بمرور الذكرى الأولى لاندلاع ما يُسمّى مجازا "الربيع العربي" الذي توسّع كالنار في الهشيم عند جميع الأقطار العربية المصابة بداء "الديكتاتورية" و ما شابهها من أعراض خطيرة ابتليت بها أمّتنا الواحدة،، أردتُ أن أكتب في موضوع لاحظته بنفسي و حاولت أن أحلله و أضعه في الصورة أمامكم ،، ربّما توافقونني الرأي و ربّما لا،، المهمّ أنه يحتاج فعلا للكتابة عنه و التندّر منه أمام القرّاء و المتابعين لشؤون الجزائر ،، التي قيل أنّها سبقت الجميع في الثورة ،، حتّى شعوب أوروبا الشرقية في ثوراتهم البرتقالية و الملوّنة ،، و حتّى أنّهم نصّبوا الجزائريَّ وحده من يفقه في "فنّ الثورة" ،، و يعرفُ متى يُطلق على أيّ حراك بثورة و متى يُنكره عليه ،، لذلك الجزائريّ هو الوحيد الذي يحتكر منح هذا اللقب على تحرُّكات الغير ،، بالإضافة الى أنّ أجداده الذين فجّروا الثورة ضدّ المحتلّ الفرنسي أورثوه هذه الشرعيّة التي تمنحه هذه التقنية الخالصة الناشئة مع المورثات الموجودة في خلاياهم... وحده هو لا شريك له في هذه الموهبة ،، وسأروي لكم بعض ما قرأت و ما سمعت في صالونات الحديث و الثرثرة وعلى صفحات الجرائد عن جزائريين قرأوا في فنجان الثورة.
روائيٌّ جزائري كتب أول رواية في تاريخ الأدب العربي حسبما يقول نُقّاده تتكلم عن “الدكتاتور” وتصفه وصفا مباشرا و كاريكاتوريّا،، في محاضرة حول تقديم روايته بجمعية الجاحظية حظرتها منذ أشهر،، قال أنه تنبّأ باشتعال الثورة في العالم العربي و بطريقة درامية،، وهذا من خلال هذه الرواية الضخمة، ولكن للأسف الجزائريون والعرب لا يقرأون ولا يتذوقون إنتاج الأدباء في دُنيا الأدب،، بالإضافة إلى أنّ هناك روائيّا جزائريّا معروفٌ إعلاميّا بإنتاجه الأدبي ونشاطه الثقافي،، صرّح في عديد حواراته الصحفية إلى أنه تنبّأ بالثورة في العالم العربي من خلال رواية من رواياته،، أما شاعر غنائي كما يُوصف ما زال يقرض الشعر في وقت أنّ زملائه انصرفوا من الشعر الى أمور أخرى،، كما يتحسّر أو يفتخر تحدث مع صحيفة وطنية عندما سُئل ما إذا كان يُفكّر في الكتابة لما يُسمّى “الربيع العربي” فأجاب:” أعتقد أنني تنبّأت برياح التغيير التي هبّت على المنطقة العربية مُؤخرّا،، في قصيدة كتبتها سنة 1982 تحت عنوان: “رصاصة لم ُيطلقها حمّة لخضر” ترجمتُ خلالها حلم المواطن بمصر جميلة،، واستشرفت فيها سقوط بعض الأنظمة العربية”.
وقد كنت أسمع لحصّة إذاعية قام بها أحدّ الطلبة العام الماضي لنيل شهادة ليسانس في علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر،، وقد كان موضوعها حول “القنوات الإخبارية العربيّة”،، وفي خضمّ الحوار مع ضيفه الدكتور والمحلّل السياسي والكاتب الصحفي قال هذا الأخير أنّه كان يعلم اشتعال الثورات في العالم العربيّ،، وهذا من خلال كتاباته وبحوثه المنشورة.
وسأذهب بكم إلى أستاذ جامعيّ آخر ومحلّل سياسي وكاتب صحفي ومؤلّف.. يقول في ظهر كتاب له تحت عنوان “المواطن الرقمي”: “…في كتابي الذي أصدرته عام 2008م بعنوان: التأثير السياسي للانترنت..أوباما نموذجا”، قلتُ فيه بالحرف الواحد *الوطن العربي ..الثورة انطلقت* بعد ثلاث سنوات فقط تأكّد حدسي،، فما حدث في تونس ومصر واليمن وسوريا والبحرين وليبيا والأردن وغيرها لعبت فيه الانترنت والشبكات الاجتماعية دورا حاسما..”،، فقد اعترف أنّه استطاع بحكمته الأكاديمية والعلمية أن يكشف الحجاب عن المستقبل عامين قبل حدوث الثورة،، وهذا إذا سبق اكتشافيّ عظيم،، لم نُعره الاهتمام والتفكير كعادتنا.
ومنذ أيّام قليلة التقيت بأحد الأساتذة الذين تعرّفت عليهم أيّام الثانوية و يُعتبر باحثا في الأدب العربي والفلسفة وغيرهما من ألوان الفكر،، ونحنُ نتجاذب أطراف الحديث عن الثورة التي ما زال يتخبط فيها الوطن العربيّ المغلوب على أمره،، إذ به يقول لي أنّ له بحثا فلسفيّا تنبّأ من خلاله بانفجار ثورات العرب،، حتّى كدتٌ أن أنفجر ضحكا من هذه الاكتشافات التي صرتٌ ألتقي بها كلّ يوم ،، وهذا الكمّ الهائل من الجزائريين الذين صاروا “عرّافيين” مختصيين في قراءة مستقبل الشعوب العربيّة.. كلّ يوم يُطالعنا شخص في بلادنا بأفكاره المستقبليّة،، ونظرته الثاقبة للأمور،، وبصيرته الإستراتجية في رؤية مصير الأمة،، إنّها أفكارهم الدقيقة وخبرتهم “الجزائرية” الفريدة من نوعها في العالم فاقت أعتى مطابخ أجهزة الاستخبارات في العالم… يا لهم من عباقرة.
***
من هنا لديّ اقتراحين : الأول موجه إلى أعضاء لجنة نوبل في استوكهولم ،، أطالبهم بإنشاء جائزة جديدة تحت عنوان “جائزة نوبل لقراءة الفنجان” لعلّنا من خلالها نحصد عددا معتبرا من الجوائز ، ونُغطّي فشلنا في جميع التخصصات الأخرى..
و الاقتراح الثاني أوجهه إليهم : بما أنكم تنبأتم باندلاع الثورة في العالم العربيّ… فهلاّ تنبّأتم لنا بموعد انتهائها ،، فقد ذهب الأبرياء بما فيه الكفاية ؟؟.
Islam199088@hotmail.fr
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.
تعليق 3333
يقولون عندما يسقط الثور يكثر الذباحون هذا هو حال منظرينا