ذكر مراقبون أمس أن شركة “سيسكو سيستمز” الأميركية المتخصصة في صناعة معدات شبكات الإنترنت، تعتزم شراء شركة خدمات الاتصالات الهاتفية عبر الإنترنت “سكايب” قبل طرحها للاكتتاب العام. ويذكر أن “سكايب” تتيح للمبحرين في موقعها الإلكتروني إجراء الاتصالات الهاتفية ومحادثات الفيديو مجاناً في حال الاتصال بمستخدمي سكايب آخرين وبرسوم قليلة نسبياً في حال الاتصال من كمبيوتر إلى هاتف أرضي أو محمول.
تواجه شركة “سيسكو سيستمز” منافسة شرسة من جانب شركة جوجل العملاقة لخدمات الإنترنت التي أعلنت الأسبوع الماضي عن إطلاق خدمة مماثلة لخدمة “سكايب” عبر خدمة بريد جوجل “جي ميل”.
وبعد أن عرف مستخدمو الكمبيوتر الدور المهم الذي يلعبه موقع “سكايب دوت كوم” في مجال تخفيض تكاليف المكالمات الهاتفية الدولية أو إلغائها تماماً، قررت الشركة إضافة الخدمات المهمة لموقعها إلى أجهزة “آبل” المحمولة الشهيرة “آي فون” و”آي بود تاتش” و”آي باد” في شهر يوليو الماضي. وتسمح تقنيات “سكايب” أيضاً بتبادل الرسائل النصّية الفورية وبما يجعل الاتصالات الدولية المجانية حقيقة واقعة.
ومن أجل جعل الخدمة أكثر سهولة، عمدت شركة “سكايب” مؤخراً إلى تطوير خدماتها المخصصة للتشغيل على الجهاز “آي فون” حتى أصبح في وسع المستخدمين إجراء مكالماتهم عن طريق وصلات الجيل الثالث التي تتيح استقبال الصوت بأعلى درجة ممكنة من الوضوح.
كما تسمح هذه الوصلات بإنجاز مجموعة من الوظائف الاتصالية مرة واحدة باستخدام الجهاز كالتحادث الصوتي أثناء تحويل الرسائل النصّية أو الصور وبعض التطبيقات الأخرى.
واقتضى هذا التحوّل النوعي المثير وضع نسخة البرنامج التطبيقي “سكايب 2.0.1” المطوّرة ضمن محتويات “مخزن آبل” أو “آبل ستور” لتصبح بذلك جاهزة للتنزيل على أجهزة “آبل” المحمولة. وتعد سيسكو أكبر شركة لإنتاج معدات شبكات الإنترنت في العالم وقد نشطت خلال الفترة الأخيرة في الاستحواذ على أنظمة الاتصالات وتطويرها بهدف زيادة الطلب على منتجاتها.
وكانت شركة “إي باي” للتجارة الإلكترونية اشترت “سكايب” عام 2005 مقابل 2.6 مليار دولار ثم أعادت بيعها إلى مجموعة من المستثمرين بقيادة مؤسسي “سكايب” مقابل 1.9 مليار دولار عام 2009. وذكر موقع “تك كرانش” المتخصص في قضايا تكنولوجيا المعلومات أن لدى شركة “سكايب” 560 مليون مستخدم مسجلين، وتعتزم طرح أسهمها للاكتتاب العام ولكنّها امتنعت عن ذكر توقيت الطرح أو حجمه.
وزادت مبيعات “سكايب” خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 25% إلى 406 ملايين دولار ولكن أرباحها كانت متواضعة حيث بلغت 13 مليون دولار.
وكانت مجلة “ذي إيكونوميست” نشرت العام الماضي مقالاً مفصلاً حول مستقبل الإنترنت كوسيلة للاتصالات الهاتفية من المنتظر أن تستبدل كلاً من الهاتف الثابت والمحمول تماماً.
وتحدث التقرير عن “التكنولوجيا المدمرة” الجديدة التي تجسّدت فيما يسمى “الصوت في بروتوكول الإنترنت”، والتي وصفها بأنها تحمل في طياتها بذرة الدمار لصناعة الهاتف الثابت والمحمول، وتنطوي على الفوائد الخدمية الهائلة للمستهلكين.
وتكنولوجيا “الصوت في بروتوكول الإنترنت” هي بحدّ ذاتها من بنات أفكار شركة “سكايب” الأميركية. ويعود لخبرائها الفضل في تأليف برنامج تطبيقي “سوفتوير” يسمح لمستخدميه بإجراء مكالمات هاتفية مجانية مع المستخدمين الآخرين للنظام ذاته عن طريق الإنترنت بالإضافة لإمكان استخدامه للاتصال بالهواتف الأخرى بنوعيها الثابتة والمحمولة بسعر منخفض جداً.
وكان محللون توقعوا أن يؤدي انتشار تكنولوجيا “الصوت في بروتوكول الإنترنت” إلى تدمير طموحات شركات الاتصالات المتخصصة بتشغيل خدمات الهاتف الثابت والمتحرك. وبهذا، يمكن القول إن شركة “سكايب” أصبحت ببساطة حصان طروادة الذي يقود عملية التحول الكبرى في صناعة الاتصالات وحيث سيغدو التحادث الصوتي مجرد خدمة جديدة لتناقل البيانات يمكن تنفيذها عبر وصلات الإنترنت ذات السرعة العالية. وليس غريباً أن تستقطب “سكايب” هذا الاهتمام الكبير والمفاجئ طالما أنها هي التي أوعزت بهذا التغير النوعي الوشيك.
ولا يشك الخبراء في أن القدرة على جعل المكالمات الهاتفية مجانية تماماً عبر وصلات الإنترنت سوف يدمر الأسس التي تبني عليها شركات الهواتف الثابتة والمحمولة جداول تسعير خدماتها.
ويكون من السهولة المطلقة تفسير الحال الذي ستصبح عليه هذه الشركات من مجرد الإشارة إلى أنه سيستحيل عليها تخفيض أجور مكالماتها إلى ما دون الصفر إذا شاءت أن تعمد إلى منافسة “سكايب” أو غيرها من الشركات التي ستتسابق إلى تبني نظام “الصوت في بروتوكول الإنترنت”.
ويقول نيكولاس زينستورم مؤسس شركة سكايب في معرض تعليقه على هذا التطور “أصبحنا على قناعة تامة من أنه لا يتعين عليك أن تدفع شيئاً مقابل إجراء مكالماتك الهاتفية في المستقبل.
تماماً كما هو الحال عندما لا تدفع شيئاً مقابل إرسال بريدك الإلكتروني”. فهل يعني هذا الكلام باقتراب نهاية صناعة الاتصالات الهاتفية التقليدية التي تقدر مجمل استثماراتها العالمية بنحو تريليون دولار (ألف مليار دولار).
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.