زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

العلوم الإسلامية.. الشعبة النشاز!

العلوم الإسلامية.. الشعبة النشاز! ح.م

فهل نغلق الجامعة الإسلامية وكليات الشريعة وأقسامها في الجامعات الإسلامية؛ لأن التوجهات العالمية الكبرى لا تطيق وجودها في عالم التعليم والتخصصات الجامعية؟

جدد السيد وزير التربية كما ورد في "الشروق أو لا ين" ليوم 22/1/2024 موقفه من إعادة شعبة العلوم الإسلامية للتعليم الثانوي، مكررا التعليلات السابقة، مفصلا في بعض ومضيفا لها.

وسبق أن حملت بعض الصحف الوطنية موقفه خلال جلسة برلمانية حول مطلب إعادة فتح شعبة العلوم الإسلامية في مرحلة التعليم الثانوي،خلاصة الموقف:”و عن إعادة شعبة العلوم الإسلامية في الطور الثانوي، قال الوزير أن “إعادة تنظيم مرحلة التعليم الثانوي في إطار الإصلاح الشامل للمنظومة التربوية يرمي إلى اعتماد هيكلة تتماشى والتوجهات العالمية الكبرى”، معتبرا أن هذا الوضع “لا يستدعي إدراج شعبة العلوم الإسلامية في هذه المرحلة التعليمية وجعلها تخصصا جامعيا يتوجه إليه الراغبون في هذا المسار الدراسي”. (الخبر / الإخبارية: 5/10/2023).

فما هي العقبة التي تمثلها العلوم الإسلامية في سبيل هذا العيش المشترك؟ وهل الفنون التي يُنَوّهُ بشعبتها الخاصة هي المؤهلة وحدها لهذا الرقي من التعايش والانسجام “المعولم”؟

@ طالع أيضا: أمرية رئاسية لتدريس العلوم الإسلامية في مراحل التعليم؟

وجوابه السابق المؤكد المتجدد صادم للشعور الوطني، إذا كان النقل دقيقا يحمل من والغموض الغرابة والاحتمال والمحاذير، ما يستدعى استجلائها:

أما الغموض ففي الاستراتيجية الكبرى التي تنتهجها الوزارة في إعادة هيكلة التعليم الثانوي، وفق التوجهات العالمية الكبرى، فما هي هذه التوجهات العالمية؟ وهل هي سياسة تعليمية عالمية أنضجتها ورعتها مؤسسات دولية عالمية كاليونيسكو مثلا، وأصدرت بشأنها توصيات وتوجيهات للحكومات والدول الأعضاء بتطوير برامجها التعليمية الوطنية على ضوء مبادئها وأهدافها لتعليم تنموي مستدام؟

على الأقل ما هو طاف على السطح أن الدول الكبرى خاصة منها المعروفة بجودة تعليمها، تطوره وفق إراداتها الحرة، ووفق رؤاها الوطنية المستقلة، وأهدافها التنموية الكبرى . فمثلا هل توجهات الصين أو الهند أو روسيا التعليمية متوافقة مع توجهات الغرب عموما؟ وهذه دول تتأهب إحداها لاستلام موقع القوة الاقتصادية الأول في العالم، وأخرى توجهها الأعظم يسير نحو أكبر دولة إمبراطورية عرقية في العالم، والثالثة تخوض حربا شبه عالمية لزحزحة النظام العالمي نحو تعددية قطبية، تُحترم فيها اختيارات الشعوب وثقافاتها ودياناتها وشخصياتها التاريخية الحضارية.

فهل يمكن للسيد الوزير أن يحدد لنا أي هذه التوجهات العالمية الكبرى التي ترعى وزارته إعادة هيكلة التعليم على ضوء هديها التربوي والقيمي وقد ألقى تصريحه الجديد ضوءا على المقتضب السابق بقوله: “أن “الإصلاح التربوي” قد شمل المراحل التعليمية الثلاث، بما فيها التعليم الثانوي العام والتكنولوجي، باعتباره الحلقة الهامة في عملية ضبط النظام التربوي، وقد أدى ذلك إلى تنفيذ مجموعة من الأنشطة الإصلاحية في جوانب عدة، هيكلته، تنويع تخصصاته، تحسين مناهجه ونظم التقويم فيه، “تسمح بإعداد أبنائنا للعيش في عالم تطبعه عولمة الحياة في شتى مجالاتها”.

