في سابقة أ ولى من نوعها، وبعد صمت طويل دام شهرين كاملين اعترف الاعلامي التونسي الدكتور الهاشمي الحامدي صاحب قناة المستقلة بأنه فضّل عدم تناول القضية الليبية في قناته على مدار شهرين كاملين نظرا للتشويش الذي كان يطال القناة من طرف نظام القذافي، الهاشمي الذي ظل طيلة شهرين صامتا ازاء قضية تغاضيه عن الاحداث في ليبيا وبالرغم من أنه كان سباقاَ لتناول الاحداث الليبية في بدايتها في برامجه الحوارية المباشرة مع استضافة وجوه المعارضة الليبية كجمعة القماطي وحسن الامين وغيرهم الا أنه وبدون سابق انذار قطع جميع البرامج التي تتناول الشأن الليبي، مما أثار كثيرا من الجدل حول الأسباب الحقيقة التي تقف وراء هذا السلوك الغريب، وهو الامر الذي فتح المجال للكثير من الـتأويلات والتخمينات وعززت الطرح القائل بأن الاعلامي التونسي والمرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة التونسية تلقى أموالاً من طرف سيف الاسلام القذافي مقابل عدم خوضه في الشأن الليبي ... !!
الهاشمي الحامدي الذي لم يكتف فقط بالتعتيم على أحداث الثورة الليبيية بل رفض التوضيح وطرح مناقشة عامة تبرر وتشرح سبب استقالته اعلاميا من تغطية احداث الثورة الليبية، استفاق من غيبوبته الاعلامية مساء الجمعة الماضي وراح يبرر ما لا يبرر، وهذا رداً على احد المواطنيين الليبيين الذي فاجأه بعتاب ولوم شديد اللهجة بعد استثنائه للشأن الليبي من تغطيته الاعلامية في الشهرين الاخيرين، رغم أن قناته تناولت الاحداث في جميع انحاء الوطن العربي بل وخصّت حتى عرب اقليم الأهواز في ايران بحلقات مباشرة يومية في الوقت الذي تجاهلت الثورة الليبية بشكل غير مفهوم…
الهاشمي الحامدي الذي برّر موقفه بتأثير التشويش الذي طال القناة بعد تغطيتها للاحداث في بدايتها من طرف نظام القذافي على غرار جل القتوات الاخبارية العربية هذا الامر جعله يجتمع مع كوادر قناته واستشارهم في تبني أفضل الخيارين: أما الاستمرار في تغطية الأحداث وبالتالي استمرار التشويش ومعناه ايضا استمرار اختفاء بث القناة من قمر النيل سات …واما أن يستثني الشأن الليبي من التغطية، وبالتالي ضمان استمرار بث القناة على مدار النيل سات وعدم حرمان المشاهدين من معرفة تفاصيل الثورات الاخرى في اليمن وسوريا والعراق ومصر وتونس وغيرها من البلدان وهو الخيار الذي تبناه الهاشمي لاحقا …. وفي ردّ له اجاب الهاشمي على استفسار يخص عدم استمراره في تغطيته للاحداث على غرار القنوات الاخرى بالرغم من تعرضها للتشويش هي كذلك مثل الجزيرة والعربية والحرة وعلى ترددات بديلة… الهاشمي تحجج بأنه: ليس الشيخ حمد (في اشارة الى امير قطر) حتى يوفر لقناته ترددات اخرى كما توفرت للجزيرة لأن ذلك يتطلب أموالا ضخمة لا يستطيع توفيرها على حد تعبيره، كما زعم أنه تعرض الى تهديدات من طرف الشركة المسؤولة عن بث القناة بازالتة بثها من الباقة لان التشويش على القناة سيؤثر على عشرة قنوات اخرى تبث على نفس التردد وعلى نفس الباقة فكان مضطرا الى هذا الحل…
