ما هو سبب "انتـ ـحار التلميذ لؤي البالغ من العمر 13 سنة بولاية عنابة" عنوان تصدر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا.
حيث تضاربت الآراء واختلفت التعليقات حول الحادثة بين من يلوم المعلمة والأولياء ومن يرى اضطراب نفسية الطفل بسبب صعوبة الدراسة بل ويدعو لمقاطعة الدراسة بعد العطلة حتى يتم تقديم اصلاحات والتخفيف من البرنامج.
لكن المؤسف أن تسعى بعض الأبواق الإعلامية لتلميع البرنامج وتبرئة المنظومة التربوية من مشكلة حقيقية تسببت بها.
بحث في فائدة الاصلاحات الجديدة
لاشيء تغير لحد الساعة، ونحن في عهد عهدة ثانية من حكم الجزائر الجديدة، تظل الوعود بالإصلاحات مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي.
@ طالع أيضا: أنت مسلم.. أنت مسؤول عن غزة
حيث أن أغلب التطبيل والتهليل يؤكد تواصل الجهود في قطاع التربية والتعليم من خلال توفير الإمكانيات المادية و البشرية وإصلاحات شاملة تهدف لبناء منظومة تربوية مسايرة لمختلف التغيرات الحاصلة في العالم و للتطورات التكنولوجية المتسارعة.
ومن جهتها أعلنت وزارة التربية الجزائرية منذ قرابة السنتين إدخال إصلاحات جديدة في المناهج التعليمية والشعب الدراسية، لتعديل المناهج وما جاء بها من أخطاء سابقة وكذا الرقي بمستوى التعليم، والانطلاق في معالجة الاختلالات منذ عهد بن بوزيد مرورا ببن زاغو وصولا إلى بن غبريط الوزيرة الغائبة عن الوزارة الحاضرة بمناهجها.
فمع بداية الحراك الشعبي وتحديدا في شهر فيفري/ شباظ 2019م سعى المدافعون عن المدرسة الجزائرية والساعون للحفاظ على هويتها للمطالبة بإصلاحات عميقة، بل امتدت المطالب لمقاطعة المناهج التي جاءت بها بن غبريط برعاية حبراء فرنسيين.
إلا أنه لاشيء تغير لحد الساعة، ونحن في عهد عهدة ثانية من حكم الجزائر الجديدة، تظل الوعود بالإصلاحات مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي.
من المعلوم أنه لا يمكن إحداث التغيير بين عشية وضحاها لكن أن تمر عهدة كاملة من غير تطور ملموس فالقضية تحتاج لأن ترفع لمستويات أعلى.
ونظرا لما آلت إليه الأوضاع من سيء لأسوؤ في قطاع التربية فإن التعجيل بمراجعة البرامج والمناهج صار أكثر من ضرورة، فالغاية المنشودة من الإصلاح التربوي هو حدوث تغير ايجابي وتطور في نتائج المتمدرسين، وتحقيق تطور ملموس في مستوى الأداء، واكتساب المعارف والمهارات المبرمجة للتعلم.
الميدان يعري واقع التعليم في الجزائر
يمكن معاينة الوضع عن كثب بالنزول للميدان فالمدرسة تحولت إلىمكان يحتجز الطفل ليحشو عقله بالمفاهيم التي لا يستوعبها فيعتمد سياسة النسخ واللصق من أجل النقطة وفقط.
من المعلوم أنه لا يمكن إحداث التغيير بين عشية وضحاها لكن أن تمر عهدة كاملة من غير تطور ملموس فالقضية تحتاج لأن ترفع لمستويات أعلى.
@ طالع أيضا: الجيل الذي فهمه “أسامة المسلم” ولم نفهمه نحن؟!
زد على ذلك غياب الكفاءات رغم تحصيل الشهادات، فنسبة كبيرة من المؤطرين محدودي الأداء التعليميوالتربوي، لتظهر الحلول الموازية لتجارة الدروس الخصوصية وما يحدث فيها من تضخيم النتائج وممارسات لا تمد للمهنية بصلة لاسيما مواثيق الشرف التربوي.
