فتحت جريدة ''الخبر'' نقاشا واسعا حول القانون العضوي للإعلام المرتقب صدوره، في سياق الإصلاحات التي تعهّد بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في خطاب 15 أفريل الماضي. ودعت أساتذة جامعيين وإعلاميين متمرّسين إلى المشاركة برأيهم في أربع إشكاليات أساسية في ملف قانون الإعلام، الأولى هي: هل المهنة بحاجة إلى قانون جديد، أم أن القوانين الموجودة تفي بالغرض لكنها بحاجة إلى تطبيق.
وتتمثل الإشكالية الثانية في إعلان رئيس الجمهورية نيته إلغاء التجريم عن الكتابة الصحفية، إذ يظهر لقطاع من المهتمين بهذا الموضوع بالذات أن ذلك هدية أو منحة من السلطة. وتتناول الإشكالية الثالثة، أيُ الكيانين أصلح للمهنة وللمشتغلين بها؟ وزارة للإعلام تخلت عنها الديمقراطيات العريقة وألغتها الناشئة منها مثل جمهوريات أوروبا الشرقية؟ أم مجلس أعلى للإعلام يضبط المهنة في جوانبها القانونية والأخلاقية؟ أما الإشكالية الرابعة فتتعلق بملف مثير للجدل، هو فتح مجال السمعي البصري على المبادرة الخاصة. كل هذه الملفات بتشعباتها تعاطى معها السادة: أحمد بجاوي أستاذ بكلية العلوم السياسية والإعلام، وحسن جاب الله أستاذ بنفس الكلية. وإبراهيم إبراهيمي مدير المدرسة العليا للصحافة. وثلاثة إعلاميين معروفين بحكم التجربة الطويلة، هم سعد بوعقبة وبشير حمادي ومحمد عباس، إضافة إلى زبير سويسي رئيس مجلس أخلاقيات المهنة ومدير جريدة ”لوسوار دالجيري” سابقا.
قانون الإعلام لسنة 90 هو الأفضل والمطلوب إرادة سياسية حقيقية للإصلاح
وزارة الإعلام تتحدث عن ”إعداد مشروع قانون عضوي يتعلق بالإعلام”. هل ترون أنه من الضروري إعداد قانون إعلام جديد لضمان حرية الصحافة في الجزائر ؟ أم أن القوانين موجودة وينقص فقط تطبيقها.
بعبارة أخرى، هل المشكل في التشريع أم القضية سياسية بالأساس؟
محمد عباس
لدينا ما شاء الله من القوانين، والمشكل ليس في القانون وإنما في السياسي، إن مولود حمروش أسس لتجربة إعلامية جيدة، غير أنها أصبحت يتيمة بعد رحيله من الحكومة. أعتبر أن المهم هو تطبيق القانون وإعادة صياغة بعض المواد فيه، والأهم من هذا كله أن تكون ممارسات السلطة لائقة، ويجب أن تدرك أن الإعلام يتضمن الدعوة لمشاركة المواطنين في التسيير، لكن أتساءل: ”هل لدى حكامنا الرغبة في الاتصال؟ أستحضر مقولة لنابليون عبر فيها عن نزعة غالبة لدى الحكام، هي احتكار النشر على الدوام، ويعتبرون الصحافة مشوشة ويجب ترويضها.. أعتبر أن قانون الإعلام لسنة 90 يحمل الكثير من الجوانب الإيجابية، لكنه بقي حبيس الثلاجة مدة 20 سنة، والمطلوب أخذ الإيجابيات منه.
أحمد بجاوي
أتفق مع من يؤيد قانون 90 من حيث الإيجابيات التي أتى بها، أرى أن الصحفيين حازوا مكاسب حتى بالنسبة للقطاع العام، وظهر بعد قانون 90 بريق من الصحفيين، لكن بعضهم تم التخلص منهم، واللامعين في التلفزيون تم تصديرهم، وقانون 90 كان قد سد كل الفراغات التي عرفها قطاع الإعلام، واقترح إيجابيات عدة، لكني أرى أنه لا نستطيع تغيير قطاع الإعلام دون أن يتغير المحيط أو المجتمع، لأن كل شيء مرتبط بالإرادة السياسية.
أحسن جاب الله
الإشكالية في الإصلاحات بشأن الإعلام واضحة، لكن المشاكل غامضة، أرى أن القضية مرتبطة بالإرادة السياسية، لقد تكلموا في المجلس الوزاري الأخير عن القانون العضوي وعن تعديلات، إذن هناك غموض في الطرح بين هذا وذاك.. ومنذ حل المجلس الأعلى للإعلامدرسنا خمسة مشاريع قوانين، وكانت هناك إرادة سياسية في مشروع قانون درس في عهد الرئيس السابق اليامين زروال، لكنه توقف في ظروف معينة، هذا يبين غياب إرادة قوية لمواجهة الإشكالية وأصبحنا ”قفة بلا يدين” لما حل المجلس. أصبح كل من هب ودب يؤسس جريدة، ما فتح فراغا رهيبا أحيلت فيه بعض الجوانب لقانون العقوبات.. أنا مع قانون عضوي يرتكز على مبادئ أساسية لأنه شبه دستور لا يتغير.
إبراهيم إبراهيمي
الوضع الحالي أنتج نقائص أضرت بالصحفيين، من خلال استغلال قضايا لإدانتهم،، والقانون يجب أن يتضمن أمورا ترفع العقاب عن الصحفي، خاصة إذا كتب عن موضوع بأدلة ثبوتية ووثائق مرفقة، أنا شاركت في صياغة قانون الإعلام لسنة 90 وقد تضمن العديد من الأمور الإيجابية، عكس مشروع القانون الذي أرادت خليدة تومي تبنيه سنة 2002، لما كان القطاع تابعا لمصالحها، وأنا مع قانون عضوي للإعلام لا يتغير كل أربع سنوات وإنما يعيش لقرن، مثل الحاصل في دول أخرى، ومنه تتفرع قوانين حول قطاع السمعي البصري والإشهار والإعانات، التي يجب أن تتطور بتطور التكنولوجيا.. وحاليا يجب الانتقال من الحق في الإعلام إلى الحق في الاتصال، وهي إشكالية تطرح في مشروع القانون المرتقب. كما يجب إشراك الأحزاب مع واجب الحفاظ على مكتسبات قانون 90.
زبير سويسي
المشكل الرئيسي هو عدم وجود إرادة سياسية للنظام الذي لا يريد التغيير، سوى أنه يربح الوقت فقط، نحن مناضلون ضد التسيير الأمني للصحافة، والأمن هو الذي يقدم الإشهار للصحافة، والواجب هو تغيير النظام، وأرى أن أفضل قانون للإعلام هو قانون ,90 وضروري أن يكون أهل المهنة هم من يصيغون قانونهم.
بشير حمادي
تابعت كل قوانين الإعلام، فقانون 89 كان عربة بلا حصان، وقانون 90 كان حصانا بلا عربة، صحيح القانون الأخير أحدث ثورة في الجزائر، في فترة ما بين أحداث أكتوبر 88 وبين توقيف المسار الانتخابي سنة ,90 كان ألمع فترة من حيث الشفافية والديمقراطية والحرية، هذا القانون كان جيدا لأن الصحفيين شاركوا فيه، لكنه جمد بعد ذلك، وهناك من يقول إنه لا يصلح. أتساءل: هل جربناه ؟ وهل النظام الذي يحكم حاليا أحسن من النظام الذي كان آنذاك؟ مستحيل. إن قانون 90 يجب أن يشكل وثيقة للانطلاق في القانون العضوي، ولكن يريدون تعجيل تمريره في الدورة الخريفية، لكن الاستعجال يسيء كثيرا. كما أن البرلمان الحالي غير مؤهل لمناقشته، باعتراف النواب أنفسهم، على أنه غير شرعي، أقول لهم نحن ماناش مقلقين طالما لم نقلق مدة 20 سنة.
سعد بوعقبة
80 بالمائة من قانون الإعلام الحالي صالح للتطبيق، ومن المفروض أن يتم تطبيق الجوانب الإيجابية فيه، على غرار هيئة المجلس الأعلى للإعلام وجوانب من ممارسة المهنة. أذكر أن 90 بالمائة من الصحفيين هم من كانوا يقودون الإصلاحات الإعلامية في ذلك الوقت، وقانون 90 جاء في ظروف كان الصحفيون لهم وزن، لذلك تحقق الانفتاح، لكن سرعان ما تم الالتفاف عليهم بقانون حالة الطوارئ، حيث تم حل المجلس الأعلى للإعلام، وتبنوا التسيير الأمني للمعلومة، إلى الآن، وهناك ضباط أمن هم من يوزعون الإشهار على الجرائد، وبهذه الطريقة أسست جرائد لا علاقة لها بالمهنة، وأصبحت عبارة عن أرصفة لتحويل المبيعات والاستفادة من الإشهار، ونحن نطالب بتطبيق الجزء الإيجابي لقانون الإعلام الحالي، ورفع الحالة الأمنية وحالة الضغط عن المؤسسات الخاصة، أما العامة فهي ”مستعمرة” مع الإلحاح على أن يكون أهل المهنة شركاء في إعداد القانون المرتقب.
وزارة للإعلام أم مجلس أعلى للإعلام.. أيهما الأنجع ولماذا؟
زبير سويسي
تجربة المجلس الأعلى للإعلام في الجزائر كانت مفيدة وناجحة حتى أننا اعتقدنا بأننا في بلد ديمقراطي بأتم معنى الكلمة. فهذا المجلس كان يحدد آليات ممارسة المهنة وأولوياتها، فضلا على أنه كان مجلسا يضم صحافيين منتخبين عن كل مؤسسة إعلامية، هم على دراية بمشاكل وتطلعات زملائهم. يجب العودة اليوم إلى مجلس أعلى للإعلام، وهو تقليد تعمل به عدة دول أوروبية اليوم بعدما تخلت عن وزارات الإعلام.
محمد عباس
وزارة الاتصال الحالية لا تؤدي أي دور ولا تزال تدور في حلقة مفرغة، وأطالب بإلغائها وتبديلها بمصلحة إعلامية جدية في الرئاسة، وأفضل العودة إلى المجلس الأعلى للإعلام.
أحسن جاب الله
ويعترف أحسن جاب الله، وهو أستاذ بكلية الإعلام والاتصال، أنه كان أحد الإعلاميين الذين أشرفوا على عملية انتخاب الصحافيين للمجلس الأعلى للإعلام مطلع تسعينيات القرن الماضي، حيث تم إحصاء 0051 صحفي كانوا مسجلين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات. إن المجلس الأعلى كان سلطة ضبط إدارية مستقلة، كان يشرف على المهام الأساسية الخاصة بالإعلام، ولم يتوان عن الإشراف على مجال السمعي البصري. بل حتى البطاقة الصحفية التي كان يمنحها للصحفي كان معترفا بها من قبل هيئات دولية في الخارج. ولذلك فإن تجربة المجلس الأعلى للإعلام كانت ناجحة، ولابد من العودة إلى إنشاء هذه الهيئة ولكن بالإبقاء على وزارة الاتصال.
سعد بوعقبة
المجلس الأعلى للإعلام في تجربته السابقة كان يضع المهنة بين المهنيين،، ويتولى سلطة الضبط فيما يتعلق بممارسة هذه المهنة، وهو الهيئة المؤهلة في الوقت الحالي لتسيير قطاع الإعلام والاتصال. إن الوزارة الوصية على قطاع الإعلام والاتصال لم تعد تؤدي أي دور.ويجب سن مادة قانونية تنص على أن السلطة العمومية إذا ما قامت بتضليل جريدة من الجرائد تعرض إلى عقوبة.
إبراهيم براهيمي
أما براهيم براهيمي، مدير المدرسة العليا للصحافة، فيؤكد على أن أغلب بلدان العالم لجأت إلى اعتماد مجالس عليا للإعلام لتسيير شؤون الإعلام والاتصال، على اعتبار أن المجلس الأعلى له عدة مهام تضمن الممارسة الفعلية للعمل الإعلامي، وذلك على نحو ما كان عليه المجلس الأعلى للإعلام في الجزائر الذي كان تجربة رائدة، بالنظر لتركيبته المشكلة من صحافيين منتخبين ومثقفين بينهم بن هدوفة. وأفضل العودة إلى إنشاء مجلس أعلى للإعلام، يقوم بتطبيق القانون، ويمثل الصحافيين، ولكن من غير أن يشير إلى الإبقاء على وزارة الاتصال أو إلغائها.
أحمد بجاوي
ويؤكد أحمد بجاوي، أستاذ جامعي متخصص في مجال السمعي البصري، أن وزارة الاتصال بالنسبة له لا يوجد أي مبرر لوجودها حاليا، وإذا كان لابد من استبدالها بهيئة أخرى، فمجلس أعلى للإعلام هو المؤهل لذلك. أنا مع إنشاء مجلس أعلى للإعلام، طالما أن هناك غموضا كبيرا يكتنف طريقة تسيير وزارة الاتصال للشأن الإعلامي.
بشير حمادي
وبالنسبة للإعلامي بشير حمادي، فإن الإبقاء على وزارة الاتصال في الإشراف على تسيير المجال الإعلامي في الجزائر هو ضرب من العبث، على اعتبار أن التقاليد الجديدة المتبعة حاليا في العالم في قطاع الإعلام والاتصال، مختزلة كلها في مجالس عليا للإعلام، هناك 05 مجلسا أعلى للإعلام في العالم، وأحسنها المجلس الأعلى البريطاني الذي ينخرط فيه الجمهور، كونه يتضمن لجنة دراسة الشكاوي. إن المشهد الإعلامي اليوم ببلادنا ليس بحاجة إلى وصاية إعلامية من طراز وزارة للاتصال التي لم تعد قادرة حتى على فرض وصايتها على جزء من وسائل الإعلام العمومية. ولذلك أطالب بإنشاء مجلس أعلى للإعلام كونه يوفر للصحافيين الوقت والمال.
فتح مجال السمعي البصري.. ضرورة لا مفر منها
أحمد بجاوي
في بداية التسعينات كان هناك مجلس السمعي البصري الذي كان يدرس توزيع الذبذبات على الخواص، غير أن الأمر توقف. ونأسف عن تأخر فتح المجال، ما جعل الجزائر من أواخر الدول التي تملك قناة تلفزيونية واحدة فقط. الوزراء يظنون أن كل الشعب الجزائري يتابع تغطية نشرة الأخبار لنشاطاتهم، غير أن العكس يحدث، فصار الجزائريون بدو رحل تلفزيونيا، مادام هناك 250 قناة ناطقة بالعربية، ولا يعرجون على قناتهم إلا نادرا، فيتم احتسابهم كمشاهدين بعد 21 ثانية من المكوث على برامج التلفزيون الجزائري.. التلفزيون تم تحطيمه وصار يقدم خدمة حكومية وليس خدمة عمومية، رغم أنه مموّل من قبل ضرائب المواطنين. فحذف الضريبة التلفزيونية من فاتورة الكهرباء كان رسالة من قبل السلطات أنه ليس المواطن الذي يموّل التلفزيون بل السلطة، غير أن الضرائب مصدرها أيضا المواطن.
سعد بوعقبة
عدم فتح مجال السمعي البصري، هو مساس بالأمن الوطني، طالما أن الرأي العام المحلي تقوم ببلورته قنوات مثل ”الجزيرة” و”تي.اف. ”1 و”فرانس ”24 ما يجعلنا نقول إن السلطات تخاف من الراغبين في إنشاء قنوات خاصة وطنية أكثر مما تخاف من الأجانب”. وعن نوعية برامج التلفزيون الجزائري، قال: ”منذ أيام، كما قال الأخ بجاوي، كنت كالبدو الرحل، فتوقفت عند قناة ”كنال ألجيري” فوجدت شريطا وثائقيا حول تربية النحل في الجزائر، نفس البرنامج وجدته في القناة ”الأرضية”، ونفسه في الجزائرية الثالثة، فما الفائدة من القول إنه لدينا ثلاث قنوات ما دام أنها تبث نفس البرامج.
محمد عباس
أنا مضطر فقط لمتابعة عناوين النشرة لأغادر القناة، لأن مشاهدة بقية النشرة وبقية البرامج يعد عقوبة بالنسبة لي. فلا بد من فتح المجال، وهذا أمر ضروري لا يحتمل النقاش، وعلى سبيل النكتة، فحتى يومية ”المجاهد” الحكومية، لا تقدم لقرائها برامج التلفزيون الجزائري، بل برامج القنوات الأجنبية.
حسن جاب الله
لقد تم تقديم قضية فتح مجال السمعي البصري في وجه الخواص، على أنه شيء سيؤدي إلى مشاكل وأشياء أخرى، رغم أن الأمر بسيط، فيكفي تقديم دفتر شروط، ولا مفر من فتح المجال لمواكبة العصر الرقمي، والأكيد أن فتح المجال سيتم، نأمل فقط أن التأخر هذا ليس للسماح للبعض لتحضير المشاريع ليكون الفتح محدودا هو الآخر.
إبراهيم براهيمي
يجب فتح وسائل الإعلام الثقيلة لكل التيارات، المنافسة الحرة للإنتاج الوطني وتقديم الإعانة للابتكار، وكما قال كل الزملاء فتح المجال أكثر من ضروري، وأرى أنه يجب تصور فتح مجال السمعي البصري، في مجال مغاربي كبير يمكن من إنشاء قوة قادرة على مواجهة قوة القنوات التلفزيونية المؤثرة في العالم وفي الفضاء العربي.
زوبير سويسي
فتح المجال لا حديث فيه، غير أنني أود الحديث عن قمة الرداء التي يقدمها التلفزيون الجزائري لمشاهديه، حتى نوعية الصورة فيها ما يقال، فهناك فرق كبير بين نوعية صور التلفزيون الجزائري وكافة القنوات الأخرى، ولا أتحدث عن نوعية البرامج التي يقدمها، فهذا أمر معلوم، ما أدى إلى نفور المشاهد الجزائري من قناته الوطنية.
بشير حمادي
يمكن القول الكثير عن فساد نظام الرئيس المصري المخلوع، لكن حبذا لو قمنا بإنشاء قنوات مثل التي أنشأها، مثل دريم، رغم أنها كانت لا تخوض في السياسة كثيرا وليس فيها نشرات أخبار بالمفهوم المهني المتعارف عليه، فعار أن نشاهد ميكروفونا واحدا أمام شخصية عالمية تزور الجزائر، في حين أن في غزة المحاصرة التي تسيّرها حركة حماس المصنفة من قبل الإدارة الأمريكية على أنها تنظيم إرهابي، نجد عشرات القنوات التلفزيونية التي تغطي الأحداث هناك.
