زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

ثورة العقل أم الانتفاضة الشعبية.. ماذا نحتاج أولا؟!

ثورة العقل أم الانتفاضة الشعبية.. ماذا نحتاج أولا؟! ح.م

عناوين فرعية

  • تغيير هذا النظام الفاسد مطلب ضروري لصلاح البلاد، لكن بأي طريقة سيكون؟

  • "الثورات الحقيقة هي تلك التي تغير المعتقدات الأساسية لشعب ما" - (غوستاف لوبون)

لسنا في حاجة إلى ثورة تطيح بالوالي أو الوزير أو الرئيس أو حتى النظام الحاكم بأكمله، بقدر ما نحن بحاجة إلى ثورة تغير ما بداخل الأفراد، ثورة تنسف الأفكار والمعتقدات الفاسدة، ثورة تطيح بالخرافة وتنّصب العقل ملكا وأميرا ...

كثيرا ما نسمع عن الحراك السياسي والحراك الاجتماعي، كلام كبيرا ذو أثر ضئيل أو أحيانا منعدم، لأنه ليس سوى حراك في القشور، حراك ينتج عنه تغيير الأشخاص والمناصب مع ثبات المعتاد والمعتقد…

كثيرا ما نسمع عن الحراك السياسي والحراك الاجتماعي، كلام كبيرا ذو أثر ضئيل أو أحيانا منعدم، لأنه ليس سوى حراك في القشور، حراك ينتج عنه تغيير الأشخاص والمناصب مع ثبات المعتاد والمعتقد…

فالحراك الحقيقي هو الذي ينتج عنه تغيير في المعتقدات والأفكار والتصورات والمفاهيم والآراء..

يثور الشعب ويٌسقِط الأنظمة الحاكمة ويغير القادة إلا أن الأوضاع لا تتغير بل قد تزداد سوءا، لأن ما تغير سوى القشور.

الأنظمة الفاسدة أصبحت بنيات مكتملة يستحيل تغييرها بتغيير الأشخاص، هناك من يعتقد خطأ أن تغيير الأنظمة السياسية مرهون بتغيير أشخاص معينين أو ما يسمى برموز النظام، وأنه بمجرد استبدال هؤلاء بآخرين سواء من أجيال لاحقة أو أشخاص ذوي إيديولوجيات مغايرة، سوف يتغير النظام وتتحسن الأحوال ويعم الرخاء ويسعد الناس…

لا غلو إذا قلنا أن هذه الأنظمة، العربية منها على الخصوص، والتي تعيش عقدها الخامس أو السادس، قد تمكنت من بناء إيديولوجيتها الخاصة، وإرساء بنية سياسية، اجتماعية، ثقافية، اقتصادية، عقائدية، شكلت مع مرور الوقت ضميرا جمعيا قاهرا للأفراد ومقاوما لكل محاولات التغيير، حتى الجماعية منها، حتى أن جينات هذه البنية أصبحت تنتقل من جيل إلى جيل متخطية للعقل وغير آبهة بالعلم، موظفة للدين أحيانا وللعادات والأعراف الفاسدة أحيانا أخرى…

فقبل أن نبدأ الثورة ونطالب بالتغيير، يستوجب علينا أن نحارب الفساد الكامن في ذواتنا وأنفسنا، لأننا إن لم نفعل فسنكون خير خلف يضمن ديمومة هذا الفساد…

لقد نجحت هذه الأنظمة، حين تخطت مستوى الأفراد وشكلت عقلا جمعيا، في وضع آليات وتشكيل دهنيات وتكوين شخصيات وأساليب حياتية ونماذج للعلاقات الاجتماعية خاصة بها، فلم تعد خاصة بثلة من أولئك الأشخاص الذين أسسوها وأرسوا مبادئها، بل أصبحت ثقافة تسري في عروق الأجيال المتقدمة والمتأخرة، ويتبناها الجيل بعد الآخر دون تمحيص أو تمييز، وكثيرا ما نجد أشخاصا ينتقدون هذه الأنظمة انتقادات لاذعة غير أن أفكارهم ومعتقداتهم، ممارساتهم وأفعالهم، نابعة من صميم هذه البنيات، فهي من شكلت عقولهم وقولبت سلوكهم ونمذجت علاقاتهم الاجتماعية… بل كثيرا ما نجد هؤلاء الأشخاص (المنتقدِين) يصبحون أشدّ فسادا حين يتولون مناصب قيادية.

