كنا ننتظر من الرئيس "عبد المجيد تبون" تشكيلة حكومية تنسينا فعليا التشكيلات الحكومية المتعاقبة التي ألفناها في عهد الرئيس المقال "عبد العزيز بوتفليقة" والتي أوصلتنا إلى طريق مسدود نعاني مرارته إلى اللحظة..
بل كنا نطمح أن نرى التشكيلة الحكومية مثل فيلق جيش جرّار مهاب الجانب، قوي الفكر، وقوي الهمة، وضليع في خبايا وأسرار التسيير ومشبّع بثقافة الدولة مثل ما وعدنا به الرئيس تبون خلال حملته الانتخابية. لكن مع أسف شديد خابت كل الآمال بعد ظهور الأسماء التي جاءت باهتة في كل مضامينها، ومشلولة من حيث المبتدأ والمنتهى.
ولن أكون مبالغا إذا ما أفصحت أني كنت أطمح أن تكون الأسماء المستوزرة لها ثقل ووزن، ووجود في الساحة السياسية والعلمية،ولها دورها الريادي في حياة الناس. على الرغم من أن الطموح لم يكن يتعدى خطوط التمني كأي مواطن جزائري يرى نفسه في مرحلة جديدة بعد سجن العصابة وتسطير مرحلة أخرى رسم معالمها الحراك المبارك.
الرئيس “عبد المجيد تبون” لم يكن موفقا في أول امتحان له بعد تنصيبه رئيسا للجمهورية، بعد الكشف عن الطقم الحكومي وفصائله، وأغلب الظن سبق الاستعجال التروّي في اختيار هذا الفريق الحكومي، كما لم يدرس اختيار الأسماء دراسة متأنية، متبصرة تأخذ بعين الاعتبار الأزمة الرهيبة التي تعيشها الجزائر على كافة الأصعدة.
ولست أنا من يقول هذا الكلام لكن التوجه الشعبي الذي رأيناها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الذي أصبح في الوقت الحاضر بارومتر السياسة في العالم من خلاله يمكن قياس توجهات الشعب، وقراءة أفكارهم، وطموحاتهم. وقد لمسنا الحنق الشعبي على هذه الحكومة التي أغلب الأسماء فيها استفزازية، كانت فقط لأيام قليلة تعارض تبون نفسه، وتطعن في المرحوم الفريق أحمد قايد صالح، بل هناك وزير كما تم إغراق الفايسبوك بمنشور له سابقا، قال بأن تبون ليس رئيسه لكن قبل بمنصب وزير، والسؤال الجوهري الذي طرح بقوة بعد الذي قاله، على أي أساس تم اختياره ليكون في الطاقم الحكومي وهل اليوم بعد أن أصبح وزيرا الرئيس تبون رئيسه؟.
الجزائر تعيش أزمة متعددة الخطورة وأشك أن الطقم الحكومي الذي اختاره الرئيس تبون بقادر على إيجاد الحلول لهذه الأزمة،ولا أشك على الإطلاق أن الرئيس تبون الذي له خبرة كبيرة في دواليب السلطة ويتقن مفرداتها، وشيفرتها، ويدرك خبايا التسيير كرجل له ماله من سنوات التسيير الناجح، لا يدرك حجم الخطورة التي تعيشها الجزائر،ولا يعلم بحدسه وخبرته كيف تكون حكومة كفاءات لتساعده هو شخصيا،وتكون له القوة التي بها يستطيع حلحلة مشاكل الجزائر كما وعد بذلك خلال الحملة الانتخابية.
الحكومة الحالية بأغلب أسمائها- مع بعض الاستثناءات- ليست حكومة إنقاذ وطني، أو حكومة حرب مثل التي عرفناها أيام بلعيد عبد السلام لها القدرة العلمية، والفكرية، والحنكة التسييرية التي تستطيع أن تحقق تطلعات الشعب بعد حراك 22 فيفري، ولا تطلعات حتى الرئيس تبون نفسه الذي كنا نأمل منه أن يختار من يقوّيه لا من يضعفه، ويختار من الشخصيات من يزيده قوة في مجابهة مشاكل الداخل،وإرهاصات الخارج. لأن هذه الحكومة في واقع الأمر والحال لا تقوى على فرز واقع جديد يتميز بالتحديات العالمية!.
مع أسف شديد أسماء التشكيلة الحكومية التي قرأها علينا محمد السعيد الناطق الرسمي باسم الرئاسة- رغم أن الرئيس تبون كلف الوزير الأول جراد بتشكيل الحكومة وكان الأحرى به أن يقرأ علينا أسماءهم لأنه هو من اختارها حسب المتعارف عليه – فهي بعيدة كل البعد عن اختصاصاتها، وبعيدة عن واقع التسيير الذي يتوجب أن يكون في كل اسم يريد تحمل مسؤولية نجاح مشروع الرئيس تبون.
أما حكاية الشهادات التي كان “محمد السعيد” يريد أن يقنعنا بها عندما كان يقرن الشهادة باسم الوزير أو الوزيرة، لا تمحو حقيقة أن من لم يتمرس على التسيير والتعب الميداني، لا يمكنه أن ينجح في مهامه ضمن سياق واقع ينضح بالبؤس والحيرة. لأن الشهادات في الجزائر والحمد لله عبث فيها عبد العزيز بوتفليقه ونظامه السابق وعوّموها مثل ما عوّم العملة الدينار أويحيى فأصبحت هذه الشهادات لا تساوي فلسا في سوق العلم والفكر!.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.