إلغاء عقوبة حبس الصحافيين.. صدقة من السلطة أم تنازل تحت الضغط ؟
إبراهيم براهيمي
عندما أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بأنه يعتزم رفع التجريم عن الكتابات الصحفية، لم يكن ذلك بدافع تقديم هدية للمهنيين ولا هي منحة من أي كان. الأمر يتعلق بحصاد جاء نتيجة دخول عدد كبير من الإعلاميين السجن في وقت سابق. صحيح أن هناك محيطا دوليا وإقليميا معينا جراء ما حدث في تونس بشكل خاص، أثر بشكل أو بآخر في الجزائر، ما دفع السلطات إلى التراجع عن مسألة العقوبات بالسجن ضد صحافيين، ولكن الإجراء المعلن عنه هو محصلة نضال ومعارك بالأساس خاضها الصحافيون الجزائريون من أجل حرياتهم.
محمد عباس
ليس الأمر مزية إطلاقا من أي أحد، ولا هو هدية. فتجريم الكتابات الصحفية وتهديد الصحفي بالسجن والوسيلة الإعلامية بغرامات مالية ثقيلة كان أمرا نشازا، وكان عيبا ونقيصة كبيرتين أثّرتا في الجزائر كدولة. وفي اعتقادي ينبغي معالجة قضايا القذف بإصدار غرامات مالية بسيطة إذا ثبتت جنحة القذف، ولا يمكن أبدا قبول أن يزج بالصحفي في السجن بسبب مقال، حتى لو كانت التدابير القانونية التي تنص على الحبس غير مطبقة.
سعد بوعقبة
بإعلان إلغاء الجرم عن الكتابات الصحفية تكون السلطة قد صلحت الخطأ الذي ارتكبته في قانون العقوبات المعدّل في 2001، ونريد منها أن تصلّح الخطأ الذي ارتكبته في قانون الإعلام بإلغاء العقوبات التي يتضمنها. وفي السابق كانت الحماية متوفرة للصحفي لدرجة أن أي مسؤول في الدولة لا يسمح له بمتابعته قضائيا، إلا بموافقة الجهة الوصية على الصحفي، أي وزير الإعلام. وقد حدث معي ذلك أنا شخصيا في عهد وزير الإعلام عبد الحميد مهري، إذ كتبت حينها عن وزير الفلاحة الذي استأذن من مهري حتى يتابعني في القضاء ورفض وزير الإعلام طلبه. ولكن في حالات أخرى تم سجني وكان ذلك خارج إطار القانون واتهمت بالمساس بأمن الدولة. وأمن الدولة كتهمة ضد الصحفي وضد أي كان، غير محدد، أين يبدأ وأين ينتهي (المادتان 50 و76 في قانون الإعلام تهددان الصحفي بالسجن قد يصل إلى 10 سنوات في حال تم تكييف الأفعال المنسوبة إليه، على أنها مساس بأمن الدولة).
إنني لا أطالب بحرمان المواطنين من رفع شكاوى ضد الصحافيين، ولكن لا يمكن أن يخضع الصحفي لعقوبة السجن بسبب مقال. لهذا فرئيس الجمهورية ألغى مظلمة هو من ارتكبها، والاعتراف بالخطإ فضيلة. ورغم كل الضغوط وأشكال المضايقات لا زالت الصحافة صامدة، ولكني أخشى من الالتفاف عليها.
بشير حمادي
بعد إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية مطلع 1992، تعرضت الصحافة لضغوط ومضايقات كبيرة وتم غلق الكثير من الصحف. وأنا شخصيا جرجرت إلى المحاكم في مدة تجاوزت 37 شهرا بسبب أنني نشرت إعلانا في صحيفتي، يتعلق بأحزاب معتمدة قانونا، إذ تم تكييفالقضية على أنها مساس بأن الدولة (المادة 36 من قانون الإعلام تتناول الأفعال التي تدخل تحت طائلة كشف أسرار الدفاع وأسرار الدبلوماسية والإخلال بأمن الدولة)، ولكن لا أحد يعرف أين يبدأ سر الدبلوماسية الجزائرية وأين ينتهي، ولا حيث تبدأ سيادة الدولة ولا أين تنتهي. وإجمالا بإمكاننا أن نقول بأن العقوبات في قانون الإعلام متشددة وقاسية وينبغي أن تلغى.
احسن جاب الله
لا أعتقد أن النظام السياسي تغيّر إلى درجة يقدم فيها طواعية على اتخاذ إجراءات تعكس رغبة في رفع القيود عن الممارسة الصحفية. فقد جاء قرار رفع التجريم عن الكتابات الصحفية بسبب محيط دولي معين، وبسبب ضغوط دولية، وبشكل أخص قوة عظمى مارست ضغوطا على السلطات بواسطة منظماتها، لتغيّر معاملتها إزاء الحريات، ومنها حرية الصحافة. لقد جاء قرار إلغاء عقوبة السجن بالنسبة للصحافيين، بناء على ضغط دولي للأسف، ولكن الحكام في الجزائر لا يحبون الصحافة ويخشون الصحافيين، وهي حقيقة لا يمكن إغفالها. والنصوص لا تزال في غير مصلحة الصحافيين، فقانون الإعلام يتضمن في باب التدابير الجزائية، 19 مادة تتناول كلها عقوبات ضد الصحافي.
ويتضمن نفس القانون مفاهيم تستخدم ضد الصحافي، وهي في حاجة إلى توضيح مثل مفهوم الأمن العسكري ومفهوم الأمن الاقتصادي (المادتان 86 و87).
زوبير سويسي
قرار رفع التجريم عن الكتابات الصحفية لا ينبغي أن يتعامل معه أهل المهن على أنه هدية من رئيس الجمهورية، ولا من أي أحد في السلطة. وإنما تم ذلك نتيجة كفاح مستمر خاضه الإعلاميون على مرّ السنين. وهذا الكفاح يترجم تراكم سنوات طويلة من الخبرة والممارسة، ومن التعامل مع الحكومات والسلطات المتعاقبة في النظام. وتحضرني هنا الكثير من التجارب المريرة التي عززت في تجربة الصحافيين، مثل سجن الكثير من الصحافيين ومسؤولي جريدة ”الوطن” بسبب نشر معلومات عن اغتيال دركيين في قصر الحيران بولاية الأغواط (1993). واتهمت الجريدة بأنها نشرت خبرا سابقا لأوانه، مع أنه كان متداولا وسط الإسلاميين ساعات قبل أن يصدر عدد الجريدة الذي تناول الحادثة.
أحمد بجاوي
على عكس ما يراه البعض، أعتقد بأن رفع التجريم عن ممارسة الصحافة لم يأت بضغط خارجي، وإنما بضغط من الداخل. وكذلك الأمر بالنسبة لحركات الاحتجاج التي جرت في بلدان عربية، فقد جاءت في اعتقادي عاكسة لحاجة داخلية. فالعرب ككل البشر يتوقون للحريات والديمقراطية والعدالة. ولكن المسؤولين في الجزائر غير مؤهلين للقيام بإصلاحات حقيقية”.
للمشاركة في النقاش الذي فتحته “الخبر”
حول قانون الإعلام الجديد اضغط هنا
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.
تعليق 2204
الإعلام في الجزائر يجب أن يتخلص أولا من البقارة واصحاب الشكارة.
ويجب التشديد في مراقبة المؤسسات الصحفية خصوصا في قضية التوظيف والتأمين الاجتماعي للصحفيين. ويجب ان توضع قوانين تساهم في دفع المؤسسات الصحفية لتأمين مساكن لائقة لصحفييها حتى لا يقعوا ضحية المساومات من أصحاب القرار.
المشكل في الإعلام ليست في قانونه بل في الموجه اليهم.
تعليق 2207
عمل إعلامي جيد، فهو يقدم رأي الصحافيين والمختصين في التشريع الإعلامي الأفضل لمهنة المتاعب، ويبصر رجال السياسية في الحكم والمعارضة بمايجب أن يكون عليه قانون الإعلامي العضو المفترض تقديمه للبرلمان في دورته القادمة، ويساعدهم على تقديم اقتراحات معقولة ودقيقة لألية الحوار التي يرأسها بن صالح، كما يساعد الذين يقومون بصياغة أحكام القانون بشكل جيد، حتى لانتحدث بعد سنة عن تعديله. أتمنى أن تنظم الجريدة ندوة أخرى حول الحقوق والحريات الأساسية للصحافيين السياسية والمادية، وأن يأخذ الصحافيون الأمر بجدية، خاصة القدامى منهم، فيساهمون بأقلامهم في النقاش الذي دشنته الصحيفة بمقال الصحفي بشير حمادي.
تعليق 2211
واخيرا انفجر مكتب النهار بسطيف بعد طول انتظار
تعليق 2213
أجيبوا عن السؤال التالي و ستعرفون أكبر علة يعاني منها الاعلام في الجزائر
كم عدد “الصحافيين ” العاملين في الصحافة المكتوبة و التلفزيون و الاذاعة و الذين لهم ارتباطات مباشرة او غير مباشرة بجهاز المخابرات DRS بكل فروعه : اي عدد افراد المخابرات ( العسكريون ) الذين اخترقوا وسائل الاعلام بشكل مباشر أو عدد اولئك الصحفيين (المدنيين ) الذين يعملون بالقطعة لحساب هذا الجهاز بالتجسس على زملائهم
الجواب : ؟؟؟؟؟
تعليق 2222
المجلس الأعلى للإعلام
سلطة ضبط .. أم سلطة انضباط؟
بقلم: بشير حمادي
بعد ''تجميد'' قانون الإعلام لعقدين ودسترته منذ 1996 هل حان وقت إصدار قانون عضوي للإعلام؟ وماذا يضيف قانون جديد للإعلام للعبة السياسية قبل الانتخابات التشريعية؟ وهل القانون العضوي للإعلام سيبدأ من حيث انتهى إليه قانون الإعلام لسنة 1990 أم سيكون قفزة في المجهول؟ وهل سلطة الضبط التي تحدث عنها بيان مجلس الوزراء لـ 2 ماي 2011 هو المجلس الأعلى للإعلام الذي تضمنه الباب السادس من قانون الإعلام لسنة 1990 أم أنه سلطة انضباط جديدة؟
فعندما تتحدث السلطة عن تنصيب سلطة ضابطة بعد إصدار القانون، فهذا قد يعني أن التفكير لا يتجه إلى تفعيل المجلس الأعلى للإعلام، بقدر ما يتجه إلى إنشاء تنظيم أشبه بالمجالس الإستشارية الملحقة برئاسة الجمهورية. وفي هذه الحالة، ومن منطلق التجارب التي نعرفها عن هذه المجالس، فإن الأمر في مفهوم ومنظور السلطة التنفيذية لا يتعلق بسلطة ضابطة، وإنما يتعلق بسلطة انضباط، تحافظ على سير المؤسسات الإعلامية بالخطوة الموزونة، وعلى وقوف الصحافيين من النظام على بعد ستة أمتار، ومخاطبة رموزه في وضع الإستعداد، وانتظار أمر الإنصراف بعد إنجاز المهمة مثلما هو الشأن في الأسلاك النظامية. وعليه، فبدلا من إنشاء هذه السلطة الضابطة من قبل الإدارة، وهو ما رفضه كل رجال الإعلام الذين شاركوا في ندوة ''الخبر'' حول قانون الإعلام الجديد، وهو ما يذهب إليه جل أهل مهنة المتاعب، فإن التمسك بالمجلس الأعلى للإعلام كسلطة إدارية مستقلة ضابطة تتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي، وتمارس الصلاحيات المخولة لها في قانون الإعلام، هو الأفضل لمهنة المتاعب من جميع الجوانب، وهو الأفضل بالنسبة للنظام إذا كان جادا في الإصلاحات التي يعد بها، وأفضل للبلد في هذه الظروف التي تتقدم فيها بلدان عربية خطوات حقيقية باتجاه إرساء دعائم أنظمة ديمقراطية، ذلك أن التراجع عما حققه الصحافيون منذ أزيد من عقدين في مجال حرية التعبير، وتنظيم ممارسة حرية الإعلام يؤشر لانتكاسة حتى ديمقراطية الواجهة التي يتباهى بها النظام.
إن معركة المجلس الأعلى للصحافة ليست معركة وجود المجلس من عدمه، ولكنها معركة تمثيل وصلاحيات، ومجلس الصحافة ليس بدعة جزائرية، فهو قائم منذ 1916 ويوجد اليوم أكثر من 50 مجلسا في معظم الديمقراطيات العريقة، وهي تختلف من حيث المنشأ والتسمية والمهام الموكلة لها من بلد إلى آخر، كل حسب ظروفه.
والتشريع الإعلامي عندنا لايرقى إلى مستوى التشريع الإعلامي في البلدان الديمقراطية، لأن نظامنا السياسي لايرقى إلى مستوى أنظمتهم، لكن يمكن البناء على ماهو موجود وتطويره بما يجعله متماشيا مع التطورات التي يعرفها عالم الإعلام والإتصال، وبما يجعل هذا المجلس لبنة من لبنات مؤسسات دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية.
والمجلس الأعلى للإعلام المتوازن في تشكيلته يغني عن وزارة الإتصال ـ وهو رأي من شاركوا في الندوة السالفة الذكر ـ التي لم تعد لها علاقة وصاية، ولاحتى علاقة تنسيق مع الصحف التي هي في معظمها صحف مستقلة، ويضمن للصحافيين حقهم في قانون ينظم ممارستهم للمهنة، مثلما يمكنهم من خلاله أن يضبطوا أخلاقيات مهنتهم بدلا من أن يقوم بضبطها من لاعلاقة لهم بالمهنة. ويعني كذلك تمثيل الصحافيين في هذا المجلس المكون من 12 عضوا بـ 6 صحافيين منتخبين يسهرون على احترام أحكام قانون الإعلام، ويمكن إثراء المادة بما يمنح تمثيلا أوسع للصحافيين، وحتى تمثيل الجمهور مثلما هو معمول به في بعض المجالس، كمجالس بريطانيا والسويد وهولندا…
ويمكن للصحافيين عن طريق هذا المجلس الذي تتمثل مهمته في السهر على احترام احكام هذا القانون، تنقية الساحة الإعلامية من المتطفلين عليها الذين أصبحوا مسؤولي نشر بشراء وصل الإصدار، ولا تتوفر فيهم الشروط التي يتوجب أن تتوفر في مدير النشرية حسب المادة 22 من قانون الإعلام، وخاصة الفقرة الرابعة منه التي تنص على ''أن يكون مؤهلا مهنيا وفقا للإختصاصات''، بل إنه يتوجب النص على المؤهل العلمي لمدير النشر، بحيث يكون حائزا على شهادة جامعية ومؤهل مهنيا وفقا للاختصاصات، ذلك أن بعض مسؤولي النشر اليوم في ظل اختراق المهنة من ''البقارة'' وعقلية ''الشكارة'' ليس لهم من الشهادات إلا شهادة الميلاد..
كما أنه يمثل سندا قويا للصحافيين فهو يبدي الرأي في النزاعات المتعلقة بحرية التعبير والتفكير التي تقع بين مديري الأجهزة الإعلامية ومساعديهم قصد التحكيم فيها بالتراضي. فهو يمارس صلاحيات المصالحة بطلب من المعنيين في حالات النزاع المتعلقة بحرية التعبير، وحق المواطنين في الإعلام، وذلك قبل قيام أحد الطرفين المتنازعين بأي إجراء أمام الجهات القضائية المختصة.
وأرى أنه من الأفضل جعل اللجوء إليه وجوبا وليس بطلب من المعنيين، وأن تتشكل لجنة الشكاوى على مستوى المجلس مثلما هو الشأن بالنسبة للمجلس البريطاني التي يرأسها رئيس المجلس. وأن تكون قراراته نافذة وواجبة النشر في الصحيفة المعنية بالنزاع. وهذا يقلل إلى حد كبير اللجوء إلى المحاكم، ويقلل من متاعب أهل مهنة المتاعب، ويوفر لهم وقتا يضيعونه بين المحاكم، وما لا يصرفونه في التنقل بين محاكم البلد أو يدفعونه غرامة. ولأنه يمارس التحكيم بين أهل المهنة، وبينهم وبين من يتضررون من كتاباتهم وأقوالهم، فأرى أنه لابد أن يكون رئيس المجلس الذي يعيّنه رئيس الجمهورية من أعضاء المحكمة العليا، أو قاض متقاعد مثلما هو الشأن بالنسبة للعديد من المجالس التي تتمتع بمصداقية عالية نتيجة لتركيبتها البشرية ونوعية هذه التركيبة.
وحتى يكون هذا المجلس نابضا بالحياة، أرى أنه يتوجب أولا إلزامه بالشفافية في جميع أعماله ليكون مثلا لغيره، وأن ينشر تقريره السنوي الذي قد يرفعه لرئيس الجمهورية أو غيره حرفيا، وأن يقوم ثانيا بتنظيم محاضرات ومناظرات ودورات تكوين للصحافيين في مختلف التخصصات، بما يجعلهم محتكين بأساطين الإعلام والإتصال في العالم وليس في الجزائر فحسب، الذين ينشطون هذه الأعمال، وبالتالي تمكينهم قدر الإمكان من متابعة ومواكبة ما يعرفه هذا العالم من تغير وتطور..
bachirhamadi@hotmail.fr
منشور بجريدة الخبر:
http://www.elkhabar.com/ar/autres/discution/255800.html
تعليق 2224
الإعلام أو العودة الدائمة لنقطة البداية
الضمانة الأساسية للحرية الإعلامية هي حرية العمل السياسي
بقلم: مصطفى هميسي
أدلى الكثير من الزملاء بدلوهم في موضوع إصلاحات مزعومة في القانون المنظم للعمل الإعلامي. ومساهمة في هذا النقاش أود تسجيل جملة ملاحظات:
أولا: لا حرية إعلام ولا عمل إعلامي حقيقي من دون حياة سياسية. إن عدم وجود مؤسسات سياسية حقيقية وعدم وجود مؤسسات دولة بأتم معنى الكلمة وعدم وجود حياة برلمانية لا يمكن أن تعوضه أية حرية إبداء رأي. فالذي يحاسب السلطة ليس وسائل الإعلام والإعلاميين بل ممثلي الشعب.
