@ شعر: إبراهيم قارعلي
عَجَزَ اللِّسَانُ فَمَا يُفِيدُ الْمَنْطِقُ
مَـاذَا أقُـولُ وَ لَيْتَنِي لَا أنْطِقُ
لَا عَيْبَ فِي إلَّا الصَّرَاحَةُ شِيمَةٌ
مَـالِي سَـوَاهَـا لَـمْ أكُـنْ أتَـمَـلَّـقُ
مَالِي سَوَىٰ قَلَمِ الرَّصَاصِ وَصَفْحَةٍ
وَكَـأن لَـوْنَ دَمـي مِـدَادٌ أزْرَقُ
مَازِلْتُ أشْدُو أوْ أنُوحُ بِأيْكَتِي
وَكَأنَّنِي مِـثْـلُ الْحَمَامِ مُطَوَّقُ
هَيَ لَمْ تَعُدْ تُجْدِي الْعُقُولُ وَلَا النُّهَىٰ
مُذْ صَـارَ يُـؤْمِـنُ بِالْخُرَافَةِ أحْمَقُ
زَعَمَ الأوَاخِرُ قَبْلَنَا نَحْنُ الْأُلَىٰ
وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ الْأسْبَقُ
سَبَقَ الزَّمَانَ زَمَانُنَا وَ مَكَانُنَا
كُنَّا وَلَمْ يَكُ مَغْرِبٌ أوْ مَشْرِقُ
يَا لَلْأكَاذِيبِ الَّتِي ضَحِكَ الْوَرَىٰ
مِنَّا ، لَقَدْ هَزُلتْ فَكَيْفَ نُهَرْطِقُ
يَا لَلْخُرَافَاتِ الْعَجِيبَةِ مَالَكُمْ
أنْزَارُ يُمْطِرُكُمْ وَهَـٰذَا شَشْنَقُ (1)
لَمْ يَبْقَ فِي الْوَادِي سِوَىٰ أحْجَارِهِ
لَا سُنْدُسُ اخْضَرَّتْ وَ لَا إسْتَبْرَقُ
بُـوغَـنْـجَـةٌ يَـشْـدُو لَـهُ أطْفَالُنَا
تَجْرِي الْعَذَارَىٰ خَلْفهُمْ وَتُصَفِّقُ (2)
بِالْفَأْسِ قَدْ حَطَّمْتُ أصْنَامًا لَكُمْ
عَـجَـبًـا لَـكُـمْ مَا بَـالُـهَـا لَا تَنْطِقُ (3)
يَا لَلْجَهَالَةِ كَيْفَ يَكْسِفُ عَقْلُنَا
مَا عَادَ يُجْدِي الْعَقْلَ إلّا الخَرْبَقُ (4)
الْلّٰهُ أكْبَرُ مَـا عَبَدْنَا غَيْرَهُ
مَا كَانَ غَيْرُ اللّٰهِ رَبٌ يَرْزُقُ
اَلْبَيْتُ بَيْتُكَ يَـا إلَـٰهِـي مَالَنَا
يَا رَبُّ بَابّ غَيْرُ بَابِكَ نَطْرُقُ
مِنْ قَبْلِ آدَمَ يَا لَهَا أُسْطُورَةٌ
قَدْ كَانَ شَيْطَانٌ رَجِيمٌ يَمْرُقُ
يَتَعَوَّذُ الشَّيْطَانُ مِنْ أفْعَالِكُمْ
خَجَلًا وَكَمْ يَبْيَضُّ مِنْهَا الْمَفْرِقُ
لَابُـدّ لِلْإنْسَانِ مِـنْ تَـعْـوِيذَةٍ
مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ الْإلَٰهُ وَيَخْلُقُ
كَيْفَ الْخُرَافَةُ قَدْ تَصِيرُ حَقِيقَةً
عَـجَـبًـا نُـصَـدِّقُـهَـا وَ لَا نَتَحَقَّقُ
يَا لَلْحَمَاقَةِ لَيْسَ بَعْدُ حَمَاقَةٌ
