بعد تحريك الدوائر الغربية المعادية للجزائر أذنابها من داخل الكونغرس الأمريكي والبرلمان الأوروبي، من خلال عرائض ورسائل لعشرات النواب المؤتمرين بأوامر الصهيونية العالمية في أمريكا وأوروبا، ها هي أمريكا تتحرك مجددا من بوابة حقوق الإنسان..
لتصدر وزارة الخارجية الأمريكية بيانا جديدا تضع فيه الجزائر على قائمة المراقبة بدعوى “ارتكاب انتهاكات جسيمة للحريات الدينية”، الخاصة تحديدا بالحركات والطوائف الهدّامة للوحدة الدينية الوطنية كالتنصير والتشيّع والتهويد والإلحاد وباقي الحركات الشيطانية الأخرى.
ويأتي قيام وزارة أنطوني بلينكن على وضع الجزائر ضمن قائمة المراقبة الخاصة بالدول التي تمارس، بحسب زعم الإدارة الأمريكية، “انتهاكات جسيمة للحريات الدينية”، إلى جانب جمهورية إفريقيا الوسطى وجزر القمر وفيتنام، ليؤكد ما سبق التحذير منه، عن النوايا الأمريكية غير الودية تجاه الجزائر تحديدا، بعد أن منحت الضوء الأخضر لأدواتها في الكونغرس والبرلمان الأوربي، بالانطلاق في حملة مناوئة للجزائر، تستهدف عزلها أو فرض الحصار عليها، بذريعة علنية هي التمويل الجزائري للحرب الروسية على أوكرانيا من خلال تصاعد الصفقات العسكرية بين البلدين، في حين أن الأسباب الحقيقية لهذه الحملة تتعلق باستقلالية القرار الجزائري ورفضها الرضوخ للضغوط الأمريكية من أجل الانضمام لقافلة التطبيع مع الصهاينة، وبالتالي التحول الاستراتيجي إلى بيدق في أيدي الغرب.
@ طالع أيضا: من يضغط على واشنطن لمعاقبة الجزائر؟!
وما يؤكد هذا التوجه الأمريكي، أنه وللعام الثالث على التوالي، تقدم لجنة الولايات المتحدة الأمريكية حول حرية الديانات في العالم على توصية الخارجية الأمريكية بوضع الجزائر ضمن قائمة المراقبة الخاصة (special watch list)، فيما قامت بإدراج دول أخرى ليست ضمن السرب الأمريكي أو بدأت تظهر قدرا من الاستقلالية مثل الصين وكوبا وإريتريا وإيران ونيكاراغوا وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وباكستان وروسيا والمملكة العربية السعودية وطاجيكستان وتركمانستان ضمن قائمة أخرى ذات اهتمام خاص بموجب قانون الحرية الدينية الدولي لعام 1998، لقضايا تتعلق أيضا، كما يزعم الأمريكان، بانتهاكات خطيرة بشكل خاص للحرية الدينية أو التسامح معها.
أمريكا تحارب دين الدولة في الجزائر
يشير بيان الخارجية الأمريكية الجديد، الذي يصدر عادة ضمن التقارير السنوية المفصلة التي تصدرها الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية في العالم، والذي وضع الجزائر على قائمة المراقبة الخاصة، إلى استمرار الحرب التي أعلنتها الولايات المتحدة منذ سنوات على دين الدولة الجزائرية “الإسلام”، حيث يتم عادة الدفاع عن كل الديانات والتيارات والأفكار المنحرفة وحتى الاتجاهات اللادينية والإلحاد وحرية التحوّل الديني وحتى التحوّل الجنسي، في مقابل الرفض المبطن لاستمرار هيمنة الدين الإسلامي على عقيدة الجزائريين، باعتباره دين الدولة والشعب، وعنوان وحدة الأمة وتماسكها.
كما يكشف بيان الخارجية الجديد، الذي حمل في طياته تهديدا مبطنا، من خلال الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية “لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة هذه الانتهاكات”، عن رغبتها الجامحة في تفكيك الوحدة الدينية للمجتمع الجزائري، عبر محاولة فرض التعددية الدينية، خاصة منها ما تعلق بحركات التنصير الخطيرة التي تنتشر في بعض مناطق الجزائر مثل تيزي وزو ووهران وغيرها من الولايات الأخرى.
