عبر التاريخ يتم إعدام الكتب حصرا من طرف الدولة والهيئات الرسمية بمبرر احتوائها على انحرافات وضلالات تهدد نسيج المجتمع، مثلما كان مصير كتب الفلسفة في الأندلس.
والتاريخ يروي لنا بمرارة الشناعات التي قام بها هولاكو عندما أحرق مكتبة بغداد كلها أمام أعين سكانها وهم يبكون.
أكاد أجزم أن الذين أحرقوا اليوم كتب فركوس سيحرقون في المستقبل كتب خليفته سنيقرة، لأن جينات الفكر المتعصب التي تبدأ بالتعصب للأشخاص وتقديسهم لا يمكن إلا أن تصل إلى منتهاها بتضليل نفس الأشخاص وحرق كتبهم على المباشر..
كما قد يقدم صاحب الكتب نفسه على إعدام كتبه أو دفنها، إما بسبب تغيير أفكاره ومنهجه، أو لسبب آخر مثلما حصل مع أبو حيان التوحيدي الذي أحرق كتبه بنفسه لأنه لم ينل من التقدير والاحترام في حياته ما كان يرجوه.
لكن أن يقوم أشخاص يعيشون بيننا اليوم، وعلى المباشر بحرق كتب الشيخ فركوس وهو حي يرزق وليس لديهم من السلطة والدولة شيىء، فهو سلوك ليس له مبرر إلا التعصب ورفض التعايش مع الرأي المخالف..
ومن يحرق كتبك على المباشر بذلك الغل يستطيع أن يفعل أمورا أخرى أكثر خطورة في المجتمع إذا لم يكن هناك رادع..
لا أعرف الشيخ سنيقرة ولا يمكنني الحكم عليه ولا على الشيخ فركوس، لأنها مهمة المتخصصين الذين ينبغي أن يتدخلوا لفض هذا الاشتباك الفكري العنيف الذي امتد إلى حرق الكتب..
لكنني أكاد أجزم أن الذين أحرقوا اليوم كتب فركوس سيحرقون في المستقبل كتب خليفته سنيقرة، لأن جينات الفكر المتعصب التي تبدأ بالتعصب للأشخاص وتقديسهم لا يمكن إلا أن تصل إلى منتهاها بتضليل نفس الأشخاص وحرق كتبهم على المباشر..
هناك شعوب وبلدان يتعايش فيها المسلمون مع النصارى مع الدروز مع اليهود وفق دفتر شروط يضمن للجميع حقوقهم وواجباتهم..
بينما يعجز أحيانا أبناء الدين الواحد والوطن الواحد على صناعة هذه الصورة الحضارية لضيق الأفق وضحالة العلم وحظوظ النفس..
@ طالع أيضا: ماذا يجري بين “الشيخ فركوس” و”الشيخ جمعة”؟!
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.