كتب الله لي أن أزور البقاع المقدسة في رمضان قبل الماضي، لأداء العمرة، ومما أذكره أن الأجواء الروحانية الباهرة التي تملكتني في رحاب المسجد الحرام والكعبة المشرفة، لم يكن يقطعها علي سوى صوت السديس ودعاؤه في نهاية التراويح لولي أمره وولي عهده.
ومما أذكره أني كنت أضطر لرفع أكف الدعاء مع الرافعين في نهاية التراويح، لكن ما إن يصل السديس إلى الدعاء لولاة أمره بتلك الطريقة المقززة، إلا وأجدني قد أسبلت يداي، وأنا أردد في سري أدعية معاكسة على الظالمين.
في إحدى المرات وأنا أنزل كفايا عن الدعاء بعد أن شرع في تكرار نفس الأسطوانة، شعرت أن عددا من المصلين انتبه لفعلي، وأن نظرات ترمقني من تحت لا أدري سرها، وما إن أنهينا الصلاة حتى تقدم لي أحد المصلين، وبعد السلام قدم نفسه، على أنه مسلم عراقي من الأنبار السنية، وقد رأيت في عينيه بريقا من الحب الغريب وهو يسألني من أين أنت أخي، قلت له من الجزائر ، وإذ به يطير فرحا وهو يقول : كنت أراقب حراكتك وأقول في نفسي هذا لا يمكن إلا أن يكون من دولة الجزائر الشقيقة، وقد صدق حدسي، دعني أعبر لك عن حبي لكم، وعن اجابي بثوريتكم ورفضكم للذل والخنوع.
بعدها تطورت صداقتي بالعراقي، وأصبح يصر علي أن نذهب سوية للتراويح، وفي كل مرة يأتي فيها الدور على السديس، ويشرع في الدعاء كالعادة، كان صديقي العراقي يتضامن معي في الاسبال، بالسعال حتى ينتهي صاحبنا من أسطوانته المعهودة.
ترى كيف سيكون حالنا غدا في المسجد الحرام وهو يدعو لليهود بكل خير وسطوة؟.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.