كما كان متوقعا هذا العام، الأسعار تستمر في الارتفاعليطال الغلاء الماشية كغيرها من المواد الاستهلاكيةالتي تشهد زيادات خيالية تجاوزت 100 بالمئة، ليكون الضحية الأولى المواطن البسيط الذي يفوق سعر أضحية العيد أجره القاعدي بأضعاف مما يحول بينه وبين هذه الشعيرة الدينية المقدسة.
جولة ميدانية لزاد دي زاد في بعض نقاط البيع في الجزائر العاصمة يظهر الفارق الكبير في أسعارها مقارنة مع باقي ولايات الوطن، حيث يعمد بعض التجار إلى شراء الماشية من الموالين من المناطق الداخلية ثم يرفعون الثمن بما يناسب أهواءهم.
للعام الثاني على التوالي تتواصل جائحة كورونا وفي ظل ظروف استثنائية، حيثانتشرت نقاط البيع العشوائي للكباش مع اقتراب العيد، خاصة في الأحياء الشعبية بعيدا عن التدابير الاحترازية والتزام البرتوكول الصحي.
بالرغم من ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كوفيد-19 إلا أن التجمعات حاضرة، فالمواطنون سواء كانوا باعة أوزبائن لا يحترمون الإجراءات الوقائية ولا يلتزمون بالتعليمات الصحية، غياب واضح للكمامة، التباعد الاجتماعي غير وارد تماما، حتى داخل المساحات المحددة للبيع كالأسواق والاسطبلات، الحظائر والزرائب تبقى اللامبالاة العلامة المميزة للتعاملات، حيث تنتشر النفايات والمخلفات في مختلف الأمكنة والتي تكون عاملا أساسيا في انتشار العدوى وظهور أمراض خطيرة ناهيك عن الاكتظاظ.
السعر سيد الموقف
رغم إقبال المواطنين على العرض إلا أن الطلب يظل محتشما، فالأسعار تفوق القدرة الشرائية للمواطن بكثير خاصة مع أزمة كورونا التي ألقت بظلالها على النشاط الاقتصادي وما خلفته من تداعيات على مختلف القطاعات.
بجولة ميدانية لزاد دي زاد في بعض نقاط البيع في الجزائر العاصمة يظهر الفارق الكبير في أسعارها مقارنة مع باقي ولايات الوطن، حيث يعمد بعض التجار إلى شراء الماشية من الموالين من المناطق الداخلية ثم يرفعون الثمن بما يناسب أهواءهم.
ومع غياب الرقابة يظل التلاعب بالأسعار سيد الموقف، فلا يتفاوت التثمين كثيرا من ناحية لأخرى، ومن الروبية والرغاية إلى درارية، خرايسية، بابا حسن، سحاولة، أولاد فايت، بئر توتة، مرورا بباش جراح، الحراش، حسين داي، وبولوغين يظل التوافد كبيرا لكنه لا يعكس أبدا حركة البيع والشراء التي صارت تعرف ركودا ملموسا سببه الغلاء، ويتحجج الباعة الموالون أن مربي الماشية يتكبدون خسائر كبيرة مما يجعل هامش الربح يسيرا.
ومن جهتهم يؤكد بعض المواطنين أن الباعة يرفعون السعر ليحققوا الثراء على حساب المواطن، وأن الكباش لا تصل إلى هذه الأثمان الباهظة، فهامش الربح قد يتجاوز أحيانا إلى 2 مليون سنتيم، وسعر الأضحية اللائقة من بين المعروضات والتي ترقى لتكون مناسبة تتعدى 6 ملايين سنتيم رغم أنها لا تتوافق مع هذا السعر إلا أن الجشع دفع التجار إلى تقييمها بما لا يليق بها، مستغلين الظرف وغير مراعين للأزمة الاقتصادية والاجتماعية للناس.
وللإشارة فإن أسعار الكباش تتراوح عموما ما بين 28 إلى 12 ميلون سنتيم، حيث أن الخرفان التي يقدر سعرها ما بين 2.8 و4 ملايين سنتيم صغيرة جدا لا ترقى لأن تكون أضحية ملائمة.
أما عن أغلب المعروض فهو من فئة متوسط الحجم بسعر 5.8 مليون سنتيم غير أنه ليس في متناول الجميع.
التفرقة في منحة كبش العيد في الوظيف العمومي
ككل سنة يعود الجدل حول منحة كبش العيد بالنسبة للوظيف العمومي، حيث تمنح بعض الشركات امتيازات كثيرة لعمالها في حين يحرم غيرهم من أدنى المنح.
