تسلط الإعلامية فتيحة بوروينة في كتابها الجديد "مراسلون أجانب أم مشاريع جواسيس" الضوء على جانب مهم لا يتحدث عنه كثيرا الإعلاميون، وهو علاقة المراسلين الأجانب بالسلطة في الجزائر، علاقة طالما اتسمت بالشد والجذب والشك بين الطرفين ينطبق عليها ما ينطبق على العمل الدبلوماسي، تقوم على الرغبة في الحفاظ على المصالح الاستراتيجية للدول من جهة وحسن أداء الرسالة الإعلامية من جهة أخرى.
رصدت فتيحة بوروينة في كتابها الجديد الصادر مؤخرا عن منشورات “سارة”، الضوء على مسار عمل المراسلين الأجانب في الجزائر، من عهد الرئيس الراحل أحمد بن بلة إلى يومنا هذا.
في هذا الكتاب تتحدت بوروينة عن نظرة السلطة للصحفيين الذين يراسلون دولا أجنبية خاصة من يحمل منهم الجنسية الجزائرية، حيث كان هؤلاء الإعلاميون في نظرها، دائما، مشاريع جواسيس قد تستغلهم الدول الأخرى ضد بلدانهم، هذه النظرة الحذرة تجاه المراسلين الأجانب انعكست، حسب الشهادات التي رصدتها الكاتبة “سلبيّا” على مهام المراسلين، خاصة في الوصول إلى مصادر المعلومة.
الكتاب وهو أول عمل توثيقي في الجزائر يسعى إلى رصد مسار الصحافة الأجنبية في الجزائر، عبر مختلف المراحل السياسية والأزمات التي عرفتها البلاد، حيث عرفت تلك العلاقة بعد الاستقلال نوعا من التوتر بين السلطة ووسائل الإعلام الفرنسية مثلا، حيث اعتمد بن بلة على سياسة قص “الأعشاب الضارة” لتطهير الساحة من”هواة الصيد في الماء العكر” من بقايا الحالمين بـ”الجزائر فرنسية”، سياسة استمرت إلى مرحلة الثمانيات، حيث انتقدت السلطة بعض المراسلين بسبب” كتابات تهويلية” لتأتي بعدها مرحلة التسعينات لتضع المراسلين تحت طائلة الإذن المسبق قبل تناول المعلومة خاصة الأمنية منها.
وأمام هذا الوضع يجد المراسل نفسه مضطرا لممارسة الرقابة الذاتية على كتاباته أو الاعتماد أكثر على ذكائه ومدى تكوينه السياسي، الذي يؤهله للتعامل باحترافية والحفاظ على مصالح دولته وأداء واجبه الإعلامي.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.