السيد الرئيس عندما جئت إلى الحكم سنة 99 ، قلت أن مهمتك هي الوئام وإحلال السلم، وتكلمت وعددت أمراض الجزائر , وتفألنا خيرا برؤية وجه من وجوه السبعينات,فترة العدالة الإجتماعية وفترة هيبة الدولة الجزائرية,الآن وبعد 12سنة إتضح الأمر أنه مجرد تغيير لرأس الدولة ,في إطار الشرعية الثورية ,والتي إنطلقت بدون توقف مند مؤتمر الصومام سنة 1956وبنفس طريقة التسيير السابقة.
فالمشهد الأن كما نراه هو أن النظام الحاكم في بلادنا قد صادر الحريات الفردية الحقيقية تحت غطاء تحقيق الأمن، قد إستحوذ على الإعلام السمعي والمرئي، قد سيس العدالة، وأهم من كل هذا قد تسبب في توزيع غير عادل للثروة بسبب غياب أدوات رقابة قوية, من عدالة مستقلة وبرلمان مستقل وخبرة محاسبية عصرية.. ولنا أن نتسآل بأي حق يقوم نظام بالتصرف المطلق في خيرات البلد بدون إشراك حقيقي لأهل البلد في التخطيط لطرق توزيع هاته الثروة،فأصبح اللصوص من حولك يغنون صباحا ومساء، ببرنامج الرئيس، ونحن نرى جيوبهم تزداد إنتفاخا.المواطن في جزائر الإستقلال يريد نظاما دراسيا محترما، نظام صحي يشفيه من المرض، يريد إدارة منظمة تسهل له الحصول على وثائقه، يريد مصنعا يعمل فيه ويتحصل على أجرة تكفيه لحياة أفضل ومسكن وملبس وترفيه أفضل، المواطن يريد قضاء عطله وأوقات إستراحته في أماكن عائلية وترفيه في بلده، فالشاب الجزائري له الحق في الدراسة والرياضة والنشاط الثقافي لقضاء أوقات فراغه، مدننا وشوارعنا لها الحق في بيئة نظيفة وصحية, المواطن الكريم لايريد أن يشحذ كل يوم طالبا لسكن أو لقفة رمضان أو لحقيبة مدرسية, بل يريد عملا وأجرة تكفيه كل ذلك وعزة وكرامة.. لنسأل أنفسنا هل هاته الأشياء متوفرة حقيقة بعد 50سنة من الإستقلال؟ الحقيقة ,سيدي الرئيس, إن الكثير من القرى لم تنل من الإستقلال غير الكهرباء والطريق، فلا صحة ولا ماء ولاعمل٠
طبعا الدولة الجزائرية قامت بمجهودات تنموية كبيرة أغلبها كان في السدود والطرقات والسكن, لكنها لم تكن في إطار خطة إستراتجية واضحة لترشيد هاته الملايير المسخرة لذلك, فمثلا تحرير التجارة الخارجية فتح الطريق للقضاء على الصناعة الوطنية, ومثلا تعميم ومجانية التعليم بدون دينامكية إقتصادية مسايرة لها, أدى إلا تراكم جيوش من الجامعيين البطالة.
سيادة الرئيس، عندما جئت إلى الحكم هل كان هناك شاب يحرق نفسه أو يموت في البحر؟ عندما جئت إلى الحكم هل كان هناك هذا العدد الكبير من الختلسين لأموال وأراضي الدولة؟ من الواضح أن أخطبوط الفساد يكبر وينتفخ كل ما زادت أموال الجزائر، ومن الواضح أن الإنتهازيين أزدادوا حولك، ولهذا فأنت تجري وراء سراب إن أعتقدت أنك وحدك ستخلص الجزائر بل ستضر بصحتك فقط. والحل السيد الرئيس،هو تحقيق الديمقراطية وإرجاع الحق إلى الشعب اليوم وليس غدا، وترك مهمة البناء للشعب.ألا فليلزم الجنرالات ثكناتهم وممارسة مهاهم المكلفون بها وهي حماية الوطن,ولتكن هناك ثقة في شباب الجزائر في تحمل مسؤولياته في بناء الوطن وحماية المصالح العليا للأمة..وأما السياسيون المتأكلون، فليبحثوا عن أعمال تفيدهم ,إنه ليس من المعقول أن يستمر في حكم الشباب من حكم ابائهم وأجدادهم على مدى خمسين سنة,لقد حان وقت الرحيل وقد خدمتم بلدكم فشكرا لكم.
الآن الجزائر في حاجة إلى دستور جديد يساير طموحات وأحلام مجتمع القرن الواحد والعشرين,دستور يحفظ ثوابت الأمة وفي نفس الوقت يضع خارطة طريق للمستقبل,لقد حان الوقت لنضع الشرعية الثورية في متحف التاريخ لتفسح المجال للشرعية الشبابية الشعبية.
إنه ليس هناك أسوأ من نظام سياسي مبني على شرعية تاريخية ويصبح عائقا في وجه النهضة والتنمية الإقتصادية للأمة, فلوضع إستراتجية تنموية لابد من مؤسسات سياسية ديمقراطية قوية.
الجزائر في حاجة إلى إعلام حر للجميع,وسلطة قضائية فعلية ومستقلة فوق أي سلطة تنفيذية,وفي حاجة إلى حكومة وبرلمان ومجالس محلية تأتي عن طريق الصندوق بذون أي إقصاء أو تزوير لكي تكون قوية وقادرة على السير بالجزائر إلى الأمام.