فما هي العقبة التي تمثلها العلوم الإسلامية في سبيل هذا العيش المشترك؟ وهل الفنون التي يُنَوّهُ بشعبتها الخاصة هي المؤهلة وحدها لهذا الرقي من التعايش والانسجام “المعولم”؟

ثم أليس من الغرابة بمكان أن يشاد بــ “العولمة” التي صار القول الفكري والفلسفي فيها عالميا بما في ذلك المنظومة الغربية الأمريكية ـــ الأوروبية أنها أعلى وتائر الرأسمالية الشرسة المتوحشة، التي حركت القوى التي أعدت نفسها لمقارعة الغرب ومدافعته، للحد من تغول السعار الرأسمالي المتوحش المتغول، وفسح الساحة العالمية لقوى تحمل رؤى وفلسفات ونظرات تحد من الأثر المدمر لهذه الوحشية؟

ثم أليس من الغريب جدا التنويه بالعولمة الأمريكية ونسقها القيمي الذي يحمل الدمار للحضارة الإنسانية بتطرفها في مظاهر وقيم وتشريعات كالمثلية والتمكين المشبوه بدعوى المساواة بين الجنسين والحق في الإجهاض وغيرها، فرضتها وتفرضها بالقوة الابتزاز على المنتظم الدولي والمؤسسات الدولية كالأمم المتحدة من خلال رؤيتها التنموية العالمية 2030؟

إن التعليم شأن مجتمعي في المقام الأول؛ ترسم سياساته بإرادة اجتماعية، وخبرات وطنية، ورعاية سياسية عليا، فكيف أجاز الوزير لنفسه الإفتاء في شعبة علمية عميقة الجذور في المجتمع، وأحد أبرز عناوين عنصر الإسلام الأكبر ضمن عناصر وأركان الهوية الوطنية؟ وبمعايير علمية لا يفتى في العلم إلا أهله..

@ طالع أيضا: أمين الزاوي يكتب الكراهية..!

ثم أليس من المثير للعجب العريض الكبير التنويه بالعولمة الأمركية، ونحن نشهد أحد أبشع منجزاتها في أجساد أطفال “غزة”، والإبادة الإنسانية لإخواننا في فلسطين التي أثارت أحرار العالم، وشعوبه وفي مقدمتها الشعوب الغربية وفي مقدمة المقدمة منها الشعب الأمريكي والبريطاني؟؟؟

كيف يستقيم هذا الموقف مع ملامح التوجهات السياسية الوطنية الكبرى التي ترافع بصوت مرتفع للتعددية القطبية، واستقلال الدول في قرارتها الوطنية في تحديد توجهاتها، ورسم سياساتها؟ أعتقد أننا دفعنا ولا نزال ندفع باهظ الأثمان نتيجة إصرارنا على التمسك بهذه الرؤية الفارقة في عالمنا العربي على وجه الخصوص.

ولنشر إلى مسألة بدأت تأخذ مركزا وجوديا في المسألة الحضارية للغرب؛ وهي “المثلية الجنسية”، والتي خلقت مشكلات سياسية لدول مثل كندا والآن بلجيكا التي خرج آلاف المسلمين من مواطنيها والمقيمين القانونيين يحتجون على إدراج التربية الجنسية في المدارس، فكيف نبني استراتيجية تعليمية على المتناقضات: التوجهات العالمية الكبرى تعد المثلية الجنسية شرط استمرار الحضارة الغربية، وقوتها الاقتصادية والثقافية والفكرية، ونحن يقينا لا نفكر في تضمين منظومتنا التربوية والتعليمية هذا الأمر على نحو صريح؟ لكن تَبَنِّى رؤية عالمية كبرى كما صرح الوزير، والراجح أنها غربية تقتضى بناء مفردات برامج التعليم الثانوي حاملة فيروسات التوجهات الفكرية والفلسفية والأخلاقية للنموذج الاجتماعي المتوخى؟ وهنا سنتسبب في صراع نفسي للطلاب المراهقين سيكون مدمرا لا محالة.

أما الغرابة ففي قول الوزير في تصريحه الأول السابق: معتبرا أن هذا الوضع “لا يستدعي إدراج شعبة العلوم الإسلامية في هذه المرحلة التعليمية وجعلها تخصصا جامعيا يتوجه إليه الراغبون في هذا المسار الدراسي”!

