بغض النظر عن مسؤولية الغرب في بث الصور النمطية عن العالم العربي والعالم الإسلامي عبر مختلف الأدوات الاتصالية، إلا أن الشيء الأكيد أننا نتحمل جزءً من هذه المسؤولية آخرها عمليات بوتكس الجمال، أو "نفخ الشفاه" والتي عادة ما تقوم بها الفنانات لنفخ الشفاه لتبدو أكثر جمالاً وإثارةً، إلا أن عمليات بوتكس الإبل الفضيحة الأخيرة في الوطن العربي كانت محل حديث القنوات الإخبارية العالمية، والتي وضعتنا في حيز "السخرية".
يقام مهرجان الابليات في المملكة العربية السعودية، في ضواحي العاصمة الرياض، يجلب الكثير من المشاركين من دول الخليج خاصة، ويستمر المهرجان لمدة شهر كامل بعرض ما يقارب 30000 من الإبل يتنافسون على “الجَّمَالِ” أي “مسابقة جمال” MISS BEAUTE، وتقدر القيمة المالية للفائزين في هذا التجمع بـ 46 مليون يورو، تصرف في سبيل مسابقة جمال الجمال؟؟؟.
وما يثير السخرية، هو أنه تم استبعاد 12 جمل من المسابقة سالفة الذكر وهذا بعد أن تم اكتشاف أن البيطري المكلف بالاهتمام بها كُشِّفَ وأمسك متلبسا وهو يحقن شفاه الإبل بمادة البوتكس لتظهر أكثر “جمالا وإثارةً”، وأخرى تعرضت لعمليات تجميل تمس تصغير الأذن؟؟؟، وبغض النظر عن نسبية مقاييس الجمال عند الإنسان، فإن نسبية الجمال عند الجمال لا تعرفها إلا لجنة التحكيم القائمة على تنظيم المسابقة والتي تتمثل في شفاه كبيرة وأنف كبير جدا، ومركزية السنام..
هذا المهرجان يقام في احتفالية تتجاوز قيمتها 26 مليون يورو، رقم آخر يثير الدهشة والاستغراب في طريقة صرف أموالٍ طائلة، بالإضافة للقناة الفضائية الخليجية التي تبث على النيل سات على مدار الساعة سباق الإبل بشكل مستمر، وشعر وشعراء يتفننون في وصف الجمال، ونشير هنا أن تكاليف البث باهظة الثمن أيضا، لكنها مستمرة منذ سنوات، وهنا نقف متسائلين عن مدى ضرورة تكاليف خيالية في تنظيم مسابقة لا نحسب لها قيمة إضافية في تطوير المنطقة العربية، التي لا تكاد تصنف في البحث العلمي وتتذيل الترتيب العالمي، وهي التي لا تخصص للبحث والعلم مجتمعة ما تخصصه “إسرائيل” وحدها للبحث والجامعة.
وبغض النظر عن مكانة الجمل في الثقافة السعودية خاصة ودول الخليج عامة، إلا أن القصة كلها عرضت بنوع من السخرية في المواقع الإخبارية العالمية كالبي بي سي، الغارديان، وبي أف أم الفرنسية المتخصصة في الأخبار، والسخرية تأتي بالنظر للسياق العام الذي يعيشه العرب والمسلمون لاسيما في اليمن الذي يقترب من مشارف المجاعة، والأوبئة الفتاكة كالكوليرا، ودون الحديث عن سوريا، وليبيا، وغيرها، وكأن العالم العربي والإسلامي يعيش أزهى عصور التطور والازدهار، ولم يبق له إلا عمليات بوتكس الجمال والتسابق بالجمال.
لكن ما يمكن أن نستنتجه من هذا الخبر أو الحادثة، هو أننا نظهر بشكل تافه وأن الصفة التي تم تمريرها من خلال بوتكس الجمال هو أن الغش، والفساد مترسخ في كل تفاصيلنا التي نشعر بالخجل منها لأنها وإن لم تمثلنا جميعا إلا أنها تحكي عن جزءٍ منا أو عن الجزء الذي يريد أن يراه فينا الغرب، فشكرا لكم على الخدمة المجانية لتشويهنا أكثر، وواصلوا على النوال ذاته.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.