عادة ما تبدأ الرسائل بالتحية وعليه فالسلام على من اتبع الهدى، ويا للأسف لن يشملك هذا السلام فلا أسباب بينك وبين الهدى يا من تتزعم البيت الأبيض لتسوّد بقية البيوت، تظن أن العالم طوع يمينك والكل يمتثل لأوامرك وأنه بمقدورك أن تغير ما تريد وقتما تشاء بعدما اتخذت من القتل والتعذيب شرعة لك.
تسعى جاهدا لرسم خريطة عالم جديدة تثبّت فيها الكيان الصهيوني وتمده مكانة لم ولن ينلها يوما خدمة للوبي المتطرف الذي جعلك تصل لسدة الحكم.
تمضي بثقة واهما أنك الأذكى والأقوى ووحدك صاحب القرار في الشرق الأوسط، مغترا بمن بايعك على الولاء والطاعة من حكام عرب، وتظن أن الجميع من طينة عباس والسيسي ولكنك مخطئ تماما، فمهلك لأنك لا تعرف أن من المسلمين أحفاد عبيدة والمثنى، وأولئك هم الذين تعرفت عليهم أمريكا جيدا وشكلوا أكبر كوابيسها، فقد أدركت أنهم أعداءها بحق لا بالتظاهر، إنهم من تخلوا عن قصورهم وبذلوا أموالهم وأنفسهم في سبيل خالقهم، وآثروا إحياء فريضة الجهاد، هم الرجال الذين يذودون عن الأعراض والأراضي ويرفضون أن تدنسها أقدام الصليبيين والمجوس وبني صهيون، وتبعا لذلك عملت الاستخبارات على تشويه صورتهم ورميهم بالإرهاب.
فلا تظن يا واهم أنك تستطيع استعباد من هم على يقين أن العزة لله، ففطامهم كان على أنه لا يذل من ولاه ولا يعز من عاداه وهذا ما يلقنونه لأبنائهم وسينقلونه لأحفادهم، وحتى لو زحفت بدباباتك وقصفت بطائراتك فلن يركعوا إلا للمعبود، أما سمعتهم بعد كل قصف يهتفون “مالنا إلا الله”؟.
الشعوب الإسلامية اليوم تصبح وتمسي على القصف والعنف وقتل كل محاولة للنهوض ـ اقتصاد ضعيف وتفشي الفساد ونهب للثروات ـ بتواطؤ القادة العملاء الذين لا يمثلون شعوبهم فقد اعتلوا الكراسي جبرا، وزرعوا الخوف في بعض النفوس نتاج انقلابات عسكرية أو تزوير وتلاعبات وتجاوزات دستورية وهذا ما يرهن وجودهم بالعمالة والولاء وخيانة قضايا الأمة وأولها فلسطين.
في كل مرة تطل علينا يا ترامب في التلفزيون والصحف أو بتغريدات جديدة، فتمنع مسلمي مجموعة من الدول الإسلامية من دخول أمريكا وتمنح اللاجئين السوريين المسيحيين الأسبقية في طلب اللجوء، كما تسعى لتدنيس القدس بما تسميه سفارة وبعدها تدعي أنك علماني أيها الصليبي الأرعن، فهل بعد هذا جدال في أنها حرب عقيدة؟ إذن بلا مراء ولا نفاق علمانيون أنتم في التنظير صليبيون في التطبيق.
تسعى لتغيير معتقداتنا وتريد إسلاما حداثيا بمقاييسك، وقد سبقتك إلى ذلك فرنسا وفشلت، فوا أسفاه؟ لأنك تأخرت كثيرا وديننا قد اكتمل منذ أكثر من القرن والأربعمائة سنة وفيه كل صغيرة وكبيرة، حتى علم الأجنة الذي وصلتم إليه حديثا وجد به منذ زمن خلا فضلا عن علوم أخرى مازلتم تخطون فيها أولى الخطوات.
من قبل أن تتولى الرئاسة أعلنتها وبتفاخر أنك تكره المسلمين ومن قال لك أنهم يموتون في هواك؟، هم أيضا يمقتونك لأسباب عدة أولها أنك ترأس دولة هي الشر كله وهي سبب نكبات لا حصر لها، تعادي الإسلام بامتياز ودائما ما تلصق به تهمة الإرهاب وما ينال المسلمين يوميا من إجرام الغرب تجاوز الإرهاب بكثير.
لا يهمنا اليوم إن ملأت الأرض جورا ومضيت كالعربيد يكسر كل ما أمامه، فإيماننا أن مصابنا قد كتب، وإن أنت تسلطت علينا فإن ذلك بسببنا، ولو وجدت سبيلا إلينا فسيكون بتخاذلنا، فربنا لا يظلم أحدا، لك أن تحتكر التجارة العالمية وتستخدم أسلحتك النووية وتنشر عملاءك على كل شبر من أرض الأمة الإسلامية، ولكن كن واثقا أنك لن تهزم عقيدتنا وهي ما يحركنا دوما ويملي علينا ما يجب القيام به، حتى أطفالنا اكتشفوا الألاعيب وصاروا يتهكمون على رموز الماسونية التي تنشر عبر الرسوم المتحركة وألعاب الفيديو، بل غدوا أكثر اضطلاعا على المخططات التي تسعى لضرب خير أمة أخرجت للناس.
ختاما، ورغم أنك لا تنتصح إلا أنه من الحكمة أن تضطلع على ما أنت مقدم عليه، ولتعلم أن الأمة الإسلامية ليست كما تظن، لستم أنتم التطور ونحن التخلف ولستم المتحضرون ونحن الهمج، والموت لم يكتب علينا وحدنا كما لم يمنح حق الحياة لكم فحسب، بيد أن هناك فارق بيننا وبينكم، فنحن نحيا لعقيدتنا وتحيون أنتم لنزواتكم، إننا نسعى للموت وقت الحاجة وتفرون منه في كل الظروف، وكن على ثقة أنكم لن تنالوا السلام ما لم ننله، فنحن لا نخشى أبدا تهديداتك ووعيدك لأنه من صميم معتقداتنا قوله تعالى في سورة آل عمران الآية 173: “الذين قال لهم الناسُ إن الناسَ قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل”.
ليلى جبارة
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.