ثانيا: الخطاب السياسي منعدم. فالوزراء لا يتحدثون في السياسة لأن أغلبهم لا علاقة له بالسياسة ولأن السياسة منعدمة ومحتكرة من قبل الرئيس لوحده ويسمح بها أحيانا للوزير الأول أحمد أويحيى وأحيانا لمبعوثه الخاص عبد العزيز بلخادم. والنواب لا علاقة للأغلبية الساحقة منهم بالعمل السياسي وأقل من ذلك بنشر الأفكار وبدائل الحلول. فأي إعلام يمكن أن ينمو في هذا الفراغ وفي هذه الرداءة المقرفة في ممارسة العمل الحكومي والعمل البرلماني؟
لا ثقة في هذه السلطة لا بد من ضمانات دستورية قبل التفاوض
ثالثا: ينبغي كسر العلاقة الثنائية القائمة حاليا. سلطة إعلام، إعلام سلطة، حرية تعبير عقوبة، عقوبة حرية تعبير. وذلك بسيط لا بد من تدخل طرف محايد والأفضل أن يكون مهنيا. لا بد أن تنسحب السلطة التنفيذية من شؤون الإعلام وتقتصر على القيام بالدور المنوط بها دستوريا. من ذلك السماح بقيام مؤسسات مختصة في قياس الرأي العام ومراكز دراسات ومؤسسات التحقق من الانتشار لوسائل الإعلام .. وهكذا دواليك.
رابعا: لا يمكن وضع العربة قبل الحصان، ينبغي النضال أولا من أجل تحرير الساحة السياسية ومن أجل وضع ما أمكن من ضمانات ممارسة الحريات ومنها الحرية الإعلامية. ولهذا من الأفضل لرجال المهنة عدم التعجل في اعتماد قانون إعلام جديد، لأنه من الأفضل للمهنة ورجالها أن يتم ذلك في ظروف أخرى، لا تتدخل فيها السلطة. من الناحية العملية لا يمكن المجازفة مرة أخرى، وسبق أن فعلنا ذلك والنتيجة أمامنا، بالتفاوض مع السلطة على قانون جديد وهي في الواقع ما زالت تبعث لنا برسائل تدفع لليأس الكامل من استعدادها لأي تغيير حقيقي.
خامسا: ما هو متوفر من وسائل إعلام، ما زالت محدودة تكنولوجيا، ليس لكون صحافييها ومسؤوليها لا يريدون ولا يعرفون، بل لأن المناخ السياسي والاقتصادي والسلطوي لا يسمح بغير هذا. العالم من حولنا، وحتى في الكثير من البلدان العربية، عرف تطورا تكنولوجيا رهيبا في حين ما زالت الجرائد عندنا، لأنه ليس هناك إعلام سمعي بصري أصلا، تتشابه كلها، ورق واحد وحجم واحد وتقريبا ماكيت واحدة.
سادسا: إعلام الخبر والمعلومة والتحقيق هو الإعلام الحقيقي وليس إعلام الرأي. السلطة وبيروقراطياتها تحتكر المعلومات وليس هناك آلية معلومة لتداول هذه المعلومات ولا ترتيب قانوني يلزمها بالإفراج عنها. والأخطر أن الوزارات والمؤسسات الأساسية لا تتقن صناعة المعلومات والوزراء لا يتقنون حتى صياغة تصريح، بعضهم لا يتقن أي لغة ولا يتقن بالخصوص صياغة خطاب إعلامي ويقول كلاما غير مفهوم أو لا يحمل أحيانا مدلولات ولا يعتمد الوزراء على متخصصين ولا يرون أحيانا ضرورة لذلك. وهذه المسألة ينبغي أن تكون موضوع نضال السياسيين والأحزاب والمجتمع المدني وليس الإعلاميين فقط.
سابعا: الإعلام والمال وقد طرح الموضوع من قبل بعض الزملاء من زاوية التخوف من سيطرة أصحاب المال على الإعلام. والخطير في الموضوع أنه يتم في زمن الاحتكار السياسي وفساد المجال الاقتصادي التجاري. مما سينقل الفساد إلى المجال الإعلامي وقد بدأ ذلك منذ فترة وهو قد يتعمم. ولكن يمكن القول أيضا أنه لا بد أن يقوم اقتصاد إعلام حقيقي ولا بد من فتح الاستثمار في القطاع برمته، صحافة مكتوبة وإعلام سمعي بصري وغير ذلك، وفق ضوابط يطمئن أصحاب المهنة لها.
ثامنا: بناء عملية إعلامية متطورة في حاجة، ليس للقانون، ولكن للحرية وللثقة في هذا القطاع، فالإنتاج الإعلامي المتنوع الذي يغذي وسائل الإعلام بإنتاج نوعي مسألة هامة في كل البلدان إلا في الجزائر. ينبغي أن يقوم مناخ إنتاجي ومناخ من البحث الإعلامي ومن ألوان إعلامية أخرى، وجانب كبير من هذه العملية يقع على عاتق السلطة العمومية، لأنها ملزمة دستوريا بتوفير إعلام متنوع للمواطنين.
تلك أهم المسائل المطروحة، ولكن السؤال المطروح هو: من يحدد الأهداف في قطاع الإعلام ومن يجعل الإعلام يترنح في هذا المستوى الرديء؟ إن الإجابة واضحة ولذلك لا بد من إصلاح عام جذري للدولة ومجموع أدواتها والخروج من المنطق السلطوي إلى منطق دولة المؤسسات.
حراسة خانقة على سوق الإعلام
أما من الناحية المهنية، أثني على ما ورد في مساهمة الزميل بشير حمادي، ولا أكرر ما ورد فيها، وأقول إن العملية الإعلامية في بلادنا ما زالت بدائية في جوانب كثيرة منها.
فبعيدا عن مسألة الحريات وضماناتها ووجود حياة سياسية ومشاكل احتكار الساحة السياسية واحتكار عوامل استقلال المؤسسات الإعلامية، وخاصة الإشهار والطباعة، فهناك مسائل مهنية هامة جدا. من هذه المسائل المتصلة ببناء عملية إعلامية متكاملة وراقية، الوصول إلى مصادر الخبر. وفعلا فإنه من دون تمكن الإعلاميين من الوصول إلى مصادر الخبر وإلزام كل مؤسسات الدولة، عندما تكون هناك مؤسسات دولة، بذلك، سنظل نمارس إعلام النقد السياسي الاجتماعي وذلك واضح أنه لا يزعج السلطة إلا نادرا.
إن عملية إعلامية تقتصر على الجرائد، ويشك رجال الإعلام أن غالبية مكوناتها الضحلة وعناوينها المتخلفة تتبع السلطة أو أصحاب نفوذ في السلطة، هذه العملية تحمل في طياتها رؤية احتكارية سلطوية تجعل المجال الإعلامي محدود في موارده ومحدود في دوره.
الكل يعرف أن قانون الإعلام لعام 1990 فتح الباب بوضوح للمبادرة الإعلامية وفي جميع مجالات الممارسة الإعلامية. وتمنع السلطة حتى اليوم بذرائع أمنية أو غيرها قيام قنوات خاصة أو إذاعات خاصة أو حتى جرائد إلكترونية.
إن حق المواطن في إعلام متنوع المنصوص عليه في الدستور، لا يمكن أن يتجسد في المناخ الحالي. ولهذا فإن تضييق السوق الإعلامي ومواردها يمكّن السلطة من التحكم فيها ويحرم وسائل الإعلام من منافعها.
لقد ناضلنا سنين طويلة من أجل حرية امتلاك المطابع، ولكن ما زال الاحتكار شبه كامل، فما عدا عددا قليلا من الجرائد، فإن الغالبية الساحقة تلجأ لمطابع السلطة.
أما موضوع الإشهار فهو مرتبط بإدارة مصادر تمويل الإعلام ككل. فالتمويل الأول للإعلام عندنا هو الإشهار. والإشهار تتحكم فيه السلطة وتمنحه بشكل انتقائي مغرض، وليس هناك أي قاعدة موضوعية لتوزيعه، لا اعتماد قاعدة السحب والمبيعات ولا أي قاعدة سوى تقديرات بعض أصحاب النفوذ السلطوي. لقد تحولت هذه المسألة بعبعا رهيبا مسلطا على الإعلاميين. لهذا لا بد من وضع ضوابط صارمة تقيد السلطة وأجهزتها.
الركود الاقتصادي والاحتكار عاملان ضربا سوق الإعلام ولم يمكنا الإعلام من إحداث نقلة نوعية، والحصول على التنكولوجيا الحديثة، ولا الوصول إلى الكثير من الجزائريين.
لكن في الواقع المسألة مرتبطة بالعملية الاقتصادية وبالحالة السياسية العامة. فالاحتكار هو طبيعة النظام سياسيا واقتصاديا وإعلاميا. ولهذا قلت إنه لا ينبغي وضع العربة قبل الحصان.
مسألة اللغة، مسألة هامة جدا. لماذا؟ ليس من حيث وجود أو عدم وجود صحف باللغة الفرنسية، بل من حيث مدى كون وسائل الإعلام ممثلة للطلب الإعلامي الحقيقي. فإذا قلنا أن الأحزاب ضعيفة التمثيل لمختلف قوى المجتمع والمصالح القائمة فيه، فإن وسائل الإعلام أيضا لا تعكس بشكل أكيد حقيقة الطلب على الإعلام. ولهذا فهناك إدارة للموضوع وهي إدارة مغرضة أيضا.
إن إلزام السلطة، أو الدولة ومؤسساتها عندما تقوم فعلا، بالتكفل مباشرة بترقية محيط العملية الإعلامية، لأنه من وظائف السلطة العمومية، مثل تطوير صناعة المعلومات في الوزرات والإدارات وفي المجال الاقتصادي وتجاوز مسألة السرية المفرطة. مسألة ذات طابع استراتيجي هام.
ترقية صناعة الإعلام. وتبدأ هذه العملية من ترقية تكوين رجال إعلام المستقبل. وينبغي أن يحدث تطور في هذا المجال، بحيث ينبغي تمكين وسائل الإعلام من إقامة مؤسسات تكوين مشتركة لتحسين مستوى الداخلين الجدد وإتمام تكوين المتخرجين من المعاهد المتخصصة في الجامعة وفق ما تحتاجه المؤسسات الإعلامية.
التخلي عن البيروقراطية ومنطقها المتمثلة في وزارة الإعلام، وإعطاء الفرصة للمهنيين إدارة شؤونهم بنفسهم في مجالس منتخبة.
الخلاصة: لا يمكن أن نثق في السلطة
وفي الخلاصة يمكن القول، كما سبق أن لاحظ الكثير من الزملاء، أن قانون 1990 كان الأرحم فلماذا تلاعبت به السلطة وأفرغته من محتواه عوض ترقيته؟ لهذا لا يمكن أن نثق في هذه السلطة وفي وعودها. لا بد من ضمانات دستورية قبل أي تفاوض على قانون جديد للإعلام. كما لا بد من القول، لا ينبغي للإعلاميين الغرق في الاعتبارات الفنية للقانون والصياغات القانونية، لأن المهم هو تغيير المنطق العام لممارسة العمل الإعلامي. لأنه من دون حريات كاملة سياسية واجتماعية ونقابية وأكاديمية، سيظل العمل الإعلامي جزيرة معزولة ومحروسة بسياج الطباعة والإشهار والاعتماد القانوني وخاصة بمنطق السلطة وعصبها.
منشور بجريدة الخبر:
http://www.elkhabar.com/ar/autres/discution/255793.html
تعليق 2225
المطلوب وقف التعسف.. لا إصلاحه؟!
بقلم: سعد بوعقبة
أكاد أجزم بأن أغلب رجال الإعلام في الجزائر لم يقرأوا قانون الإعلام لسنة 1990 ومنهم بالطبع المسؤولون في الحكومة أو وزارة الإعلام! وإذا قرأوه لم يفهموا ما جاء فيه! تماما مثلما لم يقرأ رجال السياسة الدستور وإذا قرأوه لم يفهموا شيئا منه!
عندما يقول بيان مجلس الوزراء: إن السلطة تريد إنشاء هيئة ضبط لقطاع الإعلام لتضبط الأمور في القطاع.. أجزم بأن أعضاء الحكومة الذين حضروا مجلس الوزراء هذا لم يقرأوا قانون الإعلام لسنة 1990 وإذا قرأوه لم يفهموه.. فالقانون ينص على وجود هيئة ضبط بهذا الاسم تسمى المجلس الأعلى للإعلام، والسلطة هي التي جمدت عمل هذه الهيئة بقانون الطوارئ.. فلماذا يقول مجلس الوزراء بإنشاء هيئة والحال أن القانون موجود والهيئة كانت موجودة وجمدت؟! اللهم إلا إذا كانت السلطة تريد هيئة ضبط أخرى بمواصفات أخرى غير الهيئة التي أقرها القانون في 1990 والتي وضعت الأمر الخاص بضبط المهنة بين أيدي أهل المهنة وهم الصحافيون!
ثمة مسألة أخرى تدل على عدم قراءة الحكومة للنصوص القانونية الموجودة وحتى جماعة النضال من أجل حرية التعبير لم يقرأوا أيضا هذه النصوص.. فالقانون الصادر سنة 1990 ينص صراحة على فتح المجال للسمعي البصري.. وفتح المجال للسمعي البصري لا يحتاج إلى إصدار قانون جديد، بل يحتاج فقط إلى تطبيق القانون الموجود.. أي على السلطة أن تكف فقط عن مصادرة حق الناس في إنشاء قنوات سمعية بصرية بغير وجه حق وخارج القانون! هذا ما نحتاجه الآن تماما مثلما تصادر الحكومة حق الناس في إنشاء الأحزاب السياسية بخير حق.. رغم أن القانون يسمح بذلك!
فالأمر إذن يتعلق بإصلاح سلوك السلطة المتعسف ضد الحريات العامة وخارج إطار القانون وليس إصدار القوانين لمحاصرة هذا التعسف!
ينبغي أن نناضل من أجل وقف تعسف السلطة في عدم احترام القانون ولا نناضل من أجل الحوار مع السلطة لتغيير القوانين لمحاصرة تعسف السلطة!
المطلوب هو تطبيق ما هو موجود من القوانين أولا ثم الحديث بعد ذلك عن التغيير إذا تبين أن القوانين فيها نقائص!
النقائص الموجودة هي في السلطة التي لا تفهم أو تفهم وتتعمد عدم الفهم لكي تأكل بعقل الشعب حلاوة وتربح الوقت ليس إلا؟!
منشور بجريدة الفجر:
http://www.al-fadjr.com/ar/point_organisation/183267.html
تعليق 2227
الى المحترم ناصر مهل
أقصت وزارة الاتصال ممثل ما يعرف بالمبادرة الوطنية من أجل كرامة الصحفي، من المشاركة في اجتماعات اللجنة التي تعكف على إعداد شبكة وطنية لأجور الصحافيين وتنظيم المشوار المهني لهم.
ونقل ممثل المبادرة الزميل بوخدشة رياض، تفاصيل أول اجتماع له مع اللجنة في وقت سابق، والتي كانت سببا في إخراج المبادرة من “الباب الضيق” رغم تمثيلها الواسع في أوساط الصحافيين الذين التفوا حولها بعدما عجزت النقابتين الشرعيتين في إيصال صوت الصحافيين والدفاع على حقوقهم، حيث أشار إلى أن إصرار وزارة الاتصال على إقصاء الصحافيين العاملين في القطاع الخاص من الشبكة الوطنية للأجور، كانت النقطة التي أفاضت “ألكاس” بعدما نبه ممثل المبادرة إلى أن اللجنة ملزمة على العمل على توحيد أجور كل الصحافيين في القطاعين العام والخاص من دون استثناء، وهو الأمر الذي لم يرق لأعضاء اللجنة، المشكلة من ممثل عن وزارة العمل، ووزارة الاتصال، والنقابة الوطنية للصحافيين وآخر من الفدرالية الوطنية للصحافيين الجزائرية المنضوية تحت لواء المركزية النقابية، خاصة بعدما عبر ممثل المبادر صراحة عن رأيه، حين طعن في مشروعية ممثلي النقابتين، وهو الأمر الذي اعتبرته مصالح مهل ” زرع للشقاق والشتم بين رجال المهنة”.
ورغم علم وزارة الاتصال بان اللجنة التي شكلتها من “النقابتين” لا تمثل “حقيقة” الصحافيين الجزائريين ولا تمت بصلة لهم، لأسباب موضوعية، إلا أنها “ركبت رأسها” وراحت تتباهى باستعدادها و” التزامها” بالعمل من أجل الاستجابة “للتطلعات المشروعة” لمهنيي الصحافة على أن يتم ذلك في كنف “الهدوء” وفي احترام الروح “البناءة”، متناسية أن ممثلي النقابتين “هم في وضعية تسلل في لجنة مهل”، لأسباب منطقية وقانونية، يعلمها العام والخاص، حيث أن النقابة الوطنية للصحافيين لم تجدد هيكلها منذ أمد بعيد، وأنا الذي كنت عضوا فيها قبل أن انسحب منها بعدما سددت اشتراكي القانون فيها، ولا اعلم أي شرعية منحت لممثلها، مع احترامي الخالص له.
وبخصوص ممثل الفدرالية الوطنية للصحافيين الجزائريين، إذ أنا ملم بكل كبيرة وصغيرة فيها، على اعتبار عضويتي في اللجنة التنفيذية الفدرالية (المجلس الوطني)، وعلى حد علمي فان الوضعية القانونية لا تسمح لزميلتنا بالجلوس في اللجنة باسمنا لأسباب موضوعية وهو استقالة الأمين العام وحل المكتب الوطني، في انتظار أن تتكرم المركزية النقابية على عقد دورة استثنائية للجنة التنفيذية لانتخاب مكتب جديد وأمين عام، فأي عذر لوزارة الاتصال، بعد هذا.
إنني استنكر هذا الأسلوب، الذي يدل على غايات لا يعلمها إلا أصحاب الوزارة، وادعوا الوزير إلى التجرد من منطق انه وزيرا للصحافة العمومية، التي عبر عنها في عديد المرات، وادعوه للمرة الثانية ألا ينظر إلى أن الصحافة الخاصة هي مجرد “بازار”، واذكره في هذا المقام بالتضحيات الجسام التي قدمها زملائنا من الصحافة الخاصة.
فيصل حملاوي، ناشط في المبادرة الوطنية من اجل كرامة الصحفي
تعليق 2228
مهل : مستعدون للاستجابة “للتطلعات المشروعة” للصحافيين في كنف “الهدوء”
جددت وزارة الاتصال استعدادها و” التزامها” بالعمل من أجل الاستجابة “للتطلعات المشروعة” لمهنيي الصحافة على أن يتم ذلك في كنف “الهدوء” وفي احترام الروح “البناءة”.
