يبدو أن 16 % هي النسبة المئوية لمجموع الشعب الجزائري التي أصبحت تتعامل معها السلطة منذ العهدة الأولى للرئيس بوتفليقة في 1999، أما النسبة المتبقية وهي 84 % منه فقد أضحت خارج مجال التغطية، ولا تربطهما أي صلة ببعضهما البعض (أي السلطة وقش بختة!).
منذ أيام قليلة فقط سجلت اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان في آخر تقرير لها، أن السلطات المختصة لم تتفاعل مع الشكاوى والتظلمات الواردة إليها إلا بنسبة 16 % خلال الـ15 سنة الأخيرة، أما 84 % المتبقية من الانشغالات والشكاوى التي بعث بها المواطنون عن طريق اللجنة الاستشارية التابعة لرئاسة الجمهورية، لم ترد عليها الهيئات الرسمية المختصة التي ضربت عرض الحائط بالعشرات من التعليمات بضرورة الرد على رسائل المواطنين.
نفس الأمر بالنسبة للبكالوريا الاستثنائية التي أهداها بوتفليقة للمحظوظين الذين لم يأبهوا بهذا الإمتحان المصيري، بسبب صعوبة اجتيازه في شهر رمضان الفضيل الذي صادف حلوله موجة من الحر الشديد، مما صعب من مأمورية ساكنة حيدرة وCLUB DES PINS المساكين، فقرروا تأجيل الدورة العادية وطالبوا بعدها الوزيرة بن غبريط استبدالها بدورة استثنائية حتى يأتون الامتحانات وهم مفطرين .
طبعا السلطة الجزائرية لا يمكن أن يهدأ لها بال حتى ترعى بنفسها هذا النسبة الهامة من أبناء الوزراء والمسؤولين، لأنهم سيخلفون آباءهم بعد عمر طويل، ليتحكموا في رقابنا، وهذا حقهم الطبيعي الذي لا يمكن أن ينازعهم فيه أحد من أبناء les indigènes مثلنا!
هؤلاء الأهالي، عديمو الوطنية، والذين تحركهم أيادي أجنبية، رغم أنهم لا يمثلون سوى 84 % فقط من الشعب الجزائري، اختاروا أن يقاطعوا الانتخابات التشريعية السابقة، ليبعثوا برسالة واضحة المعاني، لسلطة الأمر الواقع، يكشفوا من خلالها عن انسحابهم الغير مشروط من الساحة السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، واعتبارهم أموات، هكذا حتى يتسنى لـ 16% (وهي نسبة معتبرة) أن يعيشوا وينعموا بحياة ملؤها الأمان والطمأنينة والاستقرار، من دون أن يزعجهم (الرعايا) الذين أصبحوا يلوثون البيئة ويعكرون صفو معيشتهم الهنية، بمطالبهم التي لا تكاد تنتهي رغم بساطتها.
ولست أدري لماذا لم تفكر السلطة في انشاء منطقة خضراء تجمع تلك النسبة المئوية، وتعزلهم بالمرة عن هؤلاء المشاغبين الذين لا هم لم إلا الاحتجاجات و(تكسار الراس)، خاصة مع تعيين الوزير الأول الجديد عبد المجيد تبون، الذي يعتبر خبيرا في البناء لتسييره لعدة سنوات حقيبة السكن، وبذلك “يتهنى الفرطاس من حكان الراس”.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.