في الفيديو أدناه شهادة مؤلمة لممرضة كويتية اسمها (نايرة)، تعمل في مستشفى ولادة كويتي… تبكي وهي تتذكر ما فعله الجنود العراقيون الهمجيون من قتل للأطفال في ذلك المستشفى: "كانوا يخرجون الأطفال من حواضنهم ويرمون بهم على البلاط البارد تاركينهم للموت المؤكد"..
كان الذهول يكتنف المستمعين لتلك الشهادة.. فالصورة مؤلمة جدا ويصعب تخيلها من دون انهيار… وكانت الراوية “بريئة وصادقة” في شهادتها، بحيث جعلت الجميع يدخل في بُعد آخر، خارج الزمان والمكان..
ويصبح بذلك الجندي العراقي وخلفه رئيسه صدّام، محلّ غضب يحتاج إلى تنفيس ولو بالحرق والحرب.
كانت هذه الشهادة هي محرّك حرب الخليج الأولى ومبررها عند الشعوب الغربية.
حيث لم تشذ وسيلة إعلامية غربية واحدة على تدوير الشهادة والخبر ليلمس أكبر عدد من المشاهدين.
وفي خضّم تلك الحملة الإعلامية وما تبعها من قرار الحرب السريع لم يتساءل أحد عن شخصية تلك الممرضة ولم يسأل فرد نفسه صدقية ما قالت.
ليتّضح بعد أشهر فقط من انتهاء الحرب أن (نايرة) ليست نايرة ولم تعمل يوما في مستشفى كويتي وإنما هي ابنة السفير الكويتي في الولايات المتحدة الأمريكية سعود بن ناصر الصباح..
وأنها اختيرت من بين عشرات الممثلين الذين كانوا جزءا من عملية علاقات عامة كبرى قامت بها شركة أمريكية متخصصة…
إسم الشركة: Rendon Group
إسم الطرف الثاني في العقد: CIA
قيمة العقد: 10 مليون دولار
موضوع العقد: تسويق الحرب للأمريكيين والغرب.
إضافة إلى ذلك، قامت مؤسسة أمنيستي بتأكيد المعلومة حسب بعض الشهادات المجهولة وقدّمت رقما ضخما لعدد الأطفال (372) الذين ماتوا في تلك الليلة!!
نعم بهذا الشكل تتعامل الأنظمة الغربية مع شعوبها لتسويق حروبها وأمور أخرى كثيرة.
القصة لا تعدو قطرة في بحر الأكاذيب اليومية في الحرب والسلم التي تمارسها هذه الأنظمة وإعلامها.
القصة لا تعدو قطرة في بحر الأكاذيب اليومية في الحرب والسلم التي تمارسها هذه الأنظمة وإعلامها.
الأعجب من ذلك في هذه القصة هو درجة التناغم بين السياسي والإعلامي وسرعة التنفيذ من الساسة إلى شركة العلاقات العامة إلى الإعلام العالمي ثم المنظمات “الإنسانية”.
من غير المعقول ألا يعرف بعض مثقفينا مثل هذه القصص المتواترة تواترا يستحيل معه الظن… ثمّ تجده يقتفي معلوماته من هذه المؤسسات ويتماهى معها لصنع تصوّر على موضوع معيّن… سواء كان في السياسة أو في الصحّة… في الحرب أو في السلم!
من أجل ذلك أركّز دوما على وجوب صناعة حصانة إعلامية تقي الفرد العاقل تصديق الأكاذيب الإعلامية خاصة في القضايا المصيرية.
ولا يحتاج الأمر غير بضعة مبادئ يتعلمها طالب الإعلام في الأيام الأولى ثم ينساها سريعا… تجمع قليلا من المنطق والبحث وكثيرا من الحذر…
ليصبح الأصل في المعلومة كذبها حتى يتمّ التأكّد.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.