يبدو أن قضية "الخبر" لن تتوقّف عند إبطال صفقة بيعها لرجل الأعمال يسعد ربراب، التي حكم بها قاضي محكمة بئر مراد رايس، أمس الأربعاء، حيث أخذت الأمور منحى خطيرا "يهدّد وجود الجريدة".
وبالاستناد إلى تصريحات محامي وزارة الاتصال نجيب بيطام، الخميس 14-07-2016، فإنه “بمجرد تبليغ نسخة تنفيذية للحكم القاضي بإبطال عقد بيع أسهم صفقة التنازل عن أسهم مجمع الخبر لشركة ناس برود عن طريق محضر قضائي لمساهمي مجمع الخبر وشركة ناس برود والموثق الذي أبرم العقد، فإن جريدة الخبر ستدخل في حالة شغور قانوني ولا يحق لها الصدور قبل تسوية وضعيتها القانونية”، ما يعني أن على “الخبر” أن تطلب اعتمادا جديدا من وزارة الاتصال لتصدر من جديد وإلا كان مصيرها التوقيف.
وأضاف بيطام “في حالة إخلال الجريدة بهذا الالتزام القانوني والقضائي، فإن مسؤوليها يتحملون تبعات ذلك، والتي تصل إلى المتابعات الجزائية طبقا لأحكام القوانين السارية، لأن كل أثار العقد المبرم بين مجمع الخبر وشركة ناس برود أصبحت باطلة”.
وردا عن سؤال حول ما إذا كان مساهمو الخبر ملزمين بإعادة أموال الصفقة إلى شركة ناس برود أكد “وزارة الاتصال ليس من صلاحياتها التدخل في هذه المسألة، لكن الأموال ستعاد بطريقة ودية أو عن طريق القضاء”.
وأكّد محامي وزارة الاتصال، مرة أخرى، أن هذه القضية ” قانونية محضة وليست سياسية، والوزارة استندت في الدعوى القضائية إلى قانون الإعلام الصادر في 2012 الذي يحدد شروط ممارسة الإعلام والقيود الواجب احترامها ويحدد أشكال الخروقات التي لا ينبغي الوقوع فيها”.
وذكر أن قانون الإعلام الجزائري “يمنع احتكار وسائل الإعلام في يد شخص واحد، مثله مثل قوانين الإعلام في الكثير من الدول”، وأوضح أن الرئيس المدير العام لمجمع سيفيتال يسعد ربراب “يملك 98ر99 بالمائة من أسهم المؤسسة المالكة ليومية “ليبرتي” الناطقة بالفرنسية بالإضافة الى كونه مالك مجمع سيفيتال التي تعتبر ناس برود أحد فروعه”.
وزير الاتصال: ليست لدينا نية غلق “الخبر”
غير أن وزير الاتصال حميد قرين أكد بأن الدولة ليس لديها النية في غلق مجمع “الخبر”.
وذكر السيد قرين في رده على أسئلة الصحفيين، الخميس من وهران، حول الردود بشأن قرار العدالة الذي قضى ببطلان صفقة شراء المجمع الإعلامي الخاص “الخبر” بقوله أن “الدولة ليس لديها النية في غلق مجمع الخبر عكس ما تم تداوله إعلاميا غداة صدور قرار العدالة”، وأضاف أن القضية كانت مطروحة أمام العدالة صاحبها الكثير من الضجة والتسييس إلى درجة القذف والشتم من قبل بعض الصحف”.
وحيا الوزير ما سماه “القرار السيادي للعدالة، التي لم تتأثر بالضجة الإعلامية ولا بردود الفعل السياسية”.
“الخبر”: السلطة تغتالُنا
وقالت يومية “الخبر” تعليقا على الحكم القضائي بإبطال صفقتها مع رجل الأعمال يسعد ربراب، إنها كانت تتوقع هذا الحكم “تأكيدا للأمر السابق بتجميد آثار العقد”، وعبّرت عن صدمتها من كلام ردّده محامي وزارة الاتصال قال فيه “على الجريدة أن تطلب اعتمادا جديدا من الوزارة أو تغلق”، ووصفت كلامه بغير القانوني.
