اليوم وبعكس ما يقوله الجميع، من أنّ سوريا أسقطت طائرة إسرائيلية، أقول وأؤكد بأن سوريا أسقطت مشروع الصهاينة في الوطن العربي، وأسقطت مُؤامرة "الربيع العربي"، وأزاحت الضباب والغشاوة اللذين كانا يحجبان الرُّؤى، ويُعتّمان على الحقيقة، فمنذ سنوات بل ومنذ بداية تنفيذ مؤامرة "الربيع العربي" كنت أقول بأن سوريا ستكون هي مقبرة كلّ المؤامرات على وطننا العربي، وكان البعض يصف كلامي بأنه قمة الهُراء، والوهم، وهذا برأيي لم يُغيّر في حقيقة الوضع شيئا.
أقول ذلك لأن والدي رحمه الله جمال الدين حبيبي، كتب في بداية اندلاع هذا “الربيع العربي” مقالا عنونه بـ “الغرب يريد من سوريا أن تُحرّره من هيمنة الصهاينة” وقد كان في نقاشاته معي يقول بأن خطر هذا الكيان الصهيوني علينا أقلّ بكثير من خطره على الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، لا لشيء، سوى أنّنا خرجنا كعرب ومسلمين للمُواجهة المُباشرة مع هذا “الفيروس” المُدمّر للبشرية والإنسانية، إلا أن الأمريكيين والغربيين، لم يجرؤوا على الخروج إلى المُواجهة، لأنّ الصهاينة، تحكّموا في مصيرهم، وقرارهم، وحَوّلوهم إلى أدوات لتنفيذ أجنداتهم..
وأسترجع هنا ما كتبه في هذا المقال المرحوم جمال الدين حبيبي، عندما نقل تصريح الرئيس السوري بشار الأسد الذي قال فيه آنذاك بأن: “أي تدخل غربي ضد دمشق سيؤدي إلى “زلزال” من شأنه أن “يحرق المنطقة بأسرها”، واسمحوا لي أن أسترجع فقرة مهمة من هذا المقال دائما جاء فيها ما يلي: “فسوريا وكما هو واضح للجميع، استطاعت ليس فقط التحكم في خيوط المؤامرة الخبيثة التي تستهدف أمنها وسلامتها، بل إنها بدأت اليوم تلعب الأوراق البسيطة جدا في معادلة الصراع، ولم تُقرّر بعد إخراج الأوراق الأساسية التي لمّح إليها الرئيس بشار الأسد، والتي ستُحدث زلزالا في كامل منطقة الشرق الأوسط، وهي برأيي أوراق عديدة ومتعدّدة، لا يُمكن الإستهانة بها، لأن سوريا وكما قال الرئيس الأسد ليست هي مصر أو ليبيا أو غيرها من البلدان التي تكالبت عليها القوى الإستعمارية، فسوريا ودونما الحديث عن إمكانياتها البشرية والعسكرية، يكفيها موقعها الاستراتيجي، للعب الدور الذي تريده، وقتما شاءت وكيفما شاءت، فهي وبموروثها الحضاري الكبير، مرّت وعبر الأزمنة بالعديد من المحن، ولم تكن تخرج منها إلا منتصرة وأكثر قوة من ذي قبل”، بصراحة، أرى أن هذا الكلام لم يُكتب سنة 2011، بل في سنة 2018، التي أسقطت فيها سوريا خُرافة التفوق الجوي للكيان الصهيوني في الحروب، وأزداد يقينا بأن هذا الزلزال حقيقي، عندما أقرأ اليوم تصريحات عضو الكنيست الإسرائيلي أيالت نحمياس التي أكد فيها بأن “السياسات الخارجية لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو انهارت.. والرئيس الأميركي دونالد ترامب تخلى عن نتانياهو في سوريا ولبنان”.
هذه الحسرة الصادرة عن هذا البرلماني الصهيوني، تجعلني أتأكد مرّة أخرى أن الكيان الصهيوني بات على أبواب الفناء، لأن الأب “سام” لا يقوى على اللعب في سوريا، المدعومة من قبل حلف المُقاومة، المدعوم من قبل روسيا والصين وإيران، وعلى ذكر إيران، أتذكّر ما جاء في المقال سالف الذّكر لوالدي حيث صرّح بأنه “لو دخلت إيران مباشرة في المواجهة، والدعم المباشر لسوريا، خاصة في ظل التحرش المتواصل بها من قبل القوى الصليبية والصهيونية، فسنرى إذاك كيف سيقوى الغربيون على الفرار من منطقة الشرق الأوسط”، واليوم وقد انخرطت إيران بشكل مُباشر في محاربة الإرهاب في العراق وسوريا، واليوم وقد أعلنت كافة الفصائل المُقاومة “بما فيها حركة حماس” في فلسطين بأنها لن تبقى مكتوفة الأيدي إزاء أي إعتداء على سوريا، إضافة إلى الموقف الثابت للمُقاومة في لبنان، لا أملك إلا أن أتساءل، وبعفوية وبراءة، وبدون خلفيات، هل بإمكان الصهاينة بعد مرور سبع سنوات على ميلاد “الربيع العربي”، أن يُحقّقوا مكاسب لم ينجحوا في تحقيقها طوال هذه السنوات، بل أكثر من ذلك، أقول أنه أمام التصريحات الأخيرة لرؤوس الحربة في هذا الربيع غير العربي، من أمثال برلسكوني، الذي تأسف أخيرا لما حدث في ليبيا، ولزعيمها العقيد الراحل معمر القذافي، وأمام ما يحصل في هذا البلد اليوم، من احتدام الحرب على الإرهاب والإرهابيين، وقُرب التخلّص من شرورهم، وأمام انفجار بيت دُول مجلس التعاون الخليجي، الذي إرتمت بعض دُوله في أحضان الصهاينة، وموّلّت مؤامراتهم في ليبيا ومصر وتونس وسوريا والعراق واليمن، وحتى الجزائر، وأمام هول الهزيمة وبهذا الحجم، أقول وبشكل واضح، إن سوريا أعادت عقارب ساعة التاريخ إلى وضعيتها الصحيحة، وإنها اليوم تُعيد رسم خارطة التوازنات، التي لن يكون فيها للصهاينة وأدواتهم ممَّن سمّوهم ظلما وعُدوانا ب”ثوار الربيع العربي” أي محلّ من الإعراب، لأنّ هؤلاء “الثّوار” أوّل ما استهدفوهه في بداية ثورتهم “المزعومة”، قواعد الدفاع الجوي السورية، لكشف أجواء وأراضي سورية أمام طائرات العُدوان الصهيوني، واليوم، وبعد إسقاط الجيش العربي السوري، لطائرة أف 16 الصهيونية، يحقّ لنا أن نجزم بأنّ المنظومة الصهيو أمريكية هي من سقطت، والنتائج النهائية سيكشفها قادم الأيام.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.