و في توضيح اليوم الخميس إثر البيان الذي أصدرته المبادرة الوطنية من أجل كرامة الصحفي جددت وزارة الاتصال “التزامها المطلق بالقيام بكل ما أمكن من أجل الاستجابة “للتطلعات المشروعة” للمهنة على كافة مستويات العمل و ذلك في كنف “الهدوء” و الاحترام و الروح البناءة بعيدا عن الضجة و الإثارة”.
و كانت المبادرة قد اشتكت في بيانها من صفة الملاحظ التي منحتها إياها الوزارة في إطار اللجنة حول شبكة أجور الصحافيين و أكدت أنها قررت من تلقاء نفسها الانسحاب من أشغال تلك اللجنة”.
و ردت الوزارة أنه ” استجابة لطلب المبادرة و بروح تفتح تم إشراك هذه الأخيرة في أشغال اللجنة التي وضعتها وزارة الاتصال من أجل الشروع في إعداد شبكة وطنية لأجور الصحافيين و تنظيم المشوار المهني. و قد تم الاتفاق على أن تكون لممثل المبادرة صفة الملاحظ بإمكانه تقديم اقتراحات شفوية أو كتابية خارج الجلسات لرئيس اللجنة”.
و أضافت الوزارة أنه تم ” منح صفة ملاحظ لكون هذه المبادرة ليس لها وجود قانوني” و أنه ب”الرغم من ذلك فان وزارة الاتصال ارتأت إدماج كل الإرادات الحسنة بهدف التوصل إلى إيجاد الحلول الكفيلة بصون الحقوق الاجتماعية و المعنوية للصحافيين و تعزيزها”.
لكن كما تؤكد الوصاية “خلال احد الاجتماعات أثار ممثل المبادرة بالرغم من صفتة مجرد ملاحظ جدلا مع زملائه الصحافيين الأعضاء في النقابة الوطنية للصحافيين و فيدرالية الاتحاد العام للعمال الجزائريين للصحافيين ( و هما نقابتين
شرعيتين) إلى حد عدم الاعتراف بتمثيليتهم”.
و خلصت وزارة الاتصال للقول بأنه ” و أمام هذا الوضع المؤسف اضطرت الوزارة بكل أسف لدعوة ممثل المبادرة إلى عدم المشاركة من الآن فصاعدا في اجتماعات هذه اللجنة التي تعد فضاء لكل المساعي إلا لزرع الشقاق أو الشتم بين رجال المهنة”.
المصدر: وكالة الأنباء الجزائرية
تعليق 2232
بلقاسم بن عبد الله*
إلى أي حد يستطيع الصحفي أن يتحدى حواجز الرقابة الإدارية والرقابة الذاتية أثـناء أداء مهامه الشاقة والشيقة؟ هل في استطاعته أن يتقمص مؤقتا دور الشرطي أو الجاسوس للوصول إلى مصادر الخبر؟ وما مقدار كمية أكسجين الحرية الممنوحة للصحفي المحترف في وطني العزيز لممارسة مهنة المتاعب بكل صدق ومصداقية؟ تساؤلات مثـيرة للجدل واجهتني وصافحتني هذه الأيام، قبيل ظهور قانون الإعلام الجديد، وما قد يتضمن من نص خاص برفع التجريم عن الجنح الصحفية.
ويتحرك شريط الذكريات ليتوقف هذه المرة عند قضية حيوية حساسة، حدثـت مباشرة بعد زلزال 10 أكتوبر 1980 بمدينة الأصنام التي استعادت اسم الشلف، حيث كلفت بمهمة صحفي مبعوث خاص لوكالة الأنباء الجزائرية سذء لمدة أسبوعين متتاليين وسط خيام المنكوبين، أتابع عن كثـب حجم المأساة وقوة التضامن، وأرسل الأخبار الجوارية والتحقيقات الميدانية في حينها، على وقع دوّي عشرات الهزات الارتدادية في اليوم الواحد.
ومباشرة بعد انتهاء هذه المهمة الشريفة، عدت إلى مقر عملي بالمكتب الجهوي لوكالة الأنباء بوهران، وسرعان ما وجدت نفسي في زحمة ضيوف الرئيس الأسبق أحمد بن بلة الذي أطلق سراحه بمناسبة أول نوفمبر 1980 ومنع من أي تحرك سياسي، وكنت أول صحفي جزائري يتقرب منه وقتئذ، ويتحدى الحصار، قابلته مرتين، وأجريت معه حوارا هاما كاد أن يعرّضني لعقوبة السجن. وفي اليوم الموالي، تملكتني جرأة وحماس وخبرة (ج ح خ) الشباب، فبادرت بإرسال نص الحوار المطول إلى المدير العام لوكالة الأنباء ليبث في أمر نشره أو رفضه، وألحقته بمجموعة من الانطباعات والأصداء حول إقامة الرئيس أحمد بن بلة وتحركاته بولاية وهران.
وبعد أيام قليلة، تعرّضت لاستنطاق لطيف ظريف من طرف عناصر الأمن بوهران، ثـم استدعيت بعدها من طرف المدير العام لوكالة الأنباء وقـتـئذ، السيد المحترم محمد السعيد الذي ترشح ولم يفز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة لشهر أفريل .2009 واجهني بأسئلة محرجة حول ظروف وملابسات مبادرتي بإجراء أول حوار من نوعه مع الرئيس بن بلة، وأجبته بكل عفوية وذكاء، وحذّرني بضرورة استشارة المسؤولين قبيل القيام بمهمة صعبة لا تخلو من خطورة، فقلت ما معناه: أعتقد أن الصحفي مثـل المحارب، عندما يجد نفسه في غمرة المعركة، لا ينتظر حينها الاستشارة أو التوجيهات الفوقية.. وأغلق الملف مؤقتا.
وقد تحدثـت مطولا عن هذا الحوار الهام وتساؤلاته ودلالاته في محاضرة ألقيتها بمدينة مغنية الحدودية بمناسبة إقامة أسبوع تكريمي للرئيس أحمد بن بلة منتصف ماي .2005 كما نشرت الحوار كاملا مع بعض الانطباعات والأصداء في نفس الفترة بكل من الجرائد الوطنية، وظلت عدة تساؤلات عالقة حاولت أن أجيب عنها في كتابي الجديد ''مرافعات ومتابعات''، الذي ينتظر أن يصدر قريبا إن شاء الله. وكان الذي كان، والحكاية تطول والأمثـلة تتعدد. ومع ذلك، يعود التساؤل الشرعي لينتصب من جديد: وهل تكفي كمية أكسجين الحرية الممنوحة للصحفي المحترف في وطني العزيز لممارسة مهنة المتاعب بكل صدق ومصداقية؟
* كاتب
منشور بجريدة الخبر
http://www.elkhabar.com/ar/autres/discution/256049.html
تعليق 2237
قانون الإعلام في الجزائر
بين أمل المهدي المنتظر وظهور المسيح الدجال
رشيد حمليل *
هناك من يحلو له عند مناقشة قانون الإعلام الجديد، التقيّد بقانون أفريل .1990 وهناك من يَجْتَرّ قانون فيفري 1982 ليبحر فيه قصد إظهار المكاسب المحقَّقة. مع أنّ تاريخ النشر والطباعة والإشهار في الجزائر تجاوز القرن، وتاريخ الصحافة في الجزائر ثـري بالتجارب. فقد بدأ عنيفًا مع الاستعمار الفرنسي، وعاش صحافة استيطانية، ثـم صحافة أهالٍ، بعدها، شهد صحافة ثـورية، تبعتها صحافة ما بعد الاستقلال وما واكبها من تغيّرات كثـيرة على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثـقافي. ورغم أن فترة ما قبل التعددية عرفت نظاما سلطويًا شموليًا صَادَرَ حرية الكلمة، إلاّ أنّ هذا لم يمنع أبدًا من ظُهور صحافة وطنية قويّة بمحتوى أرقى ممّا هي عليه اليوم، من حيث نقل الأخبار والطرح والمعالجة، كما أن فترة الحزب الواحد كان فيها عدد الصحف الأجنبية بمختلف اللغات التي تُباع في الجزائر أكبر بكثـير ممّا هو عليه اليوم. والفرق الوحيد بين صحافة اليوم وصحافة الأمس، أنّ الكلمة الحُرّة كانت تُضْرَبُ بالأمس بالرصاص الحَيّ، وأصبحت الكلمة الحُرّة اليوم تَضْرِبُ بالرصاص الأبيض. عيبنا أنّ البعضَ منّا عندما يُفكّر في التغيير، فإنّه يُطيلُ النظر من الزاوية السلبية، وعوَض التركيز على الإيجابيات والبحث عن السُبُل الناجعة لعلاج السلبيات، فإنّه يُطفئ الأضواء ليغرقَ بعدها في الجانب المظلم، ويُصبح يستلذّ الحديث عنه والإيمان بأنّه قَدَر محتوم، والبعض الآخر أغلقَ على نفسه الأبواب في حقبة زمنية جدّ محدودة، رَبَطَهَا برئيس حكومة سابق أو وزير إعلام سابق، ينظرون إليه كأنّه نبي الإعلام، أو أب الديمقراطية، مع أنّنا عشنا في نفس تلك الفترة الزمنية ولم تشملنا رسالة ذلك النبي الذي لم تَكُنْ رسالته، حسب ما يبدو، إلى الناس كافّة، إنّما اقتصرَت على بعض الحواريين الذين آمنوا به. وهذا شأن حال حواريي إعلامنا، لا يُصَلّون إلاّ بوُجود نبي يقفون خلفه، وعندما يَحينُ وقت التغيير، فإنّهم عوَض التفكير في الإصلاح، يحتفلون بيوم الصعود، لأنّهم في حقيقة الأمر لا يُؤمنون برسالة أيّ نبي، إنّما يبحثـون فقط عن الموائد التي تُنزل إليهم من السماء.
بوادر الفشل
يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي : ''من علم بفساد نفسه، علم صلاحها''. فأوّل بارقة الإصلاح يَقيننا بضرورة التغيير، والإجماع على أنّ هذا القانون ليس هو فقط سبب بلاء إعلامنا، لكن هناك ممارسات يكمنُ فيها الخلل، والعارف بالحقل الإعلامي الجزائري يعلم أن الصحافةَ الجزائرية منذ الاستقلال لم ترتبط في يوم ما من قريب أو بعيد لا بوزارة الاتصال ولا بوزارة العدل، إنّما تَرتبطُ خيوطها بجهات ومصالح تتحكّمُ فيها أكثـر ممّا يحكمها قانون الإعلام.
الحديث عن الديمقراطية يجرّنا بالضرورة للحديث عن قانون الإعلام، وكأنَّ كلّ مشاكل الجزائر تكمن في فشل قانون الإعلام، وتوحي الإصلاحات أنّه بمجرد وضع قانون جديد للإعلام، فإنّ كلّ مشاكل الجزائر ستُحَلّ أو أنّه بداية حلّ معظمها، لهذا، يبقى أمل انتظاره يشعّ ببريق ولهفة انتظار المهدي المنتظر.
فماذا لو تخلّصنا من وَهْم المهدي المنتظر وأسَّسنا أعْرَافًا إعلامية مثـلما يحدث في العديد من الدول؟ فكلّ من يصل إلى سدّة الحكم في بلادنا يريد التأكيد على أنّه أبو حرية الإعلام في الجزائر، وعوَض تشييد صُرُوح الحريات لنا، يبني لنا قانونا من ورق.
أُولى بوادر الفشل في قانون الإعلام الجديد النظر إلى إصلاحه على أنّه يأتي ضمن إصلاحات سياسية أخرى، وهذا أكبر خطأ، لأنّ الإصلاح أكبر بكثـير من أيّ عملية سياسية مرتبطة بشخص أو حزب أو ظرف، وهو أَهَمّ لأنّه الأعَمّ، فالإصلاح هو الذي يشمل السياسة وليس العكس، وهو الذي يَقُودُ السياسة ويُوجّهها وليس العكس، والإصلاح لُغَة ضدّ الإفساد، وعدم الاتّفاق على حدود الإصلاح أو إطاره هو أوّل خطوة لإفساد الإصلاح.
إنّ إصلاحَ قانون الإعلام هو قبل كلّ شيء مُصالحة حقيقية بين السلطة ووسائل الإعلام، ومصالحة بين وسائل الإعلام فيما بينها، فكيف سنَتّفقُ على هذه الإصلاحات والسلطة عاجزة عن جمع كلّ أصحاب المهنة في حوار وطني شامل؟ كيف نَتّفقُ على هذه الإصلاحات ووسائل الإعلام غير قادرة على الاجتماع فيما بينها، على الأقَلّ لجمع الشمل على كلمة سَوَاء بينهم وبين غيرهم؟ فالاختلاف على الإصلاحات أولى خيوط الفشل، لأنّ الإصلاح لا يعني فرض رؤية على أخرى، إنّما توافُقًا بين كلّ الأفكار، حتى لا ينظر البعض في الأخير إلى قانون الإعلام الجديد على أنّه ثـورة كبيرة، وينظر إليه البعض على أنّه انكسار وتقهقر.
* كلية العلوم السياسية والإعلام
fr.hamlilpresse@yahoo
منشور بجريدة الخبر
http://www.elkhabar.com/ar/autres/discution/256051.html
تعليق 2238
السمعي ـ البصري في الجزائر رهين الإرادة السياسية
عبد العزيز رحابي *
يقدّر عدد القنوات التلفزيونية العربية بحوالي .800 فإن كان هذا العدد لا يمكن أن يشكل مؤشرا على مدى الاستقلالية أو نوعية الخدمة المقدمة، فإنه يعكس، بالمقابل على الأقل، مستوى عال من الوعي لدى الحكام القطريين والسعوديين والمصريين واللبنانيين، حول أهمية هذه القنوات. أما الجزائر، فإنها تشهد أضعف تغطية في العالم العربي، من حيث الإنتاج وعرض عدد القنوات الإذاعية والتلفزيونية.
ويطرح في هذا المقام سؤال: لماذا مثـل هذه الوضعية؟ هنالك سببان على الأقل، السبب الأول: من أجل تبرير الوضع الحالي، يريد صانعو القرار في الجزائر إيهام الجزائريين أن انفتاح وتحرير المجال السمعي ـ البصري خلال التسعينيات كان مصدر وأساس الإرهاب والأزمة السياسية الحالية. وقد نجحت هذه المغالطة، لأن الجزائريين كانوا يطمحون في العيش في كنف السلم، أيا كان ثـمن الحرية. والغريب في الأمر أن هذه المغالطة لقيت تأييدا من قبل التيار الأكثـر رجعية في التيار الإسلامي، الذي رسخ الفكرة القائلة بأن حريات التعبير والإبداع والتسلية ليست مطابقة مع قيم الإسلام. أما السبب الثاني، فإنه أريد إيهام الجزائريين بأن فتح المجال السمعي ـ البصري لن يكون انفتاحا على الآراء ومواقف مختلف الحساسيات الموجودة في المجتمع، بل خوصصتها وبروز قوى المال.
في الحقيقة، الواقع يثـبت خوصصة فعلية للسمعي ـ البصري العمومي، حيث نجحت مجموعات من أصحاب القرار من خلال المحتوى الحالي للبرامج، في تمديد سن مراهقة الشباب والإبقاء على الكهول في زمن الماضي الدائم، وهذا الوضع يماثـل صورة تكريس الفكر الصبياني التي نجدها في الإعلام الرسمي التونسي والليبي والمصري، قبل الصحوة الفكرية الأخيرة. وشجع هذا الوضع لدينا تشكيل رأي عام مميّع دون يقين وقناعات راسخة، يسوده الشك حول كل شيء، وتطبعه اللامبالاة للعناوين والافتتاحيات الكبيرة التي تكشف عن فضائح مالية وسياسية. فأصبح المواطن يعيش خروقات القانون كأنها قدر محتوم، بل إنه أصبح لا يتساءل حول غياب رد فعل الدولة أو العدالة.
إننا أما حالة فريدة من نوعها، لا يتم فيها تأكيد المعلومة أو نفيها، أو إنارة الرأي العام الذي انحصر في نوع من الخنوع والاستسلام أو الشك الدائم، والنتيجة فقدان الإعلام والاتصال المؤسساتي لأي شكل من أشكال المصداقية.
أما فيما يخص الصحافة المستقلة نفسها، فينتهي بها المطاف إلى التكيف مع الوضع، وتفقد بالتالي أيضا تأثـيرها ومصداقيتها، ليتجه الجزائري على ضوء ذلك نحو وسائل الإعلام الأجنبية. وحينما تمتزج أو تختلط المعلومة الصحيحة بالإشاعة أو الخداع حسب الحالات، فإنه يصبح من الصعب على الدولة أن تجنّد الشعب حول المخاطر والتهديدات التي تواجهها الأمة، وهذا يمثـل أخبث أو أحط مساس بالسيادة الوطنية في مفهومها الحالي.
وحينما يتم اختزال السمعي ـ البصري العمومي في مجرد أداة للحفاظ على السلطة، فإن صنّاع القرار الجزائريين الحاليين، وهو مصطلح عام يعنى به رئيس الجمهورية وجزء من قيادة الجيش، يتحمّلون مسؤولية سياسية ثـقيلة، حينما يسندون مهمة صقل وتشكيل فكر الجزائريين إلى غير الجزائريين. فكيف يمكننا أن ندّعي بأننا نحمي السيادة ونسند في ذات الوقت مخيّلة أطفالنا بسورة شبه كاملة لمنتجات سمعية بصرية أجنبية، ثـم نتعجب بعدها بأن أبناءنا لا يجدون معالمهم في منظومة الهوية الوطنية. أبناؤنا على غرار كل أطفال العالم، نتاج ما يشاهدونه وما يسمعونه وما يقرؤونه، فلا يمكن أن نعطي أوامر للروح، بل يجب أن نغذيها بإنتاجنا الفكري.
وإذا اعتبرنا أن نسبة 75 بالمائة من البروتينات التي نستهلكها تأتي من الخارج عن طريق الاستيراد، فإنه من السهل، إذن، أن نعترف بأن كل ما هو معنوي تبعيته إلى الخارج أكبر وأهم، ولا يمكن تصحيحها بمجرد امتلاك المحروقات أو احتياطي الصرف، إلا إذا أقرينا، كما نسمعه مرارا في الآونة الأخيرة، أن حاجيات الجزائري تختزل في أولى احتياجاته الغذائية.