بَلْ أيْنَ مِنْكُمْ فِي الْغَبَاءِ هَبَنَّقُ (5)
بِئْسَ الثَّقَافَةُ وَالْحَدِيثُ خُرَافَةٌ
وَالْقَوْلُ مَـا قَـالَ الْعُرَاةُ نُصَدِّقُ
أيْـنَ الثَّقَافَةُ لَيْسَ مِـنْ عِـلْـمٍ وَلَا
أدَبٍ سَوَىٰ بَعْضِ الطَّلَاسِمِ تُسْرَقُ
أحْرَقْتُمُ الزَّيْتُونَ وَ هْوَ مُبَارَكٌ
لَمْ تَرْحَمُوا الْحَيَوَانَ كَيْف يُحَرَّقُ
لَوْلَا بَهَائِمُ رُتَّـعٌ مَـا أمْطَرَتْ
وَيْلَ الْبَهَائِمِ وَيْلَهَا لَوْ تَنْطِقُ
وَذَبَحْتُمُ الْيَوْمَ الْعَصَافِيرَ الَّتِي
كَانَتْ تُغَنِّي فَوْقَنَا وَ تُزَقْزِقُ (6)
لَا شَيْءَ غَيْرُ الْبُومِ حَطَّ هُنَا عَلَى
شَجَرٍ وَ لَيْسَ سِوَىٰ غُـرَابٍ يَنْعَقُ
وَلْتَحْمِلُوا أسْفَارَكُمْ وَلْتَرْحَلُوا
مَـا عَـادَ يُزْعِجُنَا حِـمَـارٌ يَنْهَقُ
لَا خَيْرَ يُرْجَىٰ مِن قَطِيعٍ شَارِدٍ
وَ الْعَنْزُ إنْ قَـادَ النِّعَاجَ سَتَعْلِقُ
يَا مَـنْ تُـنَـفِّـذُ لِلْـعَـدُوِّ أجُـنْـدَةً
مَا أنْتَ فِي الشَّطْرَنْجِ إلَّا بَيْدَقُ
أُمَّ الْخَبَائِثِ يَا فَرْنَسَا لَمْ يَعُدْ
يُجْدِي اعْتِذَارٌ بِالْبَدِيعِ مُنَمَّقُ
هَـيَ لَعْنَةٌ مَا قَبْلَهَا مِـنْ لَعْنَةٍ
شَرُّ الْخَلَائِقِ بَعْدَهَا لَا يُخْلَقُ
لَا نَقْبِلُ التَّعْوِيضَ عَنْ شُهَدَائِنَا
لَسْنَا نَبِيعُ وَ نَشْتَرِي مَـا يُزْهَقُ
أوْلادُ دِيغُولٍ عَلَيْكُمْ لَعْنَةٌ
وَأعُوذُ مِنْكُمْ بِالْإلَـٰهِ أُحَوْلِقُ
قَوْمٌ إذَا غَسَلَ الْبُصَاقُ وُجُوهَهُمْ
يَشْكُو الْبُصَاقُ بِأيِّ حَقٍّ يُبْصَقُ (7)
هَٰذَا لِسَانِي صَارِمٌ لَا عَيْبَ لِي
عَزَّ الْكَلَامُ وَ مَـا عَلَيْكُمْ مَنْطِقُ
إنَّ الْجَزَائِرِ قَدْ حَمَاهَا شَعْبُهُا
إنّـا نَـعُـوذُ بِـربِّـهَـا تَـتَـمَـزَّقُ
مَهْمَا الْعِصَابَةُ حَاوَلَتْ تَمْزِيقَنَا
فَالْوِحْدَةُ الْكُبْرَىٰ بِنَا تَتَحَقَّقُ
نَحُْنَ اتَّحَدْنَا لَا انْفِصَالَ لِأُمَّةٍ
وَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَىٰ بِهَا نَتَوَثَّقُ
مَا عَزَّ عَبْدٌ كَانَ يَبْغِي ذُلَّنَا
لَا لَنْ تُسَامِحَكَ الْجَزَائِرُ عَبْدَقُ
اَللّٰهُ يَجْمَعُ، مَا تَفَرَّق شَمْلُنَا
