لنتفق أن الطيش موجود بدرجات وقد يرتبط بفترة معينة تطول أو تقصر.. في زمننا، كان الواحد منا يقطع مسافة طويلة حتى يظفر بمشاهدة لقطة لامرأة شقراء تؤدي دورا في إشهار/إعلان قناة M6 الفرنسية، وأين.. في مقهى بعيد عن القرية بكيلومترات!!
في البيت، كان التلفزيون الحكومي يخضع للرقابة. أولا: يبدأ البث على الخامسة مساء وينتهي عند الحادية عشر ليلا في العموم، وخلال هذه الفترة بالنسبة لنا كأطفال، كنا نشاهد فقط الرسوم المتحركة؛ مادة تلفزيونية راقية جدا.. كانت هناك مسلسلات للنساء.. للرجال كانت هناك أفلام الويسترن وهي أفلام منتقات.. وكانت هناك الرياضة ونشرة أخبار الثامنة.
المقصود، أن الرقابة رغم كونها مصطلحا مرفوضا في الأغلب، إلا أننا كأطفال، نجونا بفضلها مما يجري اليوم.. فماذا يجري اليوم؟
إنها الكارثة.. كل طفل يساكنه هاتف أو ريموت كونترول تلفزيون.. أطفال بعمر السنة والسنتين أصبحوا مدمنين على ألعاب الهاتف، وآخرون يكبرونهم مدمنون على برامج المحاكاة، و”الريلز” تحول إلى مصدر كل وباء في شبكات التواصل..
صار الأولاد يسهرون ويسهرون.. ينامون متأخرين ويصبحون “مكسرين”.. يذهب أحدهم صباحا إلى المدرسة ليتعلم، ثم يأتي المساء ليمحو كل شيء.
تعالوا نتحدث عن المراهقين.. إنها الطامة.. في الجزائر، حيث يوجد ملايين المراهقين، لا يوجد هناك ساتر إلكتروني يحجب المواد الخادشة للحياة.. و”هاتي يا تفيدة”.. صور وفيديوهات إباحية على مدار اليوم والساعة.. مشاهير مرضى همهم إرضاء الأهواء.. يملؤون الفضاء.. شركات الهاتف دخلت على الخط وراحت تقدم خدمات إنترنت شبه مجانية أو قل مجانية لاستخدام شبكات التواصل..
والنتيجة.. جيل كامل يواجه خطر الضياع في هاتف جوال..
هل هناك حل؟
في الواقع هناك حلول كثيرة، تبدأ من رقابة الأولياء على أبنائهم، إنهم أنا وأنت والآخرون..
ثم هناك رقابة الحكومة باستخدام برامج السواتر الإلكترونية كما هو موجود في دول كثيرة..
بإمكان قطاع التربية أن يشارك ويدخل حلبة شبكات التواصل.. لأن ما ينفقه المعلم في القسم يضيع في حصة تيك توك!!
هذا غيض من فيض بعدما شاهدت ابني الأصغر يتابع برنامجا للأطفال على يوتيوب، ثم سرعان ما انحرف به إلى برنامج آخر “زومبي” الأطفال!!
@ طالع أيضا: الحياة في هاتف..!
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.