زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

من جنون البقر إلى جنون العقل

من جنون البقر إلى جنون العقل

قد تحق لك التجربة، و قد تحق لك المغامرة ، لكن العقل يبقى سيد المواقف و الفصل الحكم ، ألم نكن بالأمس القريب نسمع بجنون البقر، فصرنا اليوم نتحدث عن جنون العقل ، كيف لهذا الوقت الحساس أن يضرب بموسيقاه على أوتار الشجرة القوية ، ذات الأصل الطيب ، نعم نحن نتكلم عن شيم الكبار و صفات العظماء.

هي الأخلاق التي صارت في الحضيض الأسفل و معها القيم السامية التي ولُت مع زمن سماه الأولون و سميناه بعدهم بـ “زمان الغفلة”، وأي غفلة هته، لا والله، الأحرى أن نقول زمن المروءة و الشهامة و الغيرة على الوطن والذود عن شرفه، وبالمقابل نجد اليوم بوادر آفة تنخر كل يوم جسد مجتمعنا ، تلوح بيدها من بعيد مطمئنة باستقرار الوضع و سكونه لكن هيهات ،هو السكون الذي يسبق العاصفة لتتحول لإعصار مؤشراته مؤشرات كارثة حقيقة عنوانها أزمة الإغتراب الثقافي .

نعم ألفنا الحديث عن أزمة الخبز و السكر و الحليب  و تناسينا أو بالأحرى أهملنا الحديث عن زاد العقول و السبيل لملئ البطون، ما قد يرى فيه الكثيرون مضيعة للوقت، الثقافة  فمن هو الذي قد يناقشك في عنوان آخر كتاب قرأه ، أو من هو الذي قد يجيبك عن أهم إنجازات العلماء العرب ، ضحك و استهزاء و سخرية هي ما يقابل سؤالك هذا ، ليكون مصطلح الثقافة لصيقا باللامبالاة لدى الكثيرين ، غير أن المتعمق لراهن مجتمعنا ووضعية شبابنا ، يجد أن هوة الأزمة الحقيقة تتسع كل يوم بانسلاخ الشباب عن قيم أجداده و آباءه ،عن قيم مجتمعه و مبادئه ، عن لغته الأم ، لغة الضاد و لسان العقل و الحكمة لكن من السامع و من المتحدث ؟؟؟؟ حتى الإدارات تفرنست و أضحى المتحكم بلغة موليير ، أول المحظوظين بالتحصل على أسمى الوظائف و كأنما اللغة العربية فيروس خبيث على الجميع اجتنابه ، بالرغم من أن أغلب الأبحاث و التقارير العلمية تؤكد أن الدولة لا يمكن تطويرها إلا بجهود أبنائها و لغتهم الأصلية ، فنلمح عديد كليات الطب في العالم تدرس أبنائها بلغتهم عكس ما هو عليه حال مجتمعنا نحن .

و بالرجوع لقول أبي حيان التوحيدي نجد  أن الغربة ليست غربة الفرد خارج وطنه ، فقد يشعر بها حتى و هو بين أهله و أصحابه متنازلا بذلك عن حقه في نقد  ثقافة مجتمعه و تطويرها و بالتالي يحاول بصورة لا إرادية إراحة ذاته و إرضاء مجتمعه ،غير أنه بهذا يقع فريسة التقليد الأعمى بكل ما يحويه من سلبيات، و هنا فقط يمكننا إدراك معاني قوله عليه الصلاة و السلام ” لا يكون أحدكم إمعة” ، فما بالنا كدولة عربية إسلامية بين يدينا أفضل الكتب و أنجعها على الإطلاق ، لا نعمل بما جاء فيه و لا بأحاديث النبي الكريم التي تصلح لكل زمان و مكان ، ظاهرة الاغتراب الثقافي وجدت منذ أزمان عديدة و ناقشها الكثير من الفلاسفة و المفكرين و المنظرين على غرار هيجل و كارل ماركس و نيتشه ، أين أصبحت هذه القضية محور اهتماماتهم و انشغالاتهم ، غير أن مفهومهم لها اختلف ، لكنه لم يفسد الود في القضية ليفسحوا بهذا المجال لنظرائهم من أجيال لاحقة تنظر و تتمعن في أسباب و نتائج هذا الإغتراب .

فقولنا نحن نفتخر بكوننا عرب يقودنا لجوهر الحديث عن الثقافة العربية التي بدورها تأخذنا لمتاهة اللغز فيها هل العرب وطن أم عالم؟؟؟

نعم هل هو وطن أم عالم ، هل كونك عربيا معناه أن تحمل الجنسية العربية فقط بغض النظر عن الانتماء و الثقافة ، فما آل إليه حال مجتمعاتنا العربية اليوم، ما هو إلا انعكاس لهذا السؤال البسيط الذي صح فيه التشبيه بقصة جحا الذي التهمت ألسنة النيران حيه فقال ، فلتبعد عن داري فلما وصلت ألسنة النيران بيته ، قال فلتبعد عن رأسي فكان الناتج واقعا مريرا الجميع يتهرب منه ، و الأدهى و الأمر أن تكون الإجابة بحثا عن حلول لأزمات عيش لا أزمات ثقافة رغم أنها عماد الفكر و غذاء العقول، فلا تطور و تقدم بلا ثقافة، دورها التسطير لتفكير منطقي ممنهج  يصل للحلول الناجعة مهما كانت المشاكل .

ليكون بهذا الإغتراب الثقافي أكبر جنون قد يصاب به المرء ، في عصر أقل ما يقال عنه عصر الفوضى و البعثرة و الشتات ، ليبقى الحل في ثورات فكرية قد تقدس العقل الذي من شأنه استيعاب مشاريع نهضوية ، تصل بدورها لطموح الشباب و رغباته التي لا يدركها إلا من علم بها وخبرها وأحاط  بكل جوابنها، ليكون للأسرة السلطة الأولى في توجيه أبنائها وتلقينهم حب ثقافتهم و التمسك بهويتهم لأنُ التعلُم من الصغر كالنقش على الحجر.

 

إعلامية جزائرية

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.