في عيد المرأة أحمّل المرأة الجزائرية مسؤولية وضعها الراهن وحالتها المتردية وظرفها الصعب ، احملها هي بالدرجة الأولى ، لأن الهوة بين المرأة الجزائرية و المرأة في العالم الاخر اتسعت وكبرت ، مما يدعو إلى القلق و الخوف ، احمّلها مسؤولية واقعها الميت لأنها امتلكت اليوم أسباب وآليات التغيير التي افتقدتها لزمن غابر لكن دون تفعيل ، احمّلها المسؤولية هي بالذات لأنها لم تستثمر وعيها الثقافي وفكرها السياسي في خلق نماذج يحذى بها في المجتمع الجزائري .
المرأة مهمشة ، المرأة تعاني ، المرأة مضطهدة ، هو كلام مستهلك أكل عليه الدهر وشرب ، اليوم المرأة هي التي يجب أن تفرض وجودها ، كما فرضته المرأة الأوروبية والتي عانت الويلات لتكون اليوم جنبا إلى جنب مع نظيرها الرجل ، المرأة الجزائرية وان عرفت تطورا على مستوى الفكر و النضج الثقافي والوعي السياسي ، وأدركت كيف ترسم الخطوط في المنظومة الاجتماعية و السياسية ، إلا أنها مازالت بعيدة عن المكانة المشروعة و المنشودة ، مازلت بعيدة كل البعد عن ما يجب أن تحتله المرأة في الوسط الجزائري في شتى مجالاته ، وان كانت تعديلات الدستور مست المرأة الجزائرية وخصّتها بمواد ترتقي بمكانتها الاجتماعية ، إلا أن المرأة في حد ذاتها لم تكن في مستوى هذا التعديل ، فأين هي المرأة الآن في المسرح السياسي الجزائري وأين هي في الساحة الثقافية ، أين هي في المعادلة الاجتماعية بشكل عام ، كل هذه الأسئلة فقط المرأة هي الوحيدة يمكنها الإجابة عنها ، لكن للأسف لم تستطع المرأة الجزائرية لحد الآن فك شفرة هذه المعضلة لتبقى تتخبط في واقع مؤلم هي المسؤولة عنه بالدرجة الأولى .
في عقود سابقة نقّر جميعا أن المرأة الجزائرية فعلا كانت ضحية ، ضحية للنظام وضحية للظرف الصعب للبلاد وضحية للإستغلال و التهميش وكان من المستحيل أن تقول كلمتها ولم يكن بيدها حل إلا أن تكون ضحية وتصمت نظرا لخصوصيات الوضع حينها ، لكن اليوم تغير الحال وزال معه المحال ، و المرأة في هذا الوقت هو وقتها وزمانها إن أرادت ذلك ، فمن كان يتوقع أن المرأة الأمريكية اليوم ستصل إلى قمة الهرم ، قياسا بما شهدته في سنين مضت كانت أشبه بالجحيم ، المرأة الأمريكية فرضت واقعها ومنطقها المشروع بعدما فعّلت الآليات التي توفرت لديها ، لتكون نموذج مجسدا واقعيا يحاكي معنى المرأة الحقة ، المرأة في أمريكا قالت أكون وكانت في سدة الحكم كوزيرة خارجية و كمندوبة سامية وكسفيرة وكقيادية عسكرية . كل هذا لم يأتي من فراغ بل هي تراكمات لواقع ميت عاشته المرأة الأمريكية، لكنها أحيته بروح صنعتها الظروف المحيطة بها و التطورات في كل ربوع العالم .
ومع هذا الواقع المبكي للمرأة الجزائرية ، فإن المؤشرات التي بدأت تظهر تؤكد أن واقعا اخر يلوح في الأفق ستصنعه المرأة الجزائرية ، واقعا يعطيها اسما جديدا ومعنى اخر ودورا أكثر فاعلية في الحركة الاجتماعية والسياسية ، مؤشرات تصنعها المرأة وحدها فقط وتفرضها لتزيح من طريقها كل من كان يوما بمثابة عقبة أمام تقمص لونها الحقيقي الذي سيبقى أهم شيء تحارب من اجله ، فولوج المرأة الجزائرية للحياة السياسية اليوم لم يعد صعبا كالأمس ، ومادام المناخ مناسب الآن للمرأة ، فعلى هذه الأخيرة أن تقول كلمتها لإحياء واقعها ، ورد الصفعة صفعتين لمن عصف يوما بكبريائها .
فاحتفال المرأة الجزائرية بهذا اليوم يجب أن يكون تمحيصا لواقعها وتحليليه بغية التغيير الفعلي لا أن تستمع إلى الخطابات المنمقة و الكلمات الرنانة وتطلب التهاني من هذا وذاك ، فالتهاني هي من حق تلك المرأة التي فرضت اسمها في الساحة وانحنى له الجميع ، من حقها أن تحتفل بهذا اليوم وتفخر وتقيم الليالي الملاح ، غير ذلك فلا احتفال على الأموات .
Zakoo-87@hotmail.com
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.