يجب التنبيه أن البرنامج يحشر الأستاذ في زاوية ضيق الوقت ويجعله مجبرا للمسارعة في إنهائه، وهناك قدرات عقلية مختلفة للاستيعاب ولا ضير في القيام بدروس تدعيمية لكن ليس على حساب العملية التعليمية النزيهة..
والقيام بتجاوزات من تسريب الأسئلة ومنح العلامة الكاملة في المراقبة المستمرة لمن يلتحق بالدورات في يبخس البقية، لكن تواطؤ بعض الأولياء وصمت آخرين أدى لتعميق هذه الظاهرة وتشجيعها، فمن العيب والمشين أن ينحدر المستوى التعليمي إلى ما دون الصفر.
مشكلات نفسية جسدية واجتماعية وتربوية
التلميذ يعاني من الضغط النفسي والارهاق الجسدي والفكري، من جهة ثقل المحفظة وكثافة البرنامج ليصير معاقا جسديا متخلفا علميا، ومن جهة أخرى الحجم الساعي، إذ صار رهين حجرة القسم لساعات..
فهل من المعقول أن تلميذا بالسنة الأولى متوسط لا يتجاوز عمره 11 سنة يخرج من البيت على الساعة السابعة والنصف صباحا ليعود على الساعة الخامسة والربع وهو يحمل محفظة أكثر من وزنه، متى سينعم بقسط من الراحة، ويراجع دروسه ويقوم بواجباته؟، أين حقه في الرعاية النفسية وممارسة نشاطاته من حفظ للقرآن، لعب ورياضة..إلخ.
والأولياء بين المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية وزد عليه تدهور المستوى التعليمي لأبنائهم، مظطرون للتدريس المنزلي أو توفير المال للدروس الخصوصية وإعلان حالة الطوارئ خاصة في فترة الاختبارات..
الإصلاحات لا تكون من جهة معينة متفردة بقراراتها أو تيار مستقل لا يحمل قيم المجتمع ونظمه، إنما يجب أن تتشارك كل الأطراف أساتذة، أولياء تلاميذ، نقابات، مستشارين تربوين وكل متخصص يمكنه الإفادة في المنظومة رئيسا مرؤوسا.
@ طالع أيضا: الإعلام الجزائري و”وهم العظمة الكاذبة”؟!
والمعلم الذي ينتظر رد اعتباره تطاله كل الانتقادات رغم أنه خاضع لأوامر فوقيه تلزمه التطبيق من غير نقاش أو تغيير وإن رأى أنها لا تحقق أهداف تربوية تعليمية واضحة، رغم أنه عنصر هام وفاعل في صناعة أجيال واعية ومتحضرة مساهمة في بناء الوطن.
القطاع التربوي برمته مريض وسياسات الفشل كانت ومازالت تسيره، وأبسط مثال استمرار البرامج التعليمية التي تعتمد سياسة الحشو والكم والتنفير والترهيب من الدراسة.
أما المشاكل المفتعلة فحلولها واضحة مثل النقل المدرسي لماذا كل هذه المصاريف التي تصل ميزانيتها لبناء مدارس في المناطق النائية والمعزولة وهكذا يوفر الجهد والراحة للتلميذ والمعلم، أما الإطعام فهو باب النهب المفتوح على مصراعيه من غير رقيب أو حسيب، فمن أمن العقوبة أساء الأدب.
.. المنظومة التربوية تنتظر إصلاحات جذرية وحقيقة
الإصلاحات لا تكون من جهة معينة متفردة بقراراتها أو تيار مستقل لا يحمل قيم المجتمع ونظمه، إنما يجب أن تتشارك كل الأطراف أساتذة، أولياء تلاميذ، نقابات، مستشارين تربوين وكل متخصص يمكنه الإفادة في المنظومة رئيسا مرؤوسا.
الأمر تجاوز التأطير البيداغوجي وصار قرارا سياسيا أكثر منه مطلبا اجتماعيا إذ أنه رغم كل الأخطاء والفضائح التي تحدث بقطاع التربية والتعليم، لا جديد يذكر.
من هذا المنبر أناشد السيد الرئيس للتدخل المباشر.. هرمنا.
@ طالع أيضا: أسرار المتصهين “صنصال” يرويها وزير جزائري
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.