عناوين فرعية
-
الإنتخابات الرئاسية الأمريكية.. قوة الفضيحة وقوة الإعلام
بعد شهور طويلة من متابعتي للحملة وحضور بعض التجمعات لمرشحي الحزبين، انتهت البارحة آخر المناظرات الانتخابية بين ترامب وهيلاري والتي احتضنتها مدينة المال والأضواء لاس فيغاص، مناظرة كسبتها في آخر لحظة هيلاري بسبب زلة لسان قاسية وقع فيها ترامب، زلة بيّنت حقيقة ترامب وعمقه النفسي المازوخي والنرجسي، حينما قال وعلى المباشر موجها تعليقه إلى هيلاري التي كانت ترد عليه، قال لها(أنت امرأة وسخة)، هذه الكلمة الوسخة غيرت رد فعل الجمهور وجعلتهم ينتقدونه ويغيرون موقفهم السياسي، حيث أكدت نتايج سبر الاّراء أن 59 في المائة من الجمهور اعتبروا هيلاري هي الفائزة والمتقدمة عن ترامب في هذه المناظرة.
والعجيب أن ترامب سب منافسته ووصفها بالوساخة بعد لحظات من حديثه عن احترامه للمرأة، حيث قال (ليس هناك من يحترم المرأة مثلي)، وبذكاء وديبلوماسية هيلاري لم ترد عليه لتسجل نقطة لها.
الإعلام الأمريكي،، تكسير العظام ونشر الغسيل
الحملة الانتخابية الأمريكية كانت من أقوى الحروب الإعلامية والحزبية، حرب جد وسخة فتشت في تاريخ المترشحين، أسرار تعود إلى السبعينيات، وأخطاء وفضائح أخرجها المترشحان وأخرجتها الصحافة.
فهذه الحملة لم تكن عسلا وسمنا بل كانت حربا ضروسا وحربا قذرة قادها مسؤولو الحملة الإعلامية للمترشحين، فيما كان الإعلام الأمريكي هو الوقود الذي أشعل هذه الحرب وبشكل منقطع النظير.
ترامب سب منافسته ووصفها بالوساخة بعد لحظات من حديثه عن احترامه للمرأة، حيث قال (ليس هناك من يحترم المرأة مثلي)، وبذكاء وديبلوماسية هيلاري لم ترد عليه…
وكعادتها انحازت قناة فوكس نيوز إلى حزب المحافظين ومرشحهم ترامب، وعملت بكل قوة على تبيض صورة ترامب رغم تعصبه وجهله وأخطائه وفشله ديبلوماسيا وسياسيا وفكريا وحتى أخلاقيا، فرغم كل هفواته وسقطاته كانت فوكس نيوز تبرر وتجد طريقة لخلق صورة الرئيس القوي الذي سيحافظ على الأمن القومي وقوة البلد وتقديمه كضمان لمستقبل أمريكا، كما كانت تستغل كل شي لضرب وتشويه صورة مرشحة الحزب الديموقراطي وتقديمها كخطر على الأمن القومي واقتصاد أمريكا ومختلف القيم التي يُؤْمِن بها المحافظون.
جريدة الواشنطن بوست ومن البداية وقفت مع ترشيح هيلاري وبدون أي تحفظ لأنها تملك ميزات إيجابية، تقول الجريدة، كما اعتبرت ترامب مرعب وشديد التعصب وجاهل ومخادع وماكر ونرجسي وكسول فكريا ويزدري الديموقراطية ومولع بأعداء أمريكا، وإن أصبح رئيسا فسيعرّض أمريكا والعالم لخطر كبير.
أما قناة سي أن أن ورغم محاولتها لتقديم تغطية إعلامية محايدة إلا أن انحيازها لهيلاري ظهر بعد أن تعقبت فضائح ترامب وأخطاىه التي تعود إلى عشرات السنين، فكان التركيز على تعرية ترامب قويا بالنظر إلى التعامل مع أخطاء هيلاري.
