زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

حرية التعبير في تركيا إلى أين؟

حرية التعبير في تركيا إلى أين؟ ح.م

الأولوية لمن.. حرية التعبير أم الأمن القومي؟!

تعتبر مؤشرات حرية التعبير والصحافة في العالم من بين لأهم مؤشرات الديمقراطية في أي دولة في العالم وتعتم المنظمات العالمية بهذا المؤشر في ترتيب الدول من حيث مدى ديمقراطيتها، وما يثير الانتباه مؤخرا هو تراجع مؤشر حرية التعبير والصحافة في تركيا الدولة التي يعتبرها الكثير من المتابعين أنها دولة نموذج، ورائدة في العالم الإسلامي، أو هذا ما كان قبل ما يعرف "بمحاولة الانقلاب الفاشلة" والتي تسببت فيما بعد في التضييق على الصحافة والصحافيين حسب منظمة مراسلون بلا حدود التي دقت ناقوس الخطر على حرية التعبير في تركيا التي عرفت الصحافة منذ عهد السلطان عبد الحميد ( 1876-1909).

وعرفت تركيا حرية التعبير بداية التسعينات وهو ما يؤكده المتتبعون حول ملف الصحافة والإعلام في تركيا، وما أشارت له دراسة قام بها الباحث اورليان دونيزو من خلال مقال نشره حول “وسائل الإعلام في تركيا ماذا بقى منها”، حيث يقف على حقيقة التطور الملموس في تركيا من خلال فتح المجال أمام حرية التعبير بداية سنة 1990، أين ظهرت القنوات الخاصة التلفزيونية والإذاعية أيضا، غير وجود المادة 312 من قانون العقوبات التي استخدمت ضد الصحافة والتي وظفت مرارا ضد مؤيدي الإسلام السياسي أو مع مؤيدي القضية الكردية، ويشير الباحث ذاته إلى أنه بعد تولي حزب العدالة والتمنية دواليب الحكم انتعشت حرية الصحافة بالمفهوم الفعلي من خلال اقتراح جملة من الإصلاحات لاسيما بعد طلب انضمام تركيا للاتحاد الأوربي، بعد سنة 2014 عرفت المتابعات القضائية بحق الصحفيين تراجعا ملحوظا واستعمال اللغة الكردية في وسائل الإعلام ما اعتبر فتحا للأقليات التي كانت ممنوعة من إيصال صوتها من خلال الإعلام، رغم بقاء قوانين تجرم العمل الصحفي بالسجن في حالة المساس بالأمة التركية حسب تعبير المادة القانونية، الجيش، الشرطة أو المؤسسات الرسمية وهي تختصر في المادة 301 من قانون العقوبات التركي التي تقر السجن من ستة أشهر إلى سنتين، وهذه المادة من بين النقاط السوداء في مجال ممارسة حرية التعبير التي يحاول الصحفي ممارستها في تركيا وهي لا تختلف عن معظم الدول الشمولية، لكن بوجود هذه المادة يبقى هامش الحريات في الصحافة ضيق جدا من حيث طبيعة التهم التي يمكن أن توجه للصحافة، والتي وجهت لها انتقادات كبيرة من الاتحاد الأوربي خاصة بعد تسجيل رفع 1500 دعوة قضائية خلال خمس سنوات، من أشهرها قضية اورهان باموك الحائز على جائزة نوبل، أيضا القضية ضد الصحفي الأرميني هرانت دنك الذي تم اغتياله بعد الدعوة القضائية ضده ليتم اغتياله من طرف أحد المتطرفين، وبعد أن وجه الاتحاد الأوربي الانتقادات بهذا الشأن قامت الحكومة التركية بتعديل المادة وتعويض الحكم بالسجن إلى الغرامات المالية.

حرية الصحافة بعد تاريخ 15 جويلية 2016

برغم كل السيناريوهات المفسرة لما يعرف بالانقلاب الفاشل في تركيا والذي قد يراه البعض أنه تمثيلية أو تصفية حسابات من خطر عبد الله غولن ، أو حتى انقلا ب فاشل إلا أن التعامل الذي تبع هذا “الانقلاب” قوض الحريات العامة وخاصة حرية وسائل الإعلام في تركيا خاصة بعد إعلان حالة الطوارئ التي تعني تعليق العمل بالدستور إلى حين انتهاء هذه الحالة الاستثنائية والتي تجعل من المؤسسات الشرعية مشلولة القدرة على تطبيق القوانين، بالإضافة إلى تداعيات خطيرة جدا من حيث الاعتقالات والتوقيفات التي شملت الآلاف من الموظفين والعسكريين الأتراك، وأعلن أن عدد المعتقلين في إطار عملية “التطهير” التي بدأتها الحكومة عقب المحاولة ارتفع إلى 7500، بينهم 6000 من العسكريين، والمفارقة التي حدثت في هذه الفترة هو أن الرئيس التركي استطاع أن يوصل رسالته إلى 80 مليون من مواطنيه عبر تكنولوجيا الاتصال والتي هي شق من الوسائل التي تتيح التعبير بكل حرية فكان أول رد من طرفه عبر تويتر وكذا تطبيق “فايس تايم” لإرسال رسالته بنزول الشعب إلى الشوارع عبر قناة سي ان ان تورك، وللإشارة أن هذه القناة هي قناة خاصة، حاول ما يعرف بالانقلابيين السيطرة عليها إلا أن عدم معرفتهم لكيفية قطع البث حالت دون ذلك، رغم إعلانهم لبيان عبر قناة تي ار تي القناة التلفزيونية التركية الرسمية.

