إن التحديات التي تنتظر كل واحد منا في المستقبل كبيرة، عندما ننظر إلى الساحة السياسية، إلى الشباب اليائس، إلى الأسر المتفككة، إلى الطفولة البريئة، إلى القطاعات الضعيفة، إلى العدالة المسجونة، إلى التاريخ لنعرف أن الجزائر في يوم مضى لم يكن اسمها الجزائر ولا حدودها هذه الحدود، ولا سكانها هؤلاء السكان...
إنها أرض واسعة متوسطة القارات مرّ منها أجناس كثيرة وسميت بأسماء مختلفة، فقد سميت شمال إفريقيا وسميت المنطقة المغاربية، والإمبراطورية القرطاجية، ونوميديا، وموريطانيا، وبلاد المغرب الإسلامي، ومزغنة، والجزائر باسمها الحالي، فقد نفنى ولا تفنى التحديات….
أين كنا عندما كانت نوميديا أو الإمبراطورية القرطاجية أو غيرها من التسميات لهذه الأرض، لقد كان بشر غيرنا يعيشون عليها ومرّوا منها، هنا حيث يقف كل جزائري ولكن لم يبق سوى آثارهم، فالمجتمع بصيغته الحالية هو تطور لما كان من قبل أي أن الجزائر أرضا وشعبا ولغة هي زبد الماضي، ونحن ألان لا يستطيع أحدنا أن يجزم أن أصله ليس خليطا من سلالات مختلفة… لنكون في الأخير إنسانا جاء ليكون حيث كان سابقوه، فهو قد استخلف على هذه الأرض الثابتة المتغيرة الأسماء..
إذن هو إنسان لابد أن يتخطى حدود الزمان والمكان ويتخطى الواقع الحالي، فهناك واقع مشرق ما إن تُشرق فكرة الانسلاخ من الجزائرية للعيش بإنسانية، فما الحدود والأجناس والواقع إلا وهمٌ يُنسينا الحقيقة، والحقيقة هي الإنسانية والتي لا يخرج مفهومها عن أنها الروح على الأرض، فالروح سماوية إلاهية إذا دخلت الجسد الأرضي أصبحت تمثل الإنسانية، وكما نعرف أن الروح لا حدود لها والجسم أن ينبغي يكون خادما لها، فهذه الإنسانية هي التي استخلفها الله ليقيّم عملها، فهو قد جعل لكل أمة أجل حتى إذا انتهى الامتحان يعود كلٌّ إلى أصله، وإذا أردت تأمل قول الله سبحانه وتعالى (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)(مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ)، فملخص الإنسانية هو العمل النافع الذي يرتقي بالنفس لأعلى مراتبها…
أما على هذه الأرض فيعاني الإنسان من جزائريته، فالحكومة ظالمة، والحقوق مهضومة، والشعب فقير، والمجتمع كسيح…
إنني لا أنسى رئيس الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان، عندما قال لي يوما حيث سألته عن حال حقوق الإنسان في الجزائر وردّ عليّ بغرابة وأين الإنسان في الجزائر؟!!!!!
كما تستوقفني بعض الكلمات التي قالها بعض المسؤولين في الحكومة، والتي لا تتأخر في إهانة هذا الإنسان، فقد شبه أحدهم هذا الشعب بالكلب وآخر شبهه بالماعز والمجال طويل في هذا…
ما أريد أن أقوله لك أيها الإنسان الجزائري العظيم أنك تملك ما يملكه أكبر عملاق في العالم، وقد تملك أحسن من ذلك، بغض النظر عن جزائريتك فأنت كجزائري شهادتك في العالم غير مقبولة واستقلالك أكذوبة ولغتك غير مفهومة والجزائر لا تعترف لك بنجاح.. فلك أن تبحث عن قيمك الحقيقية وأن تقرر الآن في هذه اللحظة أن تحقق معنى الإنسانية وتتجاهل الجزائرية تماما، فتاريخنا نحن كبشر أوسع وأعمق من تاريخنا كجزائريين، فتاريخ الجزائري مكذوب أما تاريخك الإنساني فتعرفه الروح، وأنت كجزائري لا تستطيع أن تفعل شيئا لكنك تستطيع أن تفعل كل شيء كإنسان.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.