حيث تدعو إلى فرض حرية التبشير على السلطات الجزائرية، وترك المجال للبناء الفوضوي للكنائس غير المرخصة واعتماد الجمعيات المسيحية وفتح المجال لاستيراد كتب التنصير دون أي ضوابط قانونية.
واللافت للنظر أن الولايات المتحدة تصر في تقاريرها من هذا النوع، على إقحام ديانات شبه منقرضة في الجزائر كاليهودية التي تعتبر تراجعها في البلاد يدخل ضمن حملة معاداة السامية، كما تدافع بشراسة عن تواجد بعض الحركات الدينية الأخرى الشيعية والأحمدية والكركرية وغيرها، بل وتطالب بحماية الأشخاص المرتدّين عن الإسلام بشكل خاص، وكذا الملحدين الذين يجاهرون بكفرهم، رغم أن حرية التدين مضمونة في البلاد ولا تحتاج إلى كل هذه الزوبعة الفارغة إذا كانت ضمن ضوابط القانون.
@ طالع أيضا: هل ستُعاقب واشنطن الجزائر؟.. مسؤول أمريكي يجيب
وتدرك الجزائر تماما الأهداف الخفية من مثل هكذا تقارير سنوية، تصدرها الولايات المتحدة للضغط على خصومها السياسيين أو الخارجين عن سرب “القطيع الأمريكي”، ولذلك فهي تواجه كل الهجمات بإبراز القوانين المحددة لشروط ممارسة ديانات أخرى غير الديانة الإسلامية، والتي تكشف عن حجم الحريات الحقيقية التي تمنحها الدولة الجزائرية للممارسات الدينية المختلفة، وحجم الدعم المالي للجهات الفاعلة، لكن ضمن الضوابط القانونية التي تحدد الصفة والأهلية للقيام بذلك، بعيدا عن الفوضى التي تريد أمريكا خلقها.
لماذا “تحت مجهر المراقبة”؟
ولا يمكن فهم التقرير الجديد للخارجية الأمريكية بوضع الجزائر “تحت مجهر المراقبة”، باسم الحريات الدينية، إلا ضمن سلسلة التكالب الأمريكي المتصاعد في المدة الأخيرة ضد الجزائر، وخوفها المفضوح من تحول هذه الدولة العربية الخارجة عن الطوق الأمريكي الصهيوني، إلى قوة حقيقية ضمن المحور المضاد الرافض لسياسات “القطبية الأحادية”.
إن أمريكا التي تعلن اليوم بكل وضوح وضعها الجزائر تحت مجهر المراقبة في القضايا المتعلقة بالحريات الدينية، سبقت ذلك بوضعها الجزائر ولكن دون إعلان، تحت مجهر المراقبة عسكريا واستراتيجيا، خاصة في ظل استعصاء تطويع الجزائر للانخراط ضمن سياسة التطبيع وما يسمى “السلام الابراهيمي” الذي دخلت فيه معظم الدول العربية، وكذا استمرارية تحالفها الاستراتيجي مع روسيا والصين بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وشروع الغرب في إعطاء تصنيفات خاصة للدول انطلاقا من مواقفها من تلك الحرب.
وإذا كان السلوك السياسي الأمريكي في هذا الاتجاه قد انكشف تماما، في أعقاب رسالة الـ 27 عضوا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الأمريكي نهاية سبتمبر الماضي، لفرض عقوبات “كبيرة وفورية” على الجزائر بسبب صفقات التسلح من روسيا، وعملية “الإيعاز” الذي قامت به لتحريك عملية مشابهة لـ 17 نائبا من أعضاء البرلمان الأوروبي بغرض الضغط والمطالبة بمراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوربي والجزائر للأسباب الواهية ذاتها المتعلقة بالموقف من الحرب في أوكرانيا..