واستنتجت الجريدة في مقال بعنوان تحت عنوان “بعد الإبطال.. حان وقت الاغتيال!” أن السلطة “استعملت كل أجهزتها في ضرب استقرارها المالي والتحريري، وتريد اليوم الذهاب إلى السرعة القصوى بمصادرة حق الجريدة في الوجود أصلا. ذلك ما كشفته التصريحات شديدة الخطورة التي أدلى بها محامي وزير الاتصال، إبراهيم بن حديد، عقب إصدار الحكم بإبطال صفقة بيع “الخبر” لشركة “ناس برود”، فالجريدة من منظوره تصدر دون “اعتماد” منذ صدور القانون العضوي للإعلام لسنة 2012، معتمدا على تفسيرات قانونية غريبة وصادمة للعقل، قد تخفي وراءها نوايا غير معقولة”.
وكتبت “البارحة كان الموعد مع صدور قرار المحكمة الإدارية في قضية الخبر، وقد نطق القاضي بشكل سريع ومختصر، بالحكم القاضي بإبطال الصفقة، مع تحميل المدعى عليهم (مجمّع الخبر) مصاريف الدعوى، في ساعة مبكرة من الصباح، بما لم يسمح لجل الصحفيين الذين حضروا لتغطية الحدث من متابعة سير الجلسة، حتى أن بعضهم علّق ساخرا: “انتقلنا من عدالة الليل إلى عدالة الفجر!”. ومعروف أن وصف عدالة الليل، أطلق على العدالة بعد قرارها الشهير بإلغاء مؤتمر الأفالان الذي زكى علي بن فليس مرشحا عن الحزب في انتخابات 2004 في ساعة متأخرة”.
وذكرت الصحيفة أن محامي وزارة الاتصال “استغل وجوده وحيدا قبالة المحكمة في ظل انسحاب محامي “الخبر”، ليسمح لنفسه بإعطاء التفسيرات القانونية التي تنسجم مع هوى وزارة الاتصال للصحفيين الذين اعترضوه عدة مرات، بسبب عدم معقولية ما كان يصرح به. وبحسب هذا المحامي، فإن الأمر لا يتعلق بعودة الوضعية السابقة التي كانت عليها الجريدة، أي عودة المساهمين القدامى وخروج “ناس برود” من قائمة المساهمين فحسب، وإنما بوجود قضية أخرى ستواجه بها الجريدة مستقبلا تتعلق بعدم قانونية الاعتماد الذي تنشط به منذ 26 سنة!”
وحمّلت الصحيفة وزير الاتصال الوضع الحالي الذي تعيشه الصحافة بالنظر لعدم وجود سلط ضبط الصحافة المكتوبة “وزير الاتصال نفسه هو من يتحمّل مسؤولية هذا الوضع، بل هو من صرح أن سلطة ضبط الصحافة المكتوبة ليست لها أهمية وسيعمل على إلغائها رغم أنها صدرت في قانون عضوي يأتي في الأهمية بعد الدستور مباشرة”.
وخلصت إلى القول أن ما يجري هو “حرب على الصحافة”.. “هذا الاستخفاف بتفسير القوانين على خلاف ما تقوله نصوصها الصريحة، يؤكد أن الأمر في قضية “الخبر” يتجاوز منطق القوانين إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، فالنية صارت واضحة في تدمير الجريدة لمن كان ينطلي عليه الخطاب القانوني الظاهري للسلطة. فها هو شبح ربراب الذي كانوا يستعملونه للتخويف قد رحل، لكن المضايقات على الجريدة لازالت مستمرة، وتتجدد في كل مرة بأساليب جديدة، ما يؤكد أن الحرب.. هي حرب على حرية التعبير والصحافة التي تغرد خارج فلك السلطة، إلا لمن أراد أن يغمض عينيه عن هذه الحقيقة الساطعة”، على حد تعبيرها.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.