بن غبريط التي إنتظرت اكثر من 48 ساعة لتُقر بتسريبات البكالوريا، لم تنتظر هذه المرة كثيراً لتعلن عن أوامرها بفتح تحقيق في الفيديو الذي نشرته إحدى المعلمات، ولكن الوزيرة التي قالت أن المشكلة تكمن في التصوير وليس في محتوى ما قامت المعلمة بتسجيله، لم تقل لنا وبنفس المنطق إن كانت استأذنت من أولياء التلاميذ وهي تنشر صورةً لابنائهم في صفحتها على الفيسبوك؟ وهل استأذن التلفزيون الرسمي من أولياء الأمور وهو يقوم بتصوير معالي الوزيرة وهي تقوم بإفتتاح السنة الدراسية أو الاشراف على امتحانات البكالوريا المسربة والمليئة بالغش والتسريبات؟ وهل قامت معاليها بفتح تحقيق في الفيديو الذي أظهر تلاميذ الست سنوات وهم يرقصون على أنغام أغنية الواي واي المبتذلة؟
المعلمة صباح قطعاً ليست بطلة، ولكنها لم تُجرم لدرجة أن تطالب رمعون في مؤتمرها الصحفي بفتح تحقيق معها من أجل فيديو قامت بتصويره لتلاميذها وهم في قمة التجاوب والسعادة وهي تحدثهم عن مكارم الأخلاق وحب اللغة العربية، وأصل المشكلة أن الوزيرة تعاملت بإزدواجية مقيتة وهي تتحدث عن فيديو جعلت صاحبته أشهر من نار على علم وعرضة للتعاطف الكبير، كما هي عرضة للنقد وجعل قضيتها فرصة للتنكيت.
هل الرقص على كلمات أغاني “الواي واي” “والليلة ما تفراش” سبباً في وقف العنف حسب الخبيرة رمعون؟! وهل للوزيرة مشكلة مع ما قالته المعلمة عن الأخلاق؟
بالتأكيد أن رمعون تعرف اليوتوب ولهذا أنصحها بأن تقوم بجولة قصيرة في عالمه لمعرفة كل ما ينشر عن قطاعها لأنها قد تكون مجبرة على تشكيل جيش من المفتشين للبحث في الصور والفيدوهات الخاصة بقطاعها، ولكن فقط عليها ألا تتعامل مع ما ينشر بإزدواجية كما فعلت مع أغنية الواي واي البذيئة، التي اعتبرت رقص التلاميذ عليها إبداع يجب إستغلاله لوقف العنف!
قد لا يكون الحديث عن الأخلاق سببا كافيا لوقف العنف، ولكن هل الرقص على كلمات أغاني “الواي
واي” “والليلة ما تفراش” سبباً في وقف العنف حسب الخبيرة رمعون؟! وهل للوزيرة مشكلة مع ما قالته المعلمة عن الأخلاق؟
في منطقة “القاعو” في صحراء ولاية الجلفة، يقطع بعض التلاميذ أكثر من عشر كيلومترات للوصول إلى حجرات الدراسة، حيث يعاني المعلمون كثيرا مع انعدام الكهرباء والتغطية الهاتفية ووسائل النقل في منطقة باردة جدا في الشتاء ومعزولة وليس فيها من رائحة الجمهورية إلا تلك الثكنه العسكرية التي ينقذ أطباؤها السكان ومنهم التلاميذ من لسعات العقارب والأفاعي.
بن غبريط بالتأكيد لا تعرف هذه المنطقة، ولا تعرف أن طفلاً عمره أقل من عشر سنوات قد يقطع مسافةً طويلة مشيا على الأقدام في صباح الشتاء المظلمة ليصل وقد أنهكه التعب، وبعد أن يكون قد نجا من كل ما يعترضه من حيوانات ضالة في تلك القفار، سيصل إلى حجرة الدراسة الباردة جداً، ليجد معلماً عليه مكافحة ظروفه وظروف التلاميذ من أجل التعامل مع كل هذه التراجيديا.
في منطقة “القاعو” في صحراء ولاية الجلفة، يقطع بعض التلاميذ أكثر من عشر كيلومترات للوصول إلى حجرات الدراسة، حيث يعاني المعلمون كثيرا مع انعدام الكهرباء والتغطية الهاتفية ووسائل النقل في منطقة باردة جدا في الشتاء ومعزولة وليس فيها من رائحة الجمهورية إلا تلك الثكنه العسكرية
هذه المنطقة هي عينة من مئات المناطق التي يعاني فيها التلاميذ وأوليائهم عبر الوطن، ولكن لم نسمع يوماً أن أحدهم قد أمر بفتح تحقيق في معاناة تلاميذ سكان القرى والأرياف، حتى في بعض المدن قد يبقى التلاميذ دون أن يدرسوا إحدى المواد لفصل أو سنة كاملة وهم مقبلون على امتحانات مصيرية كإمتحان البكالوريا.
مشكلة قطاع التربية ليس مجرد فيديو بثته إحدى المعلمات وانشغل به الرأي العام كما انشغل بغيره، إنه مشكل منظومة كاملة فشلت في كل شيئ، وهي تقوم بصياغة فشلها الاقتصادي هذه الأيام على شكل قانون للمالية سيزيد العبئ على الأسر الجزائرية، مشكلة الوطن الحقيقية هي مع أولئك الذين يرهنون الوطن ويقومون بتغييب الوعي الجمعي في الوقت الذي تذهب فيه البلاد إلى المجهول.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.
تعليق 6020
الله الله عليك يامحمد ….. كان بن بوزيد وزيراللتربية يضحكون على قراراته، التي هي الآن يتمنوها بالمقارنة مع قرارات بن غبريط….. الله يحفظك يا بن بوزيد