معنى الإصلاح هو إعادة المجال السمعي ـ البصري إلى دوره الأصلي، المتمثـل في الخدمة العمومية، وأن يصبح لسان حال كل الجزائريين دون استثـناء، بغض النظر عن آرائهم ومواقفهم وانشغالاتهم وتطلعاتهم، وهذا هو المفهوم الحقيقي للانفتاح، أي نقبل بأن الإعلام مهمته الطبيعية هو الاتصال والتكوين والتسلية.
في الوضع الحالي كما كان الحال في الماضي، فتح المجال السمعي ـ البصري يخضع في المقام الأول للإرادة السياسية، وهي اليوم غير متوفرة، لأن الشفافية تعني بالنسبة للمعارضين للإصلاحات والمتعوّدين على الحصانة واللاعقاب، بأن يتقبلوا المساءلة أمام ممثـلي الشعب حول أمور تسيير شؤون الدولة وكل ما له صلة بالمال العام.
إن أصحاب القرار الحاليين لا يزالون يعتنقون ويتبنون دائما ثـقافة سياسية بالية، عفا عنها الزمن، مهيمنة خلال سنوات الستينيات، والتي كانت تعتبر السر هو السلطة، في حين أن العالم الجديد أثـبت بأن من يتحكم في أدوات الاتصال هو من يملك السلطة.
إن ديناميكية التاريخ لا مفر منها ولا يمكن وقف وتيرتها، وبالتالي، ستتم إصلاحات في هذا القطاع على المدى القصير ليس كطلب داخلي، ولكن كاستجابة للمتطلبات والضغوطات الإقليمية والدولية. إن مشاريع الإصلاحات المقترحة ستؤدي بنا في أفضل الأحوال إلى وضع ما قبل 1999 حيث كانت هناك ديناميكية لفتح مجال السمعي ـ البصري من خلال مصادقة البرلمان على قانوني الإشهار وسبر الآراء، كما كان مسموحا بإنشاء جرائد، ولم يكن هناك احتكار للإشهار المؤسساتي، وكان المجال السمعي ـ البصري مفتوحا على كل الحساسيات.
أخيرا، يمكن أن نراهن، دون شك، على أن المدافعين الحاليين على الغلق سيكونون في طليعة روّاد الانفتاح، وسينصبون أنفسهم كمدافعين عن حرية التعبير من أجل الاستحواذ على الإعلام السمعي ـ البصري، في حال كما حدث في القطاع الاقتصادي، وكذا في التجارب الانتقالية في أمريكا اللاتينية وأوروبا الوسطى قبل عشرين سنة.
* وزير سابق للاتصال والثـقافة وأستاذ جامعي
منشور بجريدة الخبر
http://www.elkhabar.com/ar/autres/discution/256054.html
تعليق 2239
طالب إعلاميو وهران وزير الاتصال ناصر مهل الذي واجهوه أمس، من دون اقتراحات جاهزة مسبقا حول مشروع قانون الإعلام لعدم إعلامهم بلقائه، بضرورة تطبيق القوانين الجاهزة كتلك المتعلقة بقانون العمل، وهذا ما نوه به الوزير الذي وعد بالاتصال مع وزير العمل من أجل تحقيق هذه المطلب.
خيبة أمل كبيرة أصابت رجال الإعلام بوهران الذين حضر بعضهم إلى مقر ولاية وهران أمس من أجل تغطية لقاء بين وزير الإعلام والناشرين بوهران، حسب الدعوات الموجهة إليهم من قبل ولاية وهران، فوجدوا أنفسهم معنيين بالنقاش مع الوزير دون سابق إنذار، بل على الأكثـر أنهم وحدهم الذين ناقشوا الوزير وطرحوا انشغالاتهم واقتراحاتهم شفهيا في الوقت الذي لم يتدخل فيه ولا ناشر من الذين كان اللقاء مبرمجا من أجلهم.
ومن بين ما أثاروه في النقاش بوهران، قضية الأجور التي تدفعها بعض الجرائد لصحفييها، والتي تراوحت ما بين 4 آلاف و12 ألف دينار، وكذا قضية التأمينات التي لا يستفيد منها كل العاملين في مجال الإعلام بالجهة الغربية. وذلك بالإضافة إلى الطرد التعسفي الذي طال صحفيين بسبب مطالبتهم بحقوقهم المهنية والاجتماعية.
وفي رده على هذه الانشغالات، قال وزير الاتصال إن ما يحفظ حقوق رجل الإعلام هو فرض نظام داخلي على كل المؤسسات الإعلامية مع تطبيق الاتفاقية الجماعية، كما حث الصحفيين المتضررين على رفع دعاوى قضائية ضد الجرائد التي تشغلهم من أجل استرجاع حقوقهم.
وتطرقت إحدى الزميلات إلى ما يتعرض له الصحفيون من مضايقات واعتداءات وزج في محافظات الشرطة أثناء أداء مهامهم، وهذا ما ندد به الوزير ناصر مهل الذي قال ''أنا ضد مضايقة أي صحفي من أي جهة كانت''، مؤكدا أنه ''لم تصله من الإعلاميين شكاوى في هذه الصدد''.
كما أثار الذين حضروا من الإعلاميين قضية إقصاء الصحفيين الأحرار من النقاش الوطني رغم القوة التي يشكلونها، وهذا ما علق عليه أنه يتعامل مع هيئتين معترف بهما، لكنه لا يهمل اقتراحات باقي عمال القطاع.
ودعا صحفيو وهران إلى خلق مراكز تكوين الصحفيين الممارسين من أجل الرفع من مستواهم المهني. وهذا ما أيده وزير الاتصال الذي وعد بالسهر على تجسيده.
ونالت قضية البطاقة المهنية الوطنية حصة الأسد في النقاش، بحيث عرض الحاضرون اقتراحات تخص من له حق الاستفادة منها.
من جهة أخرى وضع مؤسس الجريدة الإلكترونية ''الجزائر فوكيس'' بين يدي الوزير عريضة مطالب كتابية أعدها العاملون بموقع ''تي أس أ'' و''ألجيري فوكيس''، ووعد مستلمها أخذها بعين الاعتبار في المناقشة المتعلقة بهذا الصرح الإعلامي الجديد.
المصدر: جريدة الخبر
تعليق 2256
لقاء الصحفيين بالبرلمانيين حول ''القذف'' في وهران
''المطالبة بتجريد النيابة من صلاحية تحريك الدعوى العمومية''
وهران: ل. بوربيع
خلص اللقاء الذي جمع، أمس، 10 برلمانيين من ولاية وهران، مع مجموعة من الصحافيين، إلى التزام النواب بعرض المقترحات المتمخضة عن هذا الاجتماع على اللجنة القانونية، وتوصيل التعديلات المقترحة على المادتين 144 مكرر 1 و146 من قانون العقوبات، التي تحدد العقوبات المسلطة على المدان بتهمة القذف.
وشارك في هذا اللقاء نواب وهران في المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، السادة خليل ماحي، براهة جلول والسيدة مختارية رقيق من جبهة التحرير الوطني، إبراهيم خوجة وأمين علوش من حركة الدعوة والتغيير، محمد مخالدي وعون الله من الجبهة الوطنية الجزائرية، السيدة بن جاب الله من حركة الشبيبة والديمقراطية. واعتذر النائبان مصطفى بوعلقة من جبهة التحرير وفتح الله شعابني من الجبهة الوطنية الجزائرية لغيابهما عن وهران. في حين قاطع نواب التجمّع الوطني الديمقراطي اللقاء، بحجة أن قيادة حزبهم لم تأذن لهم بالحضور، إضافة إلى خبراء قانونيين.
واقترح الصحفيون إدخال تعديلات على المادة 144، التي سقطت منها عقوبة الحبس بأمر من رئيس الجمهورية، وإضافة ''لا يجوز مباشرة الدعوى العمومية إلا بعد إخطار مجلس أخلاقيات المهنة، طبقا للتشريع المعمول به''. ''إلغاء عقوبتي الحبس والغرامة. وفي حالة المتابعة يعود الاختصاص إلى القضاء المدني بناء على المسؤوليات القضائية بالنسبة للتعويضات''. وهي الاقتراحات التي انبثقت بعد مداخلة الأستاذ زياد لطوف، الخبير القانوني المتخصص في حقوق الإنسان، والذي أسند هذا الطرح إلى النظم القانونية العالمية، ومنها المعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، والتي تعتبر تناول الشخصيات العمومية،في إطار المهام التي يؤدونها من واجبات العمل الصحفي.
وطرح الصحفيون إشكالية ''إصرار النيابة وقضاة التحقيق'' على إحالة الدعاوى المرفوعة ضد الصحفيين، حتى في الحالات التي يثبت فيها عدم تأسيس هذه الدعاوى، أو انتفاء وجه المتابعة، وفي كثير من الحالات دون الاستماع إلى صاحب الشكوى. وطالبوا بنزع ''أهلية مباشرة الدعوى العمومية من النيابة، لأنها أولا طرف في الخصومة بحكم كونها تمثل السلطة التنفيذية''.
المصدر: الخبر
تعليق 2271
السجن أحب إليّ!
عبد الرحمن طيبي
الكل على يقين بأن أنظار الجميع لاسيما العاملون في قطاع الإعلام مصوبة إلى ما سيتمخض عن التعديلات المقترحة لقانون العقوبات، والتي حملت فيما حملت إسقاط عقوبة حبس الصحفي، و”طرطقة” جيب سرواله وسراويل دواره وعرشه، حيث تكفي أدنى قيمة للغرامة المقترحة لشراء سيارة صينية شبيهة بـ “سبارك أفيو”، وأعلاها لشراء سيارة من نوع “رونو سيمبول” –قاعدة- بمعنى “لا باز”.
وبعيدا عن مهاترات بعض نواب البرلمان، او حتى مزايدة بعضهم الآخر، فإن معالجة القضية مجتزءة بعيدا عن قانون الإعلام ومجلس أخلاقيات المهنة أو مجلس أعلى للإعلام ما هو في حقيقة الأمر إلا إفراغ وراء الإناء أو بالعربي الدراج “كوبان مور الطاس”، إلا أنه وإن كان فعل إسقاط عقوبة سجن الصحفي من قانون العقوبات محمودة، لكن القضية في عمومها وفي نظر أهل القطاع لا تعالج بهذه الطريقة، أو بالأحرى لا تعالج بعيدة عن سياقات قبيلة وبعدية، تتطلبها مراجعة واستحداث تشريعات أخرى لها ارتباط وثيق بتنظيم وتسيير المهنة.
وإذا جرت الرياح بما تشتهيه الأنفس أو كما تعودته على الأقل، عبر إسقاط عقوبة الحبس، وتكريس عقوبة الغرامة التي تضاهي دية قتل النفس التي حرم الله عن طريق الخطأ، فإني على يقين بأن لسان حال غالب أهل القطاع هو “السجن أحب إليّ”، فلتسقط الغرامات ولتثبت عقوبة السجن، فعلى الأقل يمكن للصحفي إذا دخل السجن الذي لا زال مفهومه في المخيال الشعبي مستصحبا لمفاهيم في مخاييل سابقة من أنه مدرسة لتكوين الرجال، أقول على الأقل يمكنه إقامة علاقات وصداقات جديدة، والتمتع بوقته في المطالعة والتأمل، فضلا عن أخذ دروس خصوصية عند أمثال عاشور عبد الرحمن وغيرهم، بالإضافة إلى كون مأكله ومشربه وملبسه على “ظهر” الدولة، ويمكن للصحفي بعد خروجه من هذه المدرسة أن يكون مزودا بكم هائل من الأعمال التي تشمل كل الأنواع الصحفية، تكفيه لتسويد صفحات جريده لأكثر من ستة أشهر، وغيرها من المزايا.
وفي الأخير، ومن هذا المنبر أتوجه إلى نواب الأمة بأن يجتهدوا في استحداث مادة تجعل من كل صحفي بلع لسانه وكسّر قلمه مخبأ في جيبه لمدة سنة دون أن يتسبب في استفزاز أو تحريك أصحاب الجبب السوداء من غير المحامين، من حقه على الدولة أن تمنحه قيمة الغرامة بين أدناها وأعلاها، وله الخيار بين “سبارك أفيو” أو “رونو سيمبول” “لا توت” أو “ماروتي” وذلك أضعف الإيمان، لأنه في كلتا الحالتين سيكون شعار “السجن أحب إليّ” هو المنتصر.
المصدر: زاد دي زاد
تعليق 2311
أ.رشيد حمليل
قراءة في قانون الإعلام رقم 90-07 المؤرخ في 3 أفريل 1990
الباب الأول : أحكام عامة
– المادة 1 : تغيير مفهوم الحقّ في الإعلام إلى الحقّ في الاتصال.
– المادة 2 : تغيير عبارة (الحقّ في الإعلام يُجسّده حقّ المواطن في الإطلاع….) إلى عبارة جديدة تهتمّ بحقّ المواطن في الاتصال بمفهومه الواسع وليس مجرّد حقّ الإطّلاع.
– المادة 3 : ضرورة تحديد مُقتضيات السياسة الخارجية والدفاع الوطني في الميثاق الشرفي لأخلاقيات المهنة حتى لا تبقى هذه العبارة مبهمة وفضفاضة يُمكن تحويرها واستغلالها حسب الظروف.
– المادة 4 : تُعَوّض عبارة الحقّ في الإعلام بعبارة الحقّ في الاتصال.
– الفقرة الأخيرة : تبديل كلمة (سَنَد) بكلمة (دعامة)، لأنّ كلمة (دعامة) هي المستعمَلة في قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
الصادر في 6 مارس سنة 1997، لحماية الدعامة الإعلامية وكلّ مصنفاتها تجنّبًا للفراغ القانوني الذي يُعاني منه القضاء والذي ذهب البعض ضحيته وعجزت العدالة عن مناقشة و معالجة ملفاته.
– المادة 5 : تُثرى، لأنّها تتناول مهام الإعلام في مراحله التاريخية الأولى.
– المادة 6 : تُلغى، لأنّها تُشكّل عرقلة إدارية، أو تُعَدَّل إلى ضرورة إبلاغ الناشر المجلس الأعلى للإعلام بعد صدور الدورية، لينظر المجلس بعدها في محتوى الدورية ومجال تخصّصها، ثمّ الحكم بعدها.
– المادة 7 : تُلغى، لأنّها مُناهضة للحرّيات طالما أنّ الحُجَج التي يُقدّمها المجلس الأعلى للإعلام لا وجود لها في قانون الإعلام، وهذا يعني منحه امتياز امتلاك السلطة التقديرية، وهذا ما يتنافى مع سنّ قانون يسدّ كلّ الفراغات.
– المادة 9 : تُلغى لعدم صلاحيتها، فمن مهام الحكومة إبلاغ المواطنين في كلّ وقت، وهي ليست بحاجة إلى مادة قانونية تسمح لها بالاتصال بالمواطنين أو المؤسسات متى اقتضت الضرورة ذلك.
الباب الثاني : تنظيم المهنة
الفصل الأول : العناوين والأجهزة التابعة للقطاع العام
– المادة 10 : إضافة مادة قانونية (في باب الأحكام الجزائية) لمعاقبة وسائل الإعلام العمومية في حالة رفضها فتح باب التعبير أمام أيّ تيار أو فكر. فالقانون الذي يسنّ مادة تُلزم، ينبغي أنْ يسنّ مادة أخرى تعاقب من يرفض الالتزام بهذه المادة.
المادة 13 : تُلغى، طالما أنّ الحريات تكفلُ للجميع التحدّث بكلّ اللهجات الشعبية التي تُدْرَجُ في إطار الحقّ الطبيعي.
الفصل الثاني : إصدار النشريات الدورية
– المادة 14 : تُعَدَّل، طالما أنّ الواقع أثبت أنّ الناشر فَقَدَ كلّ حقوقه.
* فصل كلّ علاقة بين الناشر ووزارة العدل، فالجهة الوحيدة المؤهَّلة لمنح ترخيص لإصدار نشرية دورية هو المجلس الأعلى للإعلام.
* إضافة مادة تُلزم المجلس الأعلى للإعلام بتسليم وصل إيداع للناشر يسمح له بطبع نشريته بعد ثلاثين يومًا إلاّ في حالة الرَدّ بالرفض الذي ينبغي أنْ يتلقّاه الناشر قبل انقضاء مدّة ثلاثين يومًا من إيداع طلبه، وبمجرّد تسليم المجلس الأعلى للإعلام الرَدّ (سواء بالرفض أو القبول)، يَسحبُ منه وصل الإيداع.
* إضافة مادة قانونية تُلزم كلّ المطابع بطبع أيّ دورية نشرية تجاوَزَ طلب إيداع ملفها لدى المجلس الأعلى للإعلام مدّة ثلاثين يومًا في حالة عدم تلقّي أيّ رَدّ.
– المادة 18 : تُلغى الفقرة الثانية من المادة، لأنّها إهانة كبيرة في حقّ حرّية الإعلام، فمن جهة لا يمنع القانون أنْ يتلقّى أيّ عنوان أو جهاز إعلامي أيّ إعانة من أيّ جهة، شرط أنْ تكون جزائرية فقط، ومن جهة أخرى يفرضُ على هذا العنوان أو الجهاز الإعلامي كلّ الخضوع إلى الجهة المانحة، وهذا يعني وضع حرية الإعلام تحت سلطة المال، وإلاّ فما المقصود بالارتباط العضوي؟
* إضافة مادة جدّ مُهمّة : إخضاع المادة الإشهارية والإعلانات الخاصة بالشركات الأجنبية إلى رقابة صارمة من قبَل المجلس الأعلى للإعلام، فالإعانات الأجنبية تدخل دائمًا من باب الإشهار.
– المادة 20 : التغيير يُقدَّم للمجلس الأعلى للإعلام وليس لوكيل الجمهورية.
– المادة 21 : سنّ مادة قانونية (في باب الأحكام الجزائية) تعاقب الطابع إذا رفض طبع أية نشرية دورية في حالة ما إذا استوفى الناشر كلّ الشروط.
– المادة 22 : حذف شرط السلوك المضاد للوطن، لأنّه شرط مطاطي، والاكتفاء فقط بشهادة السوابق العدلية، لأنّ السلوك من الناحية القانونية ليس حكمًا.
* حذف شرط الجنسية الجزائرية، فمثل هذا الشرط يغلقُ الأبواب أمام المستثمر الأجنبي، فالمؤسسة الإعلامية هي مؤسسة تجارية مثل غيرها من المؤسسات التجارية الأخرى، ومثلما فُتحت أبواب المؤسسات الأخرى أمام المستثمر الأجنبي، ينبغي أنْ تتبنى الدولة نفس الاتجاه من أجل تحقيق انفتاح اقتصادي شامل مع تطبيق نفس الشروط.