مثل هذه المفارقات تجعل من وسائل الإعلام والاتصال هي العنصر الأساسي فيما يعرف بالاتصال السياسي بغض النظر عن الحدث نفسه ما هو، ولكن التغيير الذي مس حرية الإعلام والصحافة بعد هذا التاريخ شكل نقطة سوداء في تاريخ حرية الصحافة في تركيا، خاصة بعد المتابعات القضائية بحجة “الأمن القومي” البطاقة التي تحملها جل الدول في مواجهة أي ظرف يمكن أن يغيير في الأوضاع القائمة وهو مبرر تستعين به حتى الدول المتقدمة لتبرير أفعال أو قرارات، وبالنظر لمدة بقاء الحزب الحاكم في تركيا لحوالي 14 سنة جعل من الحزب بمارس سلطته على الإعلام حيث عمل الحزب على خلق وسائل إعلام جديدة موالية للحزب وأيضا السيطرة على المجمعات الإعلامية الكبرى، ما يؤكده محمد كوكسال عضو الفيدرالية الأوربية للصحافيين حيث يقول”الحزب الحاكم AKP يسيطر على حوالي 80 بالمائة من النسق الإعلامي التركي”، و ومجمع تركوفاز نموذجا لذلك والتابعة لكالييك هولدينغ المدارة من طرف أحمد كاليك المقرب من الرئيس رجب طيب أردوغان، ويصدر المجمع جريدة الصباح الثانية في السحب في تركيا بحوالي 330000 نسخة أسبوعيا.

تصنيف تركيا حسب منظمة مراسلون بلا حدود

حسب آخر تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود فإن حرية التعبير والصحافة في تقهقر في تركيا، وهو ما سجلته هذه المنظمة من تجاوزات، وعبر التقرير عن الصدمة الكبيرة فيما يخص هذا الترتيب المتأخر لتركيا والتي كانت في وقت قريب نموذجا يقتدى به حيث “تُعتبر تركيا الحالة الأكثر إثارة للقلق في ترتيب 2017، حيث تقهقرت إلى المركز 155 بعدما فقدت أربعة مراكز في نسخة 2016، علماً أن البلاد تراجعت بما لا يقل عن 56 مرتبة في غضون اثني عشر عاماً، وفي عام 2016، تركت محاولة انقلاب جويلية الأبواب مشرعة تماماً لنظام أنقرة من أجل مواصلة حربه ضد وسائل الإعلام الناقدة، فمع توالي الشهور، أتاحت حالة الطوارئ للسلطات فرصة تصفية العشرات من وسائل الإعلام بجرة قلم، وما صاحب ذلك من إجهاز على التعددية في بضع صحف محدودة التوزيع، حيث تم الزج بأكثر من مائة صحفي وراء القضبان دون محاكمة، مما يجعل من تركيا أكبر سجن للإعلاميين على الصعيد العالمي، وتأتي المحاكمات بحق بعض الجرائد المعارضة تأكيدا لهذا الانسحاب الخطير على مستوى الحريات في مهنة الصحافة والإعلام”، ففي ظل حالة الطوارئ التي تعيشها تركيا منذ أكثر من عام اعتقلت السلطات نحو 125 صحفيا تقول إنهم يروجون لمنظمات إرهابية ما جعل الكثير من الصحفيين اليوم يفكرون مليا قبل الكتابة وهذا ما تؤكده التقارير الإعلامية الصادرة عن الكثير من وسائل الإعلام الأوربية، حيث ينتظر محاكمة 17 موظفا من صحيفة “حمهورييت” المعارضة بعد اعتقالهم وقد تصل العقوبات إلى 40 سنة، ومن بين الأسماء المعروفة إعلاميا في تركيا والتي تنتظر المحاكمة الكاتب قدري غورسل ورئيس التحرير مراد صابونجو إضافة إلى رسام الكاريكاتير موسى كارت، وفي الواقع هذه المحاكمات ستكون اختبارا لتركيا خاصة بعد الانتقادات الكبيرة الموجهة لها في التقرير الذي تمت الإشارة له.

boukhariensjsi@yahoo.com

ads-300-250

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.