شنت صحف ومواقع مقربة من اليمين المتطرف في أوروبا حملة تشويه واسعة الأيام الماضية ضد اللاجئين السوريين في ألمانيا والسويد عبر اتهامهم بالتحرش في احتفالات رأس السنة، معتمدة في ذلك على صور كاذبة وملفقة انتشرت بكثافة في مواقع التواصل الاجتماعي وقُدمت للجمهور على أنها من وقائع تحرش اللاجئين بفتيات ألمانيات وسويديات.
ومع قليل من التحري والتحقق حول مصادر تلك الصور -التي تصدّرت عناوين بعض الصحف والمواقع الإلكترونية- في أوروبا، يظهر جليا أنها صور كاذبة تعود لأحداث سابقة لا صلة لها باللاجئين، وتم نشرها قبل سنوات.
ومن أشهر تلك الصور الملفقة التي نشرتها بعض الصحف وتناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، صور لفتاة يُزعم أنها تعرضت للتشويه والاغتصاب على يد مهاجرين، لكنها في الحقيقة صورة للعارضة الإنجليزية دانييل لويد عندما تعرضت لاعتداء في أحد الملاهي الليلية في لندن عام 2009، ويمكن التأكد من ذلك بسهولة، حيث نشرت مواقع وصحف عدة تفاصيل لتلك الحادثة مرفقة بالصور ذاتها.
صورة أخرى ملفقة لامرأة عارية تصرخ، حيث تناولت المواقع تلك الصورة على أنها لفتاة تعرضت للاغتصاب من أكثر من ألف لاجئ عربي في ألمانيا، ليتبين أن الصورة ذاتها استخدمت من قبل في موقع إخباري هندي يعرف باسم “indiatoday” عام 2014.
واستمرارا في مسلسل التلفيق، نُشرت أيضا صور تظهر فتاة شقراء ووجهها ملطخ بالدماء، ليتم عرضها على أنها ضحية تحرش اللاجئين، لكن الحقيقة أن هذه الصورة استخدمت في موقع إنترنت عام 2007 وظهرت على مدونة ومواقع كثيرة.
واستخدمت صورة هذه الشابة المضرجة بالدم في مقالة بعنوان “السويد: عاصمة الاغتصاب الغربية”، ونشرها في فبراير/شباط 2015 الموقع القومي المثير للجدل “fdesouche” الذي ربط بين التحرش الجنسي والمهاجرين.
لم يقتصر الأمر على الصور، بل جاوزه للفيديو، حيث تم نشر مقطع لحادثة اغتصاب وقعت بالقرب من ميدان التحرير بمصر على أنها لامرأة تعرضت للاغتصاب على يد لاجئين بمدينة كولونيا الألمانية، ولقي الفيديو أكثر من ثلاثمئة ألف مشاهدة، مما يدلل على قوة وسرعة انتشار هذه الحملات المضللة التي تستهدف اللاجئين.
ومن أبرز حملات التشويه ما نشرته مجلة شارلي إيبدو الفرنسية -التي اشتهرت برسومها المسيئة- التي ربطت بين الطفل السوري الغريق إيلان وبين حوادث التحرش المزعومة، حيث نشرت رسما لإيلان وفي أسفله رسم يصور مجموعة من اللاجئين يتحرشون بالنساء، وحمل الرسم عبارة “لو كبر إيلان، ماذا كان سيصبح؟”
وقد قوبلت تلك الرسوم بنقد واسع من قبل مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، متهمين الصحيفة بنشر الكراهية ضد اللاجئين والعرب والمسلمين في أوروبا.
ويبدو أن مَن شنوا هذه الحملة نجحوا إلى حد ما في حشد أنصار جدد لمعسكر معاداة اللاجئين، حيث أظهر استطلاع أجرته مجموعة “دويتشلاندتريند” بألمانيا نشر اليوم الجمعة أن الألمان أصبحوا أكثر خوفا من اللاجئين، وأقل ثقة في المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي سهلت دخولهم، بعد اعتداءات التحرش المزعومة.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.