– المادة 24 (الفقرة السادسة) : تصحيح كلمة (حرب التحرير) بـ(ثورة التحرير)، فالجزائري قام بثورة تحرير وليس بحرب تحرير.
– المادة 25 : الإكتفاء فقط بإرسال النشريات الدورية إلى المكتبة الوطنية، لأنّ شكليات الإيداع تعني شكلاً من أشكال الرقابة.
– المادة 26 : ترك مهام تحديد المخالفات للجنة أخلاقيات المهنة حتى تُدَقّقها ولاتبقى مطّاطية يُمكن التلاعُب بها أو اختراق فراغاتها.
الباب الثالث : ممارسة مهنة الصحفي
– المادة 29 : ينبغي على المجلس الأعلى للإعلام تحديد الشروط التي تسمح لصحفي عناوين القطاع العمومي المساهمة في الأجهزة الأخرى.
– المادة 30 : ضرورة تحديد شروط تسليم بطاقة الصحفي المحترف.
* وضع على بطاقة الصحفي عبارة تسمح لحامل البطاقة الوصول إلى مصادر الخبر، عوَض العبارة القديمة التقليدية : (على قوات الجيش والشرطة تسهيل مهام حامل البطاقة)، لأنّ العبارة الأخيرة تُوحي بأنّ حامل البطاقة يعمل في دولة بوليسية، كما أنّ الجيش والشرطة ليسا في خدمة أيّ صحفي و لاتسهل مهامه، وفي حالة تعرّض أيّ صحفي لمشاكل، فحقوقه ينالُها من المحاكم وليس من محافظات الشرطة أو الثكنات العسكرية.
– المادة 31 : ينبغي توضيحها أكثر، فهل ينبغي أنْ يكونَ العمل هو الدخل الوحيد للحصول على الاعتماد؟ أم تكفي المساهمة من حين لآخر للحصول على هذا الاعتماد؟
– المادة 34 : إضافة مادة جديدة تنصّ على التزام المجلس الأعلى للإعلام الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للصحفي المحترف في حالة وجود نزاع بينه وبين مؤسّسته الاعلامية.
– المادة 35 : إضافة مادة تُعاقبُ كلّ من يمنع صحفي محترف من الوصول إلى مصادر الخبر.
* ضرورة التوضيح بالتدقيق المصادر المصنَّفة قانونًا بأنّها محمية قانونًا و لا ينبغي استغلالها كمصادر للأخبار حتى لا يتحوّل مصدر الخبر إلى مصدر لإدانة الصحفي، مع ذكر هذه المصادر أو المعلومات بالتدقيق في قانون الشرف لأخلاقيات المهنة.
* ضرورة مراعاة مهمّة الصحفي في البحث عن الحقيقة والتنوير والإصلاح وكشف المفاسد، وعدم التذرّع بالطابع السرّي للمصادر من أجل غلق الأبواب أمام أيّ عمل صحفي، وبالأخَصّ أمام صحافة التحقيقات، ورفع اللبس بين المقال الذي يكشف سرًا والمقال الذي يَكشفُ حقيقة.
– المادة 36 : ينبغي ترك تدقيق مثل هذه المعلومات في ميثاق أخلاقيات المهنة، وربط درجة التهديد الأمني أو الاقتصادي أو أيّ تهديد آخر بحجم الخسائر التي يُسبّبها أو حجم التهديد الذي يُمكن أنْ يُلحقه بأيّ جهة حتى لا تكون هذه المصادر مطّاطية تتحوّلُ إلى حبل لخنق العمل الصحفي وقطع الطريق أمامه للوصول إلى الحقيقة.
– المادة 40 : ضرورة اعتماد هذه المادة في ميثاق أخلاقيات المهنة و إثراءها.
الباب الرابع : المسؤولية وحقّ التصحيح وحقّ الردّ
– المادة 42 : تحميل المسؤولية لجميع من يُشارك في سلسلة نشر الخبر هو تكبيل لحرية كلّ من يشارك في صناعة الإعلام، ولم يسبق لأيّ قضية عُرضت على المحاكم الجزائرية أنْ حمّلت المسؤولية لكلّ حلقات السلسلة لاستحالة تطبيق مثل هذه المادة التي تجاوَزَهَا الزمن باعتبارها مادة رادعة أسقطتها حتى قوانين بعض الأنظمة الشمولية. الأفضل، حصر المسؤولية في كاتب المقال ومدير النشر فقط، مع إضافة المُصَوّر في حالة ما إذا كان المقال مرفوقًا بصورة أو أكثر.
– المادة 43 : تُلغى لارتباطها بالمادة 42
– المادة 51 : إضافة إلى هذه المادة (في باب الأحكام الجزائية)، العقوبة التي تُسلّط على المؤسسة في حالة رفضها نشر الردّ، أو في حالة تأخير نشر الردّ أو التصحيح إلى ما بعد مرور ثمانية أيام، أو إلى آخر يوم من اليوم المحدَّد للنشر (بعد 59 يوم)، مع مراعاة الأضرار المادية والمعنوية التي يُمكن أن يُسبّبها تأخير نشر الرَدّ.
– المادة 52 : ضرورة تحديد كذلك مدّة ثمانية أيام لنشر أو بثّ الحُكم النهائي بانعدام وجه الدعوة أو البراءة حتى لا تتماطل المؤسسة الاعلامية في النشر أو البثّ.
الباب الخامس : النشر والتوزيع والبيع بالتجوّل
– المادة 53 : ينبغي التأكيد عليها، وإضافة مادة (في باب الأحكام الجزائية) تُوَضّح طبيعة العقوبة المسلّطة على كل موزّع يُخالفها و لا يضمنُ المساواة والتغطية في مجال التوزيع.
– المادة 54 : يجب إضافة مادة جديدة تفرض على البائع المتجوّل أو أيّ بائع للنشريات إمضاء عقد بينه وبين المُوزّع حتى يُثبتَ البائع المصدر الذي زَوَّده بالنشرية، وحتى يضمنَ الموزّع حقوقه لدى البائع.
الباب السادس : المجلس الأعلى للإعلام
– المادة 59 : ينبغي توضيح ما يلي تفاديًا لأيّ نقص أو فراغ قانوني :
* الفقرة 1 : تبيان أشكال وأدوات التعبير حتى يضمنها المجلس الأعلى للإعلام.
* الفقرة 2 : على المجلس الأعلى للإعلام ضمان استقلال أجهزة القطاع العمومي، ورسم حدوده حتى يحميه من أيّ تدخّل أو تهديد، وهذا بتحديد مفهوم الخدمة العمومية والصالح العام.
* الفقرة 3 : تحديد طبيعة التشجيع : مادي أو معنوي؟ و المقاييس المعتمَدة حتى يكون للدعم فعاليةً ودون إقصاء لأحد.
* الفقرة 4 : يجب على المجلس الأعلى للإعلام تحديد مستوى الإتقان في ظلّ التدنّي المستمرّ لمحتوى وسائلنا الإعلامية وتدحرج مستوى لغة الإعلام من لغة سهلة بسيطة وسليمة إلى لغة الشارع التي لا تقوم على أيّ قاعدة لغوية و أخلاقية ، و أمست وسائل الإعلام جزءًا مسبّبًا للانحطاط اللغوي والثقافي .
* الفقرة 5 : تحديد القواعد الاقتصادية التي يسهر على شفافيتها ، فهذة المادة تحتاج إلى شفافية أكثر لمعرفة حدود سلطة المجلس الأعلى للإعلام التي تُخَوّلّ له حقّ الإشراف والمراقبة والتدخّل في هذه القواعد الاقتصادية المُسيّرة لأنشطة الإعلام.
* الفقرة 6 : رفض تمركز عدّة عناوين بين يدي مالك واحد يتعارَضُ مع حرّية النشر، ويحدّ من قُدرات أيّ ناشر في إصدار عناوين عديدة، كما أنّ هذا الرفض لم يحدّد سقف العناوين الذي لا يُمكن تجاوزها؟ الصحيح (المستحب)، إلغاء هذه الفقرة المتعارضة مع تشجيع الاستثمار والتي تضيّق سُبُل خلق وسيلة جديدة للتعبير.
* الفقرة 8 : في حالة امتلاك المجلس الأعلى للإعلام حقّ إبداء الرأي في النزاعات بين مديري الأجهزة الإعلامية ومُساعديهم، ما هو ثقل ووزن هذا الرأي طالما أنّه لايملك حقّ الفصل في النزاع؟ وهل يملك من عناصر القوّة القانونية التي تُؤهّله للفصل في مثل هذه النزاعات؟
* الفقرة 9 : تؤكّد مرّة أخرى أنّ المجلسَ الأعلى للإعلام لا يحقّ له الفصل أو الحُكم، وأنّ مهامَه محصورة فقط في البحث عن مُصالَحة، مع أنّ النزاعَ معناه أنّ أحدَ الطرفين يشعرُ أنّ حقّه مهضوم ويحتاج إلى من يرفع عنه الظلم.
* الفقرة 10 : تحديد الاعانات المحتملة و حجمها و لماذا صبغها بسمة المحتمَلة؟ هل هي ظرفية؟ من يُوزّعها؟ هل ستحدّد كل سنة ضمن ميزانية المجلس باعتباره المؤهَّل قانونًا لتحديد قواعدها؟
* الفقرة 11 : ضرورة إدراج وتحديد مقاييس الإشهار التجاري ضمن قانون الإشهار.
– المادة 63 : لا يُمكن للصحفيين انتظار التقرير السنوي للإطلاع على نشاط المجلس الأعلى للإعلام، فإذا كان هذا الأخير يهدف إلى ممارسة مهامه بكلّ شفافية، فهذا يقتضي عليه نشر دورية شهرية تتضمن كلّ نشاطاته حتى يطّلعَ عليها كلّ أهل المهنة، وتسمح لهم بتتبّع ومراقبة كلّ أعمال المجلس.
– المادة 67 : تفقد لجنة أخلاقيات المهنة إذا كانت تحت سلطة المجلس الأعلى للإعلام، قيمتها المعنوية، وتتحوّلُ إلى مجرّد مصلحة إدارية تابعة للمجلس.
– المادة 72 : تعيين 3 أعضاء في المجلس الأعلى للإعلام من طرف رئيس المجلس الشعبي الوطني يعني إمكانية تعيين 3 أعضاء ينتمون أو لهم مُيُولات للحزب الذي ينتمي إليه رئيس المجلس الشعبي الوطني، ممّا يعني احتمال إمكانية فرض وجهة نظر حزب رئيس المجلس الشعبي الوطني على المجلس، بالأخَصّ إنْ كانت هي نفسها متطابقة مع وجهات نظر الأعضاء الذين يُعَيّنهم رئيس الجمهورية، ممّا يعني أنّ أصواتَ الأعضاء الذين تُعيّنهم الإدارة ستغلب أصوات الأعضاء الذين ينتخبهم الصحفيين. وعليه، فالأحسن إلغاء حقّ تعيين رئيس المجلس الشعبي الوطني لأعضاء المجلس.
الباب السابع : أحكام جزائية
– المادة 78 : أثبتت الأحداث أن الصحفي لا يتعرض للإهانة و القول الجارح و التهديد فحسب بل يتعداه إلى الضرب. وعليه، ينبغي تشديد العقوبة على كل من يعتدي جسديا على الصحفي أثناء تأديته لمهامه.
– المادة 97 : إلغاء هذه المادة، فإذا كان رئيس الجمهورية الجزائرية ورُموز الجمهورية الجزائرية تُهان من قبَل وسائل الإعلام الأجنبية باسم حرية الإعلام، فكيف نمنع نحن عن وسائل إعلامنا هذه الحرّية التي تسمح لهم على الأقلّ الرَدّ على مثل هذه التُّهَم وبالمثْل.
– المادة 98 : تُلغى، لأنّها لا تختلف في شكل المادة 97 ومضمونها.
– المادة 99 : تُلغى، فهذه المادة تعكس قمّة الاستبداد والقهر، إذْ كيف يُسْمَحُ للمحكمة أنْ تحجزَ أملاك المؤسسة المخالفة وإغلاقها مؤقّتًا أو نهائيًا؟ يكفي المحكمة معاقبة مدير النشرية وصاحب المقال أو تسليط عليهما أقسى العقوبة حسب القانون، لكن أنْ يدفعَ باقي عمال المؤسسة ثمن خطأ لم يرتكبوه، فهذا يعني تطبيق قانون العقاب الجماعي، وهو حكم انتقامي أكثر منه حكم قانوني، فبأيّ حقّ تُقْطَعُ الأرزاق؟ وبأيّ حقّ تُغلق أبواب مؤسسة إعلامية تساهم في التنمية الاقتصادية؟
هذه قراءة متأنية لمحتوى قانون الإعلام، قراءة تدفعني أيضًا إلى طرح بعض الملاحظات وإبداء بعض الأفكار عساها أنْ تساهم في إثراء قانون الإعلام الجديد، وحدّدتها في مسائل لابد للبحث عن إجابات لها
تسنّ من خلالها مواد قانون الاعلام الجديد و تندرج فيما يلي :
– ما معنى الحريات؟
– ما معنى المبادئ؟
– ما هو مفهوم الحقّ في الاتصال؟
– ما هو مفهوم الخدمة العمومية؟
– ما هو مفهوم الصالح العام؟
– من يهدّد حرّية الإعلام؟
– ما هو التهديد الذي يُمكن أنْ يُشَكّلَهُ الإعلام؟
– كيف نحمي كلّ طرف من تهديد الآخر؟
إقتراحات وآراء خاصة بالمجلس الأعلى للإعلام
– ضرورة إنشاء المجلس الأعلى للإعلام.
– خلق منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للإعلام، يُعيّن عن طريق اقتراع أعضاء المجلس.
– إقتراح تعيين عضو من قبَل المجلس الدستوري لمتابعة مدى تطابُق عمل المجلس مع القوانين من أجل ترقية الحريات، تكون مهمّته استشارية.
– عدم اشتراط الجنسية الجزائرية في عضو المجلس الأعلى للإعلام (في قانون 1990)، يسمح للصحفيين انتخاب أيّ صحفي أجنبي عضوا في المجلس الأعلى للإعلام. وعليه، ينبغي وضع شرط الجنسية الأصلية.
– شروط انتخاب عضو المجلس الأعلى للإعلام تحرم أيّ مسؤول في أي مؤسسة إعلامية من التقدّم للترشّح طالما أنّه يُمْنَع حتى من الممارسة غير المباشرة لوظيفة داخل مؤسسة إعلامية أخرى، وهذا معناه أنّ الترشّح سيقتصر فقط على الصحفيين دون المسؤولين.
– إقتراح مادة قانونية تُجبر المجلس على وضع استراتيجية إعلامية لمدّة سنة، وفي حالة فشل المجلس في تطبيقها يتعهّدُ بتقديم استقالة جماعية. مثل هذه المادة، هي الضمان الوحيد لتقدّم عمل المجلس، وإلاّ فإنّه سيركن إلى الخمول، ويتحوّل إلى مجرّد إدارة ميّتة وكراس فارغة ومكاتب لا حياة فيها طالما أنّ المجلس لا يُطوّرُ نفسه ولا يسهر على تطوير الاتصال.
– ضرورة تفكير المجلس في وضع قَسَم شَرَفي، يَتَعَهّدُ من خلاله العضو قبل بداية ممارسة مهامه باحترام الدستور وتطبيق قانون الإعلام. الهدف من هذا القَسَم، خلق تقاليد جديدة تُضفي على المنصب قيمة معنوية.
– منح الحصانة لأعضاء المجلس الأعلى للإعلام.
– إمكانية منح المجلس الأعلى للإعلام مثل هذه الحصانة لأيّ صحفي يثمّن ُ المجلس الأعلى للإعلام بعد الاستماع إليه حقّ الاحتفاظ بسرّ المهنة. بمعنى، أنّ الصحفي يُخبر المجلس الأعلى للإعلام ويتحفّظ أمام القضاء، ويُمَثّل المجلس الأعلى للإعلام الصحفي أمام القضاء دفاعًا عن الحرّيات ما لم يترتّب عن المعلومة أضرارًا مادّية تَخُصّ الأمن العسكري أو الاقتصادي.
– لم يفصل القانون في حالة استحالة عمل أعضاء المجلس مع رئيسهم حقّ طلب إقالته وهل تكفي نصف الأصوات لقبول رئيس الجمهورية تنحية رئيس المجلس الأعلى للإعلام وتعيين رئيس آخر؟
– العضو مُلزَم بالسرّ المهني، أثناء آداء مهامه، فهل هو مُعفى من هذا الالتزام بمجرّد أنْ يغادرَ المنصب؟
– هل يحقّ للمجلس الأعلى للإعلام التأسّس كطرف مدني ضدّ أيّ مؤسّسة أو هيئة أغلقت أبواب مصادر الخبر أمام أيّ صحفي دون حُجّة أو تبرير لهذا الغلق؟
– اللجان التي ينبغي أنْ يُنشئها المجلس الأعلى للإعلام لتشجيع ودعم الإعلام :
* لجنة النشر
* لجنة الطباعة
* لجنة التوزيع
* لجنة الإشهار
* لجنة المنازعات (أخلاقيات المهنة)
* لجنة الحريات
– ضرورة خلق لجان جهوية تمثّل المجلس في مختلف الولايات، تقوم بمهام الرقابة، وتتكوّن من صحفيين متطوّعين يتمّ انتخابهم جهويًا ولا يتمتعّون بأيّ مزايا. ويتم تعيين هذه اللجان بقرار من المجلس مدّة انتخابهم سنة واحدة قابلة للتجديد.
– إذا كان المجلس الأعلى للإعلام هو الذي يمنح ترخيص النشر، فما هي الأسباب أو الظروف التي تسمح له بسحب هذا الترخيص من الناشر، وفي حالة سحب ترخيص من ناشر نهائيًا، هل يَسمحُ المجلس الأعلى للناشر إصدار نشرية جديدة بعنوان جديد؟ ينبغي إدراج مثل هذه المادة حتى يكون السحب النهائي قانونيًا حتى لا يبقى حبيس ذهنيات وخلفيات سياسية أو حسابات تضرّ السياسة والحريات معًا.
– ينبغي على المجلس الأعلى للإعلام الحرص على التنوّع الإعلامي : وطنية، محلية، يوميات، أسبوعيات، نصف شهرية، شهرية، مجلات، دوريات. وعلى تشجيع الإعلام المتخصّص : إخبارية، ثقافية، علمية، رياضية، دينية… فللأسف الشديد، أثبت الواقع أنّ مسؤولي الإعلام في بلادنا اعتقدوا أنّ الإعلام يعني فقط الجرائد اليومية، ممّا أنتج لنا إعلامًا أعرجًا، لأنّ اليوميات هدفها الأوّل هو نقل الأخبار، أمّا الأسبوعيات والنصف شهرية فتعمل على تقديم التحقيقات والتحليلات المعمّقة والمقالات الدسمة، وتهتمّ الشهرية بالدراسات العلمية والنظر بمنطق العقل إلى معالجة الأحداث من خلال تحليل نتائجها.