وعادة ما يحالف الحظ عمال مجمع سونطراك أو الشركة الوطنية لنقل وتسويق المحروقات، وكذا الشركة الوطنية لتسويق وتوزيع المواد البترولية ومشتقاتها “نفطال”، فهم أول المستفيدينمن منحة عيد الأضحى المغرية، فضلا عن رواتبهم الجيدة مقارنة بباقي الأجور.
أما الجزائرية للمياه فقد قدرت المنحة لهذا العام بـ1.5 مليون سنتيم، وهي المنحة ذاتها التي يتلقاها عدد من العمال في بعض الشركات الوطنية الأخرى مثل سونلغاز، فيما يحرم آخرون من هذا الامتياز، منهم المنتسبين لقطاع التربية والتعليم الذين ينددون في كل مرة بهذا الاجحاف في حقهم، ليبقى التمييز جليا بين مواطنين درجة أولى ودرجة عاشرة.
عادة ما يحالف الحظ عمال مجمع سونطراك أو الشركة الوطنية لنقل وتسويق المحروقات، وكذا الشركة الوطنية لتسويق وتوزيع المواد البترولية ومشتقاتها “نفطال”، فهم أول المستفيدينمن منحة عيد الأضحى المغرية، فضلا عن رواتبهم الجيدة مقارنة بباقي الأجور.
أضحية درجة أولى
حتى الكباش لها حظ من الطبقية، حيث توجد نوعية خاصة موجهة للشخصيات الأكثر أهمية أو ما يعرف بـ (VIP)، فالإسطبلات الخمسة الشهيرة بالسانكوري في الحراش، تضم نخبة من الكباش المميزة العملاقة والنادرة،إذ تتلقى عناية خاصة من حيث الرعي والإطعام مما يكسبها قوة وجمالا يميزها عن باقي الماشية، وهذا لا يثير الاستغراب بقدر ما يثيره سعرها الذي يصل إلى 33 مليون سنيتم.
والأغرب من ذلك أن هناك من يقبل بشغف على اقتناء هذه النوعية في حين يعارض آخرون فكرة شراء كبش بهذا الثمن الباهض، ويرون في ذلك مظهرية وتفاخرا والأولى شراء أضحية مناسبة ومساعدة المحتاجين بالفائض من المال، أو اقتناء عجل ومشاركته مع الجيران أو الأقارب المعوزين وأصحاب الدخل الفردي الضعيف حتى لا يحرم من فرحة العيد أحد.
الحلول البديلة للحصول على أضحية
يضطر البعض إلى التخلي عن فكرة اقتناء كبش والتوجه نحو الاشتراك في أضحية العيد، حيث تعمد مجموعة من عائلة واحدة أو جيران أو غرباء عن بعضهم للمشاركة في الشراء، وهذا جائز على أن تكون من البقر أو الإبل ( الجمال) ولا يجوز الاشتراك في الأصناف الأخرى من الأضاحي.
إذ تجزئ كل من البدنة والبقرة عن سبعة، وذلك لما روي عن علي وابن مسعود وابن عباس وعائشة، لحديث جابر رضي الله عنهم قال: “نحرنا بالحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة ـ وفي لفظ: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة” (رواهما مسلم)، فأقل أي: وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة.
بهذا تضمن المشاركة توزيع القيمة على المساهمين، لتكون الكلفة أقل من شراء كبش وبما يتوافق مع مقدرة المضحي، فلا يشترط أن يدفع الجميع المبلغ ذاته إذ ما اتفقوا على ذلك.
بيع الأضاحي على مواقع التواصل الاجتماعي
صارت عدة مواقع تهتم بعرض خدمات بيع الأضحية، حيث تشهد عدة حسابات على مواقع التواصل الاجتماعيمثل فيس بوك ويوتيوب نشاطا استعراضيا مكثفا لمواد سمعية بصرية وحتى مكتوبة لجلب الزبائن، إذ يرى الموالون والباعة أن هذه طريقة مثالية لتقديم سلعهم وتسهيل معاملاتهم.
وتوفر بعض المواقع خدمة العرض المباشر للكباش والماعز والأبقار، وتفتحمجال التفاوض بخصوص السعر بوضع أرقام هواتف للتواصل، فضلا عن توفير خدمات ما بعد البيع من ذبح وسلخ وحتى خدمة التوصيل للبيوت.
ويظل موقع “واد كنيس” يحتل الصدارة من حيث تفاعل الزوار بشكل كبير، أين يعرضون يوميا وباستمرار إعلانات حول بيع الكباش وغيرها من المواشي الجائزة للنحر ومن مختلف ولايات الوطن، وللعارض أن يقدم سلعته على طريقته الخاصة ولو باستعمال اللهجة العامية من أجل إيصال الفكرة وجلب الزبون..
