ارتفاع أسعار الأضاحي حقيقة لا يمكن لتصريحات الموّالين أو تطمينات المسؤولين من وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري أن تغيرها، فقد أسهبت وسائل الإعلام مؤخرا في تداول أخبار عن انخفاض أسعار الماشية مفادها أن سعر الكباش يتراوح ما بين 3 و7 ملايين سنتيم، بل وبعضها يؤكد وجود أضاحي تقدر قيمتها بـ 2 مليون سنتيم، ولكن النزول للأسواق وبعض نقاط البيع العشوائية كشف واقعا آخر غير ما يتم الترويج له إعلاميا أو ما يرفع من شعارات.
#تعيدو_ڤاع.. أسعار معقولة
أغلب المعروض مابين 5.4 مليون و6.2 مليون سنيتم، وكباش 7 ملايين فما فوق ليست في متناول الجميع رغم أن الكثير من الباعة والموالين علقوا لافتات كتب عليها “كباش سلعة وسومة.. تعيدوا ڤاع”…
انتشرت نقاط البيع العشوائي عبر مختلف بلديات العاصمة، مما جعل إقبال المواطنين كبيرا عليها ولكن ليس للشراء بل للفرجة فحسب، فقد أجمع الباعة أن حركة البيع ضعيفة رغم أن الخيارات متاحة نوعا وكمّا، فهناك كباش بـ 3.5 ملايين وأخرى بـ 4 ملايين، ومن جهتهم يرى المواطنون أن الأضحية الحقيقية حسب ما هو معروض تبدأ من 5.5 مليون لتصل إلى 7 ملايين حسب حجم الخروف وسنه وأحيانا سلالته ومظهره، إذ يزيد حجم القرون وجمالها السعر وكذا إذ ما كان لونها مزيجا بين السواد والبياض.
وبين الرغبة والرجاء في إيجاد أضحية جيدة وبسعر مناسب تبدأ رحلة البحث ومن مكان لآخر السيناريو يتكرر، فبجولة في المدنية، بلوزداد، القبة، حسين داي، حي الجبل، باش جراح، الحراش، باب الزوار، الدار البيضاء، براقي، واد السمار، الرويبة، عين الكحلة الوضع يتماثل، غياب خروف 3 ملايين وإن وجد فلا يمكن تسميته أضحية، وأغلب المعروض مابين 5.4 مليون و6.2 مليون سنيتم، وكباش 7 ملايين فما فوق ليست في متناول الجميع رغم أن الكثير من الباعة والموالين علقوا لافتات كتب عليها “كباش سلعة وسومة.. تعيدوا ڤاع”.
أما في الأماكن المرخصة للبيع كالحظائر والمزارع والإسطبلات فإن الوضع لا يختلف كثيرا والعرض متوفر، في حين أن الطلب ضعيف فيما عدا شراء العجول والأبقار والتي يتراوح سعرها مابين 25 مليون و50 مليون سنتيم كما هو حال المزرعة المتواجدة بأولاد هداج بالرغاية، والتي تحتوي على مذبح أيضا حيث تقدر قيمة الذبح والسلخ 1.2 مليون سنتيم، فقد عدل عدد كبير من المواطنين في السنوات الأخيرة عن فكرة شراء الخروف وصاروا يشتركون في أضحية جماعية لا يتعدى عدد المساهمين فيها السبعة حسب ما يوجبه الشرع.
والملفت للانتباه عبارة “أسعار معقولة” التي كتبت على أحد جدران الإسطبل، فهل حقا هذه الأسعار معقولة بالنسبة لكل المواطنين؟ أم أنها كذلك بالنسبة للموالين والتجار لتكون حكرا على فئة معينة دون البقية، فأغلب المواطنين يبقون عاجزين عن اقتناء أضحية العيد وتحديدا محدودي الدخل وجدير بالذكر أن الأجر القاعدي المضمون هو 1.8 مليون دينار جزائري.
