زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

عندما يصبح الدين أفيون الشعوب

عندما يصبح الدين أفيون الشعوب

علاقة الدين بالشعوب والجماهير تطول طول المسافة بين الفيلسوف فريدريك نيتشه الذي يرى بأن " الدين ثورة العبيد " وبين أبو الشيوعية كارل ماركس الذي يعتقد بأن الدين أفيون الشعوب وملهاة الجماهير.

الدين في حقيقته مصدر النباهة لدى الإنسان, ومنار الإشعاع الذي يجنبه مخاطر الاستنزاف الفكري,وهو عدو الاستحمار الذي يزيف وعيه ويطمس نباهته ويبلد شعوره.

الدين الحق يقف في صف المستضعفين في معركتهم مع الطغاة بل ( يستحيل أن يكون موقف الدين في مصلحة المستبدين الذين يؤسسون أمجادهم على امتهان الجماهير والعبث بمصالحها ,وإذا لم يسمع صوت الدين في معركة الحرية فمتى يسمع ؟ وإذا لم ينطلق سهمه إلى صدور الطغاة فلمن أعده إذن ؟ ) , الدين الحق يرسل شهبه الحارقة على أوكار الرذيلة فيحرقها وتجمعات الجهل فيدمرها وعلى شبكات المكر والخديعة فيمزقها شر ممزق. 

ومع ذلك فقد يتحول الدين بفعل شياطين الجن وأبالسة الإنس إلى دافع قوي للاستحمار يقول المفكر علي شريعتي 🙁 بعد انقضاء فترة الأنبياء العظام الذين بلغوا الدين واضحا وصادقا في ذروة الحقيقة وقع مصير الدين في أيدي قوات استحمارية مضادة للإنسانية تسمى بأسماء مختلفة … هؤلاء اتخذوا الدين وسيلة لاستحمار الناس) .

وهذا ما أوصى به معلم الطغاة الأكبر ميكيافلي عندما نبههم إلى أن ( الدين ضروري للحكومات لا من أجل الفضيلة ولكن لغرض السيطرة على الناس ). وهو ما جعل نابليون بونابرت يحيط نفسه بمجموعة كهنة يرددون باستمرار أن الدنيا ليست دارهم ومع ذلك يضعون أيديهم على كل شيء يستطيعون الوصول إليه. 

وقد روى التاريخ عن كهنة بني أمية وسدنة البلاط الذين يبخرون البخور لحكام بني العباس مواقف يحمر لها وجه الشيطان خجلا , كفقهاء الخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك الذين استفتاهم هل يحاسب الله الخلفاء يوم القيامة على أفعالهم ؟فأفتى له أربعون فقيها بأنه لا حساب على الخلفاء يوم القيامة ,وكشاعر الخليفة الفاطمي الذي أطراه بأبيات جاء فيها :

ما شئت لا ما شاءت الأقدار ** فاحكم فأنت الواحد القهار

كأنما أنت الني محمد ** وكأنما أنصارك الأنصار

واستدعى هارون الرشيد ذات مرة ابن السماك الواعظ المشهور فلما دخل عليه قال له عظني فقال: ( يا أمير المؤمنين .. اتق الله واحذره لا شريك له وأعلم أنك واقف غدا بين يدي الله ربك ثم مصروف إلى إحدى منزلتين لا ثالث لهما جنة ونار ) فبكى الرشيد فأقبل الفضل بن الربيع على ابن السماك معاتبا : ( سبحان الله .. هل يخالجك شك في أن أمير المؤمنين مصروف إلى الجنة إن شاء الله ).

هؤلاء الوعاظ والكهنة لهم في كل زمن خلف ولهم في كل قوم وارث ,وعاظ تكثر دكاكينهم ويعلو شأنهم في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل وتقل فيها الحكمة وتنعدم فيها النباهة, ألم يقل ذات مرة ربيع المدخلي بأن حسني مبارك أعظم زعماء الأمة غير مدافع !! أولم يصرح قبل أيام الكذاب الأشر المسمى سعد الدين الهلالي بأن السيسي ووزير داخليته محمد إبراهيم رسل من الله.

وعاظ يتاجرون بالدين ويسوقون بحكمه الباطل ويشرعون باسمه الظلم ,باسم الدين أفتوا بالنفير في أفغانستان ضد الروس وأبطلوه ضد الأمريكان, وباسمه باركوا الثورة ضد بشار الأسد في سوريا واعتبروها نصرة للعقيدة , وباسمه أيضا وقفوا ضدها بالمرصاد عندما كانت على حسني مبارك في مصر وزين العابدين في تونس!! 

بالفعل عندما يصبح هذا مقال الدين وهذا حال دعاته فهو أفيون الشعوب كما وصفه ماركس. 

 

[1] الإسلام والاستبداد السياسي ص/17.

[2] النباهة والاستحمار ص/54.

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.