مثلا إعلان منشور بتارخ 12-07-2021 على الساعة 16:50، من تيجلابينبومرداس، كتب صاحبه” السلام عليكم، متوفر لدينا كباش لعيد الأضحى، خرفان وثنيان ورباعيين. كباش التاع السرحة وشعير، ماكلتهم كلها طبيعية 100 بالمئة، راهم عندي منذ 9 أشهر ماكلاوش البيدوز والفينيسيو وأدوية التسمين، أسعار من 38 إلى 6 ملاين على حساب الكبش، مرحبا بكم وعيدكم مبارك.”.. مع عرض لمجموعة من الصور للكباش المقصودة.
أما بائع آخر من الرويبة فقد ركز على عامل السعر وفقط حيث كتب:” كباش العيد للبيع جميع الاحجام وبأسعار معقولة 36000-45000″.
ورغم كل الإغراءات المقدمة وما يعرض من صور وفيديوهات وإيضاحات إلا أن المعاينة المباشرة قد تعطي رأيا آخر للمشتري وتجيب عن كل تساؤلاته وما تلقاه من محاكاة رقمية.
كسر الأسعار
في محاولة لتخفيف الأسعار الملتهبة تسعى الحكومة لإغراق الأسواق بالأضاحي، حيث أفاد علي زياني مدير الدراسات والتنمية للشركة الجزائرية للحوم الحمراء(ALVIAR) أنه تم الشروع في بيع أضحية العيد على المستوى الوطني بأسعار محددة تتراوح بين 32 و60 ألف دج، وذلك ابتداء من يوم الأحد 11 يوليو/ جويلية إلى غاية عشية يوم عيد الأضحى.
التقديرات التي أحصتها وزارة الفلاحة المتعلقة برؤوس المواشي التي تحوزها الجزائر تقدر بأكثر من 30 مليون رأس، في حين تم تخصيص 4 ملايين رأس كبش لعيد الأضحى 2021..
وقد تم تحديد ست نقاط رسمية للبيع، وهي بئر توتة في الجزائر العاصمة، البوني لولاية عنابة، السانية بالنسبة لوهران، نقطتان بولاية بجاية، ومزرعة سي عنتر بالمدية.
تزامنا مع استقبالأزيد من 2000 رأس على مستوى مقر الشركة المخصص للبيع بمنطقة بابا علي ببلدية بئر توتة، لتتواصل عملية التموين تباعا من مقراتها الخاصة بتسمين الماشية لاسيما من المزرعة الرئيسية الواقعة في ولاية الجلفة، معإمكانية اللجوء إلى اقتناء مواشى من المواليين الخواص إذ ما اقتضت الضرورة مع الصرامة في المراقبة البيطرية رأسا برأس.
وفي السياق ذاته صرح جيلالي عزاوي، رئيس الفدرالية الوطنية للموالين الجزائريين لوسائل إعلام محلية أن التقديرات التي أحصتها وزارة الفلاحة المتعلقة برؤوس المواشي التي تحوزها الجزائر تقدر بأكثر من 30 مليون رأس، في حين تم تخصيص 4 ملايين رأس كبش لعيد الأضحى 2021، مع تزويد السوق حسب الحاجة والطلب.
فهل ستحقق المساعي الحكومية هدفها في كسر الأسعار وإيصالها إلى 3 ملايين سنتيم رغم أن هذا المبلغ يتخطى الراتب الشهري لنسبة كبيرة من الأجراء؟.
العرض متوفر على مستوى مختلف ولايات الوطن، لكن الطلب يظل محدودا،في ظل تدهور القدرة الشرائية للمواطن البسيط والذي يشكل أكبر شريحة في المجتمع والمحروم من أشياء كثيرة حتى من الخروف الذي كان يقتنيه سابقا بإمكانياته البسيطة، ومع استنفاذه لكل الحلول بما فيها الشراء بالتقسيط، يبقى راجيا رحمة أرحم الراحمين بعباده إذ جعل هذه الشعيرة سنة مؤكدة للمستطيع، غير أن شوق وشغف كل مسلم لتعظيم الشعائر المقدسة لا يقطع الأمل لآخر لحظة في نحر الأضحية وما ذلك على الله بعزيز.
تظل النيات مؤشراعلى الفرحة الصادقة بالعيد، أعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية جمعاء بالخير واليمن والبركات ورفع وباء كورونا، “تقبل الله منا ومنكم وغفر لنا ولكم”.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.