– يحقّ للمجلس الأعلى للإعلام إجبار بعض المؤسسات العمومية الكبرى على توزيع وبيع مجلاتها الخاصّة في الأسواق العمومية حتى يستفيد منها كل القرّاء، فهذه المؤسسات تصرفُ على مجلاتها من أموال الخزينة العمومية، ومن حقّ كلّ قارئ الاطّلاع عليها. وباعتبار أنّ المجلس يقومُ بدور تشجيع الإعلام والترويج له، فمن واجبه القيام بهذا الدور على أكمل وجه، وفي حالة رفض الناشر الامتثال لأمر المجلس الأعلى للإعلام، يحقّ لهذا الأخير سحب الترخيص منه ، فالكثير من هذه النشريات الدورية تَحملُ صفة المجلة أكثر ممّا تحمل سمات النشرية الداخلية، كما يُمكن للمجلس الأعلى للإعلام وضع شروط مالية، ففي حالة ما إذا تجاوز مثلاً سحب مجلة معيّنة مبلغًا معيّنًا أو عددًا محدَّدًا، يفرضُ على المؤسسة توزيعها خارج أبوابها. مثل هذه الممارسات، ترشد المال العام.
إقتراحات وآراء أخرى
– ضرورة وضع قانون للإشهار يصدر في نفس فترة صدور قانون الإعلام الجديد.
– ضرورة وضع قانون للإعلام السمعي البصري يصدر في نفس فترة صدور قانون الإعلام الجديد.
– ضرورة إدراج مواد قانونية لضبط الأنترنت ضمن قانون السمعي البصري.
– ضرورة إنشاء المجلس الأعلى للسمعي البصري يُعَيّن في نفس فترة تعيين المجلس الأعلى للإعلام.
– ضرورة وضع قانون لسبر الآراء يصدر في نفس فترة صدور قانون الإعلام الجديد.
– إدراج المنتوج الإعلامي ضمن قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لحماية حقوق الصحفي المبدع وحَلّ الإشكال الواقع بين الإبداع والدعامة.
– ضرورة فرض على كلّ جهاز إعلامي استقبال عدد معيّن من طلبة معاهد علوم الإعلام والاتصال، فالمؤسسة التي لا تُساهم في التكوين ترفض المساهمة في التطوير. يُراعى في هذا الجانب إمكانات كلّ مؤسسة، مع ضرورة موافقتها على استقبال الحدّ الأدنى من الطلبة في كلّ دورة تدريبية.
أ. رشيد حمليل
كلية العلوم السياسية والإعلام
hamlilpresse@yahoo.fr
تعليق 2313
قانون الإعلام في الجزائر
بين أمل المهدي المنتظر وظهور المسيح الدجال
يقول توماس جيفرسون (1743-1826) ثاني رئيس أمريكي قبل أكثر من مائتي سنة : “إذا تُرِكَ لي حرّية تقرير ما إذا كانَ يجبُ أنْ تكونَ لنا حكومة دون صحف أو صحف دون حكومة، فإنّني سوف لن أتردّدَ لحظة في أنْ أختارَ الثانية وأهجر الأولى”، وٍيُعتبَر جيفرسون الأب الأوّل للديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية، لأنّه باختصار الرئيس الأمريكي الوحيد الذي خدم فترتين كاملتين في السلطة دون استخدام حقّ النقض ضدّ مشروع قانون واحد في الكونغرس.
قالها الرئيس الأمريكي بعد مائتي عام من صدور أوّل جريدة، ونحن بعد مائتي عام من قول جيفرسون وأربع مائة عام كاملة من صدور الصحافة نستغربُ ممّن يريد إفراغ الهواء من عجلة التقدّم في الجزائر حتى لانتقدّم أصلاً وفي حالة ما إنْ حدث التقدّم لايكونُ بالوتيرة التي من شأنها إقامة أيّ تغيير نحو الأفضل.
أكذوبة قانون الإعلام
إذا كان العقد الاجتماعي يُعتبَر أكبر أكذوبة سياسية ناجحة، فإنّ قانونَ الإعلام في الجزائر يُعتبَر أكبر أكذوبة سياسية فاشلة، ذلك أنّ قانون الإعلام ارتبط في كلّ مرّة بمشاريع إصلاحية تَوَلّدت عن قرارات سياسية تمخّضت عن جوّ سياسي مُكهرَب بضغطٍ عالٍ أَحرقَ الإصلاحات حتى يُضيىءَ السياسة.
عيب الإصلاح في الجزائر، أنّه دائمًا جزء من العملية السياسية، رغم أنّ الإصلاح ليس مجرّد عمل سياسي بل هو أكبر بكثير، فهو عمل حضاري شامل يتناوَلُ الأفكار والقيَم والمفاهيم، وعملية مستمرّة غير مرتبطة بظرف سياسي معيّن، لكن بالحاجة إليه باستمرار، وليس مجرّد إضفاء بعض المساحيق لتجميل بعض الممارسات السياسية لحين من الوقت.
فشل الإصلاح في الجزائر سببه، يعودّ أنّ القائمين عليه يُخْلطون بين دوافع الإصلاح وجوّ الإصلاح، صحيح أنّ الدوافع إليه لا تُعَدّ ولا تُحصى، لكن دون تهيئة الجوّ اللازم للمبادرات الحُرّة والحوارات الفكرية.
إنّ انعدامَ الشفافية والوُضوح في أيّ عملية اصلاح معناه استحالة أنْ يتبيّنَ لنا الخيط الأبيض من الأسود، فباعتبار أنّ الإصلاح يعني وُجود أخطاء وفساد وفشل، كان ينبغي وضع كلّ التَحَدّيات الإعلامية في اعتبارنا، وذلك بتحديد أولويات لا يُمكن تجاهلها عن عمد أو إغفالها عن جهل للتخلّص من كلّ الشوائب التي يُمْكنها عرقلة مسار الاصلاحات، حتى تكونَ هذه الإصلاحات مَعاول بناء وليس معاول هدم أو معاول نحفر بها قبورنا.
قانون إعلام مضاد للزلازل
إزالة الفاسد بما هو نافع ومُفيد هو الإصلاح الحقيقي، هو تقويم الاعوجاج و تغيير قواعد العمل ومعالجة القصور والاختلال التي تعوق التنمية والنهوض من كلّ النواحي، إذْ ما هي فائدة تغيير أو تعديل قانون الإعلام إذا لم يكن هذا التغيير بعيدًا في مداه، جذريًا في مُنتهاه، إبتداء من تحليل وتفكيك كلّ أسباب أخطاء قانون الإعلام القديم للوصول إلى أدوات العلاج، فالإصلاح هو نُزوع نحو الأصلح، وعملية شاملة. وعليه، الأجدر بنا قبل التفكير في وضع مواد أو نصوص لهذا القانون، أنْ يسبقَهُ قراءة متأنّية لكلّ الأخطاء، وأنا هنا لستُ من السلبيين الذي يريدون التركيز على الجانب المُظلم، لكن ينبغي دراسة السلبيات لتفاديها وتحاشي الوقوع فيها مستقبَلاً، ووضع الإيجابيات أمام أعيننا وعدم الاكتفاء بها، بل يجب تطويرها وتعميمها، وأنا أتساءل دائمًا عن فائدة إصلاح قانون الإعلام إذا حجبنا عن أعيننا أخطاء الماضي وتجاهلنا معالجتها.
يجتهد الفلاح بغية الحصول على منتوج جيّد ووفير، فيقوم بعمليات عديدة تبدأ بتخليص الأرض من الشوائب، و اختيار البذور الجيّدة، ثمّ يكد كلّ أيام الفصل بهمّة ونشاط لرعاية زرعه بالسقي وحمايته من كلّ طارئ يُمْكنه تهديد محصوله. وكما يُدرك الفلاّح ببساطته أنّ المنتوج الجيّد والوافر يستحيل الحصول عليه إلاّ بالإعداد الجيّد للتُربة يُدرك البَنَّاء أيضًا أنّ تشييدَ أيّ بناية تَستلزمُ ضرورة دراسة الأرض التي يُقام عليها البناء، وينبغي على الدولة مثلما أَلْزَمت أنْ تكونَ البنايات الجديدة مُضادّة لهزّات الزلازل أنْ تَضَعَ قانونًا للإعلام لا يتأثّرُ بأيّ هَزَّة مهما كان حجمها أو طبيعتها.
كيف نُصلحُ أعطاب قانون الإعلام الأخير دون الوقوف على مكمن الخلل؟ فأيّ منطق هذا؟ فأيّ عملية جراحية يَقومُ بها الطبيب تَفرضُ عليه بعد الفحص إجراء تشخيص للتأكّد من سلامة الجسم وخُلوّه من أمراض أخرى، ونحن نُريدُ أنْ نَحملَ المشرط ونفتح جسم المريض قبل أنْ نَعرفَ حتى طبيعة المرض الذي جعله طريح الفراش طيلة عشرين سنة، فما جدوى إصلاح مادة في قانون الإعلام والإبقاء على مادة مُعرقلة؟ فالإصلاح هو إعطاء دفع حقيقي للحرّيات، كلّ الحرّيات، وإلاّ فإنّ العملية تبقى مجرّد ترقيع للإبقاء على واقعٍ بثوبٍ بالٍ لكن بألوان جديدة لا تسرّ إلاّ نَظَر حامل فُرشاتها، ويتحوّلُ قانون الإعلام الجديد إلى حقّ يُراد به باطل.
إعلام الحالات الاستثنائية
ما هي الدروس التي استخلصناها حتى نستطيعَ الانطلاق في وضع اللبنات الأولى التي يقومُ عليها قانون الإعلام الجديد؟
ليس هناك أسهل من وضع قانون للصحافة، لكن ليس هناك أصعب من تطبيق أيّ قانون في جوّ غير ديمقراطي يَفتقرُ لكلّ ممارسات الحرّية التي تضمنُ الحدّ الأدنى من الحقوق، وهذا ما يلقي بضلاله على هذا القانون الذي سيُصبحُ مع مرور الزمن وَرَقَة تتغنّى بها السلطة عن ديمقراطية لا وُجود لها إلاّ في خيال حبْر على ورق، ونبقى نحن نَتذرّعُ في كلّ مرّة بأنّ عُيوبَ القانون تكمنُ في أنّه وُضعَ في حالة استثنائية لم يكن الوقت فيها مُتّسعًا للعمل بشكل يُتيحُ التطرّق إلى كلّ صغيرة وكبيرة. لهذا، ينبغي الإشارة إلى أنّ هذه الحالة التي نجتازها، المُستثنى فيها الوحيد أنّ هناك من يرغبُ في جعل الوقت استثنائي لتمرير أيّ قانون بشكل يُحَوّل الاستثناء إلى حتمية لتثبيته وتبرير ما لا يُبَرّر.
أنتجت لنا الحالة الاستثنائية في كلّ مرّة، قانونًا يُعَمّرُ أكثر ممّا تُعَمّر الجرائد، وعليه، فإنّنا نُطالب في هذه المرّة بقانون إعلام عادي (غير استثنائي)، يحمي الجرائد وتحميه الجرائد، قانون يكون سَنَدًا لها لا سلاحًا يُشهر في وجهها، أو سكّينًا حادّة يذبحها، أو مقصلة لقطع رؤوس أقلامها الحرّة.
إنّ طريقةَ تعاطي السلطة مع هذا الواقع، وبهذه السرعة، يُوحي بأنّها تُريدُ أنْ تتجاوَزَهُ، أنْ تقفزَ عليه، لتخنقه، وكأنّنا بمجرّد وضع قانون للإعلام، سنتخلّص من كلّ المشاكل المرتبطة به، وهذا الاعتقاد أوّل الأخطاء، لأنّ السلطة لم تمنح لنفسها ولوسائل الاعلام الوقت الكافي والضروري لمُراجعة نفسها والقيام بنقد ذاتي لتصحيح الأخطاء، فالحكمة تَفرضُ علينا التأنّي وعدم الهرولة لتعديل أو إلغاء أو إثراء هذا القانون لمجرّد سَنّ قانون جديد، فأساس العملية الإصلاح، والإصلاح يعني مبدئيًا النظر في طبيعة الخلل و العطب و البحث عن حلول ناجعة له .
إصلاحات ساندويتش
إبتعادًا عن إصدار أيّ أحكام مُسْبَقة، ورغبة في عدم الرجم بالغيب، إلاّ أنّ هناك جوًا يُوحي أنّ هناك تيارًا يهدفُ عن عمد إلى الإسراع بطبخ هذه الإصلاحات وتقديمها بأسرع وقت، وهو بهذا لا يختلفُ عمّن يُحَضّر الوجبات الخفيفة، وكأنّه يُريدُ أنْ يقولَ لنا : “تريدون إصلاحات؟ حاضر، كلّكم ستنالون نصيبكم من الإصلاحات، وبأسرع وقت مُمكن، وبالصلصة التي تشتهونها”.
إنّ الوقتَ الضيّق الذي حُصر فيه أهل شعاب الإعلام يغلقُ المجال أمام بذْل أيّ مجهود للمساهمة، بل العكس، فهو يُوحي بأنّ الطبخةَ مُحَضّرة مسبقًا، ويفقد حقّه في هذه الطبخة كلّ من يَحْضرُ متأخّرًا.
الأدهى، أنْ يُطالَب أهل المهنة بتقديم اقتراحات خاصّة بقانون عضوي للإعلام، وأقدام الدولة تجري بوتيرة متسارعة لتعديل الدستور وهو أسمى القوانين، فهذا يعكس قمّة التناقُض أنْ يبحثَ الإنسان في العَدَم أو يبني على أرض غير صالحة للبناء، فالدستور الذي يدعو الجميع إلى تعديله ينبغي أوّلاً أنْ يتضمّنَ مبادئ جديدة تُوَفّر المزيد من الحرّيات التي يُبْنى عليها قانون الإعلام الجديد، فالقانون العضوي لأهمّيته، يخضعُ للرقابة السابقة للدستور ويصادَق عليه من قبل ثلثي أعضاء البرلمان، عكس القانون العادي الذي يخضع للرقابة اللاحقة للدستور ويُعتبَر أقلّ مرتبة من القانون العضوي، ويخضع لأغلبية المصوّتين في البرلمان، أيّ أغلبية الحاضرين فقط.
كما أنّ وضْعَ قانون عضوي بحجم قانون الإعلام بين يدي برلمان يَفتقدُ لكلّ شرعية ليس بحُكم أهل الصحافة فقط، لكن بحُكم أعضاء البرلمان أنفسهم الذين يُجمعون على أنّهم لايُمَثّلون إلاّ أنفسهم، سيُفقده كلّ قيمة معنوية، كما أنّه من غير المعقول أنْ يمرّ مثل هذا القانون بأمر رئاسي، لأنّ التشريع بأمر رئاسي يُكرّس سياسة إفراغ البرلمان من قيمته الحقيقية ويزيد من تقزيم حجمه، ويُجَذّر من عقلية غلق الأبواب أمام كلّ رياح التغيير والإصلاح نحو ديمقراطية حَقّة، وإذا كنّا سننتظر الانتخابات التشريعية القادمة التي يُطالب بها الجميع كأداة من أدوات الإصلاح للتصويت على قانون الإعلام الجديد، لماذا وضع العربة قبل الثور؟
حائط المبكى
من السذاجة، أنْ ننتظرَ من قانون الإعلام الجديد أنّ يمنحنا المزيد من الحرّيات، لأنّ الحرّية تُؤخَذُ بالممارسة ولا تُعطى بالقانون، فنحن عشنا كيف تُوضَعُ ملفات الاعتماد لدى وكيل الجمهورية دون أنْ تلقى أيّ رَدّ، ودون أنْ تَمْنَحَ العدالة حتى وَصْل إيداع يُثبت به رقم الملف، وعشنا كيف يَذهبُ صاحب الاعتماد بملف كامل ليطبع جريدته ليتفاجأ أنّ المطبعة تُطالبه بترخيص لا يعرف حتى مدير المطبعة من أيّ جهة يُستخرَج.
ومن غير المنطقي تحميل وسائل الإعلام أكثر من طاقتها فيما يتعلّق بفُرَص تحقيق إصلاح شامل، فالإعلامي وقانون الإعلام يظلاّن مجرّد قناة تلعبُ دوراً مهماً بين الشعب ومؤسساته، لكنّهما يعجزان عن المساهمة بشكل مباشر في عملية إنجاح كلّ الإصلاحات في ظلّ غياب بديل حقيقي لواقع متأزّم يرفض أساسًا التعامُل مع الأوضاع بشكل عقلاني وأكثر منطقية.
بعض الذين يتحدّثون عن قانون الإعلام (مع احترامي الشديد لكلّ زملاء المهنة) تجاوَزَهم الزمن و فاتتهم الأحداث، بتركيزهم على تعديل مواد والإبقاء على أخرى باعتبارها مَكْسَبًا لا ينبغي التخلّي عنه والعَضّ عليها بالنواجذ، رغم أنّ كلّ الفخّ يكمنُ في هذه المواد التي قُدّمت في القانون كما يُقَدّم السُمّ في العسل، ومازالوا يتحدّثون عن قانون الإعلام رغبة في إثبات وُجودهم، فهم ارتبطوا عضويًا بهذا القانون مثلما ارتبط هذا القانون العضوي عضويًا بالنظام، لأنّ كلّ ما يعرفونه عن الصحافة هو ترتيل مواد قانون الإعلام عن ظهر قلب وتحويل قوانينه إلى حائط مبكى.
