يزحف ببطيء شديد يعتاش على قلب جذر النبات الاخضر ،لايفرق بين نوع النباتات فكلها صالحة لان تكون مأوى له ،قدم من قلب افريقيا مع الاتربة الزراعية المستوردة (البتموس) التي يستوردها تجار المواد الزراعية من دول اخرى قد تكون الدول الافريقية من بينها ،لكنه اخذ بالتمدد رغم صغر حجمه انه النمل الافريقي .
الدخيل الجديد نمل افريقي
وعلى خلاف قانون المواطن الطبيعية للحشرات والكائنات الحية ،استطاع النمل الافريقي الجنسية ان يستوطن اراض ابي الخصيب ،وهو الان ينتشر في احدى مزارع هذه المدينة فالنرى كيف .
في ابي الخصيب في احدى المزارع … تبدا القصة ببلاغ قدمه صاحب البستان الحاج حمدي الى الطبيب البيطري صلاح مبدر مخبرا اياه بان مزرعته ينتشر فيها نوع غريب من النمل لم يرى له مثيل في ارضه من ذي قبل ،الطبيب انتقل بعد عدة ايام الى ذاك البستان وكانت مفاجاة غير متوقعة له ،فهو لم يسبق ان راى هذا النوع من النمل .
الطبيب البيطري التقط صور للنمل بكاميرة موبايله الخاص واخذها الى اخصائي في البيولوجيا الذي اشار عليه الاتصال باستاذ علم الاحياء في جامعة بغداد الدكتور احمد عبد الحسين، وكانت النتيجة … نمل افريقي، لكن كيف وصل الى العراق عبر المسافات الشاسعة تلك؟ وهل الفاعل هو الطبيعة ؟ام الانسان؟وايهما كان الفاعل فالسؤال المهم كيف استطاع هذا النوع من النمل الوصول الى العراق ؟و ماهي مخاطر تواجد هذا الكائن الصغير ؟.
كيف وصل وماهوخطره؟
لايملك الطبيب البيطري في البصرة اي اجابة عن تساؤلاتنا ،فننقلها الى بغداد ، ويتلقاها الباحث الاحيائي المختص بعالم الحشرات عدنان محمد مسئول الاوبئة والامراض الانتقالية في مختبر الطب البيطري في بغداد ،” النمل الافريقي معروف بطبيعته الوحشية والضرر الكبير الذي يرافقه ، وهو من النوع الذي يعمر اربع سنوات بالنسبة للذكور على خلاف النمل العادي الذي تموت ذكوره بعد موسم واحد من ولادتها ومباشرة بعد ان تلقح الملكات التي تعمر كثيرا ليصل عمرها الى 15 عام، اما فئة النمل العامل فانها اناث النمل التي تسمى الشغالات او العاملات وهذه تعيش لسنتين في افضل الاحوال وتولد لكنها لاتلد ،لانها نتاج التزواج بين اناث طويلة العمر وذكور صغيرة الحجم قصيرة العمر لاتتغذى على الاحياء بل الاموات من كل ما يوجد في الطبيعة من حشرات ونباتات وبقايا طعام الانسان ،اما النمل الافريقي فهو قاتل متنقل صغير الحجم يقتل الاحياء لذا يسمى في بعض الاحيان بالقاتل الصغير ،وله القدرة على قتل الانسان ان اجتمعت على شخص فاقد للوعي لتبدا بلسعه وافراز مادة صمغية تؤثر على اعصابه وتبقيه مخدرا ،ورغم انها حالات نادرة حتى في اوطان هذا النمل الاصلية الا انها واردة الحدوث”.
خطر اكبر من خطر تواجدها
رغم ان خطرها يكمن في قتلها النباتات غير الصمغية كما هي حال نباتات العراق خلاف ما تكون عليه النباتات في افريقيا ،فان امكانية تكاثرها وانتشارها كانت محور اخر من محاور قصتنا ،حيث يسند الباحث او المختص بهذه الامور عدنان محمد فرضية انتشارها ،”ممكن ان تنتشر طالما استطاعت العيش في بيئتنا والخطر الاكبر ليس انتشارها بل تكاثرها مع جيل اخرمن النمل هو النمل العراقي المسمى نمل غرب اسيا ،فان استطاعت هذه النوعية من النمل ان تتكاثر مع نوع النمل المعروف لدينا في العراق، فقد تنتج نوع جديد يمتاز بمواصفات مشتركة بين النوعين وبالتالي يكون نوع لايمكن ان تقاومه العوامل الطبيعية مما قد يولد مشاكل بيئية كثيرة على مستوى النباتات واحياء التربة ،وهنالك الكثير من الحوادث المشابهة لانواع اخرى من الحشرات والحيوانات التي نقلت من موطنها الى اماكن اخرى وتسببت بمضار بيئية كبيرة كما يحصل في استراليا حاليا،اذ ادى انتقال الجربوع الصحرواي قبل خمس سنوات لاستراليا الى تغيير طبيعته البيالوجية وانتشاره مسببا مشاكل كثيرة للمراعي الطبيعية ،وهنالك مثال اخر،ما يحصل في صحارى غرب الصين التي انتقل اليها حفار الارض اكل الجذور وهو نوع من القوارض الاوربية ليحرم مساحات كبيرة من الصحراء من النباتات الصحراوية التي اعتادت انتاجها تلك الصحارى وتسعى الصين بكل جهدها للقضاء عليه لكن دون جدوى”.
