عانت "إسرائيل"، في عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، من نقص الهجرة اليهودية إليها، مقابل ارتفاع الهجرة العكسية منها، رغم الاستمرار الدائم في تعزيز الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، والعمل على تهويدها تدريجيًا تمهيدًا لضمها إليها، طبقا لما جاء في المادة الرابعة من صك الانتداب الذي يحث على المزيد من المستوطنين من أصقاع العالم! لأن الكيان الصهيوني يعاني "القلة الديمغرافية" أمام التواجد الفلسطيني..
فازدادت حدة المشكلة الديمغرافية كثيرًا، في أواخر الثمانينيات، وصار البحث عن كيفية حلها مؤرقا لصناع القرار الصهيوني، بسبب التوقعات السلبية لعلماء الديمغرافيا مفادها أن “اليهود سيفقدون الأغلبية في فلسطين التاريخية”.
هذه المليونية غيرت من موازين القوة الديمغرافية لصالح الكيان، متمثلة في: 20 ألف طبيب وطبيب أسنان و24 ألف ممرض و45 ألف معلم و20 ألف عالم وفنان وموسيقي..
فعملت “إسرائيل” في منتصف الثمانينيات، على تهجير أولا يهود الفلاشا من إثيوبيا، عن طريق السودان، بالتواطؤ مع الرئيس جعفر نميري، رغم أنه لم يكن مرغوبًا كثيرًا اللون الأسود لدى المجتمع الإسرائيلي العنصري، لكن ذلك لم يكن كافيًا في برنامج وكالة الهجرة الإسرائيلية؟
فسعت “إسرائيل”، في أواخر الثمانينيات، إلى فتح باب الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفياتي باعتباره يمثل أكبر خزان بشري لها، حيث يمنع مواطنيه اليهود وغيرهم من الهجرة إلى “إسرائيل”، لأسباب أيديولوجية وسياسية، وقد بذلت “إسرائيل” كل دبلوماسيتها لفتح باب الهجرة مجددا، مثلما سمح بذلك لنحو 100 ألف من مواطنيه اليهود المغادرة نحو إلى “إسرائيل” مابين 1969-1975 إثرالضغوطات التي مارستها عليه الولايات المتحدة الأمريكية.
ثم تلتها موجة ثانية من الهجرة سنة 1989 أسفرت عن تهجير نحو 72 ألف يهودي، إلا أنه توجه سوى 17% منهم إلى “إسرائيل”، في حين اختارت البقية الولايات المتحدة الأمريكية، لأنه منح لهم الاختيار هذه المرة، وكانت تقديرات الدوائر الإسرائيلية أن 5% منهم فقط سيهاجرون إلى “إسرائيل”؟
بذلت “إسرائيل” جهودا مكثفة لتوجيه هجرة الروس إلى “إسرائيل” فقط، وفعلا تكللت هذه الجهود بنقل جميع المهاجرين اليهود الروس مباشرة من موسكو إلى تل أبيب عبر جسر جوي مباشر ..
وقد هاجر من دول الاتحاد السوفياتي سابقا إلى “إسرائيل”، من عام 1989 إلى 2014 نحو مليون و100 ألف مهاجر.
هذه المليونية غيرت من موازين القوة الديمغرافية لصالح الكيان، متمثلة في: 20 ألف طبيب وطبيب أسنان و24 ألف ممرض و45 ألف معلم و20 ألف عالم وفنان وموسيقي.
لقد أثرت هذه الهجرة المليونية على “إسرائيل” تأثيرا ايجابيا وعزّزت قوتها بشكل كبير في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية والاجتماعية وحتى العسكرية، ومددت من عمر هذا الكيان الدخيل على المنطقة.
هو ما ذكره الرئيس ورئيس الحكومة والوزير السابق، شمعون بيريز، في مقالة 2013 له بعنوان “المليون الذي غير الشرق الأوسط.. الهجرة السوفييتية إلى إسرائيل”، ويحمل عنوانها مضمونها، قال “بدون هذه الهجرة، كنا في حالة ميؤوس منها” ثم يطرح السؤال: “أتدركون ماذا تعني إضافة مليون يهودي”؟
وهو ما ذكره الرئيس ورئيس الحكومة والوزير السابق، شمعون بيريز، في مقالة 2013 له بعنوان “المليون الذي غير الشرق الأوسط.. الهجرة السوفييتية إلى إسرائيل”، ويحمل عنوانها مضمونها، قال “بدون هذه الهجرة، كنا في حالة ميؤوس منها” ثم يطرح السؤال: “أتدركون ماذا تعني إضافة مليون يهودي”؟
وبطبيعة الحال كان لهذه الهجرة المشوؤمة تأثيرها الكارثي على الشعب الفلسطيني لأنها غيرت الميزان الديمغرافي بشكل واضح لصالح “إسرائيل”، وعزّزت كثيرا من التوجه الإسرائيلي العدواني الاستيطاني التوسعي.
وبالمقابل يفتخر الرئيس الروسي بوتين بتميز العلاقات الروسية الإسرائيلية بسبب وجود “أكثر من مليون روسي يهودي، أصبحت “إسرائيل” وطنًا لهم”، ويؤكد “حرص روسيا على سلامتهم ورفاهيتهم” دون أن يستثني المستوطنين منهم في المناطق الفلسطينية المحتلة سنة 1967؟
ويشكل المستوطنون الروس رُبْع مستوطني الضفة الغربية، فضلا عن وجود الكثير منهم بين القدس وأريحا.
والغريب أن المستوطنين اليهود الروس يحتفظون بمواطنتهم الأصلية، وما زالوا يقيمون علاقاتٍ قويةٍ مع روسيا.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.