لقد تشكل فساد الأنظمة العربية في شكل مؤسسة محكومة بقواعد وضوابط عفوية وتارة رسمية، هيمنت على عقول الأفراد إلى درجة أنها أصبحت تقهر كل محاولات الإصلاح الثورية والسلمية… فلم يعد من المفيد في الدول العربية تغيير الأشخاص، أو ما يسمى برؤوس النظام، وكأن ضمير الأنظمة الفاسدة يخاطبنا فيقول: “غيروا ما شئتم من الأفراد والقادة واخلعوا ما شئتم من والرؤساء، وأطيحوا بما شئتم من الحكومات، فستجدوني دوما بينكم أحكم كيف أشاء، فأنا باق بينكم لن أزول ما دامت جراثيمي وفيروساتي تحيا في معتقداتكم وأفكاركم وأرواحكم”…

فقبل أن نبدأ الثورة ونطالب بالتغيير، يستوجب علينا أن نحارب الفساد الكامن في ذواتنا وأنفسنا، لأننا إن لم نفعل فسنكون خير خلف يضمن ديمومة هذا الفساد…

قد يقول البعض أنني ذو أيديولوجية محافظة أحاول الدفاع عن هذا النظام الفاسد أو من المروجين للعهدة الخامسة، غير أنني في الحقيقة أشد مقتا وكرها لهذا النظام، ولم أنتخب يوما بوتفليقة، وكنت ولا أزال من المعارضين لحكمه الشمولي الدكتاتوري خصوصا منذ أن غيّر الدستور، إلا أنني مجبر على أن أتعامل مع هذا الوضع بموضوعية، لأن هذا النظام شبيه بالشجرة المعمرة التي لو حاولنا اقتلاعها بالقوة والعنف، لتكبدنا خسائر جمة، فجذورها ضاربة في أعماق الأرض، متفرعة في أنحاء عديدة..

فلو تأملنا أحوالنا ورصدنا كل هذه الأجيال التي تداولت على السلطة لوجدنا أن الأخطاء تتكرر، وأن الأساليب المتبعة في التسيير وإدارة الشؤون العامة لم يطرأ عليها تغيير يذكر، وكأن هذا النظام كوّن روحا شريرا يسكن كل من يعتلى كرسيا سياسيا، أو يتولى أمرا من أمور الناس أيا كانت مكانته ومرتبته الاجتماعية، أو أن هذه الأنظمة الفاسدة كونت فيروسا خطيرا ينتقل عن طريق الكراسي والمناصب القيادية، فكل من اعتلى كرسيا للسلطة، صغيرا كان أم كبيرا يصاب بهذا الفيروس الخبيث…

نسمع كثيرا عن مسؤولين صغار وكبار يلجئون إلى السحرة والمشعوذين من أجل البقاء في كراسيهم أو الطموح في مناصب أعلى، لكنهم يجهلون أن القوة السحرية لهذه الأنظمة أقوى مفعولا مما يقومون به، وأنه لولا هذه القوى السحرية العجيبة لما تمكنوا من الحصول على ما تحصلوا عليه…

إن ما نحن في حاجة إليه ليس ثورة للانفعالات والعواطف أو ثورة على الفساد فقط، وإنما ثورة على المعتقدات التي أفرزت هذا الفساد، إنها ثورة العقل..

لقد شهدت العديد من الدول النامية والمتخلفة، الكثير من الانقلابات التي كانت تهدف إلى التغيير الجذري للأنظمة التي انقلبت عليها، وقد عاشت الدول العربية مؤخرا شبه ثورات، أو ما سموه بالربيع العربي، غير أن الزمن كان كفيلا أن يثبت لنا أن شيئا لم يتغير، في أساليب التسيير والإدارة، بل كثيرا ما شهدنا فسادا أعم مما كان عليه الحال قبل الانقلاب أو الثورة، وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدل على ثبات هذه البنيات الفاسدة وعلى القوة القاهرة للأنظمة المتعفنة، فكأن هذه الأخيرة قد طورت بنيات يستحيل مقاومتها بهذا النوع من الثورات، لأن فيروسات هذه البنيات قد ألِفت وتعودت على الأدوية والمضادات حتى أصبح من المستحيل علاجها بما هو متوفر..

فلو تأملت قليلا لأدركت عدم نجاعة كل الوسائل المستخدمة من أجل الإصلاح، فلا المواعظ الدينية ولا الدروس الأخلاقية ولا الخطب السياسية ولا الإجراءات الاجتماعية والحلول الاقتصادية، أثبتت قدرتها ونجاحها في وجه بنية هذه الأنظمة الفاسدة.

يبدو لي أن الحل الأمثل هو مقاطعة هذا النظام غير الشرعي، مقاطعة شبيهة بالعصيان المدني الذي يشّل جميع أجهزته ويٌسقط عنها الشرعية.

على الشعب أن يثبت للنظام على وعيه السياسي ومساعيه السلمية التي لا تترك فرصة لمساندي النظام لإضرام النار في بلدنا الحبيب، فهم يتحينون الفرصة لإشعال حرب أهلية لا يروح ضحيتها إلا أفراد الشعب.

إن ما نحن في حاجة إليه ليس ثورة للانفعالات والعواطف أو ثورة على الفساد فقط، وإنما ثورة على المعتقدات التي أفرزت هذا الفساد، إنها ثورة العقل.

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

1 تعليق

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

  • تعليق 6868

    bamour

    مقال في المستوى يحتاج إلى تجسيد خاصة مقاطعة النظام التي في نظري ستكون مجدية إن نادي إليها الشخصيات العامة المعروفة بالنزاهة و هم كثير .

    • 1

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.