زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

النشيد الوطني محذوفا!

فيسبوك القراءة من المصدر
النشيد الوطني محذوفا! ح.م

مقطع النشيد الوطني الذي ما يزال يزعجهم..!

لماذا تندهشون من وصف أويحي الشهداء بالقتلى، فالتطبيع مع الماضي الاستعماري لفرنسا بدأ منذ زمان. وقد تحدثت عنه في مقال منذ أكثر من عشرين سنة.. اقرأوا...

النشيد الوطني محذوفا!

يا فرنسا قد مضى وقت العتاب .:. وطويناه كما يطوى الكتاب

في شهر جوان تحلّ ذكرى ميلاد مفدي زكريا في 1908، شاعر الثورة الجزائرية، ومغني أمجادها ومآثرها، وملهب حماسها الثوري.

وفي الخامس والعشرين من الشهر نفسه نظّم الشاعر، بطلب من عبان رمضان، نشيد “قسما” في الزنزانة رقم 69 بسجن بارباروس. ولا أخالني أبالغ إذا قلت أن مفدي زكريا ينفرد بين الأدباء والشعراء الجزائريين بتجسيده وحدة القول والفعل، تجسيدا يكاد يبلغ الالتحام، التحام لا انفصال فيه ولا انفصام، فشعره المتميّز بصدق التعبير وجزالة اللفظ هو تعبير عن انخراط الشاعر في نضال شعبه ومشاطرته آلامه.

مفدي هو ناظم أغلب أناشيدنا الوطنية، بدءا بـ “فداء الجزائر” و”نشيد جيش التحرير”، وهو أيضا صاحب “إلياذة الجزائر”، الملحمة المخلّدة لتاريخ بلادنا المجيد وجمالها الأخاذ..!

منذ شبابه دخل مفدي زكريا معمعة النضال، فأصبح عضوا في جمعية طلبة شمال افريقية المسلمين، ثم انظم بعد ذلك الى نجم شمال إفريقيا، فحزب الشعب، وأخيرا جبهة التحرير الوطني. ودخل السجن اكثر من خمس مرات، وفي السجن عاش إعدام أحمد زبانة بالمقصلة، ونظّم فيه قصيدة “الذبيح الصاعد”، وهي من أروع ما كتب في معاني الشهادة. ومفدي هو ناظم أغلب أناشيدنا الوطنية، بدءا بـ “فداء الجزائر” و”نشيد جيش التحرير”، وهو أيضا صاحب “إلياذة الجزائر”، الملحمة المخلّدة لتاريخ بلادنا المجيد وجمالها الأخاذ.

كلنا تربى منذ صغره على شعر مفدي زكريا، خاصة “قسما”، التي لحّنها في البداية الموسيقار التونسيّ محمد التريكي، لكن اللحن لم يرق المسؤولين عن الثورة، فسافر مفدي إلى القاهرة، بحثا عن ملحن، وتكفّل محمد فوزي بهذه المهمة “هدية منه للشعب الجزائري المكافح”.

وحفظنا هذا النشيد، وأجسادنا وخوالجنا تقشعر رهبة وخشوعا عند سماعه، وكنا نعتقد صادقين أننا نملك أجمل وأروع نشيد وطني في العالم، (في بريطانيا اعتبر أعنف نشيد في العالم) ولم نصدق حين سمعنا أن هناك محاولات لتشويهه إمّا بالاستبدال كما وقع في 1964، وإمّا بالحذف، وإمّا بالتغيير. حدث ذلك في عهد بومدين، الذي لم يكن يحب مفدي وعلاقته بالملك الحسن الثاني والرئيس الحبيب بؤرقيبة، ودفعه إلى منفاه بالمغرب، وحدث ذلك في عهد عبد الحميد براهيمي، ونوقشت المسألة في البرلمان في جلسات علنية وفي جلسات مغلقة، وطرحت المسألة من جديد في عهد مولود حمروش، الذي دافع عن حذف مقطع: (يا فرنسا قد مضى وقت العتاب .:. وطويناه كما يطوى الكتاب).. لكن الخوف من ردّ فعل الشعب أجهض هذه المحاولة.

طرحت المسألة من جديد في عهد مولود حمروش، الذي دافع عن حذف مقطع: (يا فرنسا قد مضى وقت العتاب .:. وطويناه كما يطوى الكتاب).. لكن الخوف من ردّ فعل الشعب أجهض هذه المحاولة..

والمشكلة ليست في تغيير النشيد الوطنيّ، فقد غيّرت دول أناشيدها الوطنية. فروسيا مثلا تخلت عن نشيد اكتوبر بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وحذفت منه الاشارة الى لينين واتحاد الجمهوريات السابقة، واستبدلت ذلك بالتركيز على عظمة روسيا وجمالها والروح الروسية . ولم يبق من “لامارسيياز” إلاّ الموسيقى، أمّا الكلمات التي كتبها روجي دي ليسل فلم يعد أحد يحفظها عن ظهر قلب، إلاّ جون ماري لوبان. ولعل القارئ يذكر هجومه على اللاعبين الزنوج في الفريق الفرنسيّ واتهامه لهم بعدم حفظ كلمات النشيد، وهو دليل، في رأيه، على عدم فرنسيتهم.

قد يحدث، إذن، أن تغيّر أمة من الأمم نشيدها الوطنيّ، إذا لم يعد يستجيب إلى قيّمها ومطالبها الجديدة، وحتى لاعتبارات ديبلوماسية، وهذا ليس عيبا.. لكن الذي حدث عندنا هو محاولة حذف مقطع واحد، يبدو أنه أزعج البعض: “يا فرنسا…” للتذكير حدث ذلك في عهد الشاذلي ووزير خارجيته أحمد طالب الابراهيمي، ولم يعزف المقطع المذكور في المطار، وكان التبرير هو أنه من غير المعقول أن نغضب ميتران، ونخدش أذنه بمعاتبة فرنسا على فظائعها وجرائمها في الجزائر، في عهد زروال عاد إلينا النشيد كاملا.

الذي اكتشفته أخطر، وهو أنّ المقطع المذكور حذف قبل ذلك في سنة 1983 من ديوان “اللهب المقدّس”، الذي أشرف على نشره ابن الشاعر نفسه سليمان الشيخ! ثم حذف من كتب الأناشيد الوطنية، التي يتداولها أطفالنا في المدارس.

هذا عن قسما في دهاليز السياسة، لكن الذي اكتشفته أخطر، وهو أنّ المقطع المذكور حذف قبل ذلك في سنة 1983 من ديوان “اللهب المقدّس”، الذي أشرف على نشره ابن الشاعر نفسه سليمان الشيخ! ثم حذف من كتب الأناشيد الوطنية، التي يتداولها أطفالنا في المدارس.

السؤال هنا يوجه إلى ابن مفدي زكريا: هل تعمّد الحذف؟ ولماذا مارس هذه الرقابة على أبيه؟ وأتجاوز هذا السؤال إلى أسئلة أخرى… أين هي مخطوطات مفدي زكريا الشعرية والنثرية؟ ولماذا لم ينشرها سليمان الشيخ؟ صحيح أنّ مفدي هو والد سليمان الشيخ، لكن مفدي هو والد أطفالنا كلنا وواضع أناشيدهم، هو ملك مشاع بين كل الجزائريين، الذين يرتلون شعره كالصلاة تسابيحه من حنايا الجزائر.

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.