فهل نغلق الجامعة الإسلامية وكليات الشريعة وأقسامها في الجامعات الإسلامية؛ لأن التوجهات العالمية الكبرى لا تطيق وجودها في عالم التعليم والتخصصات الجامعية؟

إن التعليم شأن مجتمعي في المقام الأول؛ ترسم سياساته بإرادة اجتماعية، وخبرات وطنية، ورعاية سياسية عليا، فكيف أجاز الوزير لنفسه الإفتاء في شعبة علمية عميقة الجذور في المجتمع، وأحد أبرز عناوين عنصر الإسلام الأكبر ضمن عناصر وأركان الهوية الوطنية؟ وبمعايير علمية لا يفتى في العلم إلا أهله..

ولهذا وبمقتضى حساسية الدين اجتماعيا أن يستشير الوزير أهل العلم به، والهيئات الدستورية المؤهلة للبت في تبوء العلوم الإسلامية مكانها الطبيعي في مراحل التعليم، وإعادة حقها الذي سلب منها تحت وطأة الصراع الأيديولووجي.

والحجة أو العلة الجديدة التي ذكرها الوزير لقراره “النهائي” المعكر صفو الطمأنينة الروحية الدينية الاجتماعية بعد زوابع لجنة بن زاغو المقبورة وقراراتها المهدورة بقوة المدافعة الروحية والإيمانية الاجتماعية الوطنية.

وله: “أن الشعبة كانت موجودة قبل إعادة هيكلة التعليم الثانوي العام والتكنولوجي، لكنها كانت تسمح لحاملي شهادة البكالوريا الجدد من التسجيل في التعليم العالي في تخصص واحد فقط وهو “الشريعة”، في حين كان الطالب الجديد يحرم بذلك من الالتحاق بالتخصصات الأخرى، والتي توفرها المؤسسات الجامعية في الجزائر، وفي مختلف المجالات الأكاديمية”؟؟؟ وهي حجة تحدها الوقائع؛ فأساتذة العلوم الإسلامية وتلاميذها ثم طلابها كانوا يتجهون في الجامعة لتخصصات اجتماعية وإنسانية وأجنبية كالحقوق والأدب والفلسفة وعلم النفس.

ولنسأل الوزير: ما المسافة بين موقفه هذا والمواقف الأيديولوجية الصامدة في مناكفة استواء العلوم الإسلامية على كرسيها الشرعي في المنظومة التربوية الجزائرية؟

أما محاذير هذا الموقف الصادم فتتجلى في الآتي ذكره: هل راعى الوزير الشعور الاجتماعي حين يتلقى هذا التصريح؛ فيقارنه بشعبة الفنون في التعليم الثانوي؟ ومنها أيضا وضع هذا الموقف في سياق الجهود التجميعية، وبعث الطمأنينة النفسية الكبيرة التي يقوم بها السيد رئيس الجمهورية، والمكانة التي تحتلها ترقية المعرفة الإسلامية في مسالك علمية أكاديمية تحفظ على المجتمع هويته المرجعية التي تحاول النحل المذهبية افتراسها ومحوها بسياسة الأمر الواقع، فما نوع الرسائل المتوقع أن يرسلها هذا التصريح الغريب للمجوع الوطني؟

نحن ندعو لطرح الأمر على أوسع نطاق للبت فيه: الأسرة التربوية والأولياء والسلك الديني وأهل الرأي والتخصص، والبرلمان ثم عرض خلاصة النقاش فيه على هرم السلطة للبت فيه نهائيا؛ لأنه أهم صانع للهوية الوطنية للأجيال، و حمايتهم من الدَهْمِ المذهبي المناوئ للمرجعية المذهبية الوطنية في العقيدة والأحكام الفقهية، التي ليس في مقدور مادة التربية الإسلامية على نحو ما يَرِدُ به كلام الوزير أن تقوم به.

ولنسأل الوزير: ما المسافة بين موقفه هذا والمواقف الأيديولوجية الصامدة في مناكفة استواء العلوم الإسلامية على كرسيها الشرعي في المنظومة التربوية الجزائرية؟

@ طالع أيضا: الإضبارة السويسرية والسُّوَاحُ المغاربة

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.