وعلى الرغم من ضرورة بقاء رجل الإعلام اللاعب الأَهَمّ في عملية إصلاح قانون الإعلام، إلاّ أنّه للأسف الشديد تبقى الاقتراحات المُقَدّمة على قلّتها لا تفي بالمَرْمَى ولا المقصود في الرفع من مكانة حرّية القلم وإعلاء شأن الكلمة، و السبب يعود بالدرجة الأولى ليس فقط إلى ضيق الوقت، إنّما عدم وُضُوح الرؤية ممّا هو مطلوب : هل نريدُ إصلاحًا أم تعديلا؟
من قال أننا بحاجة إلى قانون إعلام؟
إنّ الإصلاحَ، لا يعني فقط مُعالَجة العليل وتطبيب المُصاب، إنّما يعني اقتراح البدائل، فهل نحن بحاجة حقًا إلى قانون للإعلام؟
هناك من يحلو له عند مناقشة قانون الإعلام الجديد التقيّد بقانون أفريل 1990، وهناك من يَجْترّ قانون فيفري 1982 ليُبحرَ فيه قصد إظهار المكاسب المحقّقة، مع أنّ تاريخ النشر والطباعة والإشهار في الجزائر تجاوز القرن، وتاريخ الصحافة في الجزائر ثريّ بالتجارب، فقد بدأ عنيفًا مع الاستعمار الفرنسي، وعاش صحافة استيطانية، ثمّ صحافة أهالي، بعدها شهد صحافة ثورية، تبعتها صحافة ما بعد الاستقلال وما واكبها من تغيّرات كثيرة على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي، ورغم أنّ فترة ما قبل التعدّدية عرفت نظامًا سُلطويًا شُموليًا صَادَرَ حرّية الكلمة، إلاّ أنّ هذا لم يمنع أبدًا من ظهور صحافة وطنية قويّة بمحتوى أرقى ممّا هي عليه اليوم من حيث نقل الأخبار والطرح والمعالجة، كما أنّ فترة الحزب الواحد كان فيها عدد الصحف الأجنبية بمختلف اللغات التي تُباع في الجزائر أكبر بكثير ممّا هي عليه اليوم، ويكفي فخرًا أكبر الصحفيين في الجزائر أنّهم خرّيجي مدرسة (الشعب) و(المجاهد)، والفرق الوحيد بين صحافة اليوم وصحافة الأمس، أنّ الكلمة الحُرّة كانت تُضْرَبُ بالأمس بالرصاص الحَيّ، وأصبحت الكلمة الحُرّة اليوم تَضْرِبُ بالرصاص الأبيض.
الصحافة الجزائرية تَملكُ من النُضج والخبرة ما يُؤَهّلها للذهاب بعيدًا في مجال تكريس الحرّيات، فالجزائر هي ثالث بلد عربي يَعرفُ الصحافة بمفهومها الحديث، وظهرت أوّل جريدة في الجزائر (ليستافيت دو سيدي فيروش) مع حملة سفينة الجنرال دوبورمون الاستعمارية سنة 1830، ويُمكن اعتبار هذا غنيمة حرب مثلما غنمت مصر أوّل جريدة عندما أدخل نابليون بونابرت المطبعة إلى مصر لينشر جريدة (لو كوريي دو ليجيبت) سنة 1798، وصدرت (المبشّر) كأوّل جريدة بالعربية في الجزائر سنة 1847، وكانت (كوكب إفريقيا) التي أصدرها محمد كحول أوّل جريدة باللغة العربية يُصدرها جزائري الأصل والهويّة، كما أنّ الوكالة الوطنية للنشر والإشهار التي تأسّست سنة 1967، لم تنشأ من العَدَم، بل ورثت التقاليد العريقة والتجربة الرائدة التي تتمتّع بها شركة (هافاس) الفرنسية، وما يُقال عن الصحافة المكتوبة يَنطبقُ على الإذاعة والتلفزيون باعتبار أنّ تاريخهما يَشهدُ على مُستواهما الحقيقي، رغم أنّهما تعرّضتا في السنوات الأخيرة إلى فَشَل مُبَرْمَج ومدروس، شأنهما شأن المؤسّسات الاقتصادية الأخرى التي عرفت نفس المصير المشؤوم.
عيبنا، أنّ البعضَ منّا عندما يُفكّر في التغيير، يُطيلُ النظر من الزاوية السلبية، وعوَض الأنتباه للإيجابيات والبحث عن السُبل الناجعة لعلاج السلبيات يُطفئ الأضواء ليغرق بعدها في الجانب المظلم، ويصبح يستلذّ الحديث عنه والإيمان بأنّه قدَر محتوم، بينما أغلق البعض الآخر على نفسه الأبواب في حقبة زمنية ضَيّقة رَبَطَها برئيس حكومة سابق، أو وزير إعلام ينظرون إليه كأنّه نبيّ الإعلام، أو أب الديمقراطية، مع أنّنا عشنا في نفس تلك الفترة الزمنية، ولم تشملنا رسالة ذلك النبيّ الذي لم تكن رسالته على حسب ما يبدو إلى الناس كافّة، إنّما اقتصرت على بعض الحَواريين الذين آمنوا به، وهذا شأن حال حواريي إعلامنا : لايُصَلّون إلاّ بوُجود نبيّ يقفون خلفه، وعندما يَحينُ وقت التغيير، فإنّهم عوَض التفكير في الإصلاح، يحتفلون بيوم الصُعُود، لأنّهم في حقيقة الأمر لايُؤمنون برسالة أيّ نبيّ، إنّما يبحثون فقط عن الموائد التي تُنزل إليهم من السماء.
بوادر الفشل
يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي : “من علم بفساد نفسه علم صلاحها”، فأوّل بارقة الإصلاح يقيننا بضرورة التغيير، والإجماع على أنّ هذا القانون ليس هو فقط سبب بلاء إعلامنا، لكن هناك ممارسات يكمن فيها الخلل، والعارف بالحقل الإعلامي الجزائري يدري أنّ الصحافة الجزائرية منذ الاستقلال لم ترتبط في يوم ما من قريب أو بعيد لا بوزارة الاتصال ولا بوزارة العدل، إنّما ترتبط خيوطها بجهات ومصالح تتحكّمُ فيها أكثر ممّا يحكمها قانون الإعلام.
الحديث عن الديمقراطية، يجرّنا بالضرورة للحديث عن قانون الإعلام، وكأنّ كلّ مشاكل الجزائر تكمن في فشل قانون الإعلام، وتوحي الإصلاحات أنّه بمجرّد وضع قانون جديد للإعلام، ستُحَلّ ّ مشاكل الجزائر جميعها أو أنّه بداية حلّ مُعظمها، لهذا يبقى أمل انتظاره يشعّ ببريق ولهفة انتظار المهدي المنتظر.
فماذا لو تخلّصنا من وَهْم المهدي المنتظر وأسّسنا أعرافًا إعلامية مثلما يحدث في العديد من الدول، فكلّ من يصل إلى سدّة الحكم في بلادنا يُريدُ التأكيد على أنّه أبو حرّية الإعلام في الجزائر، وعوَض تشييد صُروح الحرّيات يبني لنا قانونًا من ورق.
أولى بوادر الفشل في قانون الإعلام الجديد، النظر إلى إصلاحه على أنّه يأتي ضمن إصلاحات سياسية أخرى، وهذا أكبر خطأ، لأنّ الإصلاحَ أعظم شأنًا من أيّ عملية سياسية مُرتبطة بشخص أو حزب أو ظرف، وهو الأهَمّ لأنّه الأعَمّ، فالإصلاح هو الذي يشملُ السياسة وليس العكس، وهو الذي يقودُ السياسة ويُوَجّهها وليس العكس، والإصلاح لغة ضدّ الإفساد، وعدم الاتّفاق على حدود الإصلاح أو إطاره هو أوّل خطوة لإفساد الإصلاح.
هل نحن نبحث عن ترسيخ مبادئ الحرّيات أم نريد قانون إعلام وفقط؟ القانون، وإنْ كان يعني في مُجمَل نصوصه ضبط الحرّيات والحَدّ منها، فإنّه يعني أيضًا الترخيص المشروط المبني على نوع من التعاقد، وللوصول إلى مثل هذا التعاقد لا بدّ من وجود حرّية وديمقراطية. وعليه، فالأولى بنا رسم معالم هذه الحرّية وألوان هذه الديمقراطية قبل التفكير في وضع قانون الإعلام، ولنا في الصحفي الإنجليزي شريوان عبرة نستحسنها عندما قال : “نحن الإنجليز، الأفضل لنا أنْ نكونَ دون برلمان من أنْ نَكُونَ دون صحافة، وأنْ نُحْرَمَ من جميع الحرّيات ولا نُحرم من حرية الصحافة”.
من أجل الصحافة، ضَحّى توماس جيفرسون بالحكومة، و ضَحّى شريوان بالبرلمان، ونحن على استعداد للتضحية، لكن بماذا؟ صراحة، أفتقدُ الإجابة لأنّنا لا نملك فعلاً ما نُضَحّي به، فأيّ قانون يُسَنّ لضبط الحريات، ونحن لانلمك هذه الحرّيات؟ وعليه، ماذا سَيَضْبِطُ هذا القانون؟؟؟
قانون.. وكفى
إنّ الإعلامي الجزائري يرفضُ كلّ من يُقيّده بفترة زمنية معيّنة تجعله يشعر دائمًا أنّه ليس قاصرًا فحسب، إنّما لم يفطم بعد، كما يرفضُ من يتصدّق عليه بحرّية تجعله إسطوانة لا تَملكُ حقّ التحرّك إلاّ داخل مُدَوّر الاسطوانات، ويتمسّك بترسيخ الإعلام حراً، ومهنياً، وتعدّدياً، حتى يتسنّى له تفعيله كسلطة حقيقية تُمَارَس في الميدان وليس كسلطة على التَّمَاس.
إنّ الإعلامي في الجزائر، يُدركُ مثل غيره من الإعلاميين في كلّ دول العالم أنّ سلطة الإعلام مُحتكَرة بين أيدي أصحاب السلطة والمال من خلال التحكّم في مصادر تمويلها، وعليه ينبغي قبل المبادرة إلى الإصلاح، ضرورة تحديد بعض المفاهيم التي تضبط وتُقنّن حدود كلّ طرف، وهذا باستثمار كلّ الطاقات المُبدعة والاجتهادات الأصيلة التي تُحَقّقُ الجمع بين الرؤية المنطقية للأمور وقابلية تنفيذها على أرض الواقع.
إنّ إصلاحَ قانون الإعلام، هو قبل كلّ شيء، مُصالحة حقيقية بين السلطة ووسائل الإعلام، ومصالحة بين وسائل الإعلام فيما بينها، فكيف سَنَتّفق على هذه الإصلاحات والسلطة عاجزة على جمع كلّ أصحاب المهنة في حوار وطني شامل، كيف نتّفق على هذه الإصلاحات ووسائل الإعلام غير قادرة على الاجتماع فيما بينها على الأقَلّ لجمع الشمل على كلمة سَوَاء بينهم وبين غيرهم، فالاختلاف على الإصلاحات أولى خيوط الفشل، لأنّ الإصلاحَ لا يعني فرْض رؤية على أخرى إنّما توافُقًا بين كلّ الأفكار، حتى لا يَنظر البعض في الأخير إلى قانون الإعلام الجديد على أنّه ثورة كبيرة ويَنظر إليه البعض على أنّه انكسار وتقهقر.
أ. رشيد حمليل
كلية العلوم السياسية والإعلام
hamlilpresse@yahoo.fr
المصدر: زاد دي زاد
تعليق 2314
12-06-2011 عبد العزيز رحابي *
يقدّر عدد القنوات التلفزيونية العربية بحوالي .800 فإن كان هذا العدد لا يمكن أن يشكل مؤشرا على مدى الاستقلالية أو نوعية الخدمة المقدمة، فإنه يعكس، بالمقابل على الأقل، مستوى عال من الوعي لدى الحكام القطريين والسعوديين والمصريين واللبنانيين، حول أهمية هذه القنوات. أما الجزائر، فإنها تشهد أضعف تغطية في العالم العربي، من حيث الإنتاج وعرض عدد القنوات الإذاعية والتلفزيونية.
ويطرح في هذا المقام سؤال: لماذا مثـل هذه الوضعية؟ هنالك سببان على الأقل، السبب الأول: من أجل تبرير الوضع الحالي، يريد صانعو القرار في الجزائر إيهام الجزائريين أن انفتاح وتحرير المجال السمعي ـ البصري خلال التسعينيات كان مصدر وأساس الإرهاب والأزمة السياسية الحالية. وقد نجحت هذه المغالطة، لأن الجزائريين كانوا يطمحون في العيش في كنف السلم، أيا كان ثـمن الحرية. والغريب في الأمر أن هذه المغالطة لقيت تأييدا من قبل التيار الأكثـر رجعية في التيار الإسلامي، الذي رسخ الفكرة القائلة بأن حريات التعبير والإبداع والتسلية ليست مطابقة مع قيم الإسلام. أما السبب الثاني، فإنه أريد إيهام الجزائريين بأن فتح المجال السمعي ـ البصري لن يكون انفتاحا على الآراء ومواقف مختلف الحساسيات الموجودة في المجتمع، بل خوصصتها وبروز قوى المال.
في الحقيقة، الواقع يثـبت خوصصة فعلية للسمعي ـ البصري العمومي، حيث نجحت مجموعات من أصحاب القرار من خلال المحتوى الحالي للبرامج، في تمديد سن مراهقة الشباب والإبقاء على الكهول في زمن الماضي الدائم، وهذا الوضع يماثـل صورة تكريس الفكر الصبياني التي نجدها في الإعلام الرسمي التونسي والليبي والمصري، قبل الصحوة الفكرية الأخيرة. وشجع هذا الوضع لدينا تشكيل رأي عام مميّع دون يقين وقناعات راسخة، يسوده الشك حول كل شيء، وتطبعه اللامبالاة للعناوين والافتتاحيات الكبيرة التي تكشف عن فضائح مالية وسياسية. فأصبح المواطن يعيش خروقات القانون كأنها قدر محتوم، بل إنه أصبح لا يتساءل حول غياب رد فعل الدولة أو العدالة.
إننا أما حالة فريدة من نوعها، لا يتم فيها تأكيد المعلومة أو نفيها، أو إنارة الرأي العام الذي انحصر في نوع من الخنوع والاستسلام أو الشك الدائم، والنتيجة فقدان الإعلام والاتصال المؤسساتي لأي شكل من أشكال المصداقية.
أما فيما يخص الصحافة المستقلة نفسها، فينتهي بها المطاف إلى التكيف مع الوضع، وتفقد بالتالي أيضا تأثـيرها ومصداقيتها، ليتجه الجزائري على ضوء ذلك نحو وسائل الإعلام الأجنبية. وحينما تمتزج أو تختلط المعلومة الصحيحة بالإشاعة أو الخداع حسب الحالات، فإنه يصبح من الصعب على الدولة أن تجنّد الشعب حول المخاطر والتهديدات التي تواجهها الأمة، وهذا يمثـل أخبث أو أحط مساس بالسيادة الوطنية في مفهومها الحالي.
وحينما يتم اختزال السمعي ـ البصري العمومي في مجرد أداة للحفاظ على السلطة، فإن صنّاع القرار الجزائريين الحاليين، وهو مصطلح عام يعنى به رئيس الجمهورية وجزء من قيادة الجيش، يتحمّلون مسؤولية سياسية ثـقيلة، حينما يسندون مهمة صقل وتشكيل فكر الجزائريين إلى غير الجزائريين. فكيف يمكننا أن ندّعي بأننا نحمي السيادة ونسند في ذات الوقت مخيّلة أطفالنا بسورة شبه كاملة لمنتجات سمعية بصرية أجنبية، ثـم نتعجب بعدها بأن أبناءنا لا يجدون معالمهم في منظومة الهوية الوطنية. أبناؤنا على غرار كل أطفال العالم، نتاج ما يشاهدونه وما يسمعونه وما يقرؤونه، فلا يمكن أن نعطي أوامر للروح، بل يجب أن نغذيها بإنتاجنا الفكري.
وإذا اعتبرنا أن نسبة 75 بالمائة من البروتينات التي نستهلكها تأتي من الخارج عن طريق الاستيراد، فإنه من السهل، إذن، أن نعترف بأن كل ما هو معنوي تبعيته إلى الخارج أكبر وأهم، ولا يمكن تصحيحها بمجرد امتلاك المحروقات أو احتياطي الصرف، إلا إذا أقرينا، كما نسمعه مرارا في الآونة الأخيرة، أن حاجيات الجزائري تختزل في أولى احتياجاته الغذائية.
معنى الإصلاح هو إعادة المجال السمعي ـ البصري إلى دوره الأصلي، المتمثـل في الخدمة العمومية، وأن يصبح لسان حال كل الجزائريين دون استثـناء، بغض النظر عن آرائهم ومواقفهم وانشغالاتهم وتطلعاتهم، وهذا هو المفهوم الحقيقي للانفتاح، أي نقبل بأن الإعلام مهمته الطبيعية هو الاتصال والتكوين والتسلية.
في الوضع الحالي كما كان الحال في الماضي، فتح المجال السمعي ـ البصري يخضع في المقام الأول للإرادة السياسية، وهي اليوم غير متوفرة، لأن الشفافية تعني بالنسبة للمعارضين للإصلاحات والمتعوّدين على الحصانة واللاعقاب، بأن يتقبلوا المساءلة أمام ممثـلي الشعب حول أمور تسيير شؤون الدولة وكل ما له صلة بالمال العام.
إن أصحاب القرار الحاليين لا يزالون يعتنقون ويتبنون دائما ثـقافة سياسية بالية، عفا عنها الزمن، مهيمنة خلال سنوات الستينيات، والتي كانت تعتبر السر هو السلطة، في حين أن العالم الجديد أثـبت بأن من يتحكم في أدوات الاتصال هو من يملك السلطة.
إن ديناميكية التاريخ لا مفر منها ولا يمكن وقف وتيرتها، وبالتالي، ستتم إصلاحات في هذا القطاع على المدى القصير ليس كطلب داخلي، ولكن كاستجابة للمتطلبات والضغوطات الإقليمية والدولية. إن مشاريع الإصلاحات المقترحة ستؤدي بنا في أفضل الأحوال إلى وضع ما قبل 1999 حيث كانت هناك ديناميكية لفتح مجال السمعي ـ البصري من خلال مصادقة البرلمان على قانوني الإشهار وسبر الآراء، كما كان مسموحا بإنشاء جرائد، ولم يكن هناك احتكار للإشهار المؤسساتي، وكان المجال السمعي ـ البصري مفتوحا على كل الحساسيات.
أخيرا، يمكن أن نراهن، دون شك، على أن المدافعين الحاليين على الغلق سيكونون في طليعة روّاد الانفتاح، وسينصبون أنفسهم كمدافعين عن حرية التعبير من أجل الاستحواذ على الإعلام السمعي ـ البصري، في حال كما حدث في القطاع الاقتصادي، وكذا في التجارب الانتقالية في أمريكا اللاتينية وأوروبا الوسطى قبل عشرين سنة.
* وزير سابق للاتصال والثـقافة وأستاذ جامعي
المصدر: الخبر