زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

قراءة في التعديلات الدستورية في الجزائر

قراءة في التعديلات الدستورية في الجزائر

الاصلاح السياسي للأنظمةالحاكمة هو مصطلح لا يمكن ان يثار دون ان تتبادر الى الذهن فكرة مراجعة الوثيقة السياسية العليا و المرجعية الاساسية في تنظيم السلطات وتحديد الصلاحيات و حدود العمل في الساحة السياسية وهي الدستور .

لكن العالم عرف العديد من التجارب الدستورية الرائدة التي حافظت على استقرارها و ثباتها رغم العواصف العاتية التي اصابت الدولالقائمةتحت ظل هذه الشرعيات .. ولهذا صار شائعا ان استقرار المنظومة الدستورية هو علامة صحية على سلامة قواعد الوضع السياسي و الاجتماعي في البلد و بنفس المنطق قد نُعِّرف الحاجة الدائمة الى الاصلاح في الدول النامية انطلاقا مما نسميه غياب الفاعلية في العلاقة بين ما يتم سنه من قوانين و ما يحدث فعليا في الميدان ممارسة وشعورا.

والجزائر في خمسين سنة من عمرها بعد الاستقلال لم تشذ عن هذه القاعدة اذ لطالما ارتبطت الدعوة لتطوير المشهد السياسي بضرورة اجراء تعديلات دستورية مناسبة يختلف التقييم في جدواها بالنظر الى مدى التغيير الحقيقي الذي تصنعه بالنسبة لاهل الحكم و الراي او عامة الناس.

لقد اعلن في الاسبوع الماضي عن تنصيب لجنة خبراء لمراجعة الوثيقة الدستورية التي يعود تاريخها لسنة1996 وعرفت قبل اليوم تعديلين طفيفين .. الاول في سنة 2002 وتضمن ترسيم اللغة الامازيغية كلغة وطنية استجابة لاحتجاجات عارمة عمت منطقة القبائل ذات الاغلبية الامازيغية ضد ما اعتبر اجحافا و ظلما لحقوقها و لثقافتها التي تعتبر جزءا اصيلا من هوية هذه الارض

اما الثاني فكان سنة 2008 اذ اقدم الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة على تعديل جملة مواد ابرزها مادتين:74.

وتلغي قيد التجديد للعهدة الرئاسية مرة واحدة فقط وتجعلها مفتوحة حسب رغبة المترشح و الناخب مثلما يقول نص التعديل و المادة الاخرى هي 77 تم فيها توسيع صلاحيات الرئيس و الغاء منصب رئيس الحكومة و استبداله ب”الوزير الاول” .. و المتتبع لهذه الترقيعات التي نسجتها السلطة الجزائرية للدستور يكتشف مدى المرونة التي يتصف بها السلوك السلطوي اتجاه التعامل مع هذه الوثيقة اذ لم تجد حرجا في شرعنة استمرار الرئيس في الحكم لخمسة سنوات اخرى  بحجج يراها الكثيرون غير مبررة و تفتقد للمهنية القانونية باعتبار ان ما رافق عملية ترسيخ الوجود الرئاسي من اشارة لحماية رموز السيادة الوطنية و ترقية وضع المراة في الحياة السياسية لا يمكن ان يوضع في ميزان واحد من ناحية القيمة مع الهدف الرئيسي المعروف لهذه الخطوة.

ومن الانتقادات الاخرى التي تلقاها عملية التعديل الدستوري في الجزائر هي حصريتها مبادرة و اقرارا في يد رئيس الدولة مثلما تنص عليه المادة 174″ لرئيس الجمهورية حق المبادرة بتعديل الدستور” وفي هذا تعزيز لقيم الفردية و الشمولية في ادارة الشان العام مثلما تقول بعض الاراء.

وعلى الرغم من ان مسودة التعديلات يجب ان تمر على البرلمان بغرفتيه ثم تعرض على الاستفتاء الشعبي الذي بامكانه ان يبدي رفضه للمشروع الا ان المادة 176 تتيح للرئيس ان يتجاوز العقبة الشعبية ان حصل على ثلاثة ارباع اصوات البرلمان مرفوقا بالراي المعلل للمجلس الدستوري الذي يراقب مدى توافق المواد المعدلة مع الممنوعات الموجودة في المادة178 (حماية التوازن بين السلطات_ عدم المساس بالرموز و السيادة) و بالنظر الى الاتجاه العام في المشهد السياسي لا يمكن ان نتعامل مع التعديل الدستوري على انه خطوة اصلاحية جدية ما دامت ان كل مفاتيحه في يد السلطة التي يتيح لها القانون التحكم في ما سيتم اقراره دون استشارة الشركاء الوطنيين او الاستماع لما يقدموه من افكار قد تتعارض مع التنظيم الحالي للسلطات الوارد ضمن الاشياء التي لا تقبل التعديل او التي يمكن تصنيف عدم الولوج اليها كامر واقع قهري .. وان قيل ان مهمة اللجنة الحالية لن تكون مقيدة و سيكون المجال مفتوحا امام اساتذه القانون و الفقه الدستوري لاقتراح ما يشاؤون من رؤي و اجتهادات فالامر لا يعدو عن كونه كلاما لن يجد طريقه للتنفيذ للاعتبارات التي وضحناها سلفا .. ليبقى التعامل مع الدستور الجزائري شبيها بما نقوم به عند الذهاب للخياط لطلب تعديل مقاسات البدلة التي نرتديها في المناسبات الخاصة و هذه المناسبات في الجزائر ليست سوى الاعراس الانتخابية.

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.