النمل على صغر حجمه الا انه حول جزء من مزرعة الحاج حمدي الى بقعة صفراء بعد ان اكل جذور تلك النباتات ،والطبيب البيطري ينتظر نتيجة المادة المبيدة التي رش بها الارض لكنه غير متفائل لان النمل لايزال يتحرك دون ان يلحق به اذى يذكر رغم ان المادة المبيدة التي رش بها النمل تقتل اقوى الاحياء الكبيرة ومنها الانسان .
كيف وصل هذا المخلوق؟
الطبيب وبجهده الشخصي استطاع ان يحرز كيف وصل النمل الى ارض هذا الرجل لكنه بحاجة الى اثبات، انه تراب خاص يتم استيراده من الدول المجاورة ليكون مساعد على خصوبة التربة يستخدمه على الاغلب اصحاب المشاتل ومزارع الحمضيات يسمى البتموس ،وهو خفيف الوزن كثيف الحجم لونه بني يعبا باكياس ويوضع حول النبتات باكوام ويذكر الحاج حمدي انه قد اشترى شحنة كبيرة قبل اشهر من هذه الاتربة ليصدرها الى ابن عم له في بغداد لديه مشتل خاص ،الطبيب البيطري يبحث منذ فترة في المكان الذي وضعت فيه الكمية الكبيرة من السماد او التراب الخاص ،وكما يقول فان المكان الذي وضعت فيه تلك الشحنة هو مصدر النمل الوافد الجديد من افريقيا ،فالارض تحوي حفر صغيرة للنمل قد تكون هي انفاق مرور النمل الافريقي الى الارض .
وزارة الزراعة لاتعلم
وزارة الزراعة تدرك مدى الخطر والمهندس الزراعي نعمة حسين مدير وحدة مكافحة الافات الزراعية يؤكد ان الموقع والحالة اصبحت بين ايديهم وانهم سيتحركون قدر الامكان لمعاينة الحالة والبحث عن علاجات لها ، لكنه لايرى الخطورة التي نراها او يراها المختصون الذين زرناهم ،ويبدي تفاؤله في السيطرة على الوضع وتطويقه .
لكن هل تعي وزارة الزراعة ان هنالك اكثر من 3 الاف طن من التربة المعباة المستوردة قد دخلت العراق عبر موانيء البصرة للعام 2009 وبحسب سجلات دائرة كمارك البصرة وان كانت هذه الكميات تحوي هذا النوع من الحشرات او غيره من الانواع الاخرى ،فكيف ستتم السيطرة على المخاطر التي تنتقل مع الافات الوافدة الى العراق عبر التجارة الغير المنضبطة وعشوائية الاستيراد وتقاعس الاجهزة الحكومية المختصة بضبط الاستيرادات وفحص البضائع والسلع الواردة الى العراق.
بكتريا وحشرات 300 في 17
“كارثة كبيرة ،فهنالك مزروعات من انواع خاصة وشتلات تستورد للمتاجرة بها من قبل اصحاب المشاتل تنقل معها احياء مجهرية وانواع من البكتريا تغير من الخارطة البايولوجية للنباتات” ،يؤكد هذا الامر مدير مركز التنمية الزراعية في بغداد المهندس الزراعي جميل محيبس مبينا ،ان هذه القضية عرضت عليه قبل شهر او اكثر وهو الان يقوم بالتحري عنها مع فريق تابع للاتحاد الاوربي مختص بالاوبئة الزراعية وتغيرات المناخ ،وهم يدرسون اثر المواد الزراعية المستوردة ومن بينها الاتربة الزراعية الصناعية والطبيعية المعالجة كيمائيا ،وقد اشروا بحسب المصدر ان هنالك اكثر من 300 نوع من البكتريا دخلت العراق منذ ثلاث اعوام وحتى الان ولاعرف اثرها بعد فالدراسة بحاجة الى التمويل ووزارة الزراعة لاتملك الامكانات المادية والفنية لمتابعة الامر ،وايضا هنالك الحشرات الدخيلة سجل منها 17 نوع لم يكن معروفا في بيئة العراق سابقا ومصدره الصين واستراليا ،ويختم محيبس “ان الخلل مسؤلية حكومية لاتتحملها وزارة واحدة ،فالنتائج قد تكون سيئة وعواقبها وخيمة “.
(*)صحافي عراقي
dheaalsarai@yahoo.com
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.