الحقيقة أن هذا التبرير لم يقنع احدا وهذا ما جعل أحد المشاهدين في نفس البرنامج يعلن تخليه عن متابعة المستقلة لأن مبرارات الهاشمي لم تكن لتقنع حتى الأطفال على حد تعبيره.. الواقع أن هذه الحجج التي ساقها الدكتورمحمد الهاشمي مجرد ذر للرماد في العيون وتكذبها مجموعة من الحقائق التي اجتهد الرجل في اخفائها عن الناس وهذه عينة منها:
أولا: التشويش توقف منذ شهرونصف تقريبا وجميع القنوات عادت الى نفس تردداتها الاصلية بما فيها الجزيرة والعربية والحرة والحوار بعد ان كانت تبث على ترددات بديلة… توقف التشويش بصفة نهائية سببه القصف الجوي من طرف طائرات التحالف الذي استهدف مقار امنية في العاصمة طرابلس وربما يكون قد استهدف مبني الاستخبارات الذي كان يصدر منه التشويش… كما ان نظام القذافي يبدو أنه يئس من عملية التشويش على القنوات الفضائية ويبدو ايضا أنه اقتنع أخيرا بعدم جدواها في ظل وجود حلول وبدائل لدى القنوات الفضائية لمجابهة عملية التشويش …وبالتالي فما هو سر صمت المستقلة طيلة هذه المدة خاصة بعد ان توقف التشويش…
ثانيا: من المعلوم أن قناة المستقلة تبث على نفس التردد لقناة الحوار، القناة الاخيرة بالرغم من التشويش عليها لم تجنح الى مثل ما جنح اليه الهاشمي حيث بقيت تتناول الشأن الليبي وهنا يُطرح السؤال: ما مدى صدقية التهديدات بالاسقاط من الباقة التي شملت المستقلة من طرف الشركة المسؤولة عن بث القناة ولم تشمل قناة الحوار التي ظلت تتناول الشأن الليبي وبشكل عادي ولم تأتيها تحذيرات بعدم تناول الشأن الليبي كشرط للاستمرار على نفس الباقة من طرف الشركة… كما ان استمرار قناة الحوار في تناول الشأن الليبي يجعل من عزوف قناة المستقلة عن ذلك لا معنى له ولا فائدة منه لأن التشويش سيبقى قائما حتما لان اعوان القذافي سيشوّشون على الحوار فتحجب المستقلة تبعا لذلك لأنها على نفس التردد وأكبر دليل على ذلك أن التشويش بقي حتى بعد ان توقفت المستقلة عن تناول الشأن الليبي…
ثالثا: ما قام به الهاشمي يعد سابقة في تاريخ الاعلام فمهنة الاعلامي مقدسة ولا تحتمل المساومة والابتزاز مهما بلغت الضغوط وتشبه مهنتة الى حد بعيد مهنة الطبيب الذي لا يسعه الامتناع عن معالجة الجريح والمريض والا كان خائنا لرسالته… ما قام به الهاشمي شيء خطير جدا ويمس مهنة الاعلام في الصميم لأنه كرس الاستسلام والاذعان للطواغيت وربما أن الخطوة التي أقدم عليها قد تشجعهم على الاستمرار على هذا النهج والأسلوب لأنهم يجدون أنفسهم قد نجحوا في مهمتهم… والحمد لله أن القنوات الأخرى لم تتصرف مثل ما تصرف به الدكتور الهاشمي والا ارتكب القذافي مجازر رهيبة في ظل التعتيم الاعلامي… كما أن السؤال الذي يمكن طرحه للهاشمي: في حالة ما اذا شوشت عليك جميع الانظمة العربية التي تعرف ثورات من طرف شعوبها فشوّش عليك مثلا علي عبد الله صالح وبشار الاسد والمالكي وغيرهم… فهل ستغلق قناتك أم تحولها الى قناة للحيوانات حتى لا يشوش عليك أحد…؟؟؟
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.