أصبحت سياسة إلهاء الشعوب العربية عن واقعها سياسة ممنهجة وذلك من خلال ما تقدمه الفضائيات الفارغة التي تنفق عليها المليارات من الدولارات بينما تعاني معظم الشعوب الضنك والفقر والجهل والمرض، تلك الفضائيات التي تتبناها الحكومات وتدعمها وكثير منها يلقي الرعاية الغربية من أجهزة ودول بل ربما يتم تأسيسه وتمويله لاسيما قنوات الأفلام الأجنبية من جهات مريبة بهدف نشر ثقافتها بين العرب فلا يوجد فيلم غربي لا يخلو من العنف أو الخمر علي أسوأ الأحوال إن لم يكن فيه ما هو أسوأ من ذلك.
وقد أصبت بالصدمة حينما قمت قبل أيام بالتنقل بين الفضائيات العربية لمعرفة ما هو جديد منها وفي أي المجالات وماذا يقدم فيها وهذا أمر أقوم به من آن لآخر للتعرف على ما يجري في عالم الفضائيات الذي يتعلق بشكل مباشر بعملي، لكني هذه المرة فوجئت بأعداد هائلة جديدة من الفضائيات حتى وكأنه في كل يوم تطلق فضائية جديدة من تلك الفضائيات التي تقدم الأفلام العربية والأجنبية والمسلسلات العربية والتركية واليابانية والصينية والهندية وغيرها.
أما القنوات الرياضية التي تقدم كل أنواع الرياضة وقنوات الطبخ والتسلية والتهريج فأعدادها أصبحت لا حصر لها، وهذا يعكس أن مخطط إلهاء الشعوب عن واقعها يجري على قدم وساق، وفي الوقت الذي تتحجج فيه كثير من الحكومات بضغط النفقات وشح بعض الأطعمة الضرورية مثلما يجري في مصر نجد أن الإنفاق على الفضائيات التي تمارس الإلهاء لا يتأثر من قريب أو بعيد بضغط النفقات أو الأزمة الاقتصادية أو سعر النفط أو الدولار.
هل يعقل أن أمة يتم تقطيع جسدها في سوريا والعراق واليمن وليبيا، وتتعرض شعوبها لحرب إبادة وعمليات تقسيم وتمزيق وتطهير عرقي، يتمركز أداء فضائياتها على الإلهاء والأفلام والمسلسلات والأفلام والرياضة ولا تفكر شعوبها في الدمار والخراب الذي يتعرض له إخوانهم والذي سيلحق بهم إذا لم يفيقوا من سباتهم؟
هل يعقل أن مسابقات الغناء والفراغ والتفاهة تجري بينما تهدم البيوت على أهل حلب ودمشق وإدلب وغيرها من المدن السورية الأخرى التي شرد ثلاثة ملايين من أهلها؟ هل يعقل أن تنفق المليارات على المسلسلات والبرامج وقنوات الأفلام والهلس، بينما يحاصر أكثر من مليون وربع المليون من أهل السنة في الموصل لا يجدون نصيراً ولا معيناً إلا الله، هل يعقل أن مؤامرة تقسيم وتدمير اليمن وسوريا والعراق وليبيا تمهيداً لتنفيذ المؤامرة الكبرى على الحرمين تجري على قدم وساق بينما تنفق الدول المستهدفة من المؤامرة المليارات على فضائيات الإلهاء والغناء بدلاً من أن تدق طبول الحرب وتوقظ الشعوب وتلفها حولها وتعدها لمواجهة المؤامرة الدولية التي هي أسوأ من سايكس بيكو وحلف بغداد، ما بال القوم نائمون وكأن الحروب التي تجري والمؤامرات التي تحاك هي حروب ومؤامرات تستهدف دولاً في بلاد الواقواق؟
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.