بعد ما يقرب من شهر من الحملة العسكرية الإسرائيلية الهمجية التي تقوم بها في قطاع غزة، أصبح المخطط الإسرائيلي تجاه غزة وحركة حماس واضحاً إلى حد كبير..
وذلك من خلال تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والأمريكان الذين يدعمون خطط إسرائيل في غزة، وآخرها تصريحات وزير الخارجية الأمريكي بلنكن أمس الأول في عمان أن الحرب لن تتوقف دون القضاء على حركة حماس..
ويمكننا أن نوجز مخطط إسرائيل وأهدافها في الحرب على غزة في النقاط التالية:
أولا: تدمير أكبر قدر ممكن من أحياء غزة وبيوتها وبنيتها التحتية والخدمية بحيث تستحيل الحياة بها أو تصعب إلى حد كبير على من يرفضون مغادرتها، وقد طبقت إسرائيل هذا من خلال قصف مربعات سكنية كاملة في معظم أحياء غزة حتى أصبحت عشرات الآلاف من المنازل إما مهدمة أو تستحيل الحياة فيها..
ثم استدارت إسرائيل على البنية التحتية فقصفت خزانات المياه ومحطات الكهرباء وحتى مولدات الطاقة الشمسية ثم المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس، وكل ما يمكن أن يدفع الناس للبقاء ولا زالت تقوم يوماً بعد يوم بتدمير كل المنشآت الخدمية التي يمكن أن تساعد أهل غزة بالتمسك بالبقاء في بلادهم ويفشلون مخطط التهجير.
ثانيا: ما تعلنه الولايات المتحدة أنها تهدف لفتح ممر آمن، يؤكد مخطط تهجير سكان غزة إلى مصر وفق الخطة التي يُعد لها منذ العام 2015، والتي نفذ النظام المصري ما طلب منه في إطارها من هدم الأنفاق وتجريف المدن والقرى الملاصقة لحدود غزة وإحكام الحصار على أهلها وإقامة مدن أو تجمعات سكنية مسّورة وتخضع للحراسة لتكون سجناً مفتوحاً لمن يتم تهجيرهم من أهل غزة إليها.
وقد تحدث بايدن وقادة إسرائيل عدة مرات عن تهجير سكان غزة إلى مصر ولازالوا، وحينما وجدوا معارضة شكلية أو مساومة مالية قال بايدن في آخر تسويق له للخطة: ”إن التهجير سيكون مؤقتاً وليس دائماً”..
وهذا تسويق كاذب ومخادع فغزة تُمثل عقدة قديمة في الذهنية الإسرائيلية حتى أنهم فكوا الارتباط بها وخرجوا منها أذلة صاغرين في العام 2005. كما أن المبلغ الذي اعتمده الكونجرس لإسرائيل (16 مليار دولار ) هناك جزء منه مخصص لعملية التهجير.
وقد نُشرت تقارير كثيرة عن الثمن الذي يمكن أن يتقاضاه النظام المصري نظير ذلك، منها إسقاط فوائد الديون عن مصر، علاوة على تثبيت النظام الذي يواجه عواصف وأزمات اقتصادية شديدة..
وسوف تكشف الأيام القادمة المزيد عن هذه الجريمة التي تتعاون فيها إسرائيل وأمريكا مع مصر وأطراف عديدة. ورغم النفي الرسمي المصري، إلا أن ذلك يأتي لتهدئة الشارع الهادئ أصلاً ليس إلا.
ثالثا: احتلال غزة عسكرياً بشكل كامل ومؤقت بعد تسوية أحيائها بالأرض والقضاء عسكرياً على حماس ونزع سلاحها وتصفية قادتها ومحاكمة المنتمين لها، حتى أن إسرائيل أدخلت بعض التعديلات على قوانينها خلال الأيام الماضية أملا في تحقيق ذلك.
رابعا: وضع غزة بعد ذلك تحت وصاية دولية أو تسليمها للسلطة الفلسطينية أو إعادتها للوضع الذي كانت عليه قبل العام 1967 لتدار من قبل حاكم عسكري مصري، قبل الانسحاب منها لتواصل القيام بالدور الذي تقوم به في الضفة لحراسة أمن إسرائيل.
وقد انتبه الرئيس التركي لمخطط وضع قطاع غزة تحت وصاية قوات أممية وإدارة دولية، فأعلن في 4 نوفمبر عن استعداد تركيا للقيام في غزة بالدور الذي تقوم به في إدارة قبرص التركية، لكن إسرائيل من المستحيل أن تقبل ذلك.
“كما أن الموقف التركي مما يحدث في غزة دون المستوى بكثير، فالبعض يراه مخزياً والبعض يراه متماهياً مع الموقف الدولي”.
هذه باختصار خطة إسرائيل في قطاع غزة إذا نجحت في احتلالها، وقد نشر دينيس روس المبعوث الأمريكي الأسبق للسلام في الشرق الأوسط مقالاً في نيويورك تايمز في الأسبوع الماضي قال فيه إنه تحدث مع كثير من الحكام العرب في المنطقة فأكدوا له أنهم يؤيدون القضاء على حماس. لكنهم يخشون الإعلان عن ذلك خوفا من شعوبهم..!
وإذا رصدنا -طيلةِ شهرٍ كاملٍ- سلوكِ معظمِ الحكامِ والحكوماتِ العربيةِ الصامتةِ على ما يجري منْ جرائمِ حربٍ غيرِ مسبوقةٍ في غزةَ، فعلينا أنْ ندركَ أنَ إسرائيلَ ما كانَ لها أنْ تفعلَ ذلكَ دونَ دعمٍ أوْ صمتٍ عربيٍ على أقلِ تقديرٍ.
هذه أحلام إسرائيل ومخططها الذي تسعى لتنفيذه في غزة بدعم غربي وعربي. لكن السؤال الهام هنا هو: “هل يمكنها أن تنفذ ذلك؟” الأمر صعب ومعقد إلي حد كبير في ظل وجود خطة مضادة لدى حماس يمكن أن نتناولها في مقال قادم.
@ طالع أيضا: خسائر “إسرائيل” 10 أضعاف..؟
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.