هَيْهَاتَ مَا جَمَعَ الْإلَـٰه يُفَرَّقُ
تَسْرِي دِمَاءُ الْفَاتِحِينَ بِأرْضِنَا
لِـلّٰـهِ مَـا أزْكَـىٰ ثَـرَانَـا يَعْبَقُ
هَٰذِي الْجِبَالُ مِنَ الدِّمَاءِ تَفَجَّرَتْ
لَـلّٰـهِ أوْدِيَـةٌ تَـفِـيضُ وَ تَـفْـهَـقُ
هَـٰذَا دَمُ الشُّهَدَاءِ وَحَّدَ بَيْنَنَا
مَازَالَ يَجْرِي هَا هُنَا يَتَرَقْرَقُ
مُدُّوا الْأيَادِي قَدْ مَدَدْتُ لَكُمْ يَدِي
هَـٰذِي ذِرَاعِـي سَـاعِـدِي وَ الْمِرْفَقُ
أحْيَا عَلَى وَطَنِي وَأُهْلَكُ دُونَهُ
هَـٰذَا لَكُمْ عَهْدِي وَهَـٰذَا الْمَوثِقُ
أقْسَمْتُ بِاللّٰهِ الْعَظِيمِ بِأنَّنِي
أحْيَا لَهُ مَـادُمْـتُ حَيًّا أُرْزَقُ
وَطَنِي لَعَمْرُكَ قَدْ عَشِقْتُكَ خَالِصًا
لَوْلَاكِ لَـمْ أكُ يَـا جَزائِرُ أعْشَقُ
لَكِ يَا جَزَائِرُ فِي الْفُؤَادِ جَزَائِرٌ
وَليَحْتَرِقْ فِي الْبَحْرِ خَلْفِي الزَّوْرَقُ
خَفَقَاتُ قَلْبِي مِنْ هَوَائِكِ فِي دَمِي
أنْتِ الّتِي بِـهَـوَاكِ قَـلْـبِـي يَـخْـفَـقُ
هَـٰذِي حَيَاتِي لَا أُبَالِي بِالرَّدَىٰ
إنِّي نَذَرْتُ دَمِي يُبَاحُ وَيُهْرَقُ
هَيْهَاتَ لَا أخْشَىٰ حِبَالًا وَيْحَكُمْ
شُدُّوا وَثَـاقِـي لَا أُبَـالِـي أُشْنَقُ
هَـٰذَا يَمِينُ اللّٰهِ مَـهْـرُكَ مُهْجَتِي
حَتَّىٰ يُسَوَّىٰ بِي التُّرَابُ وَيُطْبَقُ
_______________
(1) أنزار إله المطر حسب الخرافة، ششنق أو شيشناق فرعون مصري تزعم الخرافة أنه جزائري .
(2) بوغنجة من العادات الجزائرية القديمة في بعض المناطق والتي كان يتم من خلالها استجداء المطر .
(3) إشارة إلى خليل الله النبي إبراهيم عليه السلام الذي حطم الأصنام التي كان يعبدها قومه .
(4) الخربق نبات طبي يعالج به الصرع والجنون .
(5) هبنق اسم شخص في التراث العربي يضرب به المثل في الحماقة والغباوة .
(6) إشارة إلى الشهيد جمال بن إسماعيل الذي تعرض في المنطقة إلى أبشع جريمة ضد الإنسان والإنسانية.
(7) البيت معارضة للشاعر أبي الطيب المتنبي الذي يقول : قومٌ إذا مس النعالُ وجوههم شكت النعالُ بأي ذنبٍ تُصفعُ .
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.