"يحكى أن جحا ذات يوم أضاع خاتمه في داخل بيته فبحث عنه فلم يجده فخرج من البيت وجعل ينظر أمام الباب فسأله جاره ماذا تصنع فقال: أضعت خاتمي في البيت، فقال ولماذا لا تفتش عليه في البيت
فأجابه: الظلام حالك في الداخل فلعله قد خرج من البيت الان"
هذه الطرفة اللطيفة تجسد واقعا مريرا تحياه جماعة الأخوان المسلمون الجماعة ذات التواجد الشعبى الكبير على الساحة العربية والأسلامية بما تقدمه من طرح تريد أن يتماشى معه ويوافقها عليه كل المسلمين بلا خلاف ألا وهو الحل البرلمانى أو مايعرف بالأنتخابات البرلمانية وللأسف الشديد أن الجماعة تعتبر أن من يمتنع من التصويت فى هذه الأنتخابات أنه مقصر ومتخاذل بل ومخالف لتعاليم الدين أيضا !!!
فى حين أنه لو أصلنا لما تنتهجه الجماعة من منهج لوجدناه يتفق تماما مع ما فعله جحا حيث أخذت الجماعة تسير فى عكس الأتجاه الذى يجب أن تسير عليه ويسير معها عليه كل مسلم غيور على دينه عارف بأصول وأبجديات الشريعة الأسلامية الغراء التى لا نقبل المساومة عليها من أى جهة أو طرف وفى ذات الوقت تريد أن يسير معها الجميع فى ذلك الأتجاه حتى وإن قدمنا تنازلات شرعية .
فالراصد لمجريات الأحداث فى مصر مثلا على اعتبار أنها تضم عددا كبيرا جدا من أعضاء التنظيم لا يساوره شك فى أن الأحزاب التى تنافس فى الأنتخابات والتى كونت معها جماعة الأخوان بعض التحالفات كحزب التجمع الليبراللى العلمانى البغيض الذى لا يريد أن تقوم للأسلام قائمة وغيره من الأحزاب اللادينية التى تتفق معا فى محاربة الأسلام وخاصة المادة الثانية من الدستور المصرى وهى “أن الشريعة الأسلامية هى المصدر الأساسى للتشريع”
لا تتورع أبدا عن تقديم التنازلات تلو التنازلات من أجل الحصول على مقعد فى البرلمان ولرموز الأخوان للأسف الشديد دون تسمية لبعضهم تصريحات فى هذا الشأن فقد صرح أحدهم بأنه لا مانع عند الجماعة من تولى المرأة او الكافر مثلا الحكم إذا حالفتهم نتيجة الأنتخابات وكالأعتراف بشرعية أسرائيل وغيرها من التصريحات التى تناقض تمام ما قدمه قادة الأخوان الأوائل وضحوا بأنفسهم لأجله كمنع قيام دولة أسرائيل ولا يخفى على الجميع المعارك الطاحنة التى خاضتها الجماعة مع الكيان الصهيونى حين ذاك واستشهد فيها من استشهد نسأل الله أن يتقبل الصادقون .
نعود معا لقصة جحا لنسنتنتج منها أن الجماعة فى الحقيقة تبحث عن ضالتها فى المكان الخطأ وتسير فى عكس الأتجاه الذى حدده لها الشرع بتقديمها لهذه التنازلات الشرعية فى سبيل الوصول للبرلمان والجماعة بهذه الطريقة تنتهج المذهب الميكافيللى الذى يقول بأن الغاية تبرر الوسيلة ولكن لا يخفى على الجميع تناقض هذا المذهب مع الشرع الحنيف تمام التناقض فالغاية مهما كانت سامية فإن هذا لا يبرر استخدام وسيلة غير شرعية لتحقيقها مهما كانت الظروف والأدلة على ذلك كثيرة جدا من الشرع الحنيف
ولكن بدلا من أن تسلك الجماعة المسلك الصحيح الذى سلكه الأنبياء الصالحون وهو التصفية والتربية نعم تصفية القلوب والعقول من الجهل والأفكار الحزبية وتربية الأمة على الكتاب والسنة وتكوين جيلا يحمل هم الأسلام ويدافع عن ثوابته ولا يقدم فى دينه تنازلات مهما حدث.
ولكننا نجد العكس تماما فالأخوان منذ مايقرب من ثمانين عاما يدورون فى رحى البرلمانات والأنتخابات والتى كما يعلم الجميع يقتل فيها سنويا أفرادا من الجماعة ومن غيرها فضلا عن التجاوزات الجسيمة فى حق المواطنين من قبل أجهزة الأمن وما الفائدة وما النتيجة والثمرة التى جنتها جماعة الأخوان من ذلك طوال هذه السنين ؟!
فالواجب على أخوانى فى جماعة الأخوان وغيرهم من الجماعات المحسوبة على الأسلام ألا يفعلوا مثلما فعل جحا ويبحثوا عن ضالتهم فى مكان خطأ بل يبحثوا عنها حيث فقدوها فالأمة فعلا فى ظلام الجهل والضعف والمهانة ولكنها بالفعل موجودة ولم ولن تفنى وستعود بقوة إن شاء الله متى مازال هناك من أبناءها الصادقين المحبين الذين تربوا على حب الدين وحب الله ورسوله قبل كل أحد وقبل كل شىء وحينها ستتغير الأمور إذا غيرنا أنفسنا كما قال تعالى “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم “
memo.sef@gmail.com
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.
تعليق 1405
الله المستعان