زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

هل ينفع البكاءُ المَوتى؟

هل ينفع البكاءُ المَوتى؟ ح.م

يبكي الناس عادة عند رحيل أحدهم، ويمسحون دموعا على موتاهم بعد الفراق حزنا وشوقا، فهل ألم الفقد يفيض المدامع؟، أو أن عامل البكاء سيعيد موازنة استراتيجيات التنظيم العاطفي المختلة بين التفريط والتحسر على ما فات ندما وأسفا عميقا عندما يتعذر نسيان تفاصيل مؤذية تبقى عالقة في الذاكرة من تراكم الأحداث على مر السنين، لتؤجج المشاعر العميقة وهي تتغلغل بين الوجدان اليائسة بلا هوادة؟..

العجز عن إيجاد إجابات مقنعة أو بالأحرى تبريرات واهية لأفعال قاسية وردود جافية في حق الراحلين يرهق النفس، ويعيد ملء كأس المنون بمرارته مرات لا حصر لها.

الدموع لا تنفع الموتى ولا ثواب يصلهم منها إنما هو تخفيف عن النفس ورحمة كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ففي الحديث المتفق عليه “أنه فاضت عيناه حينما رفع إليه ابن ابنته كأنه شن، فقال له سعد–رضي الله عنه-: يا رسول الله، ما هذا؟، فقال: “هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء”.

نعم الرحماء الذين يبكون بصدق موتاهم ويألمون لهذا المصاب الجلل وحدهم من يحزنون على فراق المقربين، في حين أن البعض يذرفون الدمع لافتقادهم الفرصة الجديدة للتراجع والاعتذار عن الإساءة أو التقصير، وذاك وجع متعب أكثر من باقي الأوجاع، فتتباهى الحسرة بتمزيق القلب وزيادة نزيف الجراح عنوة، من غير إيجاد سبيل للشفاء ولو بمرور الوقت.

ليسارع المرء لاستغلال فرصة الحياة قبل ضياعها، ويصبح في يا ليته كان أو ما كان، لأن أنهار الدمع لن تكفي لغسل خطايا الجحود والهجران، ونكران حق الوالدين، وتجاوز نصيب الأخوة، وتجاهل حسن الجيرة، لحظتها فقط الأرواح الراقية ستفوز بعدما ارتقت من غير آثام ووجدت حسن الخاتمة المنشودة وهذا هو التوفيق والنجاح الحقيقي.

فعلام إذن التناحر والضغينة؟، لماذا الاستسلام للخلافات والأحقاد الدفينة؟، كيف ينال الإهمال واللامبالاة الحصة الأكبر من العلاقات؟، ومن غير خشية أو تورع تُقطع الأرحام وتُضيع الحقوق، تجرح الأحاسيس وتبخس النفوس، وبعد فوات الأوان يظهر التأسي والتحسر على ما مضى، وتهرق عبرات الندم على ميدان العَداء، وتبقى معادلة القطيعة التي ما كان يجب أن يكون ولم يكن معلقة لأنها مستحيلة الحلول.

ففي لحظة غير متوقعة يحل الرحيل الأخير، وعلى حين غفلة يختطف الأهل والأحباب في هالة من الفجأة والذهول، وتهيمن حالة العجز والحيرة على الموقف، فتجلس عذابات الروح على سجاد العزاء تبتهل وتترجى لعل للزمن عودة للوراء ولو للحظات.. ولكن هيهات أن تستقيم الفلتات البغيضة الرعناء التي وصمت الماضي وبقيت مجبولة على الكراهية والشحناء وغزلت أكفان الفراق على عجل.

طلب المغفرة من الرحمن، وطلب العفو من الإنسان، ورد المظالم وإبراء الذمم يكون حال الحياة التي قد تنتهي بغتة ومن غير سابق إنذار، فلم المكابرة والتأجيل إلى المجهول، لماذا التسويف ومد الأمل على أمر لا يملك الإنسان منه شيئا.

سيختطف الموت من حولنا ولن يظل سوى صدى الزجر، وأراجيز الصد، وخواطر فارقت الدنيا مكسورة لتخلف حملا ثقيلا وسمه التهميش والتجاهل، والاستنقاص بحجج واهية أو استعلاء مقيت، جريا وراء المكابرة والكبر، طلبا لماديات زائلة لن ترد عمرا خلا من طيب الكلام والمدح المباح وشكر وعرفان وتطييب للخواطر وصلة الأرحام وتكافل موصول، ولن يعيد ما ضاع ألف اعتذار وأجمل الهدايا المرصوصة على مذابح القلوب البريئة التي لم تكن تبحث سوى عن العبارات الجميلة الرقيقة وأنبل المشاعر وصدق المعاملة، لكنها رحلت لتعلنأن كل شيء انتهى، ولم يعد هناك متسع لقول أو فعل المزيد..

وليسارع المرء لاستغلال فرصة الحياة قبل ضياعها، ويصبح في يا ليته كان أو ما كان، لأن أنهار الدمع لن تكفي لغسل خطايا الجحود والهجران، ونكران حق الوالدين، وتجاوز نصيب الأخوة، وتجاهل حسن الجيرة، لحظتها فقط الأرواح الراقية ستفوز بعدما ارتقت من غير آثام ووجدت حسن الخاتمة المنشودة وهذا هو التوفيق والنجاح الحقيقي.

@ طالع أيضا: “أبي”.. هكذا يرحل الطيبون!

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.