منحة العيد والوظيف العمومي خارج الحسبة
القدرة الشرائية للمواطن الجزائري عموما منخفضة وإمكانياته المادية محدودة، لهذا فإن نسبة كبيرة تلجأ لشراء أضحية العيد بالتقسيط حيث يدفع الزبون 20 % ليتم تكملة باقي الأقساط عن طريق صكوك بريدية يتم سحبها على مدى 6 أشهر أو بما لا يتعدى سنة واحدة لجواز النحر وقيمة الواحد منها حوالي 5000 دج للشهر، وتتم عملية البيع على طريقتين إما تثمين الكبش مباشرة أو بالميزان واحتساب ثمنه لحما مختلطا أو صافيا.
إن كانت هذه طريقة في متناول الأغلبية حتى لا يحرموا من فرحة العيد، فإن هناك من نال الفرحة مضاعفة كما هو حال عمال الشركة الوطنية لتسويق وتوزيع المواد البترولية ومشتقاتها “نفطال”، حيث استفادوا من منحة عيد الأضحى والمقدرة بـ8 ملايين سنتيم، فضلا عن رواتبهم الجيدة مقارنة بباقي الأجور..
وإن كانت هذه طريقة في متناول الأغلبية حتى لا يحرموا من فرحة العيد، فإن هناك من نال الفرحة مضاعفة كما هو حال عمال الشركة الوطنية لتسويق وتوزيع المواد البترولية ومشتقاتها “نفطال”، حيث استفادوا من منحة عيد الأضحى والمقدرة بـ8 ملايين سنتيم، فضلا عن رواتبهم الجيدة مقارنة بباقي الأجور.
أما عمال الشركة الوطنية للكهرباء والغاز “سونلغاز” فقد قدرت المنحة بـ1.5 مليون سنيم وكذا بالنسبة لعمال اتصالات الجزائر، وفيما يخص عمال المجمع العمومي للمحروقات –سوناطراك- فقد كان نصيبهم 2 مليون سنتيم، في حين حصل عمال الديوان الوطني للترقية والتسيير العقاري على 1.3 مليون سنتيم.
فيما خرج للاحتجاج عمال بمؤسسة النظافة الولائية في مفتاح والأربعاء بالبليدة يوم 31 جويلية مطالبين باحترامهم كعمال وإنصافهم كمصنفين ضمن الأعمال الشاقة والخطيرة وكذا التعجيل في صب منحة عيد الأضحى، التي لم يستفيدوا منها منذ 3 سنوات.
فالوظيف العمومي وبحجة أنه قطاع غير منتج على الرغم من الخدمات التي يقدمها ولولاها لتعطلت كل المصالح، إذ أنه العصب المحرك لباقي القطاعات لم يصرف منحة العيد، فعمال الصحة والتربية لم يكن لهم نصيب من العطاء وكذلك عمال البلديات الذين تعتبر أجورهم أضعف الأجور ولا يحظون بأية امتيازات أو منح لا هم ولا عائلاتهم، والقصد بعمال البلديات هم الطبقة الكادحة وليس الأميار والأمناء العامون أو المنتخبون المحليون لأن أمثال هؤلاء سيقتنون أضاحي خاصة.
أضحية من نوع خاص (VIP)
الوجهة هي الإسطبلات الخمسة أو ما يعرف بالسانكوري بالحراش، حيث يوجد كباش من نوعية خاصة لأنها كبيرة الحجم ويمكن القول أنها عملاقة وهي نادرة، فضلا عن أنها تلقى عناية خاصة من حيث الرعي والإطعام مما يكسبها قوة وجمالا غير متوفرة في غيرها من المواشي، وهذا لا يثير الاستغراب بقدر ما يثيره سعرها الذي يصل إلى 30 مليون سنيتم.
وهناك من يقبل بشغف على اقتناء هذه النوعية في حين يعارض آخرون فكرة شراء كبش بـ 30 مليون سنتيم، ويرون في ذلك مظهرية وتفاخرا والأولى شراء أضحية مناسبة ومساعدة المحتاجين بالفائض من المال.
العرض متوفر والطلب محدود وبين السعي لتحقيق الربح السريع ومحدودية القدرة الشرائية تبقى وحدها النيات من يحدد الفرحة الصادقة للعيد أعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات، على أمل أن يتحقق شعار #نعيدوا_ڤاع تزامنا مع التمسك بشعار #ترحلوا_ ڤاع.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.