زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

عندما عدتُ إلى “تيسلان”.. لم أجد شيئا!؟

عندما عدتُ إلى “تيسلان”.. لم أجد شيئا!؟ ح.م

هنا تيسلان..

تيسلان هو اسم المكان وهو اسم بربري على غرار أسماء أغلب المناطق في جيجل، هنا وفي القرى المجاورة يوجد موطن بني فتح إحدى القبائل الشرقية التي ثارت على فرنسا منذ حملة الجنرال أو المريشال سانت ارنولد 1851 مرورا بحملة الجنرال دي فو والزواف سنة 1861 إلى ثورة المقراني، والتي قادها هنا في شرق جيجل وحول الوادي الكبير البطلين الشيخين مولاي الشقفة ومحمد بن فيالة 1871/72، وأغلبها قبائل كتامية وبعض الشيوخ يقولون أن الأصول تعود إلى الأندلس مرورا بالمغرب وبالساقية الحمراء ووادي الذهب.

مداشر عرش بني فتح الأصلية تعود إلى ثلاثة أو أربعة قرون حين نزح الأجداد من سفوح جيجل الى جبالها هروبا من عدو أو بحثا عن موطن جديد كما أشار بعض المؤرخين.
“الدشرة”  عادة ما تكون ملتصقة بجبل تحتمي به وقرب ينبوع ماء، جدنا الأكبر سكن قرب وادي اليرجانة، ثم توسعت القبيلة إلى الأراضي الخصبة وحقول الزيتون أعلى “الدشرة” حول أغيل ودوالة وعين تيمويال واينا مسعود، والتي كانت مكان عبور وأحيانا استيطان الرومان.

عدت اليوم فوجدت أن البساتين اختفت أو أهملت، لم أجد التفاحة دي عرب تيسلان والدالية دي عرب تيسلان، لم أجد لجنانة الحمراء ولا أثر لبحائر الذرة واللوبيا والفلفل والبذنجان، الا قطعة صغيرة بقي صاحبها وفيا لأرض كريمة كانت الملجأ سنوات الحرب والحرمان؟!!

هنا في تيسلان توجد بساتين العائلة وقبل عقود كانت تسقيها ساقية جميلة تأتي من عين عتيقة إسمها أغبالة… كانت تقريبا هي مصدر معيشتنا الوحيد.
عدت اليوم فوجدت أن البساتين اختفت أو أهملت، لم أجد التفاحة دي عرب تيسلان والدالية دي عرب تيسلان، لم أجد لجنانة الحمراء ولا أثر لبحائر الذرة واللوبيا والفلفل والبذنجان، الا قطعة صغيرة بقي صاحبها وفيا لأرض كريمة كانت الملجأ سنوات الحرب والحرمان؟!!
زرت ساحة دار جدي الأكبر، أي جد أبي وزرت بحيرتنا القديمة التي كانت تغرس حتى آخر شبر، وكنا نتداول بئر السقي حسب فروع عائلة الأجداد.

أتذكر جمال الفوجال ورائحته العطرة القوية وأتذكر غلة اللوبيا والطماطم وكيف كانت المرحومة والدتي تأتي أو ترسلني كل يوم لجني ما نطبخ به العشاء!
ويوم جني الذرة يكون يوما مشهودا، حيث تمتلئ الأكياس وتوقد نار الحطب ونشوي كميات من أفوجال.

zoom

اتجهت إلى حيث شجرة التين، “الصفيرة” كما كنا نسميها لأن تينها أصفر، ولذيذ وجدتها تقاوم جور الزمن والجفاف وإهمال الإنسان،هناك تحتها كنا نتظلل ونلعب في قيلولة الصيف الرتيبة ونطلق ضجيجا لطرد الطيور، ونتغذى بكسرة شعير وطماطم نقطفها ونتبعها بتين أو توت لذيذ.
اليوم لم أجد لا ساقية ولا ذرة أو لوبيا أو يقطين، فقط مجموعة أشجار رمان وتين وزيتون وبيت جدي العتيق تزين المكان، انصرفت وأنا أتأسف على الجنّة المفقودة تيسلان، انصرفت وشريط الجمال الذي كان يزين المكان يمر في خيالي لم يخرجني منه إلا صوت يرحب بي، صوت سيدة تجلس تحت شجرة البرتقال، إنها عمتي فاطمة ابنة الثمانين التي تركت بيوت أولادها في المدن، وعادت تقضي شهورا وفاء ومحبة لموطنها تيسلان.

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.