هناك نمو ثابت للمشاعر المعارضة للسياسات الصهيوينة في أغلب أرجاء العالم، على مستوى الرأي العام ولدى النخب على حد سواء، وهو توجه انكشف بجلاء في حرب غزة الحالية.
غير أنه في المقابل، هناك تمدد مقلق للصهيونية على الصعيد العربي، وبالخصوص لدى بعض “النخب” السياسية والثقافية، ولدى جزء من الرأي العام أيضا.
وفي الوقت ذاته، تترافق موجة التصهين هذه مع ردة معلنة عن خيار المقاومة عربيا، ردة صار معها ذكر المفردة محرما في البيانات الرسمية (كانت تونس استثناء يوم 7 أكتوبر، غير أن البيان برمته اختفى لاحقا من موقع الرئاسة).
هذه “الصهيونية العربية” ستشكل مستقبلا المظلة التي تحمي النزعة التسلطية في المنطقة، وقد تصبح الأنظمة المتصهينة الداعم الرئيس للكيان في المدى القريب في حال انحسر الدعم الغربي عنه. وسيكون لزواج المصلحة هذا فوائد للطرفين، وأهم تلك الفوائد تمديد البقاء، ووأد عوامل التهديد.
إن نجاح المقاومة في حربها الحالية سيكون ضربة موجعة للتحالف الصهيوني الناشىء، وسيمثل تحديا وجوديا حقيقيا للكيان اليهودي وللأنظمة الوظيفية العربية على حد سواء.
ينسى المحللون أن انتفاضات الربيع العربي الموؤودة قامت بعد النصر السياسي الذي حققته حماس عام 2006، وصمودها اللافت في حرب 2008.
إن انتصار المقاومة في الحرب الحالية سيكون له تداعياته الأكيدة على محور “الخنوع العربي”، وقد لا تكون رياح “الشتاء العربي” التي قد تهب بعد الحرب الحالية حانية ولطيفة مثلما كانت عليه نسائم الربيع التي هبت من قبل.
ولذلك، لا تبدو الحرب الحالية حرب النتن ياهو وحده، إنها أيضا حرب حلفائه الجدد في المنطقة العربية، وهم بالتأكيد أكثر حرصا على مصائرهم منه.
@ طالع أيضا: مؤامرة إماراتية خطيرة جديدة ضد الجزائر؟!
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.