كانت الأنظمة التقدمية في العالم العربي تعتبر "الامبريالية الغربية" عدوها التقليدي، أما الملكيات المحافظة فكانت تعتبر الايديولوجيا الثورية أخطر تهديد لها، غير أن هؤلاء وأولئك كانوا يعلنون جهرة أن "الكيان الصهيوني" هو العدو المشترك الأول للجميع.
وبمرور الوقت حدثت مراجعات كثيرة لمضمون “الأمن القومي” لكل دولة، وشملت المراجعات ترتيب التهديدات الوجودية على الأنظمة الحاكمة، وتغير بذلك موقع “العدو الأول” مرات عديدة.
في الوقت الحالي، تتصدر لائحة الأعداء بالنسبة للسعودية والإمارات والبحرين كل من قطر وإيران والإخوان، وتعتبر مصر تركيا عدوتها الأولى، وتتوجس الجزائر من المغرب، والمغرب من الجزائر والبوليساريو، في حين يشكل فريق من الليبيين عدوا لفريق آخر من الليبيين، ويعادي نظام الأسد في سوريا شعبه، وترتعب كل طائفة من اللبنانيين من الطوائف الأخرى، بينما يعد التناحر السياسي عدو العراقيين والتونسيين الأول، أما السودانيون فلم يعودوا قادرين على معرفة عدوهم الأول، هل هو سد النهضة أم المجلس العسكري أم الفيضان.
وفي جميع الحالات تقريبا، اختفت “إسرائيل” من لائحة الأعداء، وبالكاد صارت تذكر بسوء في برقيات وكالات الأنباء العربية الرسمية، بل إنها على نقيض التقليد القديم، صارت تحتل موقعا متقدما ضمن قائمة “الحلفاء”، و”الشركاء الإقليميين”، أو على الأقل بصفتها “عدوة لأحد أعدائنا”، أي صديقة بشكل غير مباشر.
هذه المودة المستجدة، ستجعل صفحة نتنياهو مزدحمة خلال الأسابيع والأشهر المقبلة بـ “طلبات الصداقة”، ولن يكون عليه سوى الابتسام في خبث والنقر على “تأكيد الطلب” بعد بعض المماطلة. إذ لم يعد معنيا بـ “الحظر” بعد الآن.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.