مكثت برهة أقارن بين نشيدنا الوطني ونشيد مستعمر الأمس، فشدني ذكاء وحنكة شاعرنا الكبير مفدي زكرياء، الذي أفحم شاعر ثورتهم بالرد عليه أن "دماء ثوارنا زكية طاهرة أما أنتم فقد صرحتم دون حياء أن دماء ثواركم نجسة ملوثة تريدون بذلك إغاظة جلاديكم النبلاء أما نحن فلا نريد سوى كرامتنا وأرضنا الطاهرة التي نفديها بدماء زكية طاهرة".. وإليكم القراءة:
الدماء النجسات الفاسدات
جهر بها عاليا شاعر ثورتهم و نشيدهم الوطني الموسوم بعنوان: (المارسيازLa Marseillaise – Allons enfants de la Patri. …Le jour de gloire est arrivé!) السيد (روجي دي ليزل ROUGET de LISLE ) وبعظمة لسان ريشته خلال الثورة الفرنسية 1792، قائلا:
” ليروي أثلامنا (آثارنا) دم نجس…” Qu’un sang impur… Abreuve nos sillons
وبقي معنى هذا المقطع من النشيد الوطني للثورة الفرنسية (ثورة النور والأنوار وحقوق الإنسان .. و.. و..) يثير الجدل لدى كل الطبقات ويقلق ساستها، وراح الأدباء والمؤرخون الفرنسيون يفسرون فحواه، على غرار:
Cependant pour les historiens Jean Jaurès66, Jean-Clément Martin67, Diego Venturino68, Élie Barnavi69 et Paul Goossens69, aux yeux de Rouget de Lisle et des Révolutionnaires, le « sang impur » est celui de leurs ennemis. De même, les discours et les déclarations des révolutionnaires de l’époque attribuent le « sang impur » aux contre-révolutionnaires
يدّعون أن المقصود (بالدم الفاسد الذي يروي الثورة هو دم المضادين للثورة … الخ، كي يخففوا من وطأة معناه (المخزي) لكن هيهات… فلحدّ الساعة لا زال الجدل قائما، حتى ذهب البعض للمطالبة بحذفه… لكن هناك رأيا آخر وفق نظرية دافع عنها كلا من ديميتري كازالي وفريديريك ديفور، فإن هذه الأبيات تشير بطريق غير مباشر إلى (الدم الأزرق) للأرستقراطيين (دم نبيل و طاهر)، أما الثوار في المقابل فيعرفونهم بذوي (الدماء النجسة) وهم المستعدون لمنح حياتهم لإنقاذ فرنسا والجمهورية التي خانتها العائلة الملكية.. وإليكم النص كما ورد:
[Selon une théorie défendue par Dimitri Casali62 ou Frédéric Dufourg63,64, ces vers font référence indirectement au « sang bleu » des aristocrates, sang « noble » et « pur »63, les révolutionnaires se désignant par opposition comme les « sangs impurs », prêts à donner leur vie pour sauver la France et la République trahies par la famille royale65 ]
وتبقى الحقيقة التي لا مواربة فيها أنّ الثورة الفرنسية كان وقودها المواطنون البسطاء المظلومون والمضطهدون الذين استولى على قيادتها الرعاع (اللقطاء السفهاء)، الذين يفتخرون بدمهم النجس الملوث حتى لا تحاول الكنيسة يوما ما ضمهم إليها أو يدعي النبلاء والأشراف ذوي (الدم النقي) أنهم سندها وقادتها، فأرسوها لائكية مادية بالتالي (خرجوا ليها طاي طاي).
الدماء الزاكيات الطاهرات
أما شاعر ثورثنا التحريرية المجيدة تغمد الله روحه الطاهرة برحمته الواسعة، المرحوم مفدي زكرياء، فقد جهر بها ناقشا إياها خطا بدمه.. مدوية صادحة بالحق: (… الدماء الزاكيات الطاهرات..)
أوليس هذا بردّ ذكي على شاعرهم؟
فثورتنا يقوم بها ذوي الدماء الزكية الطاهرة (لا الملوثة النجسة) مكبرين مهللين بها (الله أكبر) تحت راية (لا إله إلا الله).. فلنحفظ الأمانة ولنصنها ولا نلوث أرضنا الطاهرة المسقية بالدماء الزكية .. وفقنا الله جميعا لذلك.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.