إن مانراه موجودا الآن,من حكومة وبرلمان وأحزاب وإعلام وقضاء ومجالس محلية,كله مشوه وجاء بطرق غير متحضرة وغير شرعية,فالحكومة فاشلة وفيها بعض الوزراء مردوا على الفشل ولم يتم تغييرهم والشعب يعرفهم,هل هي جهوية؟هل هم هناك مدعمين بأيادي خفية؟ فلتذهب حكومة كهذه إلى التقاعد -للأسف- الآن وليس غدا,ونفس الشيء ينطبق على برلمان التعالف والنوم والذي أغلب أعضائه جاؤوا بتزكيات أمنية ,وبتمويل من البقارة, وبتصويت من 20% فقط من الشعب الجزائري.
الجزائر في حاجة إلى إستراتجية تنموية تنفذ بدماء شابة,إستراتجية تنظم الإنتاج والتسويق لكي ينال المجد جزاؤه ,إستراتجية تعتمد على القوانين الإقتصادية الصحيحة وليس على إقتصاد الأشباح أصحاب الشكارة البقارة الذين يهربون أموال الجزائر إلى أوروبا لتبييضيها أو إلى دبي لتمويل إستيراد النفايات الصينية إلى الجزائر.لقد قتل شياطين الحاويات صناعتنا الناشئة لهثا وراء الربح السريع بذون مجهود وسرحوا عمالنا إلى تقاعد مبكر رهيب,بل أكثر من ذلك أوصدوا فرص التشغيل في وجه طاقاتنا الشبابية, خريجي جامعاتنا,أنت تعلم ياسيادة الرئيس,مدى تبعيتنا ومدى أعتمادنا على المحروقات في بناء كل شيء وفي إطعام كل مخلوق يحبو في الجزائر,إن أمننا الغدائي في مستو حرج جدا.
مؤخرا قال بلخادم لرويترز ان المحتجين في الجزائر يريدون ظروفا اجتماعية واقتصادية أفضل وليس لهم مطالب سياسية مثلماهو الحال في تونس ومصر واليمن والاردن،لقد مضى حين من الدهر منذ أن سمعنا تصريح ديماغوجي كهذا, يبدو أن السيد بلخادم أصبح يعتقد أن الشعب الجزائري قد أصبح مثل أبقار هولندا تعتلف لكي تحلب وتذر حليبا كثيرا يستفيد منه السي بلخادم والبقارة الجدد في حزبه-على غرار جماعة أحمد عز في مصر-.
الشعب الجزائري كالشعب التونسي والمصري, يطالب بالعدالة بكل أشكالها, فأباؤنا لم يحرروا الجزائر لتصبح ريعا للقلة الحاكمة ومن حولها.
الشعب الجزائر يبحث عن حقوقه في خيرات بلده وفي تسيير شؤونه بنفسه,الشعب يريد العدالة الإجتماعية وحرية التعبير وحق الترشح والإنتخاب,لقد فشل جيلكم في توفير ذلك فشلا دريعا وما على الفاشل إلا الرحيل.
بإختصاردواء الجزائر الشافي هو إصلاح راديكالي يؤدي إلى تغيير عميق, البرلمان يجب حله,الحكومة يجب تنحيتها,الدستور يجب إعادة صياغته بما يتناسب وطموحات الشعب لفترة ما بعد الإرهاب,فترة الأمن والبناء,فترة الحرية والتنمية.
بناء فعلي من طرف كل أطياف المجتمع الفعلي,لامجتمع التصفيات الحزبية والعشائرية والأمنية والثورية…..الخ.تحضير الإنتخابات الحرة والنزيهة,وفي نفس الوقت تحرر وسائل الإعلام والعدالة.طبعا الدستور الجديد والحكومة الجديدة والمجلس الوطني الجديد تكون مهمتهم وضع الإستراتجية التنموية الجديدة بمساعدة أبناء الجزائر العلماء والخبراء أينما وجدوا.لقد حان الوقت أن تدرس صلاحيات هرم ونوع نظام الحكم في الجزائر,رئاسي أو برلماني؟ ومن الأحسن ربما أن يكون متوازنا برلمانيا ورئاسيا,فعلى الدستور مثلا أن يمنع الرئيس من إصدار مرسوما بذون المرور على برلمان الشعب.
هذه كانت بعض الإقتراحات لمحاولة معالجة الأزمة تدريجيا وسلميا لنتجنب العنف والتغيير الدموي الذي قد يدخلنا في دوامة تقتيل وتخريب فضيعة.
أخيرا أرجو من السيد الرئيس أن يعود إلى بيان أول نوفمبر 1954 ليرى أن أحد أهدافه هو بناء دولة ديمقراطية ذات عدالة إجتماعية في إطار المباديء الإسلامية,فنحن نريد تحقيق هذا الهدف بالتمام,وهو محقق بطريقة مشوهة الآن,وللشباب الحق في تطويره بما يتلآم وواقعهم.
لقد أنعم الله علينا بشعب أصيل وبأموال الصحراء وببلد يحتوي على طاقات جبارة وبالإستقلال , فلايجب أن نهدر طاقاتنا ونحول نعمة البترول والغاز إلى نقمة ونضيع حلم الإستقلال, فالجزائر تستحق الأفضل ياسيادة الرئيس, فلا تترك حثالة القوم يهووا بنا وبالبلد إلى الجحيم.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.