفيقوا يرحمكم الراحمون

    • 1
  • تعليق 2005

    Anonymous

    ما زرعه الأسد الأب سوف يجني ثماره ويدفع ثمنه الأسد الإبن

    • 0
  • تعليق 2006

    م.م

    شكرا للأستاذ نصر الدين قاسم على هذه المقالة الممتازة
    على الرغم من أنني أنظر بعين الريبة والشك لما يحدث في سوريا وباقي الاوطان العربية التي استهدفت والتي ستستهدف.

    • 0
  • تعليق 2007

    المؤامرة مستمرة

    المؤامرة المؤامرة المؤامرة هذا ما حفظناه عن ظهر قلب من أنظمتنا الحاكمة.. باليت هذذه المؤامرات تخلصنا منكم أنتم أكبر المتآمرين

    • 0
  • تعليق 2014

    س.ب

    ماذا سيكون موقفك يا أستاذ نصر الدين لو يتكرر السيناريو الليبي في سوريا ؟؟؟ هل ستقفون أيضا في صف حلف النيتو (الحامي لإسرائيل) ضد نظام الأسد مهما كن جبروته وطغيانه ؟؟

    • 0
  • تعليق 2015

    مختار العاصمة

    لقد حان وقت نهاية الطغيان في سوريا يا أيها النظام الطائفي

    • 0
  • تعليق 2023

    عبد الحميد بوحالة

    لست أدري لماذا أنا متشائم من الوضع العربي ألدي لا يبشر بللخير علي الشعوب أقصد لأن الأنظمة لو كشفنا عيوبها فنحن خونة و عملاء لأمريكا معليهش أيموت المواطن في درعا و حمص و اللادقية المهم يبقي نظام الأسد بأي حق يبقي في الحكم أولا لم ينتخب بل تم توريث الحكم من أبيه شأنه شأن محمد السادس و الملك عبد الله هذه نتيجة طبيعية و أهلا بك أستاذ قاسم الله غالب يا أستاذ كنا نتمني أنك معنا و لكن الدوحة قيمتك شكرا

    • 0
  • تعليق 2053

    ام ايثار

    اشتقنا الى مقالاتك التحليلية النيرة ومرحبا بك في هذا المنبر المميز
    مشكوووووووووووووووووووور ما قصرت

    • 0

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.