وتبين أكثر في أثناء انعقاد الدورة الـ51 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، وتعزز ذلك أكثر فأكثر مع تقرير الخارجية الأمريكية الأخير هذا عن الحريات الدينية، فإن السلوك العدواني في الجوانب الاستراتيجية والعسكرية، والذي يهدف إلى استمرارية وضع الجزائر ” تحت مجهر المراقبة” هو الأكثر بروزا من خلال العديد من المؤشرات البارزة، على غرار الدعم الأمريكي الكامل لنظام المخزن في احتلاله الصحراء الغربية وفي سياسته للتطبيع مع الصهاينة وتكوين حلف عسكري بينهما لمواجهة الجزائر، وفي مواصلة تمرينات ما يسمى “الأسد الإفريقي” فوق الأراضي المغربية، والموجهة أساسا ضد الجزائر..
@ طالع أيضا: لماذا ترفض أوروبا فرض عقوبات أمريكية على الجزائر؟
وكذا الدعم الأمريكي الواضح لإسبانيا في نزاعها مع الجزائر عقب تغيير مدريد موقفها من قضية الصحراء الغربية، حيث سارعت الولايات المتحدة إلى نجدة إسبانيا بعقد اتفاق عسكري معها وقعه بايدن وسانشيز على هامش القمة الـ 32 لحلف شمال الأطلسي في مدريد، يقضي بنشر مزيد القوات الأمريكية في قاعدة “روتا” جنوب إسبانيا، لمواجهة ما يعتبرونه التهديد العسكري الجزائري.
وجدير بالذكر، أنه رغم التصريحات الدبلوماسية للسفيرة الأمريكية بالجزائر، إليزابيت مور أوبين، حول التعاون الأمني والجهود المشتركة لمحاربة الإرهاب، وكذا استمرارية الحوار الاستراتيجي بين البلدين، إلا أن الأقمار الصناعية الأمريكية، لا تترك أي فرصة للتجسس على البلدان المصنفة ضمن دائرة “الأعداء” بل وحتى الأصدقاء أيضا، ومن الطبيعي أن تكون الجزائر ضمن أهدافها الحيوية، خاصة في ظل تنامي قوة الجزائر العسكرية، ووضوح خياراتها الاستراتيجية، واستقلالية قرارها الوطني، ورفضها جميع أشكال الهيمنة والتبعية أو التطبيع مع دولة الكيان صنيعة الغرب وأمريكا على وجه الخصوص.
@ المصدر: الإخبارية
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.
تعليق 8484
إمريكا، إذهبي إلى الجحيم
تعليق 8486
العلاقات التاريخية بين الجزائر و امريكا معروفة ، كنا من بكري شواكركم و التاريخ يشهد بالوثائق عن الاموال التي دفعها جورج واشنطن و من بعده للبحرية الجزائرية ، لذلك لن تستطيع امريكا فعل شئ سوى المراقبة ، ومن راقب الناس مات هما …راقبونا
تعليق 8487
لماذا تعطي امريكا حقا لها في تقييم بلد كالجزائر حر ومستقل في تصرفاته فوق ارضه وترابه بأي حق تتدخل أمريكا وتوجه لنا أي نوع من الانتقاد في أمور تتعلق ببلدن وقانوننا من تحسب نفسها امريكا
تعليق 8488
الجزائر دولة حرة دينها الإسلام ولغتها العربية لغة القرآن ترفض كل أشكال الهيمنة والتبعية و التطبيع مع الكيان كما أنها حرة في علاقاتها مع دول العالم وخاصة الروسيا ليس الدب وإنما الدلفين الصديق الوفي الذي لا يعرف الخيانة والشريك الحاضر في الصراء والضراء
تعليق 8511
عندما تتكلم عن الوحدة الدينية فأنت عنصري و مسلم متشدد. تريد دولة ياطرها التمييز الدينى و يحكمها شرع أكل عليه الدهر و شرب، شرع ظالم و طاغي يقسم العالم إلى قسمين ؛ المسلمون و “الكفار الملاعين”. لا انسانية و لا ضمير و تنتظرون من الفار ان يمدجوكم.