نشر الغسيل الوسخ للمترشحين كان على المباشر عبر كل القنوات والمواقع والمنصات لدرجة تصيب بالزكام كل الناخبين وتخلخل الناخبين حتى المصطفين حول مرشح او اخر.
لم يترك الإعلام الأمريكي ومسؤولو الحملة الانتخابية للمترشحين وهم إعلاميون، قدامى وخبراء في الإتصال، لم يتركوا أية شاردة أو واردة لتوظيفها في عملية تكسير العظام.
استغل الإعلام وهيلاري كل فضائح ترامب لتسويد وجهه، وهو ما وقع في قضية المكسيكية ملكة جمال أمريكا في منذ أكثر من عشر سنين، حيث انتقدها ترامب بعد أن ارتفع وزنها واستعمل كلمات نابية في حقها، بوصفها تأكل كالآلة وتشبه الخنزير…
ورغم أن طبيعة الإعلام الامريكي أنجزء كبير منه إعلام فضائح يدرّ مداخيلا رهيبة، إلا أن الحملة الرئاسية أخلطت السياسة بالفضائح بدون أية حدود ودون حتى احترام الذوق العام، كما أبان الإعلام قوة هائلة في استغلال الأرشيف والتاريخ، ومن بين الملفات الفضائحية التي أعيد نشرها لتعرية المترشحين أذكر بعضها:
المرأة، الجنس، مونيكا وترامب
من أقوى الفضائح التي أعيد أحياؤها في هذه الحرب الإعلامية، علاقة ترامب مع الجنس اللطيف وتحرشه منذ أيام شبابه وبروزه كمليونير، فهو رجل مزواج طلّق مرتين، يحب عارضات الأزياء متعدد العلاقات، نشر له فيديو صوتي منذ 2005 يعترف فيه ترامب بعلاقاته النسائية ويصف النساء بلغة بذيئة، نشر هذا الفيديو من طرف قنوات وجرائد ومنصات ومواقع وضع ترامب في وضع حرج، خسر بسببه العنصر النسوي بل حتى الحزب الجمهوري ارتد عليه وانتقد سلوك ترامب كما انتقده أعضاء بارزون في الحكومة والكونغرس والطبقة السياسية مما جعله يعتذر للنساء بعد خراب صورته.
كما استغل الإعلام وهيلاري كل فضائح ترامب لتسويد وجهه، وهو ما وقع في قضية المكسيكية ملكة جمال أمريكا في منذ أكثر من عشر سنين، حيث انتقدها ترامب بعد أن ارتفع وزنها واستعمل كلمات نابية في حقها، بوصفها تأكل كالآلة وتشبه الخنزير، وهو نفس الكلام الذي قاله عن المكسيكيات بوصفهن سمينات مثل الخنازير وهن عاملات نظافة وغيرها من النعوت، وقد استغلت هيلاري والإعلام هذا السلوك واعتبرا ترامب رجل غير محترم ولا يحمل أية بذرة من الاحترام للنساء.
ترامب من جهته استغل القضية لصالحه حيث قال إنه ليس بهذا الشكل، فهو يتحدث فقط بلسانه ولم يبلغ مبلغ الرئيس بيل كلينتون، زوج هيلاري الذي لطخ البيت الأبيض بما فعله مع مونيكا لوينسكي…
الوضع استفادت منه هيلاري بشكل كبير ليرتفع عدد النساء في صفها، وقد تم تقديم صورة ترامب كرجل شبق نهم جنسيا لا يعرف كيف يكبح جماح نفسه فكيف سيحكم البلد.؟!.
ترامب من جهته استغل القضية لصالحه حيث قال إنه ليس بهذا الشكل، فهو يتحدث فقط بلسانه ولم يبلغ مبلغ الرئيس بيل كلينتون، زوج هيلاري الذي لطخ البيت الأبيض بما فعله مع مونيكا لوينسكي، وطالب من هيلاري أن لا تتحدث عن الفضائح الجنسية أحسن لها .؟!
كما استغل قضية مرافعة المحامية هيلاري في السبعينيات عن رجل اتهم باغتصاب فتاة قاصر واعتبرها امرأة ضد النساء، لترد عليه هيلاري أن القضية لم تخترها بل كلفتها بها المحكمة ورغم اعتذارها آنذاك أمام القاضي بعدم الترافع لصالح المتهم بتهمة اغتصاب الطفلة القاصر، إلا أن المحكمة رفضت وكلفتها بالترافع لصالح المتهم، وقد تمكنت كمحامية من تبرئته من التهمة.
القضية أعيدت وتم توظيفها من طرف حملة ترامب ومن طرف الإعلام لتحطيم صورة هيلاري كامرأة تدافع بقوة عن النساء وحقوقهن.
وفي المناظرة الأخيرة حاول ترامب تأجيج رأي المحافظين ضد هيلاري ووصفها بأنها تقف مع الإجهاض وقتل الأطفال لحظات قبل ميلادهم، وهو ما رفضته هيلاري. والمضحك ان ترامب حاول التشكيك في مدى صحة المرشحة الديموقراطية بعد ان تعرضت لوعكة صحية ،فقال انها لن تقدر ان تحكم البلد .كما استغل الاعلام الوعكة الصحية ونشر شهادات وتصريحات أطباء وتقرير طبيبة هيلاري الذي أكد انها اصيبت بالالتهاب رىوي غير معدي.
حاول ترامب تأجيج رأي المحافظين ضد هيلاري ووصفها بأنها تقف مع الإجهاض وقتل الأطفال لحظات قبل ميلادهم، وهو ما رفضته هيلاري…
من جانب آخر انتقدت هيلاري تهرب ترامب من دفع الضرائب وكسب ملايين الدولارات بفضل استغلاله لقانون الإفلاس، وهو ما اعتبره ترامب شطارة بيزنس مان أو رجل أعمال.
للإشارة لم يتوقف الأعلام الأمريكي ومسؤولو حملة المترشحين طيلة ما يقارب السنة من نشر الغسيل العفن، وعاد الإعلام إلى عشريات منصرمة واستخدم أرشيف الطرفين الذي يعود إلى السبعينيات من أجل تكسير طرف لآخر والظفر بمزيد من الأصوات الإنتخابية.
ورغم أن المترشحين وظفا جيدا الغسيل الوسخ، إلا أن ترامب كان أرشيفه عفنا جدا من ناحية علاقاته النسائية وتعصبه ونرجسيته الزائدة مقارنة بهيلاري التي تم استغلال قضية استعمالها لهاتف غير مؤمن في استقبال وإرسال رسائل وإيميلات سرية، وقضية حصولها على أموال مقابل محاضرات قدمتها لشركات في وول ستريت، فلم تظهر تقارير عن سوء سلوكها أخلاقيا أو استعمالها لكلام بذيء في حق حتى أعدائها كما يشهد به من عملوا معها.
انتقدت هيلاري تهرب ترامب من دفع الضرائب وكسب ملايين الدولارات بفضل استغلاله لقانون الإفلاس، وهو ما اعتبره ترامب شطارة بيزنس مان أو رجل أعمال…
وحسب متابعتي لمختلف النشاطات والتجمعات والمناظرات للمترشحين، وبعد متابعة الإعلام الأمريكي، لاحظت انزلاق جزء كبير من الإعلام إلى تحويل الحملة الانتخابية من النقاش السياسي والجدال الفكري عن البديل السياسي للمترشحين، إلى توجيه الرأي العام الأمريكي حول قضايا فضائحية يتلقفها الشارع الأمريكي مثلما يتلقف فضائح الفنانين، عِوَض النقاش حول ما يقدمه المترشحان من برنامج سياسي لحل مشاكل يوميات الأمريكيين.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.